`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
الكسندر راجوب صاروخان
صاروخان رائد فن الكاريكاتير السياسى
- صاروخان هو رائد فن الكاريكاتير السياسى فى مصر ..هو نجمه الأشهر والأبرز على مدار نصف قرن .. بدأ فى `روزاليوسف` وتالق فى `آخر ساعة ` و`أخبار اليوم` ولم يتوقف عن تقديم فنه العبقرى منذ أن بدأ فى `آخر ساعة ` عام 1934 حتى وافاه الأجل فى شهر يناير عام 1977.
- جاء صاروخان إلى مصر فى 31 يوليو عام 1924.. أى قبل صدور آخر ساعة بعشر سنوات.. ومنذ ذلك التاريخ وحتى وفاته فى عام 1977 ترك صاروخان خطوطا ولوحات تعكس فنه العبقرى فى الكاريكاتير السياسى والاجتماعى على السواء.
* قصة الأرمنى العبقرى فى فن الكاريكاتير وحكايته مع آخر ساعة تحكيها هذه السطور .
- كان اسم محمد التابعى جزءا من رأسمال `آخر ساعة` وهو الاسم الذى استطاع ان يرتفع بتوزيع كل المجلات والجرائد التى اشترك فى تحريرها.. ولهذا فقد كان القراء يبحثون عن اسم التابعى أولا، ولا حاجة لهم بمعرفة اسم الجريدة أو المجلة.. ولهذا فإن باعة الصحف كانوا ينادون اسم التابعى قبل اسم ` روزاليوسف `وقبل اسم `الأهرام` وهى الصحف التى عمل فيها التابعى قبل أن يصدر `آخر ساعة ` .
- وكان اسم مصطفى أمين جزءا من رأسمال `آخر ساعة ` وهو الاسم الذى اختاره التابعى أن يكون أول رئيس لتحرير `آخر ساعة ` لولا أنه كان مازال طالبا فى كلية الحقوق، وخشى التابعى أن يكون اختياره سببا فى فصله من الجامعة.. واكتفى بأن يـكون نائبا لرئيـس تحريـر ` آخـر ساعة ` .
- إن رسائل على أمين التى كان يرسلها من لندن إلى مصطفى أمين..هذه الرسائل الشخصية كانت من انجح المواد الصحفية التى نشرتها ` آخر ساعة ` والتى أخذت تطوف بالقارئ المصرى كل أرجاء العالم وهو جالس إلى مكتبه، أو فى شرفة بيته فى القاهرة.. هذه الرسائل والنجاح الذى لقيته عند القراء كانت جزءا من رأسمال `آخر ساعة ` .
- إن ريشة الرسام الكاريكاتورى الفنان `صاروخان` والتى ظلت تجرى بالسخرية وراء حكومات إسماعيل صدقى وعبد الفتاح يحيى، ومحمد محمود، وكل زعماء أحزاب الاقلية، وجعلت منهم مجرد نكته سياسية يتبادلها الناس فى مجالسهم وسهراتهم.. إن ريشة صاروخان كانت جزءا من رأسمال ` آخر ساعة ` .
- إن اسماء د. سعيد عبده، ومحمد على غريب، وعبد الرحمن نصر، وأمينة السعيد، وفرج جبران، وعشرات من الصحفيين المصريين الذين استطاعوا أن يشدوا القارئ المصرى إليهم فى كل المجالات الصحفية التى عملوا بها قبل أن يعملوا فى `آخر ساعة` إن هذه الأسماء كانت هى أيضا جزءا من رأسمال `آخر ساعة ` .
- إن هذه الأسماء كانت تمثل - بلغة الاستثمار البشرى- أكبر وأضخم رصيد عرفته الصحافة المصرية حتى أواخر الأربعينيات.. وهذا الرصيد الضخم هو الذى فتح كـل الأبواب المغلقة أمـام `آخر ساعة `وذال كل العقبات وكل الصعوبات التى تواجه أى مشروع جديد .
* مشكلة الطباعة الأخيرة :
- كان البحث عن مطبعة تقوم بطبع `آخر ساعة ` بهذا العدد الكبير من الصفحات وهذه الأرقام لعدد النسخ مشكلة.. ولم يكن فى مصر غير مطبعة واحدة تستطيع `آخر ساعة `أن تعتمد عليها وهى مطبعة `الرغائب` وكانت وقتها من أكبر المطابع التجارية فى مصر .. كانت المشكلة أن هذه المطبعة تزدحم ماكيناتها بطبع عدد كبير من المجلات، بل إن صاحبها الشيخ عبد الرحيم بدوى كان هو أيضا يصدر مجلة أسبوعية.. وكان - يرحمه الله - رجلا متفتح العقل والذهن يحسن تقدير الأمور.. وكان فنانا مقربا إلى عدد كبير من الفنانين والصحفيين فى ذلك الوقت .. وهذا ما جعله يوافق على طبع ` آخر ساعة ` فى مطابعه.. وقد حدث هذا على حساب مجلته التى دفع بها إلى مطبعة أخرى حتى تتفرغ مطابعه لآخر ساعة .
- وهذا الرصيد الضخم هو الذى ذال مشكلة توزيع هذه الأعداد الكبيرة من نسخ `آخر ساعة` وهو الذى جعل أكبر متعهدى التوزيع يضعون خبرة السنوات الطويلة فى خدمة `آخر ساعة` ولم يحدث فى تاريخ توزيع الصحف والمجلات المصرية فى ذلك الوقت أن يتولى اثنان من أكبر وأشهر متعهدى التوزيع وهما على الفهلوى وماهر فراج توزيع `آخر ساعة ` الأول يتولى توزيع أعدادها فى القاهرة والوجه القبلى، والثانى يقوم بتوزيع أعداد الاسكندرية والوجه البحرى.. واستطاعا بخبرتهما أن تصل `آخـر سـاعة ` إلى كل قرائها الـذين كان يتضاعف عددهـم من أسبوع إلـى أسبـوع .
- وقد تنبأ ماهر فراج بهذا النجاح منذ اللحظة الأولـى من حياة `آخر ساعة ` وقد ظل سنوات طويلة يتولى توزيع أعدادها ويمدها بكل ما كانت تحتاجه وخاصة أيام الحرب العالمية الثانية.. وعندما وقعت أزمة ورق الصحف كان يقدم لآخر ساعة كل ما كانت تحتاج إليه من مخازنه .
-هذا هو رصيد `آخر ساعة ` وهذا هو رأسمال `آخر ساعة `عشرات وربما مئات الألوف.. وربما يصل إلى الملايين .
- وهو الرصيد الذى تضاعف مع السنين والأيام وأصبح رقما ضخما سواء من الناحية المالية أو أعداد القراء .
* الغلاف الأول :
- والكلام أيضا يختلف عن كل حديث..عن يوم ميلاد `آخر ساعة ` لقد قالوا فى وصف ذلك اليوم : إن `آخر ساعة ` خرجت إلى السوق وكأنها عروس فى ثوب الزفاف.. وقد يجوز الوصف من حيث الشكل .. الغلاف وألوانه .. الإخراج الفنى .. تنسيق الصفحات.. تنوع الموضوعات.. لكن فى الحقيقة ولدت `آخر ساعة ` وكأنها ملاكم عملاق - محمد على كلاى مثلا - يلبس قفاز الملاكمة ويكيل الضربات باليمين والشمال.. ملاكم يجيد كل فنون الهجوم على خصومه.. ولم يخطر له أبدا أن يضع نفسه فى موضع الدفاع .
- على غلاف العدد الأول لآخر ساعة هاجمت حزب الشعب وهو حزب الحكومة - حكومة إسماعيل صدقى - وبعدها حكومة عبد الفتاح يحيى.. وهو الحزب الذى كان من أعضائه - النواب والشيوخ - تخرج الغالبية الذين يضمهم البرلمان .
- الغلاف بريشة الرسام صاروخان.. قاض يجلس على منصة.. القضاء يستمع إلى واحد من أبناء الشعب يدافع عن نفسه فى حرارة ليدفع عن نفسه التهمة التى وجهها إليه ممثل النيابة ويقول : البيه وكيل النيابة بيقول أنى حرامى .. آه حصل .. نصاب.. آه حصل.. لكن يقول أنى كنت عضوا فى حزب الشعب.. أهو ده الظلم بعينه .. وحرام لأنه ما حصلشى !!.
- أى أن الانتماء لحزب الشعب تهمة أشنع وأفظع من السرقة والنصب .
- يقول الأستاذ مصطفى أمين تعليقا على الغلاف الأول لآخر ساعة بريشة صاروخان: فى يوم صدور العدد الأول ماكنا نتبادل التهانى ونشرب الشربات حتى حضر عسكرى بوليس يدعو الأستاذ التابعى ورئيس التحرير والرسام صاروخان إلى النيابة، لأن فى صدر العدد الأول صورة كاريكاتيرية فيها هزء وزراية واستخفاف بحزب الشعب الذى يرأسه دولة رئيس الوزراء.. واتصل بنا موظف كبير وأخبرنا أن دولة عبد الفتاح يحيى باشا طلب من النائب العمومى إلقاء القبض على التابعى وصاروخان .. وكانت ورطة ! ما العمل ومن يخلف التابعى، وأنا مازلت طالبا فى كلية الحقوق، وزميلى الآخر ` الدكتور سعيد عبده ` أستاذ فى كلية الطب ؟
- وشاء ربك أن يخرج التابعى وصاروخان من التحقيق كالشعرة من العجين، وانتهى التحقيق فى منتصف الليل.. وذهبت `آخر ساعة ` بكامل هيئتها إلى صالة بديعة لشم الهواء بين الخضرة والماء.. والوجه الحسن زى بعضه!.
* 7 رجال .. وامرأة :
- الذين أصدروا العدد الأول من ` آخر ساعة ` كانوا سبعة رجال وامرأة هم : الأستاذ محمد التابعى.. مصطفى أمين ..على أمين .. الدكتور سعيد عبده ..السيدة أمينة السعيد .. مسيو صاروخان ..عبد السلام النابلسى والفنان محمد عبد الوهاب .
- والحق أن كلا منهم له قصة.. وكل منهم لعب دورا مهما فى تاريخ ` آخر ساعة `
- كان صاروخان رسام الكاريكاتير لمجلة `روزاليوسف ` ولما ترك الأستاذ التابعى `روزاليوسف` ذهب مصطفى أمين إلى صاروخان وأخذه إلى التابعى وكتب معه عقدا للعمل فى `آخر ساعة ` ولكن روزاليوسف ذهبت إليه وبكت بكاء مريرا .. ويقول مسيو صاروخان : ` إن دموع المرأة أقسى من الرصاص ` ولم يستطيع صاروخان الصمود أمام دموع روزاليوسف وعاد للعمل معها .. على أنه كان من الصعب عليه الاستمرار فى ` روزاليوسف ` بعد أن تركها التابعى الذى كان صاروخان مرتبطا به أشد الارتباط فقد كان يعمل تبعا لتوجيهات التابعى .. وهكذا عاد صاروخان للعمل مع التابعى وأصبح الرسام الوحيد لمجلة `آخر ساعة ` وكان يتقاضى أكبر مرتب فى المجلة فى ذلك الوقت وهو ثلاثون جنيها .
* من فيينا .. إلى فم الخليج :
- لكن من هو مسيو صاروخان ؟ .. وما حكايته ؟ .. وكيف جاء إلى مصر ؟
- وكيف دخل إلى عالم الصحافة وأصبح رائد فن الكاريكاتير السياسى فى مصر؟
- صاروخان .. هو اسم الشهرة للفنان العبقرى الأرمنى الأصل، المصرى الجنسية ` الكسندر راجوب صاروخان ` ولد فى أول أكتوبر عام 1898 فى بلدة ` أردانوش ` أقصى شمال شرق تركيا، وتلقى دراسته الأكاديمية فى معهد فنون الجرافيك بفيينا بالنمسا فى الفترة من 1922- 1924 حيث جاء إلى مصر فى 31 يوليو عام 1924، أى قبل صدور `آخر ساعة ` بعشر سنوات ..
- وعن قصة مجيئه إلى مصر يقول صاروخان : ` كنت تلميذا فى مدرسة الفنون الجميلة فى فيينا.. وكانت هوايتى الوحيدة هى السخرية من كل وجه بريشتى الكاريكاتورية.. كنت أتلاعب بكل أنف، وأهزأ من ملكات الجمال.. وكانت نقطة التحول فى حياتى يوم 15 مارس عام 1924 حينما سمعت عن مصر لأول مرة، فقد اقترح على زميلى المصرى عبد القادر الشناوى أن أسافر معه إلى مصر لأشاركه - بريشتى - فى إصدار مجلة كاريكاتورية.. ووعدنى عبد القادر أن يدفع لى 15 جنيها كل شهر بخلاف مصروفات النوم والطعام ..
- وصلت الباخرة إلى مصر، وكدت أطير من الفرح ابتهاجا بوصولى إلى هذا البلد رغم أنى لا أعرف أحدا فيه إلا عبد القادر، وأخذت أوزع ما تبقى فى جيبى من نقود على خدم الباخرة مطمئنا إلى أن صديقى عبد القادر فى انتظارى.. ولكنى لم أجد عبد القادر الشناوى فى انتظارى على رصيف الميناء كما وعدنى !.
- سرت فى شوارع الإسكندرية وفى جيبى قروش قليلة أبحث بها عن حل لهذه المشكلة .. وعن طريقة أعود بها إلى فيينا ..
- وكان القدر رحيما بى، فقد تعرف على مدير شركة مانتشوف.. وكان خالى مديرا عاما لهذه الشركة فى روسيا - وأقرضنى الرجل ثلاثة جنيهات وركبت القطار بالدرجة الثالثة واتجهت إلى القاهرة ..
- وفى القاهرة عثر على صديقى عبد القادر ونقلنى من الفندق إلى حجرة فى منطقة فم الخليج .. وأصدرت معه فى سنه 1924 مجلة ` الجريدة المصورة ` ولكنها أغلقت أبوابها بعد صدور عددين منها ..
ويمضى صاروخان قائلا : بمساعدة بعض أفراد بلدتى `الأرمن ` حصلت على وظيفة مدرس بالمدرسة الأهلية الأرمنية ببولاق براتب خمسة جنيهات فى الشهر .
* التابعى .. وصاروخان
- المصادفة البحتة قادت صاروخان للقاء محمد التابعى رئيس تحرير `روزاليوسف` وقتها فى ورشة الحفار الأرمنى `بريرمان` وكان التابعى يبحث عن رسام كاريكاتير..
- كانت ثورة مصر الوطنية 1919قد بدأت موجاتها تنحسر تدريجيا، وبدأت مجلات الكاريكاتير تتربع على عرش الصحافة .. فقد كان الصراع السياسى بين الوفد وأحزاب الأقليات يعتمد على مجلة `الكشكول` ومجلة `خيال الظل` .. ثم تبعتهما مجلتا `الفكاهة ` و `روزاليوسف`.. كان الرسام الأسبانى `سانتس ` هو رسام الكاريكاتير فى `الكشكول`.. وكانت مجلة `روزاليوسف ` التى كان التابعى يرأس تحريرها تهتم فقط بالأدب والثقافة والفن .. وأراد التابعى أن يضيف إليها الاهتمام بالسياسة، فاتفق مع `سانتس` الذى كان يتهرب كثيرا من رسم الأفكار التى تتعارض مع السياسة `الكشكول`.. وفى يوم ما، وفى ورشة زنكوغراف رأى التابعى شابا يهوى الرسم فعرض عليه العمل معه،فرضى الكسندر صاروخان بعد تردد، واتجه به التابعى نحو الرسم السياسى، وانتقل معه عندما أسس التابعى `آخر ساعة `عام 1934..

آخر ساعة - 2009

- صاروخان كان له فضل نقل الكاريكاتير المصرى نقلة نوعية كبيرة فقد تأثر به كل رسامى الكاريكاتير فى هذه الفترة رخا وزهدى وعبد السميع وإن كان كل منهم قد خرج من عباءته وأصبح لهم أسلوبهم الخاص .
- ويتميز كاريكاتير صاروخان بالحركة الواثبة فكل من فى رسومه يتحرك أو حتى تتحرك ملابسه كما كان مصورا بارعاً فى رسم البورتريه الذى بدأ به مع الرسوم السياسية التى رسمها منذ عمله فى ` روزاليوسف ` وبعدها ` أخبار اليوم ` .



جمعة فرحات
جريدة نهضة مصر 2009
` اشتهر بـ ` زعيم الكاريكاتير السياسى
- صاروخان يحل ضيفا على مكتبة الإسكندرية بمعرض يضم روائع أعماله يحل زعيم الكاريكاتير السياسي الفنان المصري الأرميني صاروخان ضيفا على مكتبة الإسكندرية، في معرض تذكاري يضم مختارات من أهم أعماله التي أثرت الحياة السياسية والثقافية في مصر والعالم العربي على مدار سنوات كثيرة .
- افتتح المعرض أول من أمس (الأربعاء) أبوابه للجمهور، وضم مجموعة نادرة من أعمال صاروخان، جمعتها أسرته وأصدقاؤه، وهي تمثل مراحل مختلفة من مشواره الفني، استطاع أن يعكس من خلالها جوانب من هموم المجتمع المصري السياسية والاجتماعية .
- وأكد الدكتور مصطفى الرزاز، مستشار المكتبة للفنون التشكيلية، أن مركز الفنون يحتفي بأحد الرواد من أصحاب التميز الفريد في فن الكاريكاتير المصري، معتبرا أن صاروخان (1898 ـ 1977)، شخصية جمعت بين المعايشة واختراق المناخ السياسي والاجتماعي والإعلامي في مصر طوال خمسين عاما من حياته، ونجح في التعبير عن قضايا الوطن الذي اختاره .
- وقال الرزاز: `لقد أصبح كتابه الذي أصدره في أعقاب الحرب بعنوان (هذه الحرب) بمثابة وثيقة عالمية فريدة من نوعها. تلك الحرب التي استشرف نتائجها وتحمس لها في رسومه القوية التي حملت رأيه ورؤيته في نقد الفاشية والنازية ومؤازره قادة الحلفاء، خصوصا في مجلة (القافلة) التي كان يصدرها بالفرنسية في مصر` .
- وبالإضافة إلى ثنائية التعبير عن القضايا الدولية وعن أحوال الوطن، كانت أعماله تمثل ثنائية أخرى، منها ما يتعلق بالقضايا والأحداث اليومية العابرة، وما يتناول أحداثا شقت مسارا ممتدا في السياسة والشخصية المصرية .
- ويشير الفنان هرانت كشيشيان إلى أن المعرض يعد إسهاما في إثراء الحياة الثقافية في مصر، وتعريف الأجيال الناشئة من شباب المثقفين وهواة الفن ومحبيه بواحد من أهم فناني الكاريكاتير في مصر والعالم خلال القرن العشرين .
- اشتهر صاروخان بأنه زعيم فناني الكاريكاتير السياسي في مصر، حيث ذاع صيته منذ أن ظهر له أول كاريكاتير سياسي في عام 1928على الصفحة السابعة للعدد 123 من مجلة `روزاليوسف` ( الذي كان يرأس تحريرها آنذاك الصحافي الكبير محمد التابعي ) ، حتى آخر كاريكاتير سياسي له ظهر في جريدة `الأخبار` في يوم وفاته، أي الأول من يناير (كانون الثاني) 1977 .
- وقال كشيشيان: `إنه بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على رحيله (صاروخان)، وبعد أن نقوم بإلقاء نظرة شاملة على إنتاجه الفني الضخم، نكتشف أنه في الواقع فنان شامل، رسم الكاريكاتير الاجتماعي والبورتريهات الكاريكاتيرية والرسوم التوضيحية الكاريكاتيرية لبعض الكتب. كذلك رسم أحيانا الكاريكاتير الذي يعلق على نحو تهكمي ساخر على بعض الظواهر التي لها علاقة بالفن والثقافة، كل ذلك بالإضافة إلى الكاريكاتير السياسي الذي كان يرسمه يوميا`.
- وأوضح كشيشيان أن عددا غير قليل من رسوماته السياسية تعد اليوم من الكلاسيكيات، يقدم بعضها في هذا المعرض لأنها تخطّت الأهمية اللحظية بفضل ذكاء الفنان الخارق، واتخذت مدلولات تاريخية `طويلة الأمد`. وعلاوة على تلك النخبة من رسوماته السياسية فإن أغلب أعماله في المجالات الكاريكاتيرية الأخرى ـ لا سيما في مجال الكاريكاتير الاجتماعي ـ تعد اليوم أعمالا فنية ممتازة، بل يعد بعضها من روائع فن الكاريكاتير في كل زمان ومكان .
داليا عاصم
الشرق الأوسط - 2009
` صاروخان ` يبحث عن متحف
- لولم أكن متأكدا أن `صاروخان ` قد رحل منذ أكثر من ثلاثين عاما لآمنت أن الذى قابلته هو صاروخان نفسه ! هكذا تصورت ما أن وطأت قدماى فيلته القديمة، الواقعة بإحدى ضواحى مصر الجديدة.. فما أن طرقت الباب، حتى وجدت أمامى صاروخان `بشحمه ولحمه `.وكانت المفاجأة أن المضيف هو السيد `جارو ` زوج ابنه الفنان الوحيدة `سيتا `.ما أن تدخل فيلا `صاروخان ` إلا ويتملك شعور بأنك انتقلت من عالم إلى آخر فكل شئ من حولك يفوح برائحة الماضى، حتى تعتقد أنك قد انتقلت - ولو للحظات إلى منتصف القرن أو أن عجلة الزمان قد عادت إلى الوراء، حيث كانت مصر ملتقى ثقافات وحضارات العالم .
- والمثير أنه خلال هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر، كان باعة الصحف ينادون على اسم صاحب الصحيفة وليس الصحيفة نفسها والذى أرسخ هذه القاعدة هو ` الأستاذ التابعى` فكانوا ينادون `أقرأ .. مقال التابعى ` بدلا من أن ينادوا على اسم روز اليوسف ..
- وفى عام 1934 أصدر محمد التابعى مجلة ` آخر ساعة ` وأختار مصطفى أمين نائبا له. وفى هذا المكان ،ومنذ هذا التاريخ تفجرت موهبة ` صاروخان ` ، وأصبح الارمنى الذى يتحدث العربية بصعوبة واحداً من أهم رسامى الكاريكاتير الذين يوجهون النقد اللاذع للحكومات!
- الطريف أنه بعد صدور العدد الأول من آخر ساعة ،أبلغ رئيس حزب الشعب عبد الفتاح باشا يحيى النائب العمومى ` النائب العام ` ضد التابعى وصاروخان واتهمهما بالاستهزاء والاستخفاف به فى الرسوم الكاريكاتيرية ! .
- وانتقل صاروخان مع `آخر ساعة ` إلى `دار أخبار اليوم` التى اشترت المجلة، وأصبحت أهم إصداراتها. وفى أخبار اليوم لازم صاروخان زميله ورفيق عمره فى رسم الكاريكاتير محمد عبد المنعم `رخا` وتبادلا سويا رسم أغلفة ` آخر ساعة ` وكانت شخصياتهما حديث الناس فى كل مكان .
* قراءة للمستقبل :
- وكثير من أعمال صاروخان كانت تتسم بقراءة للمستقبل، وهو أهم ما كانت تتميز به ريشة صاروخان وهو ما يتضح من مجموعة الأعمال الخالدة، التى رسمها خلال الحرب العالمية الثانية، وطبعها بعد ذلك فى كتاب يحمل `عنوان ` هذه الحرب ` وفى هذا الكتاب تنبأ `صاروخان ` بهزيمة هتلر .
- قراءة المستقبل وتوقعاته فى رسوم صاروخان كثيرة - كما يقول زوج ابنته جارو - لعل أبرزها هى لوحة ` عودة المسيح `، والتى رسمها عام 1958، قبل هزيمة يونيو بعشر سنوات، وقبل بناء الجدار الفاصل بنحو نصف قرن .
- ويصور فيها المسيح ` عليه السلام ` عائدا على جواده،إلى مدينة القدس التى أحيطت بجدران خرسانية وأحد جنود الاحتلال واقفا أمام باب مكتوب عليه ` ممنوع الدخول ` ..!
- وصاروخان رسام الكاريكاتير الاجتماعى، لا يقل عن رسام الكاريكاتير السياسى كما يؤكد زوج ابنته `جارو ` فيقول : إن هناك عملا اعتبره من أهم ما أبدع صاروخان ، وهو `آدم وحواء ` ، ويصور فيه آدم وحواء وهما فى حالة يرثى لها، من كثرة العراك والشجار ، بينما يركع آدم طالبا من الله آن يرحمه من هذا العذاب !
- ومن اللوحات البديعة لوحة ` صاروخان كما يتصوره فنانو العالم ` وتخيل فيها كل رسام من أهم رسامى العالم كيف يراه..كذلك هناك لوحة `رقصة التحطيب`، وهى أحد الفنون الشعبية المصرية القديمة، والتى كان يقاس من خلالها قدرة الفرد على التركيز وتوجيه الضربات القوية للخصم أثناء الرقص، وفى هذه اللوحة نماذج متعددة من الشخصيات المصرية، منها ماسح الأحذية، والباعة الجائلون.
- ومن اللوحات المهمة `بعد الوليمة ` وهى تصور صاحبة البيت، وهى تشرح للسيدات كيف أعدت الأصناف المختلفة من الأطعمة التى نالت إعجابهن ..* بورتريهات :
- بين آلاف الأعمال الموجودة داخل فيلا صاروخان مئات ` البورتريهات ` لشخصيات عربية وعالمية ، منهم سياسيون مصريون مثل مصطفى النحاس باشا ، والنقراشى ، مكرم عبيد ، وجمال عبد الناصر ،وعبد الحكيم عامر ، والسادات ، ومحمد نجيب ، والبارون ` أمبان ` بانى مصر الجديدة ، وعبد الرحيم باشا عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية . وهو الشخصية التى حظيت بكثير من الرسومات ، نظرا للظروف التى مرت بها الجامعة ، وخاصة النزاع على توجهات الجامعة ، وهو ما يوضحه ` صاروخان ` فى رسم تخيل فيه ` عزام ` ممتطيا جملاً عربياً ، والقادة العرب يحاول كل منهم جذبه نحوه ، بينما الأمين العام غارق فى النوم ..!
- والآن ما مصير هذه الأعمال ، والإبداعات التى لا تقدر بثمن ؟ سؤال وجهته إلى السيد `جارو ` فأجاب : أننى أبلغ من العمر 81 عاما وزوجتى ` ستيا ` تصغرنى بسنوات قليلة ، والأبناء والأحفاد ، لم يهو أى منهم رسوم الكاريكاتير ، ولم نضغط عليهم فى ذلك ولكننا اكتفينا بعرض الأعمال داخل المنزل ، رغم عشرات العروض التى تلقيناها من دول أجنبية لشراء هذا التراث!
- ويقول : من الصعب علينا أن نقبل مبدأ البيع لغير المصريين فهذه الأعمال أبدعها فنان أن لم يكن مصرى المولد ، فهو مصرى الهوى عشق تراب هذا البلد ، وتحمل الأعباء والمطاردات من أجله ..فكيف نبيع هذا التراث للغرب؟ !.
- وسألته لماذا لم تسع وتطلب من وزارة الثقافة ان تحفظ هذا التراث ؟ فأجاب : إننى أرسلت بالفعل للفنان فاروق حسنى وزير الثقافة طالبا منه ذلك .. ولكننى للأسف لم أتلق أى رد حتى الآن !!
- أثناء خروجى من فيلا `صاروخان ` ودعنى السيد جارو عند الباب الداخلى .. واستوقفتنى إحدى اللوحات الكاريكاتيرية للفنان الكبير صلاح جاهين ،وهو يرثى أستاذه بعد يومين من رحيله فى يناير عام 1977 ، وفيها صاروخان واقفا على باب الجنة والحارس يقول له ..` هنا ما عندناش سياسة تقدر ترتاح على كيفك ` !
شريف عامر
مجلة أكتوبر - 2010
مع «صاروخان» التاريخ يعيد نفسه
- فى الفترة من 1946 إلى 1952 تركزت رسوماته على الحياة السياسية فى مصر فى تلك الحقبة التاريخية الهامة التى سبقت قيام ثورة يوليو. فقد جسدت رسومات «صاروخان» «الهجومية» الصراع الدائر بين الأحزاب السياسية المصرية: الوفد والأحرار الدستوريين والحزب الوطنى بشكل تهكمى وفكاهى. ثم التشكيل الوزارى وقتذاك الذى استوحاه من العصر الفرعونى!.
- وهى رسومات كلها تحولت إلى لوحات فنية رائعة تتميز بثرائها من حيث التعبيرات والملامح الدقيقة للوجوه السياسية فى ذلك الوقت مثل سعد زغلول واسماعيل صدقى باشا والنحاس باشا وفؤاد سراج الدين باشا. وهى تعد شواهد تاريخية مصرية فى شكل لوحات فنية نابضة بالحياة.
- هذه المشاهد من الرسومات السياسية لفنان الكاريكاتير صاروخان تعبر عن ظروف سياسية ساخنة مماثلة للظروف التى تمر بها البلاد فى هذه الآونة.
لقد انصهر صاروخان فى البيئة المصرية على الرغم من جذوره الأرمنية. إلى حد انه ابتكر فى عام 1923 شخصية «المصرى افندى» لتكون أول شخصية كاريكاتورية ترمز إلى المواطن المصرى البسيط الذى يمثل العقل الجمعى للشعب المصرى على غرار «ماريان» فى فرنسا و«جون بول» فى انجلترا و«العم سام» فى امريكا.
- صاروخان الفنان المتدفق فى رسوماته والذى وافته المنية فى أول يناير عام 1977 تاركا تراثا فنيا يقدر بأكثر من 20 ألف لوحة كاريكاتورية فنية من جميع الأنواع السياسى والاجتماعى والبورتريهات لأكبر زعماء العالم فى الحرب العالمية الثانية ستالين وهتلر وجسد هذه الحرب فى كتاب لرسوماته اسمه الحرب (la guerre) ضم زعماء ثورة يوليو: محمد نجيب وجمال عبدالناصر والسادات، الرسومات التى تحتفظ بها ابنته المسنة التى تعيش الآن فى مصر الجديدة وترغب فى تسليم تراث والدها إلى وزارة الثقافة.
- وتقول حاولت مرارا وتكرارا الاتصال بوزير الثقافة لتسليمه هذه الأمانة التى تركها والدى لكن بدون جدوى. وتضيف: كان يتمنى أيضا اطلاق اسمه على احدى قاعات نقابة الصحفيين فهل تتحقق احلام صاروخان وابنته؟
هدى المهدى
الأهرام اليومى
صاروخان .. صاروخ الكاريكاتير السياسى
*فى فيينا تعرف بشاب مصرى كان سببا فى حضوره إلى مصر .. كان لقاؤه بالتابعى هو نقطة التحول فى حياته..
-عندما تطالع رسوماته الكاريكاتيرية تشعر كأنها من روح ودم من كثرة الحيوية والرشاقة اللتين تشعان منها واللتان من خلالها تستطيع التعرف على فترة من أهم الفترات فى الحياة المصرية فى القرن الماضى وعندما تقرأ سيرته ينتابك الإعجاب والتقدير لأنه استطاع رغم المعاناة والإفلاس والتشرد أن يكون واحداً من أهم مؤسسى فن الكاريكاتير المصرى خصوصا السياسى منه أنه الفنان الأرمنى المصرى `صاروخان` ذلك القصير الأصلع الذى حسبه كامل الشناوى بقالا روميا عندما رآه لأول مرة أثناء زيارته لمحمد التابعى فى `روز اليوسف` وظنه جاء يطالب التابعى بحساب الشهر!.
- صاروخان الذى كان معلماً وصاحب مدرسة فى الكاريكاتير ومبتكرا للعديد من الشخصيات أهمها على الإطلاق شخصية `المصرى أفندى` الذى كان يلبس الطربوش ويرتدى نظارة ويمسك فى يده مسبحة وينتقد كبار الساسة والمسئولين بصورة لاذعة وبخفة دم لا تبارى، ولد فى أول أكتوبر 1898 ببلدة `أردانودج ` وهى بلدة نائية فى أقصى شمال شرق تركيا والتى كانت تخضع إداريا فى ذلك الحين للإمبراطورية الروسية واسمه الحقيقى `إلكسندر هاكوب زاديك وهو ثالث أبناء زاديك صاروخان الذى كان يعمل تاجرا للأقمشة ثم انتقل بأسرته بعد ولادة نجله الكسندر بعامين إلى مقاطعة `باطوم` حيث كانت منفذا للبترول إلى العالم وهناك تحول والده لتجارة النفط وكانت أسرة صاروخان تتكون من ذكرين وثلاث بنات وقد ارتبط `الكسندر` بأخيه `ليفون` وكانت لهما فى طفولتهما عدة محاولات فى الرسم وكان والدهما يشجعهما على ذلك.
-التحق صارخان بالمدرسة الروسية وهناك تقابل مع مدرس رسم زرع فيه حب الرسم ولكنه لم يستمر كثيرا فى المدرسة بسبب الأحداث السياسية وانتقال الأسرة إلى اسطنبول ظنا بأن الحياة هناك ستكون طيبة إلا أنها كانت أسوأ وهناك التحق الأخوان `الكسندر وليفون` بالمدرسة الكاثوليكية وقاما بتأسيس جريدة أسبوعية منزلية كان الكسندر يقوم برسم الصور فيها واستطاع أن ينشر فى مجلة أرمينية كانت تصدر هناك ولم يكن يتقاضى مقابلا لهذه الرسوم ولكنه هرب ومعه شقيقة من المذابح التى كانت تقع يوميا من الأتراك ضد الأرمن وسافرا إلى بروكسل حيث استقرا بها وأعادا إصدار مجلتهما الأسبوعية وكانا يصدران عددا ممتازا يتكلف خمسة قروش واستمرت المجلة فى الصدور ثلاث سنوات ويقال إن صاروخان لم ير إخوته بعد ذلك .
- وقرر صاروخان احتراف الرسم الكاريكاتيرى وشجعه عمه وتكفل بالمصاريف فذهب إلى `فيينا` لينهى دراسته بمعهد الفنون الجرافيكية وقد تتلمذ على يد رسامين من إنجلترا وأمريكا وروسيا وفى فيينا تعرف بشاب مصرى لعب دورا مصيريا فى حياته وكان هذا الشاب من محبى الصحافة وقال له إنه يمتلك دارا كبيرة للنشر فى مصر وينوى إصدار جريدة وأقنعة بالحضور إلى مصر للعمل معه حيث المستقبل مضمون وفرصة الكسب والحياة الطيبة مؤكدة، وعند حضور صاروخان إلى مصر لم يجد الشاب فى انتظاره واكتشف أنه `فشار` وهذه القصة رواها عملاق الصحافة مصطفى أمين فى افتتاحية كتاب صاروخان `الضاحك الباكى` قائلا: رأيته لأول مرة عام 1927فى ورشة الحفار الأرمنى بريريان وكنت أصنع فيها كليشيهات مجلة التلميذ التى كنت أصدرها وأنا تلميذ عمرى 13 سنة ووجدته يبتسم فى وجهى دون أن يعرفنى ثم أمسك ورقة وقلما وراح يرسمنى بسرعة مدهشة وبعد دقائق قدم لى صورتى الكاريكاتيرية ولم يكن يعرف كلمة من اللغة العربية ولكن رسومه كانت تتكلم وتضحك وتتعارف وعرفت أنه رسام ضحية شاب من المنصورة، كان قابله فى فيينا عاصمة النمسا وأوهمه أنه صاحب جريدة كبيرة فى مصر واتفق أن يعمل معه رساما بمرتب كبير وصدق صاروخان الطيب هذا الكلام وركب باخرة إلى الإسكندرية ونزل إلى الميناء ولم يجد أحدا فى استقباله وظل يمشى متسكعا متشردا فى شوارع الإسكندرية إلى أن وجد مطعم فول مدمس يملكه أرمنى ودخله وأكل مجانا وبحث عن فندق يملكه أرمنى فنام على مقعد فى إحدى الحدائق واستطاع ببشاشته وخفة روحه أن يتعرف إلى بعض المصريين فى الإسكندرية واقترض منهم أجرة قطار فى الدرجة الثالثة إلى القاهرة .
- ثم عثر على بعض الأرمن من مواطنيه وساعدوه وظل تائها فى شوارع القاهرة إلى أن وجد عنوان صديق لعمه كان يعمل بشركة بترول فى القاهرة فحصل على وظيفة مدرس رسم بالمعهد الفنى الأرمنى ببولاق براتب جنيهين فى الشهر ثم أقنع إدارة المدرسة بإصدار مجلة يرسمها فارتفع راتبه إلى خمسه جنيهات وقابل فى ورشة بريريان محمد التابعى رئيس تحرير مجلة `روزاليوسف` وكانت تنشر صورا كاريكاتيرية على غلافها فطلب عملا وقال التابعى إنهم لا يعينون رسامين فى المجلة بل يشترون منهم الصور بالقطعة ورسم صاروخان عدة صور بالألوان قدمها للتابعى أعجب بها ونشرها على غلاف `روز اليوسف` .
- كان لقاء صاروخان بالتابعى هو نقطة التحول فى حياته وذات يوم سأله التابعى: لماذا لا ترسم الكاريكاتير السياسى؟ ورد صاروخان : كيف ؟ ولم يجبه التابعى فقط وإنما اجابته السيدة فاطمة اليوسف أيضا وقال له الاثنان : سنريك كيف ترسم الكاريكاتير السياسى .
- وتحكى السيدة روزاليوسف هذه القصة فى كتابها `ذكريات` قائلة : `إن مجلة `الكشكول` كانت هى التى تناصبنا العداء فى ذلك الوقت وكانت تتميز علينا بشيء واحد وهو الرسم الكاريكاتيرى الذى كان يرسمه الرسام الإسبانى الكبير `سانتيس` وكان سانتيس يرسم لنا بعض الصور أيضا ولكن ارتباطه بـ `الكشكول` كان يحول دون أن يتفرغ لإجابة مطالبنا وأخذت أفكر فى رسام يمكن أن يملأ هذا الفراغ وتذكرت أخيرا ًذلك الرجل الأرمنى القصير الذى كان يصعد خمسا وتسعين درجة ليصل إلى مقر الجريدة القديم وقد حمل فى يده نكتة قام برسمها وكنا ننظر إلى النكتة فنجدها قديمة أو لا تعجبنا، فيعود هابطا السلم الطويل وأرسلت فى استدعاء صاروخان وكان وافدا على مصر لا يعرف شيئا عن الشخصيات السياسية المصرية ولا يعرف العربية إلا لماما فأحضرنا له نماذج من الرسم لسانتيس وكان التابعى يفقد أعصابه عشر مرات قبل أن يفهمه فكرة صورة واحدة ثم يرسمها هو على عكس ما نريد فيعيد المحاولة حتى أصبح صاروخان بعد مجهودات جبارة رساما كاريكاتيريا كبيرا .
- وما لبثت رسوم صاروخان أن نجحت نجاحا ضخما لأنها كانت مليئة بالحركة والحيوية والنكتة اللاذعة وأصبحت حديث مصر كلها لأنها كانت تسخر من الزعماء والقادة وتهزأ من الطغاة ورؤساء الوزراء وكانت فى بعض الأحيان أشد قسوة من سلسلة مقالات وفى سنة 1934 قبضت النيابة على التابعى وصاروخان بسبب صورة غلاف كاريكاتيرية فى العدد الأول من مجلة `آخر ساعة`التى كانت تصور متهما يقف أمام القاضى ويقول له: حرامى ..نعم صحيح نصاب..نعم صحيح، لكن عضو فى حزب الشعب حرام لأنه موش صحيح!! وكان رئيس الوزراء فى ذلك الوقت هو رئيس حزب الشعب وكان عنوان الصورة `التهمة الفظيعة` وأفرج عنهما بكفالة بعد تحقيق استمر حتى منتصف الليل .
- كانت شخصية `المصرى أفندى` نتاج عمل جماعى بينه وبين محمد التابعى وروزاليوسف وبسبب نجاح الشخصية نجاحا مذهلا افتتحت محلات وصالونات ودكاكين باسمه .
- وأصدر صاروخان كتابين برسوم كاريكاتيرية الأول ` نحن من خلال نظارتنا ` والثانى ` انظر إلى أقوالك ` .
- وقد تنقلت ريشة صاروخان من مجلة ` روز اليوسف ` إلى ` آخر ساعة ` إلى ` أخبار اليوم ` التى انضم إليها سنة 1946وأصبحت صورة تنقل فى مجلات أوروبا وأمريكا وكانت حديث العالم العربى، وحاول صاروخان أن يظفر طيلة حياتة بالجنسية المصرية فكانت العراقيل توضع أمامه إلا أنه حصل عليها بعد أن أصبح شيخاً فى الستين من عمره. لم يحصل صاروخان على التكريم المناسب رغم جهوده الكبيرة فى فن الكاريكاتير وكان هذا يحز فى نفسه وكان أعظم تكريم تلقاه كما يعترف بنفسه رسما كاريكاتيريا نشره `رخا ` بمناسبة الصاروخ الذى أطلقه الاتحاد السوفيتى مخترقا أجواء الفضاء فرسم صاروخان محلقا فوق الهرم إلى جانب صاروخ أخر وكتب تعليقا يقول: عندهم صاروخ واحد وإحنا عندنا صاروخان!
- قال عنه شيخ الصحفيين الراحل حافظ محمود: صاروخان نحت بدأب صخرة الكاريكاتير وبنى لها معبدا فى شارع الصحافة .
- مات صاروخان الذى لم يكن يطمع فى أكثر من لمسه تقدير وعرفان عام 1976 تاركاً وراءه آلاف الرسوم والصور التى تعبر عن الحياة السياسية والاجتماعية فى فترة من أهم الفترات فى تاريخ مصر.
ناجى العتريس
القاهرة - 3 /1 /2012
بنى معبد الكاريكاتير فى شارع الصحافة
صاروخان
المصرى أفندى بنكهة أرميينة
فى منزله بمصر الجديدة حيث مازالت البيوت التقليدية المغلفة بعمارة المكان الذى منحة الطبع والطابع البارون إمبان صاحب حلم هليوبوليس أو مصر الجديدة ، تقاوم تغييرات الزمان التى فرضها واقع العشوائية .. وفى بهو المنزل معرض أو لو صح القول متحف للوحاته اللاذعة الصاروخية .
هنا كان يقطن صاروخان ... صاروخ السخرية اللاذعة وصاروخ الموهبة الفنية الجامحة التى شكلت عبقرية الفنان الأرمنى ألكسندر صاروخان الذى نحت ـ كما قال عنه شيخ الصحفيين حافظ محمود ـ صخرة الكاريكاتير بدأت حتى بنى لها معبدا فى شارع الصحافة .
هذا البهو نظم مقتنياته جارو يعقوب زوج ابنه صاروخان الوحيدة سيتا الذى حول منزل صاروخان إلى متحف حقيقى فية متعة للناظرين حين يطالعون تلك الخطوط والوجوه التى تكاد تنطق من كثرة الإتقان ... الخطوط التى تكاد تراها حية تسير على قدمين .. يستمتع جارو ، كما ينادية الجميع ، وهو يصحبك فى جولة بين أرجاء المنزل ويفتح لك الخزانة التى ضمنها أرشيف صاروخان بعد تنظيمة حسب الموضوعات .. ثم يقطع الجولة ويمط شفتية مستنكراً أن يحصل تلامذة صاروخان على جائزة الدولة التقديرية بينما لا تمنح لاسم الاستاذ صاروخان رائد فن الكاريكاتير فى الوطن العربى .. .
ثم يكشف لك اللثام عن أهم مجموعات صاروخان وهى 160 لوحة تخص الحرب العالمية الثانية تحتاج وحدها إلى متحف يضمها .
تلك اللوحات كان صاروخان قد رسمها أثناء الحرب العالمية الثانية على صفحات جريدة أسبوعية أصدرها باللغة الفرنسية اسماها ` لا كرفان ` ` القافلة ` وفيها انتقد زعماء المحور هتلر وموسولينى مقابل دفاعة عن زعماء التحالف ستالين ورزفلت وتشرشل . وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصدر صاروخان كتابا ضم تلك اللوحات بعنوان ` هذه الحرب `
ثم يأخذك مسيو جارو الى مجموعة من اللوحات رسمها صاروخان عام 1927 واقام بها أول معارضة فى مصر بعد عامين فقط من قدومة إليها حيث رسم لوحات لعلية القوم وباشوات ذلك العصر .. مرفق بها كشف بأسعار اللوحات وأسماء من قاموا بشرائها وصورة لصاروخان بجوار لوحاته داخل صالة العرض .
دولة صاروخان للكاريكاتير .
الاطر الموجودة فى كل أرجاء المنزل يطل عليك منها شخصيات ابتكرها صاروخان كست البيت وابن البلد وأهمها المصرى افندى لتقول لك دون حديث أن هذا الرجل القادم من بلدة نائية فى أقصى شمال شرق تركيا هو من مصر الكاريكاتير وأقام دولة الكاريكاتير السياسى لتكون بمثابة حكومة ظل تراقب وتضبط أخطاء الحكومات متلبسة بها . قبل صاروخان لم يكن هناك فن للكاريكاتير فى مصر بمعنى الكلمة .. كان هناك فقط مجرد رسوم بسيطة مصاحبة لحوارات فى مجلة ابو نظارة ليعقوب صنوع ومجلة الاستاذ للنديم قبل أن تظهر إلى الوجود ` اللطائف المصورة ` التى استعانت برسامين اجانب وبعدها الكشكول التى استعانت برسام كاريكاتير اسبانى هو خوانى سانتيز وأصدر الوفد خيال الظل مستعينا برسام كاريكاتير تركى ريستى .
وجاء صاروخان إلى القاهرة بعد رحلة طويلة تنقل خلالها مع والده تاجر الاقمشة الذى تحول الى تجارة النفط وعندما قرر والده العودة إلى مقاطعة ` باطوم ` بعد ان خسرت تجارته أودع الأخوين ألكسندر وليفون بالقسم الداخلى للمدرسة الكاثوليكية باسطنبول ولكنه كان الفراق الابدى حيث بدأت مذابح الارمن فى 24 من ابريل 1915 واضطر الأخوان أن يظلا خلف أسوار المدرسة التى كانت ترفع العلم النمساوى نوعا من الحماية .. وبعد انتهاء الحرب خرج الكسندر من المدرسة ليعمل كمترجم للغات الروسية والتركية والانجليزية بالجيش البريطانى ثم عمل على نشر بعض رسومة الكاريكاتيرية فى بعض الجرائد والمجلات الأرمينية . وفى 1922 ترك الإخوان صاروخان تركيا إلى الابد واتجها إلى بروكسل حيث كان يقيم عمهما الذى شجع هواية ألكسندر وساعده حتى ينهى دراسته بمعهد الفنون الجرافيكية بفيينا وهناك تعرف على عبد القادر الشناوى الذى لعب دورا جوهريا فى حياته وكان سبب حضوره إلى مصر ، فقد كان عبد القادر مثقفا مصريا من محبى الصحافة من أسرة ثرية بالمنصورة ذهب إلى فيينا ليدرس فنون الطباعة لينشئ جريدة أو مجلة فكاهية هناك التقى صاروخان واتفق معه بالفعل ووعده وعودا كبيرة بسبب تعثر عبد القادر ماديا .. مايهم أن صاروخان وصل إلى الاسكندرية ولم يجد صديقة فذهب إلى فندق رجل يونانى حيث تعرف إلى مجموعة من الارمن قدموا له العون .. وكانت انطلاقة صاروخان الأولى عندما اتفق مع المحرر ` فارتان زاكاريان ` على إصدار جريدة فكاهية ساخرة بالألوان وأطلقا عليها ` السينما الارمينية ` .
ثم تعرف صاروخان على محمد التابعى رئيس تحرير روزاليوسف عندما كانت روزا فى حاجة الى رسام كاريكاتير يحل محل الاسبانى سانتيز الذى كان اساسا على قوة مجلة الكشكول .. وبدأ ظهور أول صورة كاريكاتيرية لصاروخان على غلاف روزاليوسف عام 1928 وانفرد برسم غلافها من 8 مايو 1928 وكان المنعطف الحقيقى فى أعمال صاروخان حين بدأ اختراع شخصية المصرى افندى التى كانت تعبر عن العقل الجمعى المصرى على غرار ` مايان ` التى كانت تمثل فرنسا و ` العم سام ` الامريكى وجون بول الممثل لانجلترا .
ظلت ريشة صاروخان من الثوابت فى روزاليوسف حتى وقع الخلاف بين فريق العمل واسس التابعى مجلة آخر ساعة وانتقل اليها صاروخان عام 1934 .
عبقرية بلا حدود
تبقى عبقرية صاروخان فى كل أعماله تلمحها فى خطوطه الرشيقة الحية موضوعاتها متابينة تليق بفنان كبير كصاروخان ...
منا ما يعكس انفعالة بالقضايا الإنسانية كلوحة افترض فيها رجوع البشرية الى نقطة البداية ونشأة الخلق وفيها حواء تحاول غواية آدم فيرفض أن يعيد الكرة .
تفاعل مع القضايا الوطنية من التمرد على الاستعمار والمطالبة بالاستقلال وعندما قامت ثورة يوليو كان صاوخان من أبرز المتحمسين لها وردت له هى الجميل فمنحته الجنسية المصرية.
وفى صيف 1968 زار مع زوجته للمرة الأولى والاخيرة وطن أجداده جمهورية أرمينيا وأقام ثلاثة معارض لأعماله هناك .
سهير عبد الحميد
ملحق الاهرام 2014
وذهبت الريشة الساحرة !
- ليس عجباً أن يموت الناس .. وأن يموت كل شئ .. فكل ما لفظته الأرض لابد أن تبتلعه الأرض .. وكل ما نبت من التراب لابد أن يأكله التراب !!
- والموت ليس اختفاء الشئ من الوجود .. وليس نهاية عمر وانقضاء حياة .. وإنما الموت هو أن يذهب الشئ بلا أثر يخلفه .. أن يمشى الكائن الحى فوق الأرض ولا يترك بصماته فوق الرمال حروفاً غائرة تقرؤها الأجيال من بعده . ولذلك خلد العمالقة ولم تفن العبقريات.
- وكلما ثقل وزن الكائن ، ازدادت الآثار التى تحدثها أقدامه عمقاً وغوراً . وكان لدبيب أقدامه دوى وصدى ورنين .. ولقد كان ` صاروخان ` واحدا من هؤلاء العمالقة الذين عبروا وادينا بالطول والعرض ، وتركوا بصماتهم فى صحافتنا، وفى تاريخنا ، وفى سياستنا ، وفى عقول وقلوب شعبنا . حيث عمل فى الحقل الصحفى ما يزيد عن الخمسين عاماً لم تتوقف ريشته لحظة واحدة حتى قبل أن يغمض عينه إلى الأبد بلحظات .. وكان لريشته اللاذعة أثر خطير فى شكل المقال السياسى والرأى السياسى.
- كان واحداً من رواد فن الكاريكاتير الذين كرسوا ريشتهم لخدمة القضية المصرية فى أحرج ظروفها .. عاصر عمالقة السياسة منذ العشرينيات وعرفهم واحداً واحداً .. عرفهم من الداخل أكثر مما عرفهم من الخارج .. وكان يفضح سرائرهم بخطوطه الساخرة ويعريهم أمام القراء بواقعيته المريرة ، وقفشاته اللماحة .. وتعليقاته الذكية .. ولذلك كانوا يحسبون له ألف حساب .
كانت رسومه الصارخة تتصدر أغلفة مجلات روز اليوسف وآخر ساعة وأخبار اليوم .. وكان كل شئ فيها يقول شيئاً لاتستطيع أن تقوله الشفاه ولا الكلمات .. كل شئ فى رسومه يتحرك فى ديناميكية عارمة ، فتحس بأن الصحيفة تهتز بين يديك .. الكرسى المرسوم يهتز ، وكذلك السيجارة والمنضدة ، والملعقة ، والبرواز ، والجدران .. كيف استطاع هذا الرجل أن ينطق ويحرك الجماد !! هذا ما فعله بأستاذية فذة فى رسومه الصاخبة .، بعد أن ضخمها بخفة ظل ابن البلد .. العريق فى النكتة ، البليغ فى القفشة الضليع فى القافية .
- وعندما جاء ` صاروخان ` الأخبار اليوم ، كان أكبر كسب لأخبار اليوم .. فقد كان وهو جالس أمام مكتبه بالدار يرسل قذائفه الصاروخية هنا وهناك ، فتهز الرأى العام . وتزلزل مقاعد الوزراء .. ويتضاعف توزيع أخبار اليوم ..
- وكان حصنه الذى يطلق منه قذائفه لايتعدى مكتباً صغيراً قابعاً فى ركن فى الدار .. وكانت أسلحته التى يطيح بها رؤوس العتاه وفحول السياسة والحكام عبارة عن ورقة بيضاء ، وريشة ، وزجاجة حبر .. ولكنها أقوى من جيش كامل العدة والعتاد .
- وزاملته منذ أول يوم جاء إلى أخبار اليوم .. وكان مكتبى أمام مكتبه .. وكان يطيب لى مشاهدته وهو يطلق خطوطه بسرعة المدفع الرشاش فأقول له : ( صاروخان .. أنت الآن ترسم رجلاً يبتسم .. أو رجلاً غاضبا .. أو رجلا قرفان .. أحياناً .. إنك ترسم النحاس باشا بالذات ...) .
- وكان يبدى دهشته حينما يتبين له صدق تخمينى فيسألنى ..`وكيف عرفت ذلك ؟؟` فأقول له ..` إن كل ما يصدر عن قلمك تعكسه أسارير وجهك بكل وضوح .. أنت إنسان مفضوح يا صاروخان .. إننى أكاد أرى صور جميع من ترسمهم منطبعة على صفحة وجهك دون أن تدرى .. وأنت مستغرق فى عملك تماماً !!` .
- وهكذا كان يندمج ` صاروخان ` بكل ذاته فيما يرسم .. كان كيانه كله يذوب عند طرف قلمه ، يسكبه بسرعة خاطفة فإذا الشخوص تتحرك ، وتصرخ ، وتتصارع فوق سطح الورقة الملساء .. وإذا بالورقة الخرساء تحولت إلى خطاب سياسى بالغ الخطورة .. وإلى مسرح صاخب يضج بالحركة والحياة ..
- وكان ` موديله ` الوحيد الذى يستعين به فى التعبير عن مختلف الأحاسيس هو ` وجهه المعبر جداً ` الذى يستدير ويصنع مع صلعته كرة مشحونة بالذكاء واللباقة واللماحية .. وكذلك أثناء الرسم ليستأنس بصورة وجهه المنعكسة على صفحتها يقتنص منها تعبيرات الوجوه المختلفة ..
- وإذا كان ` صاروخان ` يجيد التحدث بسبع لغات إجادة تامة .. فإن حديثه من خلال ` خطوطه ورسومه ` أبلغ وأعماق منها جميعاً .. إنها اللغة الثامنة التى لم يجاره أحد فى استخدامها وامتلاك ناصيتها .. وهى التى أكسبته طابعه المميز الراسخ الذى انفرد به طوال الخمسين عاماً محتفظاً بكامل دفئه وشبابيته وديناميكيته .
- رحل الرجل العظيم .. أحد صناع صحافتنا .. وإحدى دعائم فنوننا . ذهب وفى نفسه حسرة .. كانت المرارة تنضح من وجهه المبتسم دائماً .. وهو يصارحنى بشئ كان يؤرقه .. بل يستحقه ولا يستحقه ..
- كان يقول لى عندما داهمه مرض القلب وأصبح يعد خطواته التى تدنيه من حافة الفناء .. صحيح أننى أرمينى الأصل ولكنى مصرى أكثر من المصريين .. ووطنى أكثر من المناضلين .. مناضل أكثر من كثير من المناضلين .. لقد شاركت فى حركات الاستقلال والتحرير والثورات جميعا .. لم اتخلف عن واحدة منها .. لم أهرب من الميدان . لم ألق ريشتى وأرفع الراية البيضاء ..
- لقد أعطيت مصر بقدر ما أخذت .. وأعظم ما أخذته من مصر هو ` جنسيتى المصرية` التى لا يقل اعتزازى بها عن أصلى الأرمنى .. ولكن ما يؤلمنى أن أرى شعوباً كثيرة وبلاداً كثيرة غير مصر . تكرمنى . وتحتفى بى ، وتشيد بفنى وبدورى الذى أؤديه بأمانة وإخلاص .. ما عدا مصر التى أفنيت فيها عمرى وفنى .. مصر أغمضت عينيها عنى لا أدرى لماذا !! .. هل كثير على أن أزين صدرى ` بوسام ` أتوج به كفاحى الطويل ، أو أن أحصل على شهادة تقدير من مسئول تجعلنى أذهب وأنا راضى القلب مطمئن الضمير ؟؟.
- وتسقط دمعة فوق الوجه الشاحب شحوب شمعة ذابلة .. ويختفى ` صاروخان ` بعد أن يحملنى أكبر همومه .. وصدى صوته المتحشرج ينهرنى من داخل الداخل ..
- ولقد مضى ` صاروخان ` الذى لم تكرمه الدولة حياً .. فهل تبخل عليه بتكريمه ميتاً !! ولو أنه لم يمت ..!!.
بقلم : حسين بيكار
من كتاب أفاق الفن التشكيلى
ألكسندر صاروخان بين المصرى أفندى والرفيق بانشونى
- لم تلفظ مصر أبداً من أتاها، ويأتيها، راجياً الخير، عاشت، ولازالت، على أرضها كل الديانات السماوية، وكل الأجناس أيضاً. ففى منظومة متناسقة، عاش فى جوار حميم مع المصريين كل من: الشاميى والمغربى، الأرمنى واليونانى، الأوروبى والأمريكى، والزنجى والهندى. وفى كلمة واحدة: كل الناس. وقد سحبت مصر عليهم جميعاً حنانها وآوتهم بين أحضانها حيث طردتهم ظروف بلادهم القاسية جغرافياً واقتصادياً وسياسياً، ولم تفرق فى هذا بين من أنجبتهم وبين من تبنتهم.
- وتتميز مصر بطاقات جاذبة ثقافياً وحضارياً، وفتنة رائعة تشد إليها بحرارة ليس من يزورها أو يعيش فيها فحسب، بل حتى من يسمع أو يقرأ عنها، وثمة ألوف الشخصيات الذين جاءوا إلى مصر زائرين فعشقوها واستوطنوها، ولم يتمكنوا من فراق معشوقتهم، وآثروا أن يبقوا أسرى هواها عن الرجوع إلى أوطانهم.
- ليس ما أقوله بالتأكيد نزعة شوفينية، بل إن استعراض ملامح حياة رسام الكاريكاتور الأشهر ألكسندر صاروخان، الأرمنى الأصل، تؤكد هذه الحقائق آنفة الذكر.
- النزوح إلى مصر:
- ولد ألكسندر صاروخان فى أول أكتوبر 1898 ببلدة أردانوش التابعة لمقاطعة باطوم، إحدى المناطق الإدارية فى إقليم ما وراء القوقاز التابع للإمبراطورية الروسية. وفى عام 1909، هاجرت أسرته إلى الآستانة، وفيها التحق الكسندر بمدرسة الآباء المختياريين الفييناويين الكاثوليك. وبعد ظروف الحرب العالمية الأولى وما نجم عنها بخصوص الأرمن، هاجر صاروخان إلى عمه آراكيل فى بروكسيل الذى أرسله لاستكمال دراسته الفنية الأكاديمية بفيينا بين عامى 1922ـــ 1924.
- وبعد أن أنهى صاروخان دراسته الأكاديمية عام 1924، وصل إلى مصر فى 31 يوليو من نفس العام بناءً على دعوة طالب مصرى من المنصورة كان يدرس فى فيينا ويسمى عبد القادر الشناوى لمعاونته فنياً فى إصدار جريدة فكاهية ساخرة، وفعلاً، أصدر عددين من الجريدة المصورة `خلال النصف الأول من شهر سبتمبر1924 رسم فيهما صاروخان بعض النكات الفكاهية، ثم توقفت عن الإصدار نهائياً. ورغم ذلك، يرجع الفضل فى مجئ صاروخان إلى مصر لعبد القادر الشناوى.
- ومنذ وصول صاروخان إلى مصر وجد نفسه فى بلد عريق صاحب حضارة كبرى، لكنه يعانى من وطأة الاضطرابات السياسية الحادة والمشاكل الاقتصاديةـــ الاجتماعية العاتية، كل هذا مصحوباً بالحكم الاستعمارى البريطانى، ومن ثم، راح يتعاطف ويتعايش مع الشعب المصرى، وأخذ ` يتمصر` تدريجياً دون التخلى عن جذوره الأرمينية، مما جعله ذا انتماء مزدوج إنسانياً وفنياً، بيد أن عملية اندماجه فى الحياة المصرية قد استلزمت مرحلة نفسية ـــ تحضيرية تحويلية تمهد له خوض قضايا الشعب المصرى. وهذا ما حدث بالفعل عقب توقف إصدار الجريدة المصورة آنفة الذكر.
- وبعدما استقرار صاروخان فى مصر، تعرف على بعض محررى الصحف والمجلات والتجار والحرفيين الأرمن. وكان أهمهم الزنكوغرافى آرام بربريان الذى يعد كليشيهات معظم الإصدارات، بجميع اللغات ، فى القاهرة. وكانت ورشته بمثابة ملتقى غير رسمى للصحفيين وأصحاب الصحف ودور النشر مما يمثل مكاناً مهماً بالنسبة لاهتمامات صاروخان وطموحاته.
- الإرهاصات الأولى:
- وبهذه الطريقة ، تعرف صاروخان على المحرر الصحفى فارتان زكريان واتفق معه على إصدار مجلة أسبوعية فكاهية ساخرة ملونة، يرسمها الأول ويحررها الثانى. وفعلاً، صدر العدد الأول من ` السينما الأرمنية ` يوم السبت 24يناير 1925، بيد أن الخلاف دب بينهما حول طبيعة النقد، فبينما تشبث زكريان بأسلوب النقد الهدام، تبنى صاروخان فلسفة النقد البناء. وعندما استحال تقريب وجهات النظر بينهما، ترك زكريان تحريرها بعد صدور العدد ` 40` وحل محله الكاتب الأرمانى الساخر يرفانت أوديان الذى حرر ` 10` أعداد ثم توقفت المجلة فى 13مارس 1926.
- وتشكل مجموعة الرسومات المنشورة على صفحات` السينما الأرمنية ` أول إنجاز صاروخانى كاريكاتورى. ففى هذه الرسومات، تبلور نسبياً الأسلوب الصاروخانى الذى اتسم بالحيوية والحركة العنيفة والمبالغات التى تعكس مقدرته على ` اكتشاف بذرة الفكاهة فى جوهر أى موضوع حتى لو كان مأساوياً من خلال توصله إلى لب التناقض فى هذا الموضوع. وبعد ذلك، تأتى مقدرته على صياغة ما سبق فى شكل فكاهى هجائي حاد. وهكذا، فإن الصورة الكاريكاتورية الصاروخانية فكاهية هجائية فى حد ذاتها، قبل أن يكمل فكرتها النص الكتابى بأسفلها. ومن هنا، تكمن قوتها التعبيرية وتأثيرها القوى على المتلقى الذى ` تصدم عيناه` لجرأة الرسام ` ويصدم عقله` لأصالة فكرته وعمقها.
- عندئذ، فكر صاروخان فى تنظيم معرض خاص لرسوماته، فجهز` 95` عملاً كاريكاتورياً وعرضها فى ` القاعة الشعبية` الأرمنية بالقاهرة، بالاشتراك مع أعمال المصور الأرمنى أراكيل بادريج ( 62 لوحة زيتية) يوم الأحد 8 مايو 1927، وقد نال صاروخان نجاحاً مقبولاً حفزه على تنظيم معرض آخر بالإسكندرية منذ 30 أكتوبر حتى 10 نوفمبر 1927، وقوبل هذا المعرض الذى تألف من `140` شخصية كاريكاتورية بنجاح جماهيري أوسع مما لاقاه فى معرض القاهرة.
- وعقب هذا المعرض، تعرف صاروخان في ورشة آرام بربريان على الكاتب الصحفى محمد التابعى رئيس تحرير ` مجلة روز اليوسف` الوليدة منذ 26 أكتوبر 1925 وعرض عليه العمل بها. وبانضمام صاروخان إلى أسرة هذه المجلة عام 1927، خطا أولى خطواته على درب الانشغال بالقضايا المصرية والتألق فى سماء بلاط صاحبة الجلالة المصرية.
- التحول الكبير:
-احتاجت `روزاليوسف` منذ أكتوبر 1927 رساماً كاريكاتورياً يحل محل الرسام الإسبانى خوان سنتيز الذى كان يرسم النكات على غلافها الأمامى. ولكن سنتيز كان الرسام الأساسى لمجلة ` الكشكول` ذات التوجهات السياسية المضادة لتوجهات ` روزاليوسف` الوفدية، مما أزعج التابعى بشدة. ولذا، سنحت الفرصة أمام صاروخان كى يحل محل سنتيز. ويلاحظ أن أغلب رسامى الكاريكاتور آنذاك كانوا من الأجانب. فبالإضافة إلى سنتيز، عمل كل من المجرى جرمانوس والجركسى على رفقى فى مجلة` خيال الظل`، ورسم رفقى وشقيقه شوقى فى مجلات` الفكاهة` و` المصور` و` كل شئ`. وثمة أيضاً الرسامون: اليونانى رومانوس والتركى إيهاب خلوصى والروسى ستريكالوفيسكى فى مجلة ` اللطائف المصورة `. ورغم براعة خطوط هؤلاء الرسامين، إلا أنها افتقرت إلى الروح المصرية الأصيلة التى حرص صاروخان على تشربها.
- وفى الواقع، لم يكن صاروخان يعرف اللغة العربية ولا يعرف وجوه الزعماء والساسة المصريين. ولذا، قدم التابعى له مجموعة من الصور الفوتوغرافية لأبرزهم مثل: إسماعيل صدقى، محمد محمود، مصطفى النحاس، مكرم عبيد، عبد الفتاح يحيى، أحمد ماهر، النقراشى.. إلخ. كما درس صاروخان وجوه بعضهم على الطبيعة. والتقى ببعض الزعماء العرب مثل نورى السعيد ورياض الصلح والحاج أمين الحسينى وعبد الوهاب عزام. وكان التابعى يقف أمامه يصور له الأوضاع التى يريد أن يظهر فيها الزعماء المراد رسمهم، وكان صاروخان ينقل شكل الوضع كما يمثله التابعى وتقليد الرسم المطلوب نشرة. ويذكر مصطفى أمين أن صور صاروخان ما لبثت أن نجحت حتى أن ` روزاليوسف` قد استغنت بعد بضعة أشهر عن عشرة رسامين دفعة واحدة واكتفت بصاروخان وحده.
- وقد رسم صاروخان أول صورة غلاف كاريكاتورى بــ `روزاليوسف ` فى عددها الصادر يوم 3 مارس 1928، وعبرت عن دعابة ذات مضمون اجتماعى. ولكن التابعى إقترح علية رسم الكاريكاتور السياسى. وفعلاً، رسم أول كاريكاتور سياسى على الصفحة السابعة من العدد `123`، كما رسم أول غلاف أمامى كاريكاتورى سياسى فى العدد رقم `128` الصادر يوم الثلاثاء 22مايو1928، ومنذ ذلك الحين. أصبح غلاف المجلة يحمل دائماً صورة كاريكاتورية سياسية يرسمها صاروخان باستنثاء غلاف العدد رقم `140` المنشور عليه صورة فوتوغرافية لسعد زغلول بمناسبة مرور عام على وفاة زعيم الأمة.
- ميلاد المصرى أفندى:
- وفى` روز اليوسف ` ارتبط معاً الثالوث : فاطمة اليوسف صاحبة المجلة والتابعى رئيس تحريرها وصاروخان رسامها الكاريكاتورى الأوحد. ولذا ، عندما أغلقت الحكومة المجلة فى سبتمبر 1928، ولمدة أربعة شهور ، عملوا سوياً فى المجلات البديلة التى أصدروها تحايلاً على قرار الإغلاق مثل ` الرقيب`. و`صدى الحق`، و`الشرق الأدنى`، و` مصر الحرة`. وقد نشر صاروخان رسومه الكاريكاتورية اللاذعة على صفحات المجلات الأربع مما حدا بالحكومة إلى مصادرة ما يزيد على `104` ألف نسخة منها.
- وجدير بالذكر أن صاروخان قد اعتقل عدة مرات بسبب رسوماته النقدية. ولكنه أنقذ من السجن فى كل مرة ، فكان يذكر فى التحقيق بناءً على نصيحة روزاليوسف والتابعى: ` أنا أرمنى، لا أعرف من العربية شيئاً، أنا أرسم فكرة غيرى` !!.
- واستمر صاروخان يرسم على صفحات ` روز اليوسف` فأخذ أسلوبه يتطور وينضج. وفى عام 1932، نفذ بجدارة أول شخصية نمطية كاريكاتورية فى مصر، إنها ` المصرى أفندى` المعبرة عن العقل الجمعى المصرى على غرار شخصيات` ماريان` الفرنسية و`جون بول` الإنجليزية و` العم سام` الأمريكية. وظهرت أول صورة كاريكاتورية للمصرى أفندى على غلاف العدد رقم `212` الصادر يوم الإثنين 7 مارس 1932.
- هذا ، وقد جسد` المصرى أفندى` كل عاطفة مصرية، فعلى لسانه خرجت الحكم والنكات والسخرية اللاذعة والانتقادات. كما يعد رمزاً خالداً على المصرى العادى المخلص طيب القلب.
- وعندما وقع الخلاف بين فاطمة اليوسف والتابعى خلال النصف الأول من عام 1934، خرج الأخير من` روزاليوسف ` مصطحباً معه صاروخان لإصدار مجلة `آخر ساعة`. ورسم صاروخان على صفحات هذه المجلة منذ ظهور عددها الأول فى 15يولية 1934، وعن هذا العدد ذكر مصطفى أمين ما يأتى: ` ففى اليوم الأول قبضت النيابة على التابعى وصاروخان بسبب صورة كاريكاتورية نشرناها على غلاف العدد الأول، تمثل متهماً يقف أمام القاضى ويقول له: حرامى؟ نعم صحيح!.. نصاب؟ نعم صحيح! لكن عضو فى حزب الشعب حرام لأنه موش صحيح؟. وكان رئيس الوزراء يومئذ( يحيى باشا) هو رئيس حزب الشعب. وكان عنوان الصورة ( التهمة الفظيعة).. وقالت النيابة لصاروخان: أنت تقصد إن الحرامى والنصاب أشرف من عضو حزب رئيس الوزراء!. واستمر التحقيق حتى منتصف الليل وأفرج النائب العام عنهما بكفالة!.
- ويجدر بنا التأكيد ولا غرو أن أسهمت صورة ورسوم صاروخان فى إنجاح مجلة `آخر ساعة`. إذ كانت صورة تهزأ بالحكام وتسخر منهم، تارة تصورهم بهلوانات، وتارة تصورهم قطع شطرنج يلعب بها الملك والإنجليز. وكانت صورة تهاجم القصر والإنجليز والاستعمار. وقد نقل صاروخان معه إلى آخر ساعة` شخصية` المصرى أفندى` التي كان يرسمها فى ` روزاليوسف `. ولكن ظلت المجلة الأخيرة ترسمها أيضاً بريشة رساميها المتعاقبين مثل رفقى ورخا وعبد السميع.
- مخضوض باشا وإشاعة هانم:
- كما وقعت سنوات اشتغال صاروخان بــــ` آخر ساعة` فى قلب الأحداث التى سبقت الحرب العالمية الثانية وتخللتها، وهى الأحداث التى أثرت على الحياة المصرية بمختلف جوانبها. ولذا، قدم شخصيات كاريكاتورية تناسب هذه الظروف مثل ` مخضوض باشا الفزعنجى` و` إشاعة هانم` وعندما منيت `آخر ساعة` بخسائر جسيمة عقب الحرب العالمية الثانية، باعها التابعى إلى `أخبار اليوم` التى أسسها الأخوان على ومصطفى أمين منذ11 نوفمبر1944، ومن ثم، انتقل صاروخان إلى `أخبار اليوم` وظهرت أول رسوماته بها على الصفحة الثالثة فى عددها الصادر يوم السبت 27إبريل1949، وظل بها حتى مماته فى 1يناير1977، وعن هذه الفترة، روى مصطفى أمين قائلاً: وفى سنه 1946 انضم صاروخان إلى دار أخبار اليوم وأصبحت صورة تنقل فى مجلات أوروبا وأمريكا، وكانت حديث العالم العربى كله.
- وكانت الصور تسخر من الزعماء والقادة. وتهزأ من الطغاة ورؤساء الحكومات وكانت صورة الكاريكاتورية فى بعض الأحيان أشد قسوة من سلسلة من المقالات`.
- وإذا كان التابعى هو ملهم صاروخان فى ` روزاليوسف` و`آخر ساعة`، فهكذا كان مصطفى أمين فى `أخبار اليوم`. إذا كان يعقد معه عدة اجتماعات فى الأسبوع، ويتناقشان فى الأحداث المهمة التى مرت بمصر والعالم، ويبدأن التفكير فى موضوعات الكاريكاتور الذى تنشره الصحيفة صباح السبت من كل أسبوع.
- وبجانب عمل صاروخان الأساسى فى روز اليوسف ثم آخر ساعة وأخبار اليوم، رسم آلاف الصور الكاريكاتورية على صفحات الدوريات المختلفة باللغة العربية: ` الجديد` 1927ـــ 1928، والمستقبل`1929ــــ1931،و`الكشكول`1929ـــ1933،و`صدى الشرق`1930، و`الصرخة`1930ـــ1931، و`الأتومبيل`1929،و` أبوالهول`1930، و` الوطنية`1929. إلخ. أما الدوريات باللغة الفرنسية:
La`، Ana Mali` 1936-1937` ، Bourse Egyptienne` 1938-1940 Le Progress`، Images`1941-1943 Le JournaI` ، Egyptien` 1942-1946 d` Egyte` 1939-1945.
- وبالإضافة إلى ماسبق أصدر صاروخان بالاشتراك مع المحامي يرفانت سيمونيان جريدة ` لاكارفان` ، أى القافلة، الأسبوعية باللغة الفرنسية منذ 31 ديسمبر 1938، وقد استمرت هذه الجريدة السياسية الاجتماعية الساخرة الفكاهية على مدى أربعة أعوام ثم توقفت عن الصدور لصعوبة الظروف الاقتصادية زمن الحرب العالمية الثانية.
- الإنجاز العظيم :
- وبعد انتهاء الحرب ، أصدر صاروخان كتاباً كاريكاتورياً أسماه ` هذه الحرب `، وكتب تعليقاته باللغتين الفرنسية والإنجليزية، ويمثل صورة بانورامية شاملة لأهم أحداث الحرب. ويعد هذا الكتاب من كلاسيكيات فن الكاريكاتور فى القرن العشرين ورائعته الكبرى وعمله الرئيسى .Magnum Opus ويؤكد هذا الكتاب على موهبة صاروخان فى أكتشاف بذرة الفكاهة فى لب الموقف السياسى، وقدرته على السخرية العنيفة من خصومه السياسيين. والمعروف أن صاروخان اتخذ منذ بداية الحرب موقفاً مؤيداً للحلفاء وتنبأ بانتصارهم النهائى. ولهذا، انتقد بشدة زعماء المحور: هتلر وموسولينى وجوبلز وجورنج. ومن ثم، تعرض إلى الضيق والحرج من بعض مؤيدى المحور فى مصر.
- أما تقنياً وأسلوبياً، فإن هذا الكتاب يجسد ` الأسلوب الصاروخانى` على أكمل وجه. إذ أصبحت خطوطه أكثر قوة وسلاسة وبساطة. وصارت تكوينات صوره ممتلئة ومتوازنة وأكثر قدرة على خلق مناخ خاص تتميز به كل صورة على حدة. وتبلور جوهر أسلوبه فى الحركة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يتكون من ` 148` صورة كاريكاتورية أساسية و`9` صور مكملات. ولعل أبلغ هذه الصور جميعاً تلك الصورة التى تصور هتلر مشنوقاً. وقد كتب تحتها` لم يشاهد العالم هذا `!.
- وعندما اندلعت ثورة 23 يوليو 1952، تحمس لها صاروخان منذ الوهلة الأولى، وأحدثت انقلاباً فى مفاهيمه الكاريكاتورية حيث تحول من أقصى المعارضة إلى أقصى التأييد. فقبل الثورة، وجه سهامه الانتقادية الساخرة العنيفة إلى أغلب زعماء الأحزاب الذين كانوا فى صراع دائم فيما بينهم. وكانت موضوعاته هى الصراع الحزبى والحكم الفاسد واستبداد الرجعية والاستعمار. وكان بطله الإيجابى الوحيد تقريباً هو ` مصر` التى صورها على هيئة حسناء، ثم تطورت الفكرة إلى ` الشعب المصرى ` مجسداً فى شخصية ` المصرى أفندى`. أما بعد الثورة، فأصبح صاروخان يمجدها ويدافع عن إنجازاتها من ناحية، ويوجه سهامه الانتقادية إلى أعداء مصر وثوارها من ناحية أخرى. وبذلك، تحول المسار الصاروخانى من ` فن الهجوم ` الدائم إلى ` فن الدفاع ` غالباً. وقد فسر البعض عزوف صاروخان عن رسم الأوضاع الداخلية المصرية عقب الثورة فى أن الصحف آنذاك لم يعد لها الاتجاهات السياسية الواضحة كما كانت قبلها. ولم يكن المحررون أنفسهم الذين يملون أفكار الكاريكاتور على صاروخان، قادرين على التصدى للأمور الداخلية بحرية بعد عام 1952 تعوقهم سياسة النظام الحاكم وسياسة الجريدة المملوكة لهذا النظام. ويدل على هذا أن رسومات صاروخان عن أزمات السوق الداخلية لم تظهر إلا بعد عام 1975 عندما بدأت فترة التعدد النسبى وعودة مصطفى أمين ورفع الرقابة على الصحف.
- ومهما يكن من أمر، فقد أبدع صاروخان فى جميع أنواع الرسم الكاريكاتورى السياسى والاجتماعى والتوضيحى والبورتريه حتى النكته أو الدعابة الكاريكاتورية. ولهذا الإنجاز، منحته اللجنة الأمريكية لرسامى الكاريكاتور المسماة ` من الشعب إلى الشعب ` جائزة ` الرسومات الكاريكاتورية من أجل السلام` عام 1960.
- وهكذا، يعد صاروخان أحد أهم رواد الجيل الأول من رسامى الكاريكاتور فى مصر. وتكمن ريادته فى تحويل هذا الفن بريشته من مجرد نكات وقفشات إلى سلاح سياسى يصيب ولا يدمى استخدمته الصحف ضد السلطة والإنجليز والأحزاب. كما تكمن ريادته أيضاً فى تمصير الفن الكاريكاتورى عندما عبر عن الرأى العام المصرى ومشكلاته وهمومه.
- ورغم ذلك، انتقد البعض صاروخان بأنه لم يقدم أى شئ للكاريكاتور المصرى على أساس أنه كان يرسم أفكار غيره مثل فاطمة اليوسف والتابعى والأخوين أمين. والحقيقة أنه مهما كانت فكرة الكاريكاتور ناجحة، إلا أنها تفقد قيمتها وقدرتها التأثيرية ما لم تترجمها ريشة ذكية حساسة، وهو ما فعله بالضبط صاروخان الذى كان فكره النقدى جزءاً من المنظومة الفكرية التى يعمل فى إطارها. كما أثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة فى الرسامين المصريين المعاصرين له والذين أعقبوه.
صاروخان الأرمنى:
- هذا هو الإنجاز الصاروخانى على المستوى المصرى. أما فى النطاق الأرمنى ـــ الذى ينتمى إليه ــــ فقد ألف خمس مسرحيات ساخرة فكاهية باللغة الأرمنية، لعل أنجحها وأشهرها مسرحية ` نحن نتحدث الأرمنية` التى عرضت مرات عديدة فى القاهرة والإسكندرية وسورية ولبنان وكندا والولايات المتحدة واستراليا. وتنتقد هذه المسرحية الفئات التى تتجاهل تراثها القومى وتقلد الأجانب فى كل شىء ، بدءاً من الحديث باللغة غير القومية وانتهاءً بتبنى العادات الداخلية. كما تبدى هذه الفئات ولعاً ساذجاً ودائماً بكل ما هو أجنبى.
- كما ألف صاروخان كتابين برسوم كاريكاتورية. أولهما ` نحن من خلال نظارتنا` يحتوى على `200` رسم كاريكاتورى ناطق تصور ملاحظاته وتحليلاته عن القيم وأنماط التفكير والهموم والسلبيات السائدة فى محيط المجتمع الأرمنى. وثانيهما ` انظر إلى أقوالك`، وفيه ترجم صاروخان الأقوال الأرمنية الدارجة ترجمة حرفية إلى رسومات كاريكاتورية تجلب الابتسام والمرح.
وكذا، أبدع الرسومات التوضيحية الكاريكاتورية لروايتين من روائع كلاسيكيات ` الأدب الأرمنى الساخر، أولاهما رواية ` الرفيق بنشونى` من تأليف برفانت أوديان وتدور حول حياة أحد الاشتراكيين المزيفين الذى أرسله التنظيم التابع له إلى مجاهل الريف الأرمنى ليدعو إلى الاشتراكية ويروج لمفاهيمها وسط فلاحين بسطاء لا يفكون الخط ولا يستطيعون استيعاب معانى الشعارات الرنانة التى يرددها. وهناك يخلق المشاكل من حيث لا توجد أصلاً، ويثير المشاحنات ويبررها جميعاً بكفاحه من أجل المبادئ الاشتراكية.
- أما الرواية الثانية فهى ` المتسولون الشرفاء` من تأليف هاجوب بارونيان، وتحكى قصة رجل ثرى جاء من مدينة طرابيزون إلى الأستانة بغرض الزواج، فوجد نفسه محوطاً بعدد كبير من الأشخاص الذين يبغون الحصول على أمواله ومنهم: الصحفى الثرثار ورجل الدين المنافق والشاعر المستجدى والمصور الفوتوغرافي المتملق والطبيب العاطل والمدرس المتجاهل والمحامى الممسخر والممثل الفقير.
- واستطاع صاروخان أن يصور جميع هذه الشخصيات فى لوحات بارعة. وجدير بالذكر أن بطل هذا العمل ` أبيسوغوم أغا ` دخل فى المعجم اللغوى الأرمنى كناية عن الرجل الثرى الساذج الذى يهمه المظاهر فقط.
- ويكلل مشواره بنشر كتابا باللغة الأرمنية بعنوان ` حول خطاياناً السبع والنصف المفترضة `، ويتحدث فيه عن عيوب الأرمن أفراداً وشعباً، ويوضح أنها عيوب إنسانية فى الواقع، تتواجد لدى كافة الأمم والشعوب بهذه الدرجة أو تلك.
- وفى النهاية، يتضح مما سبق حقيقة جد مهمة فحواها أن انتماء صاروخان قد ازدوج إنسانياً وثقافياً بين الأرمنية والمصرية، إذ كان أرمنياً بقدر ما صار مصرياً، وأمسى مصرياً بقدر ما كان أرمنياً.
بقلم : د. محمد رفعت الإمام
من كتاب : ( أحوال مصرية) 2005
41عاما على رحيل المصرى أفندى صاروخان رائد الكاريكاتير السياسى
- لم يكن ألكسندر صاروخان الفنان الشاب القادم من بلاد القوقاز مجرد رسام كاريكاتير عاش ومات على أرض مصر ، ولم يكن مجرد فنان كاريكاتير اعتيادى قرر التهكم على السياسة وأهلها بل كان فنانا وطنيا صاحب رؤية واتجاه فنى ، أهَّله ليكون رائد فن الكاريكاتير السياسى فى مصر والعالم العربى بلا منازع ، و`المصرى افندى ` شخصية كرتونية ابتكرها ليحمل على لسانها كل الانتقادات الحادة والجريئة وتقول مايريد أن يقوله فى وجه البشر والكون كله ، لذا يصف النقاد أعماله الفنية الكاريكاتير بأنها ` أصلية ` تعبر عن فن جاد ، واليوم نجد أن أعمال صاروخان الكاريكاتيرية الساخرة لا تزال تصف المشهد السياسى بصدق فى مصر والوطن العربى رغم مرور أكثر من 41 عاما على وفاته ، لاتزال آراؤه بشأن القضية الفلسطينية والقدس حاضرة حتى يومنا هذا .
الكسندر صاروخان فنان كاريكاتير عاش خلال القرن الماضى يقدم رسوماته الساخرة فى أهم الإصدارات الصحفية حتى نصبه النقاد بأنه رائد فن الكاريكاتير السياسى فى الشرق الأوسط كله ، كان يملك عينا ناقدة لما يحدث على الساحة وبرعت فى وصف المشهد السياسى فى مصر والشرق الأوسط بأكمله خلال منتصف القرن الماضى مع بداية من الأبعينيات وحتى آواخر أيام وفاته فى أواخر السبعينيات عام 1977 ، وهو ما يكشف عنه معرض الفنان الراحل المقام داخل قاعة ` المسار ` بحى الزمالك ، حيث يطرح المعرض رؤيته التاريخية وسرده لعدد من أهم الأحداث السياسية المرحلية التى عصفت بتاريخ مصر وسياستها الداخلية الخارجية ورصده للأحداث العالمية من 1957 الى 1977 من خلال 35 عملا أصليا نادرا ومتفرد تمثل سردا للأحداث المتعاقبة خلال فترات سياسية أثرت على تاريخ مصر السياسى ، لوحات تكشف عن تفاصيل فترة رئاسة الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات ، تقوم بسرد لأحداث تمت منذ عدة عقود ، لايزال الكثير منها داخل دائرة النزاع حتى يومنا هذا .
فنان الكاريكاتير الراحل ألكسندر صاروخان جاء الى عالمنا فى 1 أكتوبر 1898 ببلدة `أردانوش ` وهى بلدة أرمنية بالقوقاز ثم انتقل مع والديه إلى مدينة `باطوم `على شاطئ البحر المتوسط وهناك تلقى تعليمه فى مدرسة روسية وفى عام 1909 انتقل مع اسرته الى ` اسطنبول ` حيث واصل دراسته فى مدرسة `مخيتاريان ` الأرمنية . فى عام 1915 أنهى صاروخان دراسته ، وبعد فترة الحرب العالمية الأولى اضطر أن يعمل مترجما للغات الروسية والتركية والإنجليزية بالجيش البريطانى للحصول على قوت يومه .
بعد دراسته للفن بأكاديمية الفنون بفيينا ، انتقل ليعيش بمصر عام 1923 تلبية لدعوة محمد التابعى أحد الناشرين المصريين ليعمل فى مجلة تدعى ` الجريدة المصورة ، ورغم أنه لم يصدر من هذه المجلة سوى عددين فقط ، بعدها عمل مع السيدة فاطمة اليوسف وكانت تريد إحداث طفرة لصفحات مجلتها الشهيرة التى حملت اسمها الفنى ( روزاليوسف ) فى عام 1932 ، قررت مع رئيس تحريرها محمد التابعى أن يبتكرا شخصية كاريكاتيرية تنطق برأى المجلة وتوجهاتها الفكرية والسياسية ، قرر معا أن يبتكرا شخصية نمطية كاريكاتيرية تعبر عن العقل والمزاج العام للشعب المصرى ، ولأن صاروخان لم يكن يعرف شيئا عن الشخصيات المصرية ، ولم يكن يعرف حتى اللغة العربية اقترحت روزاليوسف اقتباس صورة للرسام الإنجليزى ( ستروب ) كانت منشورة فى الديلى إكسبريس . وهى صورة لرجل قصير يضع على رأسة القبعة ويمسك فى يده مظلة ، وقام التابعى والسيدة روزاليوسف بتحوير هذه الصورة ، فرفعت القبعة ووضع مكانها ( الطربوش ) وبدل المظلة ووضعت مكانها ( السبحة ) لتخرج إلى النور شخصية ( المصرى أفندى ) فى كاريكاتير صاروخان لتعبر عن طبقة الموظفين فى مصر ، ولعبت دوراً هائلا فى السياسة المصرية فى ذلك الوقت وخاصة فى المعارك مع الزعماء ورجال السياسة تنطق بلسان حال الموطن البسيط .
نجاح ` المصرى أفندى ` حددت مصير الرسام الشاب ، الذى اتخذ من مصر وطناً ثانياً له ، ولمعت موهبته وأصبح فيما بعد رائد الكاريكاتير السياسى فى مصر ، وصل بعدها الى حالة من النضج الفنى ، يده قوية ومتينة ، يلعب الخط الواضح القوى لديه دور أساسى فى بناء ملامح وجه ` الشخصية ` التى يرسمها ، كذلك فى تصميم باقى ملامح الجسد ، وفى عام 1934 انتقل إلى `اخر ساعة ` واستمر يعمل مع الصحفى الكبير محمد التابعى لمدة 12 عاما وفى عام 1946 أصبح صاروخان رئيساً لقسم الكاريكاتير السياسى بجريدة ` أخبار اليوم ` وبحلول عام 1952 عمل بجريدة ` الأخبار ` فى نفس الوظيفة واستمر فى عمله بهاتين الصحيفتين الكبيرتين حتى مماته فى أول يناير 1977 .
كتب عنه الفنان حسين بيكار من قبل كلمات تعبر عن لحظات الإبداع الخاصة به حيث ظلا سنوات يجلسان متقاربين ، المكتب بالقرب من المكتب ، القرب خلق فرصة ذهبية أتاحت له قدرا من المعرفة أبعد من مجرد زماله عابرة أو صداقة مهنية ولقاءات متقطعة على حد قوله ، متابعة ما يصوره `صاروخان ` فوق صفحات الجرائد والمجلات لايقارن بإدراك لحظات الإبداع والمخاض الفنى عن كثب ، قائلا :` ملامسة الطاقة الخلاقة الهائلة التى تحرك هذه الخطوط والرسوم العبقرية وتجعلنا نضحك من الأعماق .. لا يمكن أن يمحى من الذاكرة مشاهدة صاروخان وهو فى حالة ` رسم ` او حالة فنية ` وضع فنى ` ومراقبته وهو يرسم شخصياته فى مختلف الأوضاع وشتى الانفعالات النفسية ..والتى يصفها ` بيكار بأنها : `حالة من حالات الاستغراق الإبداعى والصاخب أحيانا ` خاصة عندما يدور حديث جدلى بين الرائدين العملاقين .. رخا وصاروخان .
ويحكى الفنان بيكار بقوله : ( كانت مرآته الصغيرة التى لاتبرح مكتبه ، هى ملهمته الأولى فى اقتناص مختلف الانفعالات النفسية ، كان يقوم بدور الممثل والمخرج والمؤلف .. والمتفرج أيضا فى آن واحد عندما يواجه المآة ويحرك كل عضلة من عضلات وجهه ليحصل على التعبير المناسب .. فتارة ضاحكاً ، وتارة ساخطاً ، وتارة أخرى باكياً .. وخاصة عندما يرسم وجوه زعماء الحركة السياسية المتشنجة التى تكاد رسومهم تتحول الى أصوات صارخة تنطلق من صفحات المجلات وتدوى حتى تزلزل المكان .. ) ، فكانت رسوماته أقرب الى الرسوم المتحركة التى ابتدعتها سينما القرن العشرين تتسم بالديناميكية العارمة تحرك كل خط يرسمه وتحوله الى نبض متفجر ، وحركة صاخبة لا تعرف الاستقرار .
فى حين يرى الفنان جمعه فرحات صاروخان بشكل مختلف فهو كما يصفه بأنه فنان ` عبقرى ` أخرج فن الكاريكاتير من دائرة الرسم الكلاسيكى واتجه به الى دائرة الفن الحديث ، وكما يقول ` جمعه : جاء بعنفوانه ، بخطة القوى والحركة التى تضع فى رسومه بدرجة لم يألفها الكاريكاتير المصرى من قبله .. ` فرسوماته كما يراها : ` لن تشيخ أبدا ..خطوطها دائبة الحركة فى رصانة قوية أو ضعف لين ، أما شخوصه هى تعبير دقيق عن روح الشخصية ، لا مجرد محاكاة لمظهرها ، كأنها صورة فنية لكنها كاريكاتيرية ، ولا تملك نفسك ساعتها إلا أن تبتسم .. `
نجح الفنان ` صاروخان ` فى كتابه ` هذه الحرب `الذى خطته ريشته ضد الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية أن يثبت للجميع أنه ليس رساما فقط ، وانما هو بالتأكيد رسام ومفكر صاحب رؤية وإن أفكاره تنم عن ثقافة عالية وموقف إنسانى واضح ورأى سياسى ، وهو أيضا كما يرى `جمعة ` مصور من الدرجة الأولى يعرف كيف يصمم لوحته ، ثم يعرف كيف يلونها ، وهو فوق ذلك مصور تشخيصى على درجة عالية من الاحترافية ، ويظهر هذا فى رسوماته للشخصيات والبورتريهات التى أبدعها .
فى حين نجد د. مصطفى الرزاز يصفه بقوله ` العظيم ` حيث يرى أنه شخصية نجحت فى اختراق المناخ السياسى والاجتماعى والإعلامى فى مصر طوال خمسين عاما وعبرت عن قضايا الوطن الذى اختاره كما عبر عن قضايا العالم المضطرب إبان الحرب العالمية الثانية من منظور إنسانى عالمى فى مقابل التعبير عن أحوال السياسة والديمقراطية المصرية فيمات قبل ثورة يوليو 1952 خاصة فى الفترة من 1946 الى 1952 ، جاءت لوحاته ذات النكهة الحريفة قوية فى نقدها السياسى وجسارتها ليصبح هو ذاته من أهم نتاج المناخ الديمقراطى الذى كان يهاجم سلبياته بكل عنف وحرية ، ويضرب مثالا بشخصية ` المصرى افندى ` التى ابتكرها لتمثل ضمير الموطن المصرى الساخر المغلوب على أمره ، قلمه وفرشته يتمتعان بطلاقة وتمكن مدهشين ،استخدامه ألوان تضفى على لوحاته إضاءة درامية معبرة ولدية قدرة خارقة على اختزال القضايا والأحداث فى أيقونات بصرية تجسد خلاصيته ورأية فيها . يتمتع بفرادة وانسيابية تعبيرية وحس أدبى رمزى غير مسبوق . لذا تعتبر أعمال الكسندر صاروخان تراثا مصريا يجب أن يحظى بوجود متحف فنى يحمل اسمه يجمع أعماله ويعرضها حتى يتمكن الباحثون والدارسون من الاضطلاع عليها ودراستها علاوة على التصنيف والتوثيق .
أمانى عبد الحميد
المصور : 2018/1/17
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث