عروس المولد فى ثوب جديد

-عروس المولد المصرية الشهيرة المصنوعة من السكر والتى عرفتها مصر على أيدى الفاطميين منذ عشرة قرون .. تحاول الآن فنانة هى سهام على أن تقدمها فى ثوب جديد يضيف إليها لمسات العصر وأدواته ولكن دون تغيير لجوهرها ومعالمها المتعارف عليها وإن كانت مادتها الخام من الخشب بدلا من السكر .. وقد طرقت الفنانة سهام علة موضوع العرائس كعمل فنى متكامل ، وطرقت به مختلف الموضوعات بتقديم العروسة للتعريف بطبيعة مصر .
- وتقول الفنانة سهام على أن العروسة تقوم دور تربوى كعمل إبداعى يرضى ميول البنات نحو اقتناء عروسه يشبعن فيها نزوعهن لغريزي للأمومة وهى أيضا امتداد لموضوع قديم قدم التاريخ مارسته البشرية على اختلاف حضاراتها وثقافاتها واختلف فيه دور العروسة تبعا لظروف كل عصر بدءا من أعمال السحر والشعوذة أو تسجيل المشاهد اليومية ولكل بلد من البلدان العريقة ذات العطاء الفنى نوعيات من العرائس لها طابع خاص متميز وأصيل .
- أما عن الخامات التى استعملتها الفنانة سهام على لعمل العروسه فهى تختلف باختلاف الموضوع مثلا العروسة المشخصية ` البورترية ` من الطين والعروسة التى تمثل الأعياد والمناسبات مثل وفاء النيل أو عروسه المولد أو حصان المولد .. فهى إما من الخشب لأنه يقبل النحت ، وإما من خامات أخرى حتى يمكن تزيينها وزخرفتها بالترتر والألوان وهناك العروسة القماش المحشية قطن فهى تمثل المناطق المختلفة مثل عروسه النوبة وسيناء وسيوة ، وأحيانا تستخدم عجينة الورق فى إبراز التعبيرات الدقيقة للشخصيات .
- وأخيرا نرجو من وزارة الثقافة الاهتمام بإقامة متحف دائم للعروسة المصرية حتى يستطيع كل زائر لمصر أن يتعرف على عاداتنا وأزائنا وأعيادنا القومية .

بقلم : نيرة حمدى

جريدة الأهرام -1986

عروسة المولد .. أشهر العرائس الشعبية
باعتبارها رائدة فى فن العرائس طرقت سهام على ميلاد كل الموضوعات ومن منطلق حبها لمصر غطت رائدة فن العرائس الحياة المصرية بكل معالمها وقد أحبت سهام على مصر وحياة أهلها البسيطة بكل جوارحها .. وكان اسم معرضها فى عام (1981 ) ترينحة فى حب مصر إشارة إلى هذا الحب . وحصيلة حياة سهام على الفنية مسجلة فى المتحف الدائم للعرائس فى منزلها بمصر الجديدة .
- من العروسة الشخصية إلى الأساطير القديمة
فى المتحف الدائم للعرائس .. العروسة الشخصية التى تمثل شخصيات عاشت بيننا وأثرت حياتنا الثقافية ( توفيق الحكيم ، أم كلثوم ) أو السياسية ( السادات ) .. ثم هناك الأزياء الشعبية لجميع محافظات مصر مرورا بالوادى الجديد فسيوة إلى سيناء الشرقية فموسى مطروح ثم
الإسكندرية .. الخ .
وعلى المستوى التاريخى والأسطورى نجد تجسيدا للعادات والتقاليد الشعبية التى تلاشت واندثرت والتى كان من الممكن أن تزيد المرح والبهجة فى حياتنا لو استمرت . فليلة الحناء وزفة العروسة من تقاليد الأفراح والأعياد المصرية التى تجد مقابلا لها فى الأساطير القديمة لأبى زيد الهلالى والزناتى خليفة .. الخ .
- عروسة المولد
ولم تكف سهام على بالعروسة البورترية والعروسة الأسطورة فوظفت العروسة بحيث أصبحت شكلا جماليا شمعدانا وفسقية .. توضع فى ركن من البيت فتشبع فيه شيئا من البهجة والأنس ، ثم اصبح اهتمامها الكبير فى أن تصنع عروسة تمثل مصر وتميز من بين كل عرائس العالم . وكان أن هداها تفكيرها إلى ` عروسة المولد ` .. حيث تتمتع هذه العروسة بشخصية مميزة وهى احدى خصوصيات الفن الشعبى .
- الطبيعة والأصل
واهم مصادر سهام على هى الطبيعة والأصل وان كانت تنتقى المعلومات من الكتب والمجلات الدورية المتخصصة ومن بينها تلك الكتب والمجلات التى أصلت تاريخ العروسة المصرية .

جريدة عمان -1990

فى متحف سهام ميلاد :
لكل واحد عروسه حتى حمار الحكيم !!
- عندما تدخل بيت الفنانة سهام ميلاد فأنت فى أحضان مصر .. البيئة المصرية مجسمة ومجسدة أمامك .. تكاد تلامس الأشخاص ، وتشم رائحة الأمكنة .
- سوف تجد نفسك فى جولة بين أحياء مصر العتيقة ، وسيلتك هى عربة حانطور من محطة مصر ، وسوف تتأمل كثيرا تفاصيل دقيقة فى الحانطور واسطى الحانطور وكرباجه الشهير قبل لحظة الإنطلاق ، بعد قليل ستجد نفسك على مقهى شعبى بجوار ابن البلد الذى جلس يدخن الشيشة فى استمتاع غريب ، لتفاجأ بفرقة حسب الله بزيها الكاكى وآلاتها النحاسية تعلن عن ليلة عرس فى الحى ، إنها ليلة الحنة .. وسيدهشك منظر العروس ، وقد تدلت قدماها فى إناء الحنة ، واضعة - كما تقول الأسطورة - تحت لسانها قطعة سكر حتى لا ينطق لسانها أمام زوجها إلا بكل ما هو حلو وجميل .
- وعندما تتأمل أعمال الفنانة ستجد نفسك تجوب مدن مصر وقراها .. وسيلفت نظرك تنوع الأزياء وثرائها واختلافها ، من الواحات إلى سيناء إلى النوبة ثم أنك ستفرح بتأمل ملامح توفيق الحكيم بعصاه الشهيرة ، وابتسامته الساخرة ، وتستمتع برفقة يحيى حقى ، وتتذكر أيام الست أم كلثوم .!
- كل ذلك أبدعته بالدمى والعرائس الفنانة سهام على ميلاد التى صفق لها العالم ومنحها الجوائز .. ونحن فى مصر لا ندرى عنها شيئاً .
-وسهام ميلاد خريجة المعهد العالى للفنون الجميلة عام 1950 ، بدأت بتدريس ما كان يسمى بالثقافة النسوية ، وفى أثناء ذلك اكتشفت بالمصادفة فن العرائس فتعلقت به ، ولاحظت أن تلميذاتها استهواهن هذا الفن بالذات .. وأنهن كن يتفنن فى تزويق العروس ، من أول تفصيل الفستان لها إلى تعليق الحلق ، حتى وضع المساحيق .. لأن العروس تحرك داخل البنت غريزة الأمومة .
- وكانت أول بادرة تشجيع لها حصولها على الجائزة الأولى فى مسابقة لفن العرائس أعلنت عنها ` أخبار اليوم ` فقد فكر على أمين فى نموذج لعروس .. يصلح لإهدائه لأطفال الملاجئ وراقت لسهام ميلاد الفكرة ، وأنجزت العروس التى تعتبرها حتى الآن من أهم ما أبدعته .
- بعد ذلك بدأ فن العرائس يستحوذ على اهتمامها ويملك عليها حياتها ، رغم أنها تبدع فى مجالات أخرى مثل فن البورترية ، فبدأت تقرأ وتدرس وتجوب مصر تعايش على الطبيعة الشخصية المصرية ، تحفظ ملامحها ، وترصد سلوكها ، وتدرس أزياءها ، وتهتم بعاداتها وتقاليدها ، حتى ما انقرض منها ، وامتد اهتمامها إلى الأساطير المصرية ، والملاحم الشعبية ، كانت تتوق إلى الوصول بهذا الفن إلى مستوى عالمى .
- ولذلك . وكما تقول سهام ميلاد - فإن هذا الفن بالنسبة لها على الأقل - من أصعب الفنون .. لأنه يحتاج إلى دراسة العمل الفنى أو الموضوع أو الشخصية التى ستقوم بتنفيذها . ويتطلب أحياناً الإهتمام بتفاصيل دقيقة تبرز ملامح أو خصوصية الشخصية ، أو البيئة التى تعيش فيها ، وهى فى كل الأحوال لا تنقل الواقع ، وإنما تضيف إليه من خيالها وفنها ، وتستعين بمدارس مختلفة فى الإبداع والتصوير .. بحيث تمنحك فى النهاية خلاصة فكرها عن الموضوع أو الشخصية .
- ومن أجمل العرائس التى صورتها سهام ميلاد ، وأكثرها رومانسية ، عروس الشاطر حسن وقد خطف ست الحسن على فرسه الأبيض أو الفضى .. وأنطلق على هيئة سهم مارق .. فهو ليس فرساً حقيقياً ، ولكنه فرس أسطورى ..!
- أما الذى يساعد الفنانة سهام على إبداع العروس ، فهو أنها فنانة ` برونزية ` ولا تهتم برسم بورترية للشخص بقدر اهتمامها برسم بورترية للشخصية ، والتعبير عن أخص سماتها النفسية والروحية وهذا واضح مثلاً فى العروس التى أبدعتها سهام ميلاد لكل من توفيق الحكيم وأنور السادات وأم كلثوم ..!

بقلم : محمد مرسى

نصف الدنيا -1994