`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
أمير شوقى وهيب جريس
لوحات أمير وهيب خرجت من الحجرات المغلقة
- ضوء شاحب .. وساعات بلا عقارب ونساء وحيدات .
- ولان كل حركة فنية صحية يجب أن يكون فيها هؤلاء وهؤلاء فان تنافس بعضهم لبعض يصهر ويؤكد الموهبة الحقيقية .
- ومن هؤلاء الحقيقى الموهبة الفنان الشاب أمير وهيب الذى تشهد القاهرة معرضه الحالى بقاعة `اكسترا ` الزمالك كرابع معرض فردى يقيمه فى التصوير..
- ولأنه درس العمارة الداخلية سنلاحظ أن لوحاته غالبها الأعظم تصور داخل أماكن مغلقة بين أربعة جدران كصندوق مغلق حتى أن السقف وأرضية الغرفة تظهر فى بعض اللوحات مثل `الطابق الثالث عشر `..`جومان مارايا `..`بلكونة نيفين`.. ` الزمن ` .
- ودائما فى لوحاته هناك لمبة إضاءة داخلية تتدلى من السقف .
- ودائما فى لوحاته نساء وحيدات ..
- ودائما فى لوحاته شجن حتى ولو لم يوجد بشر ..
- ودائما فى لوحاته أبواب تؤدى للمرات أو أبواب أخرى وهكذا ودائما فى لوحاته لا تظهر ما فى الخارج ..
- وبسبب الدراما الداخلية التى أوجدها فى لوحاته .. ورسمه الحالة النفسية بشخوص الحاضرين أو الغائبين عنها لذا نلتقى دائما فى اللوحات بتعبيرية عالية فى اللون والأجواء لتتراوح لوحاته بين تعبيرية المكان .. ودراما المكان والإنسان وأقصد بدراً المكان تلك الأجواء التى تتشكل بشجنية المكان وكأن الجدران هى جدران بشية الملمس ملتصقة بها بصمات وأنفاس أناس غير موجودين .. وكذلك الأثاث القديم ولمبات الإنارة العاجزة والنوافذ التى لا تدخل إلا قليل الضوء والأبواب المفتوحة على دهاليز مظلمة ملتوية .. حتى أن خطوطه ليست هندسية أنما هى خطوط حية ملتوية فى تلقائية بلا استواء وهو الفنان الدارس للعمارة الداخلية .
- كذلك ترى أكثر من عمق منفذ فى لوحاته فلا توجد لوحة مصمتة بلا نافذة أو باب مفتوح حتى لو لم يؤد الا طرق ملتوية وأبواب أخرى ..
- ولكن الهام فى لوحات أمير وهيب والذى نلاحظه هو ذلك التكامل بين الشكل والمضمون ..أنه على قدر اهتمامه بعمارة الإنسان الداخلية أيضا .. فنرى الإنسان وفى اتساق مع المكان يظهر وحيدا ..جسد قائم بذاته .. بأعضائه الخارجية شبه المتهاوية تنبئ عن هيكل داخلى غير مثالى وغير مستقيمة خطوطه مما يجعل هذا الإنسان منسجما وخطوط عمارة المكان .. كلاهما متهاوى الخطوط .. فانسانه متهاو النفس وحيد اشد وحدة مما توحيه الأبواب المفتوحة (رغم انفتاحها) التى لا تقود إلا إلى ممرات خاوية.. فباب أخر ..فممر .. فنافذة لا تظهر من وراءها شئ .. كأن عالم لوحاته وإنشائها الوحيد محاصر بمتاهات نفسية ومكانية كالمتاهات اليونانية .
* ساعات بلا عقارب :
- ومما يزيد من هذا الإحساس تلك الساعات بلا عقارب فالزمن هنا غير هام وغير محققة.. والمحقق هو الإحساس عبر فراغ وكأن إحصاء الزمن لن يضيف شيئا الإنسان الشديد الوحدة والشجن ومن يخفف عنه شئ ولن يضيف شيئا للمكان أن كان صباحا أو مساء أو عصرا.. فهو مكان مغلق على من فيه رغم النوافذ والأبواب كمكان ملقى فى الكون قائم بذاته بين تلك الجدران عضوية الإحساس المثيرة للشفقة .
- ونرى الفنان يهتم بالسقف والأرضية والجدران كلها كأنها أعضاء أنسان حى ويجب أن تكتمل لتكمل حالة نفسية واحدة تعيشها اللوحة كدائرة متصلة تزيدها شجن تلك المنافذ البلا نهاية لترد إلى النظر مزيد من الإحساس بسجن الوحدة الداخلى.. وهذا السجن الفاقد للزمن فى لوحة `تورتة عيد الميلاد` وترى امرأة وحيدة مبتأسة تطفئ بمفردها شموع التورتة وهذه الشموع رغم أنها إحصاء لعدد سنوات عمرها إلا إننا نشعر أنها امرأة ملقاة فى منطقة لا زمنية بلا سنوات وجسدها نفسه يوحى بما أصابته الوحدة من اهتراء رغم عدد الشمعات الذى لم يكمل الثلاثية شمعة.. لذلك فى لوحته `خلف الباب ` نرى امرأة من داخل غرفة تقف خلف باب مفتوح تنظر إلى ظل إنسان يستعد للخروج خلف باب شقة مقابل وظل ثالث يظهر على السلم.. لكنهم شخوصه لا يلتقون.. فان كانوا يشعرون بالوحدة ويتوقع بعضهم البعض إلا أن احتمالية لقائهم غير ممكنة وكأن الوحدة كتبت عليهم جميعا فرادى فى انفصالهم البشرى وعدم تواصلهم لا الجسدى أو الروحى وهذا تعبير من الفنان عن إنسان اليوم ذلك الجزيرة المنفصلة عن الآخرين
- وهذا المناخ النفسى بين الجدران الأربعة كالسجن الذى صوره الفنان بإحساس عال نرى فيه السجن الأكثر تأثيرا وهو السجن داخل النفوس نفسها .. سجن خاص داخل جدران شخصياته خاصة فى لوحة ` جومانا مارايا ` فرغم أنها تقف فى مكان متسع ومنه منفذ باب حاملة صينية فوقها كوبية إلا أن نظرتها ووقفة جسدها غير المتحمسة تؤكد وحدتها ويغلب علينا الإحساس أنها وضعت الكوب الثانى خداعا للنفس ..حتى لون اللوحة هنا بالأخضر والأزرق معا يرفع من حرارة تلك الوحدة الموحشة برغم تدلى لمبة من أعلى مضيئة بلون أصفر يؤكد شحوب النفس وشجوب المكان بمحتوياته خاصة تلك المقاعد الشاغرة.. وتذكرنا لوحاته هذه بأعمال المدرسة الألمانية وهى أكبر المدارس التعبيرية فى تاريخ الفن بشحنتها التعبيرية الهائلة وريادها فى الغوص داخل النفس البشرية .
- أما لوحاته البلا بشر مثل ` الثلاجة ` نرى فى اللوحة جهاز موبيليا يحتوى ساعة ضخمة بلا عقارب والى جواره تقف ثلاجة كأنها سيدة مسنة تقف إلى جوار دولاب الساعة العجوز البلا عقارب فى فلسفة عميقة لبلا جدوى الزمن مع هذه الأجهزة المسنة ويظهر فى اللوحة ممر ضيق ملتو فى نهايته ضوء ضعيف باهت يتلصص على هؤلاء وفى ذات الوقت يبدو ذلك الضوء الشاحب فى حالة انسحاب من ذلك المكان العجوز عبر الممر الضيق ولم يبق لنا غير أذياله .. كذلك حين رسم لوحته `الكوبرى ` رسمه لكوبرى حديدى عجوز متهاو بفعل ضربات فرشاته المتقطعة الرمادية وكأن على أشياء لوحاته أصابت الشيخوخة فى حالة انعدام الزمن وفراغه فيما عدا ألوان التى لم تصبها فهى ألوان حية صريحة لكنها أيضا شاحبة لتبدو وهى فى قمة حيويتها ونضارتها فى غاية الشحوب .. وهذه مفارقة غريبة إلا أنها تكشف عن الخواء بالداخل عما بداخل عمارة اللون نفسه من شجن ووحدة تتفق ووحدة الإنسان داخل المكان المحاصر بدقات عقارب خلعت عن الساعة ونزعت عنها لكنها مازالت مختبئة وراء الجدران تدق .. ولتذكرنى بساعة وليم فوكنر التى جاء ذكرها على لسان بطلة ` كونتين ` فى رواية الصخب والعنف : ` كانت تلك ساعة صبرى وعندما اهدانى إياها أبى قال : كونتين أنى أعطيك ضريح الآمال والرغبات كلها .. وأنه لمن المناسب أن تستخدمها حتى الآلم لتكسب النهاية المنطقية الحمقاء ` ..
- هذا هو المناخ الذى حتما دارت داخله أحداث صخب وعنف أمير وهيب وصخب وعنف كونتين فى قوله : ` أنى أعطيك اياها لا لتذكرنى الزمن بل لكى تنساه بين أونه وأخرى لأن ما من معركة ربحها أحد .. لا بل ما من معركة حارب فيها أحد ثم يقوم بكسر عقربى الساعة ولكنها تستمر فى التكتكة تحصى الزمن ولا تشير إليه فى أن واحد ` .
- أن لوحات الفنان الموهوب وهيب لهى لوحات حقة .. تثير فى نفسك شجون وتمتع عينك بقيمتها التشكيلية وألوانها وتكوينها وبعمارتها الداخلية وعمارتها النفسية .. فلوحاته هى بيت قديم حامل أنفاس ساكينية لكنه لا يتهاوى بل يستمر هكذا شاهدا على حياة من مروا عبره حتى دون أن يكونوا حاضرين .. فجدرانه أكثر إنسانية على أصحابها من الآخرين الذين لا يلتقون ابدا .. وليست الجدران فقط بل المقاعد ولمبات الإضاءة والنوافذ والأبواب مشاركة للشخوص وتأتنس بها الأخرى وتستمر فى اللوحات هكذا حياتهم جميعا معا .. حتى الألوان هى أنفاس من مروا من تلك الغرفة أو الممر أو نظر من النافذة .. كلها ملونة بالأنفاس كثيفة الدرامية والإحساس والحياة .
- هذا ما رأيته أنا وشعرته فى لوحات أمير وهيب .. أما ما يقوله فكان ردا منه عن تساؤله عن فكرة البورترية بالنسبة لى هو ` الأنا ` وخير من يمثل ` الأنا ` فى عالم الفن هو الفنان التشكيلى خاصة المصور وليس النحات ` ..
* عشق الكراسى
- وعن اللمبة فى لوحاته وفى لوحة البورترية يقول : ` أحب ارسم اللمبة لأنى احب أكون متشاف وشايف الآخرين .. وأى مكان عندى لازم من اللمبة المنورة ` .
- ويقول عن كرسى لوحاته : ` اكتشفت أن لكل كرسى وظيفة وأهمية فائقة لكل أنسان والدنيا ما هى إلا كراسى والناس تتجنن للوصول له والجلوس عليه وهو بالنسبة لها سلطة ووجاهة وللبشر كالكراسى وتتنوع مثلهم ما بين كرسى المكتب والحلاق وطبيب الأسنان والمطعم والعربية والطيارة والبلاج وحكم التنس والمساج وكرسى الإعدام ولكل كرسى زمان ومكان واستخدام يخضع له الإنسان وعن مناظره الداخلية لعمارة اللوحة يقول الفنان الشاب ` أرى أنه حين نصمم عمارة نصممها من الداخل فالعمارة هى حيز داخلى والإنسان طوال عمره منذ سكن الكوخ يحمى نفسه بها كبذرة تضع نفسها داخل مكان ضد مخاطر الطبيعة داخل أربعة جدران ` .
-وعن شخوصه يقول كما يرسم : `احب ارى الناس من جوه مش من بره` ..
- وعن وحدة شخوصه :` الوحدة تشغلنى دائما ` .. ودائما يقولون الإنسان شخص اجتماعى وأنا جربت الوحدة وجدت عادى جدا أناس يعيشون لوحدهم ولا يشعرون بوحدة فالوحدة ليس معناها أن شخصا يعيش لوحده .. قد يكون وسط ألف شخص لكنه وحيد `
- ولكنهم شخوص تعساء .. فيقول : ` أنا متعاطف مع الآخرين وفكرى أن بفنى قد اسعدهم ولماذا يسعد الإنسان بالفيلا والعربية ولا يسعد بالصورة ` .
- هذه أفكار ولوحات فنان شاب جاد وموهوب وله وجهة نظر خاصة تجاه فنه والحياة وأسلوبه الباحث مع لوحاته وداخل أماكنها المغلقة سيصل به إلى مناطق أبعد بكثير من تلك الحجرات المغلقة.
فاطمة على
أخبار النجوم - 2000
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث