`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
ثريا محمود عبد الرسول
علامات على فن الجرافيك المصرى الحديث (3) ثريا عبد الرسول 1929
- درست بالمعهد العالى للتربية الفنية للمعلمات حتى عام 1950 وفى معهد السنترال بلندن عام 1956 ومدرسة سان مارتن بلندن عام 1961 وأكاديمية الفنون التطبيقية ببودابست المجر حتى عام 1970 وفى كلية التربية الفنية جامعة حلوان بالقاهرة ، حيث درست فن تصميم وطباعة الكتاب والجرافيك وطباعة الحروف والأشغال الفنية والشعبية.
تتعامل ثريا عبد الرسول كفنانة جرافيكية مع تقنيات الحفر فى مشمع اللينوليوم والحفر الحمضى فى النحاس والزنك ، سواء بطريقة الزنكوغراف التجارية او بالحفر الحمضى فى معملها الخاص.
وتميل عند الطباعة إلى توظيف ذات القالب كقالب للطباعة الغائرة ، حيث تطبع الأخاديد والمساحات المحفورة على الورق ، أو كقالب للطباعة البارزة ، حيث تستخدم (رول) المطاط فى تطبيق أحبار الطباعة البارزة على السطوح العليا للقالب وبصمها على الورق ، ومن ثم نرى نفس اللوحة وسلبيتها كل مطبوع على حدة.
هذا المنهج الطباعى كان له توجيهه على تصميمات الفنانة ، فهى فى حاجة إلى نوعية من التعادلية بين الموجب والسالب فى التصميم لتضمن صحة وسلامة وكمال كل منهما ، ومن ثم اعتمدت على الخطوط الدقيقة فى التهشير بخطوط متوازية داخل مناطق محدودة بإطارات - جامات - ولعبت بتخانات الخطوط للتمييز بين درجات الأهمية ، كما اعتمدت على تبادل المساحات البيضاء مع السوداء وتكثيف كل منها فى مناطق معينة لضمان التوازن الذى الذى يسمح بالرؤية المزدوجة فى الحالتين الطباعيتين البارزة والغائرة . وهى تستخدم الخطوط كمن يطرز بخيوط الحرير الدقيقة ، وتندر فى أعمالها المساحات البيضاء الخالصة أو السوداء إذ تميل إلى تزحف خطوط دقيقة على رقعة الأسود ، ووشى خطى متنوع بالأسود على السطوح البيضاء والسوداء . وعلى الرغم من أن بداياتها المبكرة إثر التخرج عام 1950 حيث كانت مصورة واعدة ، إلا أن تجربة التصوير والتلوين والدرجات الظلية ، والمنظور ، لم تجد لها ثمرة فى أعمالها الجرافيكية المطبوعة ، فقد اختار منهج التكوين الشرقى الأقرب إلى السجادة منه إلى ( التابلوه ) ، اختارت الأشكال والتكوينات ذات البعدين مسطحة لا التفاف ولا منظور فيها واختارت المنهج التصفيفى الذى يميز تصميم السجادة أو تصميمات طباعة نسيج الأقمشة الشرقية التقليدية ، وأخذت منها منهج تقسيم المساحة إلى ( جامات وحشوات ) متفاوتة المساحة والاتجاه ، تقسم بها التكوين الكلى ثم تشغل كل منها بتفاصيل وعناصر ذات نوعية خاصة.
وخصوصية أخرى تميز مطبوعات ثريا عبد الرسول ، تكمن فى اختيارها للون الأسود الصافى ، ومعه أحياناً الذهبى أو الأحمر أو الأزرق فهى لا تستخدم (القلافونية ) لتحقيق تنويعات ظلية ( الأكواتنت ) ، ولا تخلط الألوان والأحبار الطباعية للحصول على الألوان والأحبار الطباعية للحصول على الألوان ( المطبوخة ) التى تميز أعمال معظم الجرافيكيين ، من البنيات والزيتونى والزيتى والطوبى وما إلى ذلك من درجات لونية مركبة. ومن ثم فإن أعمالها عبارة عن حوار ثنائى بين الشكل والأرضية يربط بينهما الوشى الخطى والتهشيرات الإيقاعية الزخرفية بلون مباشر غير مخلوط.
ولأنها تتحاشى المنظور فإنها تلجأ فى الأغلب إلى الأوضاع الجانبية فى تصوير الشخوص والوجوه والأطراف كالأيدى والأقدام ، وفى رسوم الطيور والحيوانات كذلك ، وفى لوحة الذهاب إلى السوق يتضح أسلوب الحفر الخطى على مسطح أسود وتجليات الخطوط تصور الشخوص والخضراوات والأوانى والنباتات ، وكالتطريز على رقعة القماش لا تترك فى اللوحة مساحة واحدة سوداء ولا بيضاء ، ثم تؤطر اللوحة بإطار أشبة بأفاريز التحديد للسجاد والكليم وفى أسفل وأعلى التصميم ما يشبه الشرابات فى السجادة.
وهو أسلوب أقرب إلى الحزوز الخطية الإيقاعية المخدوشة على طبقة من أكسيد المنجنيز فوق أوانى الأتروسك والإغريق ، وزخارف الأفارقة المخدوشة على ثمار القرع بعد صباغتها بلون قاتم ، هى تدريبات على الإيقاع الحركى للخطوط واتجاهاتها وتداعيات توالد الوحدات والزخارف وكثافاتها.
أعمالها بذلك وفى أغلبها تتحاشى التعبير عن بيئة بعينها من خلال ملامح مميزة ودالة كالأهرامات أو المراكب الشراعية أو بيوت القرية أو ما شابة ، ولذا فقد تنتسب إلى الهند أو إيران أو مصر أو المغرب أو اليمن بنفس القدر ، حتى الأوانى أشبه بالسلال الموجودة فى كل مكان بعيداً عن ( القلة والبلاص ) المصريين ، والنباتات كذلك هى ليست نخيلاً ، والثمار ليس بطيخاً أو جوافة أو جميز ، أنها أوراق شجر وثمار موجودة فى كل مكان ليست بلا ملامح تعريفية ومن ثم فإن أعمالها تعكس حساً أرابيسكياً خصوصياً.
ما عدا لوحات قليلة مثل لوحة القرية المحفورة على الزنك والتى تصدر عناصر فلاحية باللغة الدلالة ، الحمار الأسود يحمل فلاحاً وطفلة بالطاقية المصرية وحمل البرسيم على المقطف ، والبط يمرح تحت الحمار ، وفى الخلفية تكوين معمارى نوبى ومجموعات من النخيل المصرى السامق ، الفلاحات والفلاحون والأطفال والأوانى والأباريق والنباتات والطيور والزخارف والكتابات ، مفردات لوحاتها المتكررة فى صياغات مختلفة ، لوحات ثريا عبد الرسول أيضاً من نوع المنمنمات الجرافيكية ، فالكثير منها لا يتعدى مساحة كف الإنسان وما غير ذلك لا يتزيد فى المساحة كثيراً.
أ.د/ مصطفى الرزاز
الوفد : 2004/12/9
الفنانة ثريا عبد الرسول ورسم المنمنمات
- فى بداية القرن العشرين كانت الأسر الثرية فى مصر تنقسم إلى فرعين متباينين ومتناقضين، أحداهما يتوجه إلى فرنسا بوصفها دولة الاشعاع الثقافى والفكرى فى العالم، التى تؤيد استقلال مصر عن انجلترا.. وكان أبناء هذا الفرع من الأثرياء يتحدثون اللغة الفرنسية ويرسلون أولادهم للدراسة فى فرنسا، ويخالطون الجاليات الأوربية التى تتحدث هذه اللغة وتنقل الفكر الفرنسى فى الثقافة والفنون إلى مصر.
- أما الفرع الآخر فكان على علاقة وثيقة بقصر `الخديوى`، ويتحدث الانجليزية فى مجتمعاته الخاصة، ويرسل أبناءه للدراسة فى انجلترا، التى تفوقت فى ميدان ` التعليم بالفن ` ، ومن هنا كان التربويون المصريون يتبعون المناهج الانجليزية فى التربية، وهى مناهج لا تزال تسيطر فلسفتها على التعليم فى مصر حتى اليوم.
- إنها قضية الثقافة ` اللاتينية` فى مواجهة الثقافة `الانجلوسكسونية` التى كانت تغذى الحوار الثقافى فى مصر منذ الثلاثينيات. (كان الدكتور طه حسين يدافع عن الثقافة اللاتينية، وكان العقاد يدافع عن الثقافة الانجلوسكسونية`.
- تنتمى أسرة الفنانة `ثريا عبد الرسول` إلى القسم الثانى من تلك الأسر المصرية، التى كانت تشارك فى الحكم بشكل أو آخر.. فجدها (لوالدتها) هو `محمد بك المهدى زيكو` من أصل ألبانى، كان ضمن أول من قاموا بالتدريس فى الجامعة المصرية كتلميذ للشيخ محمد عبده.. وقد عمل - وكيلا لمدرسة القضاء الشرعى (كانت كليات الجامعة تسمى مدارس فى ذلك الوقت)
- أما والدتها فقد سافرت إلى انجلترا عام 1907 لتتعلم هناك، وبعد عودتها عملت مدرسة فى `المدرسة السنية`، ثم قامت بإنشاء مدرسة معلمات أسيوط ثم معلمات شبين الكوم.
- والدها تخرج فى مدرسة التجارة، وهو الذى أنشأ `المجلس الحسبى`، وكان أول مدير عام لمصلحة الضرائب عند انشائها.
- أما الفنانة ثريا عبد الرسول فكان مولدها فى بيت ابتناه امير الشعراء `أحمد شوقى بك` فى منطقة المطرية، وأطلق عليه اسم ` كرمة بن هانئ` وقد اشتراه منه والدها عندما أقام الشاعر قصره بالجيزة المعروف باسم `كرمة بن هانئ` حتى اليوم.
- نشأت الفنانة فى جو ثقافى مرفه: مكتبة كبيرة، وحديقة واسعة مليئة بالأشجار المثمرة والنخيل وتكعيبات العنب، تتوسطها نافورة وحوض تسبح فيه الأسماك الملونة، ومجموعة من حظائر الدواجن والطيور المختلفة التى ترعى فى الحديقة.. هذا هو المناخ الذى فتحت عينيها عليه، فكانت طفولة سعيدة مع احترام وتقدير للعلم والثقافة.. كان تعليم الموسيقى والرسم وتنسيق الزهور من المؤهلات الرئيسية لبنات هذه الطبقة قبل الحياة الزوجية واشتراط الوالد أن تتم بناته الربعة دراستهن الجامعية قبل الزواج.. وقد حصلن جميعا على درجة الدكتوراه فى تخصصاتهن بعد ذلك.
- كانت اللغة الانجليزية هى لغة الحديث فى المنزل بين أفراد الأسرة، حتى رئيسة الخدم الفرنسية كانت تتحدث مع أهل المنزل بالانجليزية، وقد أتاحت هذه اللغة للفنانة أن تتابع ما يكتب بهذه اللغة إلى جانب المراجع العربية.
- ظهرت مواهبها وميلها إلى الفن فى سنوات المراهقة.. فعملت فى فريق التمثيل بالمدرسة وكانت من التلميذات البارزات فى جمعية الرسم، هذا، إلى مهارتها فى العزف على البيانو وتفوقها فى اللغة الانجليزية.. وفى النهاية فضلت التخصص فى الرسم لأن مدرسات هذه المادة بالمدرسة كن يمثلن قدوة جديرة بأن يحتذى بهن.
- أتمت دراستها الثانوية الفنية بتفوق عام 1945، وكان عمرها خمسة عشر عاما.. وكانت أصغر الخريجات سنا.. فقد استثنيت من شرط السن المحدد للقبول عند التحاقها بالمعهد.
- كانت دراستها للفن فى هذا المعهد على يدى `مدام راينر` وهى فنانة نمساوية وصلت إلى مصر عام 1939 ومنعها قيام الحرب العالمية الثانية من العودة إلى وطنها، فقامت بالتدريس مع الفنانة الايطالية الاصل `ايما كالى عياد` (زوجة الفنان الرائد راغب عياد).. وقد بقيت `مدام راينر` فى مصر حتى 1956 كانت تجيد الرسم بألوان `الباستيل` وخاصة رسم الوجوه، وتتعمد أن ترسم أمام تلميذاتها فيتعلمن منها خلال مراقبتها.
- واستطاعت ثريا عبد الرسول أن تتقن أسلوب أستاذتها إلى حد صعب معه على الكثيرون أن يفرقوا بين لوحات الأستاذة ولوحات تلميذتها.
- الفنان الرائد يوسف كامل هو القطب الثانى المؤثر فى تكون كفاءة ثريا عبد الرسول الفنية، فقد كان منزله بحى المطرية مجاورا لمسكنها، وكان هو مدرس الرسم لوالدها فى المدرسة الخديوية، كما كان صديقا للأسرة يتزاور مع والدها، وقد فرح يوسف كامل بالتحاقها بمعهد الفنون الجميلة للمعلمات، فكان يدعوها لتخرج بصحبته أيام العطلات لرسم المناظر الخلوية فى منطقة عرب الحصن بالقرب من المطرية حيث النخيل والمناظر الريفية ونمط من الحياة يماثل الحياة الريفية التقليدية القديمة.
- لقد تعلمت من الفنان الرائد يوسف كامل رؤية عناصر الطبيعة رؤية جديدة مختلفة عن النظرة السطحية والمشاهدة العابرة، كما تعلمت منه طرق معالجة الألوان والأساليب المتعددة لاستخدامها على سطح اللوحة.
- بعد تخرجها عملت بالتدريس فى مدرسة الثقافة النسوية بالزيتون لمدة عامين، ثم انتقلت للتدريس بالمعهد الذى تخرجت فيه.. وقد سافرت عام 1956 إلى انجلترا حيث التحقت بمدرسة `سنترال سكول` لدراسة فنون الكتاب.. ثم سافرت مرة أخرى عام 1961 إلى انجلترا ايضا فالتحقت بمدرسة `سان مارتن` لدراسة نفس التخصص المتعلق بفن الكتاب.
- ثم سافرت للمرة الثالثة عام 1969 إلى المجر لمدة عام فى منحة دراسية فتلقت تدريبات تطبيقية فى أكاديمية بودابست على الطباعة الفنية باستخدام الحفر على ` اللينو` (الجلد) والحجر والزنك والنحاس ومختلف المواد التى تستخدم `كليشيهات` للطباعة الفنية (فنون الجرافيك) وفى نفس الوقت تدربت على تنسيق الحروف وإخراج الكتاب، بل وتعلمت أيضا كيف تحقق لوحات متناسقة باستخدام حروف المطبعة.
- اندمج معهد الفنون الجميلة للمعلمات مع معهد التربية الفنية للمعلمين عام 1966 وأصبح اسمه المعهد العالى للتربية الفنية، وانضم إلى جامعة حلوان عام 1975 وأصبح اسمه (كلية التربية الفنية)، وحتمت لوائح الجامعة الجديدة حصول العاملين بالتدريس على درجات الماجستير والدكتوراه فى تخصصاتهم، لكن الفنانة ثريا عبد الرسول كانت قد حصلت على دبلوم التربية الفنية عام 1970 ثم درجة الماجستير فى التربية الفنية فى تخصص التصميم الزخرفى والأشغال الفنية والشعبية عام 1972 عن رسالة `حول ` المنسوجات المضافة فى صناعة الخيام بمصر`.. وفى 1978 حصلت على درجة الدكتوراة فى التربية الفنية.
- أما نشاطها فى مجال الانتاج الفنى فيتركز فى مشاركتها الدائمة فى المعارض العامة بمصر وخارجها، وقد أقامت عدة معارض خاصة لفنها كان أولها عام 1950 عقب التخرج كما أقامت خمسة معارض بالخارج فى المجر ويوغوسلافيا وفرنسا.
- وقد نالت عن تفوقها الفنى عدة ميداليات وجوائز من صالون القاهرة وبينالى الاسكندرية ثم بينالى ابيثا الدولى فى اسبانيا والمعرض الدولى للجرافيك فى بلجراد وجائزة عمدة روما 1975.
- وإلى جانب تأثير اساتذتها وزملائها وتخصصها الدراسى، هناك مجموعة من المؤثرات فى ثقافتها العامة شكلت توجهها التشكيلى..
- من بينها الاهتمام `بالفن البصرى` الذى بدأ عندما شاهدت معرضا شاملا للفنان `فيكتور فاساريلى` (زعيم هذا المذهب) ، الذى أقيم فى المتحف الدولى بمدينة بودابست فى المجر عام 1969 احتفالا بمرور 25 عاما على اعلان فاساريلى لهذا المذهب الجديد الذى يعتمد على النظريات العلمية المتعلقة بأطوال ذبذبات الألوان وتأثيرها على عين المشاهد.
- أيضا كان لأعمال `فان جوخ` الفنان الهولندى، التى مزجت بين الأسلوب التأثيرى فى التشكيل والمذهب التعبيرى فى الموضوع، أثر عميق على الفنانة.. وذلك عندما زارت متحفه المقام فى مسقط رأسه بهولندا، أمام هذه اللوحات أحست بعظمة هذا الفنان التى لم تحسها أمام صور لوحاته المطبوعة فى الكتب، والتى تعرفت عليها قبل زيارة هذا المتحف. أما أكثر العوامل تأثيرا على فنها فقد تحقق من انهماكها فى اعداد رسالتها العلمية عن `فن صناعة الخيام بواسطة النسيج المضاف` وتعمقها فى دراسة زخارف الكتب ورسومها خلال حكم المماليك لمصر، حتى أصبحت تعرف معرفة دقيقة الألوان ودرجاتها التى استخدمت فى العصور الاسلامية المتعاقبة.
- يتركز إنتاج الفنان فى مجال الطباعة الفنية، فمعظم انتاجها ينتمى إلى أسلوب `الحفر` (الجرافيك) وهو يميل إلى المساحات الصغيرة التى تتلاءم مع مساحات الكتاب، إنه فن `المنياتير` (أى المنمنمات )، ومعظم الصور المنشورة رفق هذا الموضوع أصغر فى مساحتها الأصلية من المساحة المطبوعة هنا، فبعض أعمالها لا تزيد مساحتها على 6 x 10سم، ورغم صغر المساحات فإنها مشحونة بقدر هائل من التفاصيل والدقائق، فضلا عن الزخارف والوحدات المنتشرة حول الموضوع والتى تمثل الاطار أو التى تملأ الفراغات، إنها من الخصائص التى تميز الفنون الاسلامية وتسمى بظاهرة `الفزع من الفراغ`.. فهى تصور العديد من الوحدات والعناصر التى تعبر عن أحلام أنوثية متشعبة، وتحكى قصصا بأسلوب السرد والوصف التفصيلى لأحداث الحياة، حيث نرى دقائق الأدوات والملابس والطقوس المتعلقة بالموضوع الذى ترسمه: `حمام العروسة`.. `الذهاب إلى السوق`.. `عالم المحبة` وحتى عندما ترسم الطيور أو الفراشات أو تعبر عن `خروف العيد` فإنها تحقق لوحات مليئة بأدق التفاصيل وكأنها مطرزة أو مشغولة بالخيوط.
- إنها تهيم بالدندشة والزركشة والزخارف الدقيقة، التى هى من خصائص الفنون الشرقية، كما أنها أقرب إلى مزاج المرأة التى تهوى أشغال الابرة وأعمال الكنفاه وتطريز الملابس.
- وفى معارضها تقدم عدسة مكبرة لزوارها وتطلب اليهم الاقتراب من اللوحات وتأمل دقائقها، فهى تنظر إلى الواقع نظرة مدفقة، وتدلنا أعمالها على مدى استغراقها فى تسجيل أدق التفاصيل التى لا تلحظها العين العابرة.
- والرسم عندها بديل ومعادل للواقع المعيش، فهى تعيد صياغة هذا الواقع. وتنتمى فى ذلك للفكر المصرى القديم الذى سجل فى رسومه تفاصيل الحياة التى عاشها، وخاصة الجوانب المرفهة التى يتمنى أن يعود إلى الحياة فيها بعد القيامة. وتستغل الفنانة امكانيات لوحاتها المحفورة على الزنك مرتين، السلبية والايجابية، فتطبعها مرة لتبدو الخطوط الغائرة وتختفى السطوح البارزة، ثم تطبعها مرة أخرى بطريقة عكسية حيث تختفى الخطوط الغائرة وتبرز السطوح العالية.. بهذه الطريقة ينقلب كل ما كان أبيض فى الصورة الأولى إلى أسود فى الصورة العكسية، وتحقق عملين طباعيين من الرسم الواحد، فتبدو الحياة مشرقة مرة ومظلمة أخرى، فضلا عن استعراض مهارتها فى تحقيق هذين الوجهين للرسم الواحد.
- أما طريقة الرسم فيسودها اتجاه إلى البراءة الساذجة، فهى تخاطبنا كمشاهدين من خلال تشكيلات يغلب عليها النسيج الفطرى، وهذه تبرر استخدام الوحدات فى غير أماكنها، فهناك منطق يماثل منطق الفنان الشعبى عندما يزخرف الأدوات التى يصنعها بوحدات بسيطة لكن لها جمالها المحبب الذى يغفر أى خروج عن الالتزام بالشكل الطبيعى الذى نراه فى الواقع.
بقلم : صبحى الشارونى
مجلة : إبداع ( العدد 8 ) أغسطس 1988
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث