`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
نعيمة حيدر محمود الشيشينى
عالم الألوان عند نعيمة الشيشينى
- إذا ما اسلمت نفسك للمياه سابحا عائما على سطحها دون حراك ، ونظرت الى الشمس ثم اغمضت عينيك ، تذهب الموجودات المألوفة وتتبدى لك أطيافا مشعة من مركز، مجموعات لونيه متجددة ومتبدلة، وبتكرار هذا التمرين تتعاقب الروىء مجسمة ملموسة مقنعة ، رغم عدم وجودها المادى من حولك الألوان من عائلات غير مألوفة فى علاقات وسطوع اسطورى المظهر ، كحلم نبضه صاخب الايقاع، انه تفاعل فسيولوجى فينومينولوجى مدهش من المهام المؤرقة للفنان أن يسجل تلك الظواهر الغامضة والأحاسيس الباطنة .
- ولأول وهلة تنظر فيها الى أعمال الفنانة نعيمة الشيشينى، تجدك أمام محاولة ناجحة فى ترجمة هذه الظاهرة الفسيولوجية الغامضة المدهشة بصورة تلقائية إنسانية محببة تقوم تجربة هذه الفنانة على التوفيق بين اندفاع الوزن الكمى، والنوعى للملونات تلقائيا على سطح العمل، وبين ايقاعها الخاص، فتنظم افعال الصدفة مع افعال القصدية فى توافق شكلى ولونى وفى عمق رمزى تعبيرى اقرب الى قرص ( الماندلا ) الذى عرفه كارل يونج كرمز للثقافة الانسانية، وفى أعمالها الأخير تخرج تلك الايقاعات الدائرية لتقترب من التقنية المعروفة لدى جنوب شرق آسيا وهى الباتيك من حيث تأثير الملمس وتوزيع الألوان، وشرقية التكوين والرياح، فاللوحات كأنها تصور أعواد نباتية فى مهب قوة طبيعية دافعة من نقطة مركزية فى اللوحة، وقد ساعدها على تحقيق هذا التأثير استخدام تقنية النصر أو ذر اللون على قماش الرسم من مسافة ، وليس التلوين المباشر، وإن أعمالها تنم عن شخصيتها الدافقة الحيوية ، المتسارعة الكلام سريعة الانفعال ، الصاخبة من ناحية، والمتأملة المتدينة المتصوفة ، من ناحية اخرى وهى أيضا تعكس مؤثرات الغرب الذى طالما زارته، والشرق الادنى بصوفيته وشاعريته الذى داومت على التجوال بين أرجائه انها تجربة فنية صادقة لعواطف إنسانية وخبرة جمالية متوافقة .
د/ مصطفى الرزاز

حروفيات .. كصدى صوت العابد
- من وميض الضوء الملون فى قوس قزح كانت الفنانة السكندرية نعيمة الشيشينى تغزل خيوط لوحاتها وتنسجها رويدا حتى تتفتح فى ملايين الزهور الضوئية المشعة، وتتذبذب فى ارتعاشات بصرية مثل عناقيد النجوم .
- تحتشد اللمسات والبقع اللونية المتعارضة والمتناغمة فى زحام لاتحده حدود .. لكنه يصفو ويتهدج كتسبيحات وتراتيل صوفية مجهولة المنبع .. إن لوحة نعيمة الشيشينى - بفضل تأثيرات الفن الإسلامى - امتداد بغير بداية أو نهاية، ترديد لصدى صوت العابد، وتأمل عميق فى المطلق، وبحث دائب عن شىء فوق المادة والزمان والمكان وكل ماهو محدود .. سعيا للاتصال بالله خالق كل شىء ..
- تأثرت الفنانة تأثرا عميقا بفترة العام الذى قضته كمنحة دراسية بتركيا خلال عامى 1976 -1977 وخاصة بلوحات الخط العربى القديمة على السجاد بإسطمبول، التى أمدتها بزاد من الرؤى الجمالية المستوحاة من مثاليات الفن الإسلامى.. وانطبعت لوحاتها الزيتية آنذاك بطابع المخطوطات الأثرية المتآكلة وبالتأثيرات الشرقية المتزاحمة متخلية تماما عن المشخصات الحية، لتستعيض عنها بإيقاعات الحروف والأسطر المتتالية أو المتداخلة أو المتآكلة .. ومن بينها تشع أو تتفجر نورانية مجهولة المصدر.
- وكثيرا ما كانت حروفها النورانية تتمحور حول بقعة أو دائرة تتوسط مربع اللوحة .. أو تتقارب وتتداخل على شكل زهرة تتفتح، أو على شكل جنين يتخلق أو صخور تتفجر ..
- إن أسطر الحروف تتتالى فى إيحاءات مجسمة ذات ظلال كثيفة، لكن التجسيم يشف عن روحانية وعن حركة دينامية لاتتوقف، تتدفق فى إيقاع منتظم مثل إيقاع الدفوف أو دندنة آلة القانون .. وهى تنتقل من الهدوء إلى الصخب ومن التأمل إلى التوتر، ومن الرقة إلى العنف، فى محاورات لونية غنائية كورالية الرنين .
- وما أصدق كلمات زميلها الفنان السكندرى فاروق شحاته إذ يقول عن أعمالها : ` إن الرمز المختبىء وراء وحداتها اللونية لايمت للعالم الموضوعى، وإنما ينتسب للفكر الفلسفى، ويكتسب هويته من قيمته المحلية وطاقاتها التعبيرية المفتوحة على توترات الداخل وتقلبات المشاعر والأحاسيس` .
- وفى تجاربها الفنية الأخيرة أخذت الفنانة نعيمة تنحو نحو الطبيعة بعناصرها المرئية لكنها لا تسعى إلى محاكاتها، بل تستوحى منها طاقاتها التعبيرية الجياشة بالحركة واللون والإيقاع .. فتتوغل بنا وسط كثافة الأشجار والأغصان والأوراق، التى تتألق بقع الضوء من خلالها` كدنانير تفر من البنان ` .. كما يقول الشاعر العربى القديم ... وهى تستعين لتحقيق ذلك بأسلوب الطرطشة والبخ والتسييل اللونى.. فتبدو لنا عشوائية لكنها محسوبة جماليا .. وبألوان حية تتراوح بين الأزرق الفيروزى والأخضر الجنزارى والأحمر الطوبى ... موحية إلينا - من خلال تلألؤ الضوء خلف الأغصان والأوراق - بالحرية المطلقة واللانهائية، وكما تتغير الألوان والأضواء، كذلك تتغير عبر لوحاتها المواسم والفصول، بين الإزدهار والذبول .. بين الشتاء والربيع .. بين الصيف والخريف .. بكل مايحمله كل منها من خصائص وإيماءات ...
- وبقدر مايذكرنا أسلوبها الفنى بالمدرسة التأثيرية أو بالأسلوب التنقيطى، الذى عُرف ضمن إتجاهات الفنانين الإنطباعيين الفرنسيين أواخر القرن التاسع عشر، فإنه يذكرنا كذلك بتقنية فن ` الباتيك` بجنوب شرق آسيا، التى يستخدم فيها الرسم بالشمع والأصباغ التى يُغمر فيها النسيج، فيترك لنا تأثيرات بالنشع والتآكل والذبذبة اللونية، من خلال تكوينات حميمة الصلة بمناظر الطبيعة ..
- هكذا : بين إيحاءات الفنون الإسلامية والآسيوية والأوربية .. تتماوج لوحات نعيمة الشيشينى .. الفنانة التى اختارت طريق الفن كمصير، بعد أن تخطت سنوات الصبا لتشق طريقها بعصامية وموهبة فريدة، حتى أصبحت أستاذة بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية وأسست لنفسها مكانة متميزة .


 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث