`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
مصطفى فريد الرزاز
لوحات مصطفى الرزاز المحرضة على السكون والتأمل
- مناصب متعددة تلك التى تقلدها الفنان مصطفى الرزاز ،المستشار الفنى لمكتبة الاسكندرية أستاذ بكلية التربية الفنية ،مستشاراً لوزير الثقافة ،ورئيساً للهيئة العامة لقصور الثقافة ، ورئيسا للجنة الفنون التشكيلية فى المجلس الأعلى للثقافة ،ومع ذلك لم تمنعه تلك المناصب لحظة من ممارسة شتى أنواع الفنون التشكيلية والأدبية وذلك لأنه يرى أن العمل الفنى به جزء كبير من التنظيم والتدريب،والانشغال اليومى فى مسائل من هذا النوع يعيد تنظيم الأشياء داخل الفنان ،`على الفنان أن يعيش الحياة بشكل حقيقى وأن يعى تجاربه الحقيقية عكس النظرة القديمة إلى الفنان والتى تراه يهيم ويشرد ويدخن البايب وكأنه فى حالة من حالات الحلم الدائم أو هى نظرة صورتها السينما وجعلتها ترسخ فى الأذهان ` .
- بشكل بانورامى قسمت أعمال الفنان مصطفى الرزاز داخل قاعتى العرض فتتجمع بعض اللوحات لتعبر عن فترة ستينيات هذا القرن الماضى، تليها السبعينيات ثم الثمانينيات والتسعينيات وصولا إلى الألفية الجديدة ، مثلت جزءا من الإنتاج الثرى كما ونوعا فى رحلة الرزاز والتى استمرت لأكثر من أربعين عاما.
- تنوعت أعمال هذا المعرض بين ` المونوتايب ، واللتيوجراف ، والخشب والمعدن، واللينوليوم `، كانت ألوان المجموعة الأولى تمثل لون الأسمنت والخشب والمصيص ألوان الأرض،غلبت على تلك ` التكوينات التصويرية ` لمشاهد مقابر ` الهو ` بنجع حمادى والنوبة القديمة .وكأن مفردات تلك اللوحات قد اضحت ابطلا لمسرحية عرائس تتحرك فى كل اتجاه وهذه التى مثلت لوحات الرزاز فى الستينيات .
- المجموعة اللونية الأكثر دفئا جاءت فى اللوحات التى عبرت عن السبعينيات لتتميز بنعومة شديدة ،مفعمة بالطاقة اللونية ،فكان موضوعها ` ميتافيزيقيا ` ملحميا وروحانيا ` جاءت وكأنها ترصد حالة صوفية ما.وفى لوحات الثمانينات التى تلألأ فيهما الابيض والاسود، وأخذت اشكال الدوائر يقول عنها الرزاز : ` عندما تعمقت فى دراسة نظرية الإدراك البصرى من ناحية ورمز الماندالا الذى شرحه عالم النفس التجريبى ` كارل يونج `، من ناحية أخرى ،أنتجت مجموعة من الأعمال الجرافيكية على شكل أقراص مكونة من شخوص تتجمع رءوسها عند بؤرة مركزية فى الدائرة، مع اعمال تفاعلات التقلب الايقاعى للأسود والأبيض، واللعب بالفراغات البينية التى تشبه فتحات المشربية المصرية ` .
- وفى تركيبات جديدة ومختلفة العناصر.طباعة من القوالب الخشبية بطريقة ` الحفر الغائر ` تزاوج ذلك من خلال موضوع ` الشطرنج ` مع رموز ميتافيزيقية أيضا، خرجت لوحات حقبة التسعينيات والألفية الجديدة حول قوة ابتكار الرزاز وخياله يقول بروفيسور بول د.مارتن أستاذ الجرافيك بجامعة الولاية ببفلو نيويورك ` إن الأعمال التى أبدعها الرزاز منذ 1956 وحتى الآن ،تمثل رصيدا رئيسيا من اعمال الطباعة الفنية والورق اليدوى يتسم بقيمة رفيعة لافتة للانتباه ..وقد ابدع الرزاز بطاقة ابداعية وخيال وحساسية شاعر، اعمالا تتعذر على الوصف لما لها من خصوصية فريدة ` .
- وعن هذا المعرض تحديدا قال البروفيسور ` فرانك أكماير ` أستاذ الجرافيك بكلية الفنون الجميلة نيويورك أيضا:` إن تلك المجموعة المتنوعة من المطبوعات تغطى كل الوسائط والطرق ، يشكل بها أبجدية البصرية الخصوصية ..وتأتى هذه القوة من تحكمه الكامل فى التعامل مع الوسائط المتعددة حيث تتداخل الأشكال والأفكار .إن الكلمات والشروح لا يمكن أن تحل محل مواجهه كل عمل يقدمه هذا المعرض .
بقلم : مروة كمال
جريدة الشروق - 2009
تحديات السطح المستوى .. بالشكل المستوى
- معرض الفنان الكبير مصطفى الرزاز الأخير بمركز الجزيرة للفنون يمثل أعماله الجرافيكية لآخر 45 عاما من رحلته الفنية ممثلة بمائة وثلاثين عملا فى فن الجرافيك بتقنياته المختلفة ما بين البارز والغائر والأملس بدءا بالطباعة اليدوية منذ عام 1962 وأعمال المونوتايب عام 1965 .
- تجربة الرزاز الجرافيكية غاية فى الثراء وقد قابلها فى النصف الأول من هذا العام إقامته عرضا لأعماله فى التصوير فى قاعة إبداع للفنون ..والعرضان قدما استعراضاً تراكمياً ونوعياً لخبرة الفنان وتنويعات تقنياته المختلفة والتى أيضا اكتملت بالنحت إلى جانب التصوير والجرافيك .
- فى لوحات الرزاز الملونة ندرك الملمس ناعما..لنجده فى لوحاته الجرافيكية متنوع الملامس وخشناً وبأحجام أصغر كأن الفكرة تنكشف مع صغر الحجم فتخشن وتزداد حضورا..وهذا ما لاحظته فى قدر كثافه حضور أعماله الجرافيكية الصغيرة رغم أنها بنفس مفردات لوحاته التصويرية نفس العالم ..نفس زاوية تقديم المشهد .
- وقد أحدثت تقنية البارز - الغائر (ريليف) أخذ لمفرداته إلى عمق ثالث ملموس موجب أو سالب بينما أدركنا العمق أو البعد الثالث فى لوحاته التصويرية ايحائيا .
- وهنا فى الجرافيكى نستشعر أكثر الحس التراكمى لمفرداته بمسارها الحكائى بينما التصويرية لا تعتمد على حدود وأطر تحدد داخلها عناصره فنجد فيها الحس بالعالم المفتوح أكثر وقد تخلصت من الحدود الجانبية بينما فى جرافيكياته ندرك بقوة إطار الورقة وعلامات تقنية ` الضغط ` العمل تحدد أطرها بشكل يحزم عناصره ويجعلها حزمة واحدة تلغى تماما الفراغات التى ندركها فى لوحات التصوير التى فى الأخيرة ندركها كدقائق وقد وضعت رأسيا فوق مسطح بشخوصها لتبدو منفصلة قليلا عن مسطح آخر خلفها محمل بعناصره كأن هناك مسطحاً من الهواء يفصل بين المستويين الأمامى والخلف وما فيه من موحيات ضغط ورنين وأعتقد أن الفنان مولع بإحداث التأثيرات البصرية التى يولدها إيهاما تركيب أشكال على مسطحات متتالية إلى داخل اللوحة ولها تتال أخر عرض حيث الصورة أو المشهد لا يؤلف موضوعا متكاملا بحد ذاته بل هو جزء مأخوذ من نسيج فى حالة مسار عرض من يمين إلى يسار اللوحة أو العكس والتى كما ذكرت دون أن يترك عناصره سجينة أو متقولبة فى المشهد داخل اللوحة وهذا الامتداد البصرى الذى يساعد المشاهد أن يتخيل امتدادات اللوحة طولا عبر سرده الأفقى وعمقا عبر عدة مستويات متتالية وأحيانا متداخلة يتناسب تماما والعمق التاريخى للثقافة الشعبية بمفرداتها التى أوجد لها الرزاز مسمات خاصة أقرب للتركيب السيريالى ولتصبح أعماله تصويرا وجرافيكا ونحتا حلقة انتقالية فى المفهوم البصرى للفن الشعبى المصرى .
- ولتأتى تجربة الرزاز الجرافيكية التى اقتربت من النصف قرن وقد لجأ إليها كمحاولة اكتشاف ما يوسع عناصره ومفرداته أن تتواجد فى مناخ مختلف عن المناخ التصويرى وساعده على الاستمرار بهذا التنوع أنه فنان منفتح فرغم أنه يتعامل بنفس الحشد من المفردات وتقريبا بنفس أوضاعها إلا ولأنه مخطط ومصمم بارع استطاع أنه يجعل مع تشكيل لوحة أو مرحلة لكل وسيط فنى جديد منطوقة للغة جديدة تؤديها نفس المفردات وكأنه يقدم سلسلة مفردات داخل سلسلة مفردات أخرى أو يقدم المفردة داخل المفردة برؤية ومعالجة مختلفة ربما هو ولع بالحقيقة التى تتجدد مع كل زاوية جديدة للرؤية والتى بدت فى لوحاته تهدف للتصوير وفى جرافيكياته تهدف للتوحيد وأهم ما يميز الفنان الرزاز ما توحى به أعماله حتى التصويرية من الريليف بين البارز والغائر كأعمال نتوئية بشكل خفيف وهذا يحدث بعداً إضافياً كى يؤمن مستويات لونية تتحرك متنقلة من مستوى لآخر معتمدا على زاوية رؤية المشاهد فأمام لوحاته أكاد أتخيل نظرة مائلة جانبية تدفع بالمشاهد ليأتى إلى أحد جوانب إطار اللوحة لمشاهدة ما بين رقائق الأسطح كأنه يبحث عما بالداخل الغامض ربما بما يوحى بمحاولة استكشافية للتأثيرات الحركية الرأسية لأسطح أشكاله شديدة السكونية والتى بدا عليها أنها قابلة للتغير وقد وضعها الفنان فى مستويات منفصلة وربما متباعدة داخل هيئة موحية بأبعاد ثلاثة وتعتمد على ايحاء انفصالها عن الخلفية الجانبى ربما نتيجة لفعل ترددات الضوء وتذبذب الهواء .
- وبغاية الدقة ومع تناقضات الأبيض والأسود بفعل التجاور وطاقة الجذب والتنافر بدت لوحاته أسطح غير خاملة تهفو برقة وبحيوية تموجية ناعمة وعناصر الرزاز التى يقدمها فى غالبها هى فى أوضاع سيلويتية ` سيلويت جانبى ` بما توحيه من مفهوم التسطيح والاخفاء والاظهار معا فى صور بورتريهات نسائه وطيوره حتى نستشعر بإحساس الازاحة الجانبى اللحظى كأشكال وعناصر ومفردات تحوم بين مسطحاته الشرائحية وكأنها ستتغير من وضع لآخر وهذه العناصر توحى بتحديات للسطح المستوى لأن على سطحه المستوى يقدم عناصره المسطحة أيضا معتمدا على مفارقات الفراغ الجانبى لرقائقه التى تشجع على الانتقال من البصرى إلى الطلسمى الخلفى لتكون موضع تساؤل وارباك لذلك الامتداد الشديد الدقة بين عناصره وكأنه انزلق عن مستواه أو كاد .
- ويتجاوب مع هذا الفراغ البصرى ذلك الفراغ المعنوى الذى يحققه استخدام الأبيض والأسود معا فى تضاد موجب وسالب متكامل فى نفس الوقت ،وهذا التضاد والتكامل نراه فى دلالات رموزه وعناصره مثل عنصريه المرأة والرجل، ورمزية العين الحاسدة والسمكة التى تصد الحسد كذلك فى رمزية الحصان الذى فسره فرويد فى تحليله النفسى واعتباره كرمز جنسى وأنه معا هو المذكر والمؤنث كذلك رمزية الأنف العضو الفارق بن الحياة والموت كعضو للتنفس ورموز الرزاز تحتشد بها لوحاته محققا بها حالة بين التضاد والغموض لحشوده وعلاقاتهم المعقدة معا وإن لم يتكشفا تماما فهما على الأقل يشكلان حالة من السحر البصرى .
بقلم : فاطمة على
جريدة القاهرة - 2009
إبداعات جمالية لصيادى النهر الخالد وساكنية
- عالم البحار والصيادين عالم مدهش ومثير .. ألهم ريشة وأقلام المبدعين حول العالم عبر السنين .. ود.مصطفى الرزاز واحد من عشاقه ومريديه .. حريص دوما على متابعته فى أى مكان يتواجد فيه من فيلة وحتى رشيد .. لكن أقامته على ضفاف نيل القاهرة دفعه ليختص صياديه دون غيرهم ويتخذهم ابطالا لاحدث ابداعاته التشكيلية .
- وهى المرة الأولى التى يختص فيها فنان مصرى ساكنى النهر الخالد بهذا القدر من الأهتمام .. حتى أنه تبنى قضيتهم والتعبير عنهم فى 47 عملا فنيا فى مجال النحت والتصوير .. تلقى الضوء على هذه الطائفة الكادحة التى لا نعرف عنها إلا القليل .. يتخذون من المركب أو الفالوكة الصغيرة بيتا يحتضنهم ومكانا للسعى عن الرزق والمأكل والمشرب وقضاء كل حوائجهم وكلهم أمل وتحدى ورضا بالمكتوب .
- تناول ` الرزاز ` موضوعه من منظور أنسانى دراماتيكى يتلاقى فيه واقع ونبض حياة ، مع اختزال واع للتفاصيل واختصارها فى رموز وملامح مصرية بليغة لها دلالتها ومغزاها .. تعكس حالة التعاطف والتوحد الاسرى واصالة معدن الانسان المصرى والمرأة والأم المصرية تحديدا القادرة - روماً - على تحدى المستحيل نفسه عندما يتخلى الاب عن دوره وواجبه !
- فقد اكتشف د . الرزاز خلال متابعته اليومية لثلاثة بيوت نيلية ` مراكب ` أن المرأة هى القائد والمايسترو لهذه المنظومة الحياتية الفريدة .. ورصدت عدساته تراجع دور الرجل واختفاءه من الصورة تاركا مكانه للزوجة لتقود الدفة فى رحلة الصيد وادارة البيت وفى تحدى الطبيعة والمناخ وتوالى الليل والنهار وحدها بمعاونة البنات والاولاد !
- إنها قمة الدراما الإنسانية التى جسدتها ريشته وعبرت عنها بكل ابعادها وتحدياتها وتناقضاتها .. خلال باليتة لونية غزيرة ومتوهجة ومع ذلك فهى تعكس حالة من البؤس والشقاء .. ومدى تعاطف وخبرة الفنان فى تناول هذه القضية وبهذا الحجم وتلك القوة والتفاعل .
- وتتصاعد ايقاعات لوحاته وتماثيلة البرونزية وهى تعبر عن حالة الدفء والحب والود التى يتسلح بها ابطاله رغم المشقة والصعاب التى تواجههم منذ اشراقة نور الصباح الأولى وحتى تلاشى الرؤية ونشر وحشة ظلمة الليل الداكن .
- ان تبنى د . مصطفى الرزاز لهذا العالم الفريد وبهذا العمق والتمكن هو مكسب كبير لعله يجد صداه لدى المسئولين .. خاصة أن صاحب الدعوة رجل بحجم وقيمة هذا الفنان والناقد والاستاذ الجامعى له تاريخه وبصمته فى حياتنا التشكيلية والفكرية .
بقلم : ثريا درويش
جريدة الأخبار - 2010
أيقونة .. فكرة الصيد .. و السمكة تميمة أسطورية كما يراها الرزاز
- فى هذا المعرض بدا الرزاز النحات بالغا قمة الثراء فى الإحساس والتنفيذ الملموس فى منحوتاته لذلك الإحساس رغم بساطة العلاقة بين الإنسان والسمكة فى تماثيله إلا أنها بدت طقوسية أو ايقونية لثنائية العلاقة أو كأنها تحمل فى ثناياها فكرا قديما متوارثا فى تعامل الإنسان والسمكة كحكايا سحرية أو كتميمة حبلها السرى ممتد بين عين السمكة وعين الإنسان خارجيا .
- والمثير أن لوحات الرزاز تضم مشاهد لصيد السمكة لتكون فكرة الصيد ذاتها هى مبحثه الفنى والنفسى فى لوحاته التى ما إن تخرج مفردات اللوحة من مسطحها إلى مجسم النحت تتحول فكرة الصيد إلى فكرة الاحتواء لتعميم علاقة الإنسان والسمكة أيقونية كرابطة يحكمها الاحتياج النفسى ، حتى فى بعض الأعمال النحتية نجد هناك امتدادا عضوياً من السمكة إلى جسد الإنسان الذى يحيط جسده غشاء رقيق يحتويه ونجد تنوع الملامس المتناغمة على السطح الواحد متعددة فى ثراء والثراء النفسى نجده أيضاً تنوع احتواء الإنسان لسمكته فمرة يوشوش لها وأخرى يحتضنها وأخرى يقفز بها طائرا وأخرى تصبح مرادفا لوجه الإنسان الراقد أيضا بينما سمكته بدت كمنقذته نبتت لها أجنحة .
- والرزاز نحات رائع شديد الحساسية للخامة وشديد الوعى لهذه الخامة التى يجعل منها نافذة روح لمكنون نفسه ورؤية الميثافيزيقية والفنية للأشياء والعلاقات بينها فى عالمنا ، ونراه بإستاذية وقد نفذ الشخوص والأسماك بمادة البرنز وقصد أن يحدث بهما تأثيرات بالقدم ليتناسب والحس الاسطورى كأنها خامة تعامل معها الماء البحرى فبدت الأكسدة للأجساد البشرية والأسماك طحلبية اللون ، خضراء مجنزرة كأن هذين الكائنين جمعتهما مادة مائية واحدة طحلبية اللون تكلست مع القدم والسنوات .
- ومعرض الرزاز يثير الكثير من الرؤى حول عالم السمكة ومالها من علاقة وثيقة بالإنسان وطقوسه منذ القدم ومازالت ممتدة احساسا مع الرزاز ليبدو هذا واضحا فى معرضه هذا .
- وعلاقة الإنسان بالسمكة علاقة قديمة وعلى الأرض المصرية كان سمك النيل النهرى أو لاتيس رمز الخصب وشارك فى طقس النيل أثناء الفيضان وكان له مدينة المعبد لاتابوليس ، ومومياوات هذه السمك كثيرة جدا فى مقبرة كرست ، وقد أظهر كما ذكر أحد علماء العرب التصوير الأشعاعى الكربونى للمومياوات الهيكل العظمى للسمكة ، وهناك أسماك كانت ترمز للميت فى مسيرته نحو البعث وكان يرى بعض الباحثين أن السمك موصل أرواح يعمل على اجتياز أرواح الموتى للنهر لتنقل للمقر الأبدى .
- وللسمكة فى أماكن عدة حتى اليوم معناها كحامية ضد العين الشريرة ولها أيضا رمز علاجى مقبول من بعض الأهالى وبخاصة فى تونس .
- وفى نصوص الملاحم الهندية نجد السمكة الهندية نجد السمكة موضوعا كونيا وترتبط مدلولاتها الاسطورية بالفكرة الهندية ` شريعة الأسماك ` المتكافئة تماما ` وشريعة الغاب ` هذه من بعض رؤى الشعوب للسمكة .. وهذا معرض للسمكة كتميمة وأيقونة اسطورية كما يراها الرزاز .
بقلم : فاطمة على
جريدة القاهرة - 2010
حوار وخواطر حول مصطفى الرزاز
- يتعذر تناول الشخصية المتفردة ، والأعمال الفنية المتنوعة للفنان مصطفى الرزاز فى كلمات قليلة ، وحين أتحدث عنه كزميل فى الفن ، فإنى أعلم مسبقا أنى سوف أكون مضطرا إلى تجنب الكثير من إبداعاته التى حققها فى غضون العشرين عاماً الأخيرة .
- تعارفت على مصطفى الرزاز فى معرضه بالقاهرة عام 1988 بقاعة إخناتون فى ذلك الوقت كان إنطباعى عنه أنه يتمتع بعالمية الفكر وأن أعماله ذات قيمة فنية عالية ، وأنا كفنان أوروبى وجدت فيه علاقة بالاتجاه السيريالى ` لماكس أرنست ` ثم أتضح لى أنه لا يجب رؤية أعمال مصطفى الرزاز من خلال نظرة إعتادها الإنسان الغربى ، ولا يجوز نسبة أعماله إلى التقاليد الفنية الأوروبية الأمريكية .
- ذلك لأن أعماله ` الكاليجرافية ` والتصويرية ، ومشروعاته الفنية الضخمة فى الفراغ الخارجى تعكس تأثره بالموروث المصرى ـ الإسلامى ، تعززها الأساطير المصرية التى تمثل واحدة من العناصر الهامة لإلهامة الفنى .
- إن الاستخدام الواعى للون وأشكاله التشخيصية المتفردة يلعب بها بذكاء من خلال البعدين والثلاثة أبعاد . ورغم أن فراغ اللوحة تم تركيبه من مساحات موجبة وسالبة إلا أنها لم تفقد وحدتها الفنية . إن أعماله الفنية التى أنجزها خلال عام ( 1984 ـ 1985 ) فى الفراغ الخارجى جاءت معبرة بقوة وذات تأثير خاص وصادق فى تشكيل البيئة الخارجية يتعايش الناس معها كأعمال فنية ذات حساسية خاصة .
- لقد أتيحت لى شخصيا فرصة مشاهدة المشروع رقم 1 عام ( 1985 ) المنفذ على سفح جبل المقطم ، فى هذا العمل نجد الفنان قد لجأ إلى أسلوب .. السلويت .. والذى يذكرنا بالتقاليد العربية المصرية وتقنية التفريغ بالقص .
- فى النهاية إسمحوا لى تقديم الشكر للزميل الأستاذ الدكتور مصطفى الرزاز لما لدية من سعة أفق وقدرات عالية وكذلك ما قدمه فى مجال التعاون وتبادل الخبرات العالمية ، هذا التعاون والاهتمام الذى أرى أنه سوف يؤتى ثماره فى المستقبل .
أستاذ / إدجار كونوب
ميونخ 28 نوفمبر 1991
لازال للبراءة مكان : دراسة فى فن مصطفى الرزاز
ـ تتصف أعمال مصطفى الرزاز بسمات دالة على بصمة الفنان وتفرد شخصيته فى مقدمة هذه السمات الطلاوة والبهجة فهذه الأعمال توفرت لها القدرة على أن تزيح عن الصدور هموماً وتبعث الى الشفة البسمة وعلى الرغم من تمكن الدكتور الرزاز من صنعته ، تصويراً ونحتاً - رسماً - وحفراً - إلا انه لا يترك للصنعة أن تقوده الى دروب الكآبة بل يريدها أن تكون طلية ممراحة وكم هو محق أستاذنا صلاح طاهر عندما يقول ( الفن فرح ) وهذا يصدق بالفعل على أعمال مصطفى الرزاز فهى خفيفة الروح بشوشة وتميل الى الحذف أكثر مما تميل إلى التعقيد وإرهاق الذهن وتنساب الخطوط والألوان كما تنساب أغرودة من حلق عصفور إنها أنشودة للبساطة فالرزاز يدس يده فى صدره ويخرج من طيات قلبه عصافيره وأحصنته وفرسانه ونخيله وأقنعته ولعبه وسيوفه وست حسن وحيدة فأعمال الرزاز جذاذات من فن شعبى عن طواعية واختيار ، وتفرز الحواديت والأساطير والحكايات التى يحتويها ( العقل الباطن ) شتى التحولات التلقائية والوجدانية وتستلهم ( الجذور ) استلهامها صادقاً فالذراع على سبيل المثال يصبح سيفاً مشرعاً والجسم الإنسانى يتحول الى طائر والطائر يتحول الى نبات وشجر ووجه الإنسان يشترك مع وجه الطائر ولك أن تتخيل كم من رؤى تلك التى سيراها الإنسان بعين الطائر ويحكى عنها ليس باللون والخط فحسب بل أيضاً بالكلمة والرقص والنغم وشتى وسائل التعبير الأخرى فلا شئ فى العلاقات التشكيلية للرزاز ينبئ مباشرة وعلى وجه التحديد بمعان بعينها ولكن على المتفرج أن يدخل فى حوار مع اللوحه غير المتأبية لمثل هذا الحوار بجهامتها أو صرامتها والعلاقات فى لوحات الرزاز كلها تتفتح على دلالات قد تكون وقد لاتكون ولكن اللوحات كلها تتشكل بذلك الحس الذى نجده فى الفن الشعبى تنادى المتفرج وتدعوه إلى أن يشاركها ما فيها وما ليس فيها أيضاً من معان يحتاج تذوقها الى صفاء النية التى لابن البلد وقلما يكون التكوين فى أعمال الرزاز سكونيا بل حتى الهرم الذى هو ـ فى الأصل كيانُُ شامخ راسخ كالطود يصور فى أوضاع مائلة تنفى عنه الثبات والسكونية وحتى ما كان من تصميماته ساكنا فهو على حال يوحى بأنه على أهبة الحركة فالحركة فى أعمال الرزاز على الدوام موجودة حتى لو كانت مضمرة والذى يزيد من تأكيد الشعور بذلك لدى المتفرج ( الخطوط الانسيابية ) فى التصميمات وقد ندرت أيضاً الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة ويميل ، على العكس من ذلك ـ الى الرشاقة والإيقاعات الموسيقية التى تحققها ليونة الخط وشاعرية الألوان .
- الفنان مصطفى الرزاز مصور جرافيكي ونحات فضلاً عن كونه ناقد فنى معروف .
- درس الليثوغراف الملون بكلية الفنون جامعة نيويورك على يد `جون مكايفر` كذلك قام بدراسة أساليب الطباعة البارزة باستخدام القوالب الخشبية Wood Cut وقوالب (اللينوليوم) Lino Cut على يد فرانك أكماير والطباعة الغائرة intagelo على يد هارفى بريفرمان .
- التحق بأتيليه دى نلسون لليثوغراف باستكهولم حيث انتج بورتفوليو مليون بعنوان ( ملكة سبأ ) لصالح ناشر سويدى اتجه الرزاز خلال السنوات الأخيرة الى عمل تجارب متصلة للحصول على نوعية مميزة من الورق اليدوى hand-made paper للطباعة الفنية وذلك أثناء زيارته المتعددة لنيويورك ، حيث أتاح له معمل الورق الفنى اليدوى بجامعتها القيام بعدة تجارب استملها بمرسمه الخاص بالقاهرة .
سعيد حداية

سنوات من عمرى
* فى عيد ميلاده السبعين يطل علينا الفنان مصطفى الرزاز بمعرض جديد فى فكرته، جرئ فى عنوانه، ` يلملم ` من خلاله مجموعة من أروع إبداعاته التى لم يستكملها خلال السنوات العشر الأخيرة فيما يشبه ` كناسة الدكان ` .
- كثيراً ما تحمل لنا الكناسة روائع وأشياء ثمينة نحرص على جمعها وإعادة البريق إليها بحرص وحب عميق، تكون بعض الأعمال الإبداعية التى يستبعدها الفنان أحيانا من معارضه السابقة ويحتفظ بها فى مرسمه إما بسبب إثارتها شجونا خاصة داخله أو قربها الشديد منه إلى حد رفضه أن يشاركه أحد التواصل معها أو ربما لأنها لم تكتمل بعد داخله .
- الفنان الكبير مصطفى الرزاز الذى أثرى حياتنا الفنية على مدى سنوات طويلة جمع ` كناسته` من مرسمه وقرر أن يعرضها على جمهوره فى عيد ميلاده السبعين ليذكرنا بواحدة من أعذب ما كتب المبدع ` يحيى حقى ` فى الستينات ` كناسة الدكان ` وهو الاسم نفسه الذى اختاره الرزاز لمعرضه، والذى استوحى فكرته من جامع للمخطوطات بدار الكتب فيحكى : ` حين كنت أرقبه فى بداية حياتى الفنية وهو يجمع المخطوطات ويعيدها إلى مكانها فإذا به يصيح من وقت لآخر ما أكثرها قيمة تلك الورقة التى وجدتها فى الكناسة، فمن خلال بعض الأوراق القديمة التى قد تبدو غير ذات قيمة نستطيع أن نتعرف على حقائق تاريخية غاية فى الأهمية.. ذلك ما استدعيته من الذاكرة منذ عدة أشهر حين دخلت مرسمى وتأملت لوحاتى التى لم أكن قد استكملتها فى معارضى السابقة، ولم أقدمها من قبل ووجدت نفسى أنفعل بها ومعها فهى حملت لى دفئا، مشاعر أو استثارة لاستكمالها وتقديمها لجمهورى خاصة أن بعضها يحوى دلالات سياسية مهمة ربما كان من الصعب أن ترى النور حينئذ وبعضها الآخر يتضمن معانى إنسانية عامة، فقد تناثرت على مدى عشر سنوات كناستى الثمينة الأثيرة إلى فكرى ووجدانى .
- أكثر ما يستوقفك فى كناسة الرزاز ليست فقط قيمتها الفنية ولكن فى المقام الأول تفردها من حيث تنوع مضمونها وتكنيكات فأنت ترى فى تجربة فنية واحدة أعمالا تنتمى لخمسة معارض مختلفة يمثل كل منها مرحلة ومخزونا ومثيرات مختلفة وهو ما يكسبك قدرة أكبر على الاقتراب والتواصل العميق متعدد الأبعاد مع الفنان الذى اعتبرها هو نفسه الأكثر ثراء ` استمتعت كثيرا بالتجربة ` .
- فعندما تزور المعرض الذى يقام بقاعة بيكاسو خلال هذا الشهر ويتضمن 80 لوحة و23 تمثالا من البرونز تشعر كما لو أنك تقرأ الأحوال المتقلبة لفنان خلال 10 سنوات ما بين الأبعاد الدرامية والرمزية والميتافيزيقية كما تلمس موجة واسعة من التنويعات اللونية لتنتقل ما بين الألوان الدرامية القاتمة والمضيئة والهادئة ذات الطابع شبه الزخرفى، وتختلف الإضاءة وفقا للحالة اللونية والوجدانية للوحة، لتعيش حالة من الرمزية العاطفية مع الصيادين فى النيل الذين يهيمن عليهم الإحساس بالوحدة والعزلة وسط هذا الفراغ الواسع الذى يعيشون فيه وتكتشف مع الرزاز أن النيل يحتضن أمهر النساء اللاتى يتمتعن بمهارة وحرفية الرجال فى الصيد، ويوحد بين الجميع حالة نفسية متشابهة يبرزها بألوانه القاتمة، لتنتقل بعد ذلك إلى حالة أخرى مع لوحات أخرى تستعيد معها أجواء معرضه الجريء عن رمزية الشطرنج ليفاجئك بعمل لم يعرض من قبل يصور رقعة الشطرنج عليها الملك يسقطه الشعب من فوق حصانه بينما تكتفه وحدات الشطرنج الأخرى ويوحى لك استخدامه للأبيض والأسود بقوة الفكرة الدرامية التى تعبر عن الطغيان وقوة الناس رغم قهرهم، وفى طرح فنى آخر تعيش حالة من التناغم بين العازف والعود تتأثر بالعلاقة القوية بينهما وتأتى الخطوط والألحان الأثيرية المعلقة فى الأعمال لتستكمل الجو الإيقاعى لها .
- المثير أن كناسه دكان الرزاز لا تخلو من الجديد إذ يقدم لنا على سبيل المثال من خلال 5 لوحات دائرية متر وعشرين فى متر وعشرين معالجة فنية مبتكرة ذات أبعاد فلكلورية كما تأتى أعماله من البرونز المفرغ لتمثل طرحا جديدا فى تقنية النحت.
نادية حليم
مجلة البيت - مارس 2012
عنترة وحلم اليقظة
وبالرغم من أن المعرض خرج احتفاء بشخصية عنترة الرمز والايقونة ، إلا أن وجود عنترة ، فالمرأة بالنسبة للرزاز هى أحدى العناصر الاربعة التى اختارها منذ بداية مشوارة الفنى للتعبير عن مفردات الحياة ، فى عام 1966 كتب الفنان الكبير حسين بيكار معلقا على المعرض الفردى الأول للفنان الشاب آنذاك مصطفى الرزاز فنان أسطورة يعيش بين الأساطير ، متأثرا بلوحة أسطورة العصفورالأخضر وكان لهذة العبارة بالغ الأثر فى توجية مسيرة الرزاز الفنية الذى اتخذ على عاتقة مسؤلية الحفاظ على ذلك المستوى الفنى الراقى عبر مشوارة الممتد .
وظل العصفور الأخضر يظهر فى أعمال الرزاز الفنية من آن لآخر باعتبارة المؤشر بل وربما النبوءة لوقوع عمل عظيم ، حيث يقول الرزاز : خلال مشاركتى فى حرب الاستنزاف ، وجدت نفسى وقتها أرسم عصفوراً أخضر عملاقا وسط الصحراء وبعدها حدث نصر أكتوبر المجيد ، ثم عدت ورسمته قبل ثورة 25 يناير ثم قدمته فى معرض مستقل فى 2013 للاحتفاء بشباب التحرير الأبطال ، وهذا يجعلنى أشعر بأن عودته بين لوحاتى مؤشرا لحدوث شىء مهم ، فأنا أعتبر العصفور تميمة الأمل الأسطورية .
ولم يكن العصفور الاخضر وحده هو الرمز المتكرر فى وجدان الفنان على مدار تاريخة الفنى لأكثر من ثلاثين عاما ففى معرضة الأخير الذى استضافة جاليرى بيكاسو بالزمالك تحت عنوان ` عنترة وحلم اليقظة ` عاد عنترة ليسيطر على المشهد التشكيلى بقوة فى المعرض بالكامل .
يقول الفنان : اقتحم عنترة لوحاتى منذ بواكير ستينات القرن الماضى تعبيرا عن نهضة الروح العربية بعد ثورة يناير 1952 وكرمز للثورة المقرونة بالمساواة والنبل والعدالة فى معادلة القوة والسلاح ، وقد ظل عنترة يدخل لوحاتى ومنحوتاتى ويخرج منها طوال تلك السنوات ، فهو صاحب حق دائم فى ضميرى وفى أعمالى الفنية كرمز أثير للقيم التى أجلها كثيرا .
ويضيف الفنان : عنتره هو ايقونة الفروسية والعلامة المبكرة لفكرة المساواة والعدالة الأجتماعية ، مساواة العبد مع السيد ، والأسود مع الابيض ، فكرة نبتت فى ثقافتنا العربية قبل أن يطرحها الغرب بسنوات طويلة ، وقد ظلت مكانه عنترة مرموقة كمثل أعلى فى وجدان الشعب العربى وتحولت سيرته إلى اسطورة بطولية لمناصرة الضعفاء والمقهورين ، والدفاع عن حقوق الإنسان والمهمشين باعتبارة فارس فرسان العرب ، وأصبح الكثيرون يستمعون الى رواه سيرته كتعويض نفسى عما يعانونة من تهميش وحرمان . وظلت سيرة عنترة ككرة الثلج التى تتضخم وتتضخم مع الوقت ومع ما يضاف إليها من وجدان كل من تعلق بها .. وفى أعقاب ثورتى يناير ويونيو عاودت تلك القيم تجليها جهورة وراءها ملايين الضمائر والحناجر ودونها الضحايا والشهداء .
وقد آثر الفنان مصطفى الرزاز استخدام الصورة النمطية الموجودة فى مخيلة العامة عن عنترة بشاربة الكث وسيفة البتار وجواده القوى حتى يصل العمل للنخبة وللبسطاء معا، تلك الصورة النمطية لعنترة التى وقرت ـ حسبما يصفها الفنان ـ فى وجدان الشعب العربى ، والتى وصفها الرسامون الشعبيون فى مصر وسوريا وتونس ، وقدموها كأيقونة ، احتلت مكانتها الاثيرة فى قلوبهم ، بسطوع ألوانها ومباشرتها وشواربها المفرطة وعيونها الشاخصة ومن ثم جاءت الأعمال على خط تماس مع الذائقة الشعبية الخالصة لتماهى الرؤية الاحترافية للتشكيل مع المزاج المضمون فى الشارع المصرى والعربى وبالرغم من أن المعرض خرج احتفاء بشخصية عنترة الرمز والايقونة ، إلا أن وجود ` عبلة ` أو المرأة يوازى وجود عنترة فالمرأة بالنسبة للرزاز هى أحد العناصر الأربعة التى اختارها منذ بداية مشوارة الفنى للتعبير عن مفردات الحياة ، فالمرأة تمثل الجنس البشرى والحصان يرمز لعالم الحيوان والعصفور يمثل الطيور ثم النبتة ويظل التحدى الأكبر هو العزف على هذه العناصر الأربعة بتنويعات متفردة بحيث تختلف من لوحة لأخرى دون تكرار ، براعة فائقة أثبتها الفنان من خلال قدرته على التجديد والتنويع بالرغم من محدودية العناصر التى اختارها لنفسة منذ البداية ، ثم هناك فكرة امتزاج الكائنات فى بعض اللوحات ، والتى تتجلى أحيانا فى حالة الخروج والدخول من كائن لاخر ، تعبيرا عن أن الكائنات تعير بعضا من صفاتها للكائنات الأخرى ، والفنان مصطفى الرزاز من الفنانين المهتمين بالأسطورة وبالتراث الشعبى وهو يرى أن الاسطورة بالنسبة للأنسان العادى تساعدة فى تحقيق مالايمكن الوصول إلية عن طريق الواقع المباشر هى تنقله من قيود الواقع الجامد إلى عوالم ميتافيزيقية رحبة ، وتوفر له ملاذا آمنا من قسوة الواقع لا سيما عندما يشعر بالعجز وقله الحيلة.
منى عبد الكريم
أخبار الأدب 2014
الوردة والعطر
- تربتنا السمراء غنية معطاءة .. وموج نيلنا الخالد راوية تاريخ يجيد الراوية والحديث .. يحكى قصة الإنسان المصرى بأبلغ عبارة وأروع بيان .. بالموال تارة وبالملحمة والأسطورة تارة اخرى . ولا يزال لشاعر الربابة نفوذه الروحى فى نفوس مستمعيه فى القرية والحى الشعبى .. والأذن المصرية يطربها سماع القصص الملحمى المرتبط بوجدانها ، والموشى بخضرة البرسيم ، ودفء الشمس ، وصفاء السماء ..
- ولقد استطاع الفنان ` مصطفى الرزاز ` بحسه المرهف ومعايشته الصادقة والعميقة لتراثنا الشعبى استطاع أن يصنع لغة تشكيلية خاصة به ، ضمنها جميع مقومات فنوننا الشعبية وأصالتها . كما ضمنها كل العناصر التى تتطلبها لغة العصر ، ومفهوم العصر ، وذوق العصر ..
- إنه يردد لى وجدان المشاهد ملامحه التصويرية فيهتز لها طربا ، ولا يملك إلا أن أن يهتف ` الله ` دون أن يحاول تشريح المفردات ، ولا تفتيت المركبات بالتفسير والتأويل مخافة أن يفسد مذاقها كما تفسده الأنامل الضاغطة بتلات الورد وتذهب بعطرها ..

بقلم : حسين بيكار
من كتاب أفاق الفن التشكيلى
مصطفى الرزاز رحلة التجربة المبدعة فى الصورة ، وفى نحت الفراغ
- يحتل مصطفى الرزاز مركزاً بارزاً فى حركة الفن المصرى المعاصر منذ بدأ تجربته الفنية فى منتصف الستينيات،وحتى اليوم.
- عّبّر مصطفى الرزاز(1943)فضاء`الواقعى``والاجتماعى`Realism and Scial Realism` إلى التشخيصية التعبيرية، ثم إلى التشخيصية الرمزي ثم إلى التشخيصي الجديدة Figurationثم إلى مابعد التشخيصية، حين أدخل اقتحامات مباغته من الألوان المربكة على العناصر المختزلة لمحتوى الأشخاص المرسومة،أو ثلاثية البعد، بحيث جعل التصور بكامله يفيض غموضاً، ويفصح عن زمن غارق بين الثابت والمؤقت.
- اختار مصطفى الرزاز - فى جميع الأحوال ذلك التمايز المفارق بين تمحور الخطى Linearحول الحجم الضوئى (الذى يبثه اللون)، وبين التباين ذو الجذر الاشتقاقىفى عناصر التكوين، وفى التماس بين المساحات، بل وفى انطباق الألوان فوق بعضها على قماشة الرسم.
- إذ كان دائماً هنالك ذلك الصراع المحموم بين المتناقضات فى أفق `الموجب` و`السالب` وفى تماهى النسيج اللونى بين الشكل `الظلى، السلويت `Silhouette` (أى السالب) - وبين العنصر المظلل (أى الموجب). بين الطرح الصريح لمجمل مكونات الصورة، وبين الالتباس المربك فى تلقى الصورة ثم فى انشطارها فوق شبكية العين المتأملة، بل هى بين وهم الإبصار المتمثل فى نقاط التلاشى، والبعد الوهمى وبين طرحه للحجوم بعد `توريقها` وانتخاب حركة الطيران، وخفة الكتلة فوق أسطح نقية، مغطاة ببكارة الأبيض؛ وأخيراً،بين المفارق، والمقارب من الشكل إلى الشكلية (فعلية الشكل) ومن الحجم إلى الحجمية (فعلية الحجم)، بل هى بين التوالد الاشتقاقى للبنيات المكونة لعناصر الصورة، وبين التراث الثقافى، والبصرى، للمطروح الشعبى، من حيث يتمثل الكونى من خزين العقل المعاصر، ومن رصيد المعرفة الجديدة وأثرها الباقى.
- وفى تجربة `الرزاز` منذ اثنى عشر عاما (1986) إذا به يؤكد على فكرة المتناقضات المتصادمة على مساحة الرسم بصورة متعمدة، وربما هجومية، ولعل ذلك يعود إلى نوع البنية التركيبية لشخصية `مصطفى الرزاز` ذاتها تلك التى تكرس التجريب كجذر من غايات البحث عن اللغة الجمالية.
- فى معرضه هذا الذى اقيم بالقاهرة عام 1986 أخذ الرزاز يؤسس محوره `الفكرى` و`الرياضى` باعتبارهما بديلاً للجمالية التقليدية، أى تنقية العمل من `المحسوس` إلى `المتخيل` باحتسابه مدركا عقليا بأكثر مما هو محسوس بصرى، أى نقل `الأثر الفنى` إلى المتلقى على اعتبار كونه حائزاً على قوة المدرك،وليس على قوة البداهة الجمالية.
- ومن حيث هو كذلك فإن العمل الذى قدمه فى معرضه 1986، يطرح مبناه على اعتبار أنه شركة `مساهمة` لمجموعة المشاهدين، بما فى ذلك مصانع العمل ذاته، بمعنى أن هذا الاشتراك الجماعى يظل جزءاً أساسيا فى معدل البث والتلقى عند جموع المشاهدين.
- فنحن عندما نتأمل الطيور فى أعمال الرزاز، لانعرف ما إذا كانت هى مذاكرة للواقع، أم للوهم أم هى وشم على ساعد فلاح أم هى أسطورة `أوزيرية` أم هى متواليات صورية لأبراج الحمام، أم هى الرمز الفاضل للجنس أم هى كل ذلك جميعه بما فى ذلك تلك المنطقة الغامضة التى تفصل بين كل هذا الوهم الجهنمى من جهة،وبين عناصره الجزئية من جهة أخرى؛ بل إننا فى النهاية أمام عمل `إدراكى` بأكثر مما هو تصورىConcepiual وربما كان هذا، هو ذاته الذى دعا `الرزاز` إلى استنهاض طيوره من مساحاته المرسومة، ثم دفعها إلى الانسلاخ من عالمها فوق قماشة الرسم ثم تحويلها إلى مجموعة من الحجوم ثلاثية الأبعاد، ثم جعلها مستقلة بذاتها فى قاعة معرضه المميز الذى أقيم سنة 1986، بحيث كانت تبدو فى قاعة العرض كما لو أنها قد بعثت بعثاً من رقادها، فوق أسطح اللوحات المعلقة.
- على أنى بينما كنت أصّفّ معرض `الرزاز` فى قاعة العرض 1998، أى بعد اثنى عشر عاما من معرضه ذاك الذى عرضنا له 1986، أخذت أتأمل لوحاته، وتماثيله البرونزية والحديدية زمناً - إذ ذاك لاحظت تمايزاً، وتسيدا مكثفاً للمساحة البيضاء المهدرجة على القماشة بدرجات التوتانيوم الأبيض ذو النشع الفضى، ثم إنى لاحظت كذلك تقلصاً، واختزالاً - بالمقابل - للمجموعات اللونية، وانتخاباً لحزم الضوء، واستقطاباً موحياً لقطع إنسانى متردد بين لوحة وأخرى، وقد غاب فى فضاء موحش للأبيض الثلجى، وبدأ ذلك العنصر الإنسانى وقد رسمه الرزاز فى وضعية تكشف النقاب كشفاً عن الحركة الباطنية للشكل الإنسانى، وعن ذلك السعى إلى الغامض،والحتمى، فى محتوى الصورة الفنية، وأما المنحوتات المعدنية الصغيرة (البرونزية والحديدية) فقد بدت على صغر كثافتها، ورقة كتلتها، ذات طبيعة ميدانية حاضرة للتو حيناستقبالها. فنحن حين نشاهدها إذا بها تنحت فى الفضاء فراغها الخاص، فكان الفضاء يصير هو بذاته نحتاً، وكان النحت البرونزى يصير هو بذاته جزءاً من أصله الفضائى، ومن هنا يكتسب ذلك العمل البرونزى الصغير هذا الطابع الميدانى الفاعل الذى يكرسه المشهد الصرحى.
- وفى أعمال الرزاز الأخيرة تلك -معرضه 1998 - يبدو واضحاً الاختزال الوصفىوالتقريرى لسرد الأشخاص، والطيور، والحيوانات الأليفة، والتفكيك المتعمد لفكرة الأسطورة الشعبية التى كانت جذراً من بنياته التصويرية فى الستينيات.
- ثم يبدو الحصان شاخصاً فى تماثيله، ورسومه جميعاً، كالنبوءة المتحولة الدلالة، بين الإنسانى والحيوانى، وبين الطائر والزاحف، بحيث يكتسب كل عنصر صفة العنصر الآخر، وتتماهى الحدود بحيث لايفرق المتلقى كثيراً بين هذا وذاك، إلا على قدر تمثل الرمز وتجسد الإشارة ثمة تلك الحياة الداخلية الدافقة داخل بنيات التماثيل الصغيرة، إذ يبدو كل تمثال برغم ذلك الباطن الحى، وقد تحول إلى مركز `كودى` لسكون الكون ويبدو التمثال مرققاً، وكأنه هو الآخر مقتطع من مشهد فى مسافة الأفق. فالأسطح لاتحمل فىثنياتها تلك التوترات، أو التهشرات التقليدية التى تعرفها اللغة النحتية، بل هى ملساء مصلوبة فى فضائها الخاص بحيث تكشف عن طاقتها الصوفية كمثل تمثال مصرى قديم يحكم الرتاج على باطنه.
- و`الرزاز` من هنا بعيد عن `الإغريقية` بقدر ماهو قريب إلى `المصرية` وهو نفسه الفارق الذى يفصل منحوتات `كمال خليفة` المرققةفى الستينيات، عن منحوتات كنيثأرميتاجArmitageالبريطانى.فى الستينيات أيضا كان خليف يقدم `موضوعا` للنحت (ملكة القطن مثلا)، وكان أرميتاج يقدم ابتكارا فى `فنية` النحت وأما `الرزاز` فهو ينحت `فكرة` Comcept.
- ويأتىتصريح فناننا المبدع مصطفى الرزاز، واصفاً صميم تجربته النحتية على أبلغ مستوى، إذ يذكر فى كتابه الذى أصدره فى معرض 1998، من بين محاورة مطولة مايلى:`استخدمت الصاج والحديد بالقطع والطرق والثنى، واللحام والتثقيب وهى بالفعل تبدو كما لو أنها مقتطعة من مساحات مرسومة على القماش، بعد أن تيبست وتجسدت فى الفراغ - وكنت قد جُهزتُلهذه التجربة سن 1984، حيث قمت بتفكيك إحدى لوحاتى إلى مفرداتها. وحولت المفردات إلى قطع من الخشب الملون، وقمت بتثبيتها على الجدار المقابل للوحة المرسومة، وقد أثارنى كثيرا أن عشرات الأطفال يتجمعون أمام هذا العمل المفكك دون أن - يلتفتوا إلى اللوحة التى تضم العناصر نفسها، بينما لاحظت الكبار وقد ركزوا أنظارهم على اللوحة المرسومة وتجاهلوا العمل المجسم الذى أثار الأطفال`.
-إنما `الرزاز` فى سرده البليغ هنا يقدم لنا البساطة المعقدة التى تنال العمل المبدع، وتجعله حاضراً لطاقته الكامنة بأكثر من حضوره لفنيته وإحكامه بل هو يكشف لنا النقاب عن العلامة الباقية وعن الرسالة.
بقلم : أحمد فؤاد سليم
مجلة : إبداع ( العدد 7 ) يوليو 1998
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث