`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمد رياض سعيد صوان
الفن والخبز .. والقدس
- لا ينفصل الفنان الأصيل عن تناول قضية أو أكثر من الواقع سواء كان واقعاً خاصاً أو عاماً ، فقد تعلمنا من تاريخ الفن أن كثيراً من الفنانين اكتسبوا وجودا قويا فى ضمير شعوبهم بتلك المبادرة فى تناول أحداث وأفكار من الواقع الذى يعيشه الفنان . فلا ينكر احد عضوية الفنان فى المجتمع الذى تقوده إلى الإيجابية ، وقد تكون مظاهر هذه الإيجابية هى التناقض أو الصراع أو النقد لهذا المجتمع ككل أو تطبيقه أو كوضع إنسانى إلى أخره ، فالتركيز على القواعد الجمالية المطلقة أو التحديث بلا هدف هو أكبر الأخطار التى صنعت تلك الهوة بين الفنان والمتلقى ، وهو ما استطاع فى نهاية القرن العشرين أن يحاربه بقوة منذ عام 1960 الفنان محمد رياض سعيد 1939 ، يواجهنا بلوحاته السيريالية الطابع الواقعية المضمون يتناول فى لوحاته رغيف الخبز ومأساة القدس بنفس الحرارة والقوة ، يساعده فى ذلك فهمه العميق لضرورة ارتباط الفنان بما يحدث حوله فى العالم فكان بالجرى منطقتنا المشتعلة دائما . ولذلك كانت هذه اللوحة .
- يعبر الفنان رياض سعيد عن مأساة مدينة القدس ، وهى الحدث المشتعل الآن على الساحة السياسية للشرق الأوسط فهى عروس كما يصور الفنان فى كامل ملابسها ، ولكن بلا فارس بطل فقط ( الموديلور ) الذى يستخدمه الترزى والذى يقف فوقه الغراب ، بينما هناك لفافة مثل النعش تشتعل أمام المسجد الخالى من المصلين ، ومن بعيد رجل يتبول عارى الجسد معبرا عن انتهاك الحرمات أكد الفنان مأساوية الموضوع من خلال دراما اللون الداكن الأسود والأبيض والسحب التى تكاد تغطى الأفق كله ، وأعطى من الأشكال الصامتة ووقفة العروس كتمثال أعطى الإحساس بوحشة الموقف والمكان ومن المعروف عن الفنانين السيرياليين هذه الوحشة التى تحيط بالأمكنة المرسومة إمعانا فى غربة الأشكال ويرجع السبب فى ذلك إلى الرغبة فى تفرغ المتلقى لهمس الفنان وإيماءاته السيكلوجية هو ما نراه واضحا فى هذا العمل الجميل !
مكرم حنين
الأهرام 10 / 11 / 1995
بين ابن البلد وابن الذوات
- الفنان القدير محمد رياض سعيد ( 1937-2008) المحلق دوما فى سماء السوريالية .
- وهو من مواليد القاهرة 1937 بشبين القناطر بالقليوبية وتخرج فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة 1964 بامتياز مع مرتبة الشرف وحصل على شهادة الأستاذية فى الفن من أكاديمية سان فرناندو بمدريد 1976 .
- ويعد رائد السوريالية وتربع على عرشها أربعين عاماً وامتلك تقنيات إنهاء اللوحة لتبدو فى أجمل رونق وكأنها لوحة كلاسيكية رصينة ، وبالفعل يثبت أستاذيته فى البورتورية الكلاسيكى ولعل أشهر لوحاته فى هذا المجال لوحة ` الراهبة `.
- نحن هنا نتواصل مع إبداعاته من خلال زميل دراسته ورفيق مشواره الفنى الفنان مصطفى الفقى.
- تخرج فنانا من قسم التصوير حيث عشت معه طوال الأربع سنوات بهذا القسم ، علاوة على الفرقة الإعدادى مع كثرة الأعداد من الزملاء وعدم الأستقرار فلم أتعرف عليه عن قرب إلا فى حفلة قمنا بها تقريباً فى نهاية العام الدراسى للفرقة الإعدادى ، ومرة أخرى أثناء القيام برسم تمثال فى مبنى إعدادى على سطح الكلية ، وكان فى هذا اليوم الأستاذ على مهيب معيداً علينا وحين رأى اللوحة الخاصة بى قال لى: كفاية كدة ، اتركها واعمل واحدة أخرى وسوف تأخذ عليها الدرجة النهائية ، وهنا بدأ الزملاء يلتفوا حولى إلا رياض سعيد كان دائماً منعزلاً عن الزملاء ولا تعرف عنه أى شىء ، وفجأة حضر الأستاذ عزيز وهو رجل كبير فى السن والحجم ويرتدى نظارة ذات عدسات كبيرة أيضاً وتظهر من خلالها عينيه بوضوح تام ، وجه لى النداء والحضور الفورى بصوت عالى ... أنت سوف ترسب فى هذا الشكل وسأعطيك صفر .. وكانت المادة خاصة بقسم الحفر حين ذاك .
- وهنا ظهر رياض بجانبى وكله شفقة على وفى نفس الوقت لا ينقطع عن الضحك ، وقال لى : أجرى وأذهب لعلى مهيب واخبره بما حدث، وفجأه حضر على مهيب وبعد معرفته بما دار ابتسم وقال لى لا تخف أنا عند كلمتى ، وفعلاً حصلت على 100 من 100 فى هذا الشكل ومن هنا تعرفت أكثر على محمد رياض سعيد وكنا على مقربة من نهاية الفرقة الإعدادية ، وطلب منى كتابة عنوانى .. وجاءت الأجازة ، وذات يوم وجدت رياض أمام باب شقة الأسرة بشارع مجلس النواب بالسيدة زينب وأخبرنى بنجاحى فى الفرقة الإعدادى وأنه الأول على الدفعة هو الزميل عبد المعبود نجيب وقمت بضيافته وحين خروجنا من المنزل أخبرته بأن أحد الزملاء فى الدفعه ساكن بالقرب منى وهو صبرى منصور وذهبنا إليه للخروج معنا ولكننا لم نجده وذلك لسفره للعائلة فى طنطا وبدأ العام الجديد 1960- 1961 وذهبنا إلى قسم التصوير للفرقة الأولى .. ومن هنا بدأت الحيرة على وجوهنا جميعاً .. وذلك لأن العدد المتقدم لقسم التصوير كان كبيراً جداً والقسم لا يسع لمثل هذا العدد .. وهمس رياض فى أذنى وقال لى .. إوعى تسيب هذا القسم وكذلك حضر معنا صبرى منصور .. وبإصرار تام منا بعدم ترك قسم التصوير بأى حال من الأحوال . وجاء الأستاذ درويش وأخبرنا بأن هذا القسم صعب والرسوب فيه كثير جداً .. ورغم ذلك كان لدينا العزم والإصرار على البقاء فيه .. وقد كان .. وبدأ بقية الزملاء فى الاتجاه إلى الأقسام الأخرى واستقر العدد لحوالى 17 طالب وفجأة وأثناء الوحدة بين مصر وسوريا بأن حضر معنا فى الفرقة الأولى عدد كبير من الأخوة السوريين ، من بينهم - نذير نبعه - خالد مز - أدهم قطرش - نشأت الزغبى - زياد الرومى - وزميل فلسطينى هو إسحاق سلطان التميمى وآخر أندونيسى ` طوباجوس` وزميل يونانى ` كيفرك ايراديان ` ..ومن هنا بدأ الصراع كما لو كنا فى فرقة إنتحارية لمدة أربع سنوات فى تدريب شاق وخاصة حين حضر رياض وأخبرنى بأن الأخوة السوريين على دراية كافية بالفن ..لأن بعضهم كان مدرس تربية فنية وآخر ناظر مدرسة سابقاً وأخبره بالمرحلة الزرقاء لبيكاسو .. طيب حنعمل إيه يا رياض .. وتانى يوم ذهبنا إلى شارع قصر النيل وفى بدايته من التحرير كان يقع مبنى متحف الفن الحديث ومكتبة فنية وبجوارها مكتبة موسيقية ذات حديقة كبيرة وبجوارها من الجهة الأخرى مبنى منزل السيدة هدى شعراوى وكان فى ذلك الوقت الأستاذ جلال فؤاد مديراً لهذه المكتبة ثم نقل هذا المبنى بعد ذلك إلى شارع شمبليون فى شقتين وفصل عنها المكتبة الموسيقية وكان الدكتور هانى إبراهيم جابر مديرا ًلهذه المكتبة وتم نقلها مرة أخرى إلى بولاق حيث كان بجوارها مراسم لكل من الأستاذ عباس شهدى وعز الدين حمودة والنحات محمد رزق وأحمد إبراهيم وحامد ندا ثم محمود عبد السميع .
- وكنا نتقابل يومياً أنا ورياض سعيد فى المكتبة بشارع قصر النيل ثم الذهاب إلى باب اللوق حيث قاعة الغرفة التجارية .. كان محمد رياض على دراية كافية بهذه الأماكن أكثر منى .. ويرجع ذلك إلى أستاذه بالمرحلة الثانوية .. وذات يوم طلب منى رياض الذهاب معه للتعرف على هذا الأستاذ والاستفادة منه فنيا وبالفعل ذهبنا إلى مدرسة السعيدية الثانوية وكانت الساعة تقترب من السابعة مساءاً وأثناء دخولنا المدرسة كانت هناك رائحة الدخان .. صادرة من حجرة الغفير وكان يعرفه جيداً وذهب إليه .. ثم خرج رياض والدموع فى عينيه وأخبرنى بأن الغفير بيحب يدخن الشيشة وأخذ يشربها وفى هذا اليوم أصيب صدره بوعكه .. لذلك حزن رياض وبكى .. كان رياض رغم تعامله بشده مع بعض الأشخاص وبالذات فى الأشياء التى لا يرضى عنها ورغم ذلك كان قلبه طيب جداً وينفعل بشدة أيضاً أمام موقف مؤلم وحزين ، كان رياض مهتماً بالدراسة وملتزم لأقصى درجة .. متواجد فى القسم طوال اليوم .. لا تستطيع التكلم معه من بداية اليوم الدراسى وحتى نهايته .. وهو أمام اللوحة فى حماس وحيرة أحيانا واهتمام يفوق الوصف .. إذا أكل يأكل أمام اللوحة ولا يتكلم مع أحد ولا يسمع لأحد .. وكان فى كثير من الأحيان يدفع للموديل أجره من عنده حتى يجلس له وقت إضافى وكان على أيامنا مكان يعرفه معظم طلبة الكلية فى ذلك الوقت من الستينيات وهو ` الشالية ` بالقرب من الكلية ..كنت أذهب إليه باستمرار أنا وخالد درويش وحسن عبد الفتاح ونذير نبعة وصبرى منصور ثم يحضر رياض بعد الانتهاء من الموديل ومن رواد الشاليه كل من الوشاحى وبقشيش واللباد ونبيل تاج وزكريا الزينى وسمير الاسكندرانى والدسوقى فهمى .. وكان رياض مشاكس مع الجميع بطريقة مقبولة وبها شىء من المداعبة وبالذات مع الوشاحى لما يظهر عليه من كبرياء وعظمة فى التعامل حيث كان يرفض الأكل بدون صنية أوطبق خاص له ... فكان رياض لا ينقطع على الضحك بصوت عالى ويأخذ من الوشاحى الأكل ويقول لى تعال ناكله احنا .. طالما الوشاحى عايزه فى طبق خاص... رغم ذلك أحبه الجميع .
- كان يوم التحكيم لمشاريع أعمال السنة أصعب يوم بالنسبة لرياض كما لو كانت اللوحة قد دخلت العناية المركزة لإجراء عملية جراحية لها ... كان يجلس فى صمت وترقب وقلق شديد .. وكانت النتيجة أما مرضية فيستعيد أنفاسه أو غير مرضية ويظهر عليه الحزن الشديد لدرجه أنه كان يبكى أحياناً . وفى الفرقة الثانية تصوير بدأ يظهر الصراع بينه وبين الزميل صبرى منصور بوضوح تام لم يكن من ذى قبل .. رغم كوننا مجموعة متآلفة وعلى اتصال تام أنا وصبرى ورياض وحسن عبد الفتاح ونذير نبعه وعبد المعز سلامة كان رياض مقل فى الاشتراك فى رحلات الكلية سوى رحلة الأقصر وأسوان ، والاشتراك فى مهرجانات الثورة ببورسعيد .. وكنت أنا ورياض وزكريا الزينى مساعدين للأستاذ درويش فى مهرجان 23 يوليو وكان رياض فى منتهى السعادة أثناء العمل فى هذه المهرجانات كتدريب على الأعمال الكبيرة ولاكتساب خبرة وبالذات مع الأستاذ درويش رغم قلة الحافز المادى ... لأنه لم يكن بكرم الأستاذ البنانى أو الأستاذ عاصم الذى كان كريماً جداً لدرجة أنه كان يشترى لنا الأكل بكميات كبيرة على سبيل المثال الجبنة الرومى بالقرص الكبير وكذلك الفلامنك ، كان رياض شاطر فى شراء الأشياء ومهتماً بمظهره وشراء أغلى أنواع الملابس .. لدرجة أننى أخبرته بمحلات فى شارع فؤاد ( كليبر وكيزك ) والحذاء بها ثمنه 99 قرش فكان يضحك ويشترى الحذاء بثلاثة جنيهات.
- كان رياض بداخله ابن بلد ويحمل ابن ذوات لدرجة أنه فى يوم من الأيام أخبرنى عن عربة كشرى فى باب اللوق وبالفعل ذهبت معه وأكلنا كشرى لم آكل مثله من قبل كان رياض متخصص فى الأكلات الشعبية وبالذات لحمة الرأس والسمين لدى عربة أخرى فى شارع المحطة بالجيزة حيث الزحام والإقبال الشديد عليه .
- وكان يؤمن بالحسد... حريص جداً فى التعامل .. لا يعطى أو يبح ما داخله بسهولة إلا لمن يثق به ويرضى عنه ورغم ذلك لا يبيح إلا بالقليل والغير مهم أيضا.
- كان رياض محب لأعمالى بالكلية ويقول لى أنت سوف تصبح فنان ذو شأن كبير رغم نظرتى له وتفوقه ودهشتى لإتقانه اللوحة ومدى الدراسة بها وكان رياض ذو مهارة فى مادة الفرسك ` التصوير الجدارى ` على عكس رغبتى التى كانت تتجه نحو المنظر الطبيعى وكان رياض يجلس بجانبى فى المناظر بإعجاب من القلب لدرجة أنه بكى فى يوم الامتحان لمادة المناظر الخارجية بمنطقة القلعة فأثناء رجوعنا بسيارات الأجرة كانت اللوحات على شبكة السيارات .. وفجأة طارت إحدى اللوحات واستقرت تحت عجلات إحدى السيارات وهنا بكى من غير ما يعرف اللوحة لمن من الزملاء.
- وكانت المفاجأة بأن هذه اللوحة خاصة بى واشتد حزن رياض أكثر ولم يتركنى إلا بعد الذهاب للكلية والكونترول حيث أعطونى ساعة إضافية لتصليح المنظر من الأتربة وخلافه ورغم حصولى على درجات شبه نهائية فى جميع المواد لم يكن هناك أى إحساس سواء من رياض أو صبرى منصور بالمنافسة معى ، كانت العلاقة بيننا يربطها الحب والصفاء ، ثم جاء مشروع البكالوريوس وأثناء العمل بالكلية حوالى الساعة الثانية عشر مساءاً جاء لى رياض وأخبرنى بأنه يريد أن يأكل أى شىء وخرجنا من الكلية ولم نجد أى مكان فى الزمالك لشراء أكل إلا الذهاب إلى أبو العلا وهو أقرب مكان لنا .. والسهر فيه حتى الصباح ... وحين وصولنا كان هناك مصدر لرائحة كباب وذهبنا إليه فوجدنا زحام كبير والكل ينادى على صاحب عربة الكباب بكلمة غريبة إلا وهى ` يا بسبس ` بخمسة صباع بـ عشرة يا بسبس .. كان صابع الكفته بتعريفه ` خمس مليمات ` وهنا بدأ الشك فى قلبى وأخبرت رياض بكلمة بسبسى وما المقصود بها !!! فأخبرنى رياض بأنه ابن بلد وهذه كلمة شهرة لأولاد البلد ولم أقتنع بذلك فسألت أحد الموجودين أنتم بتقولوا له يا بسبس ليه ؟؟ فأخبرنى بأنه لسه طالع من السجن لأنه كان يبيع لحمة قطط قبل ذلك.
- وهنا أقسمت لرياض بالعودة للكلية ولو بدون أكل ... ولحسن الحظ وجدنا بقال واشترينا جبنة وحلاوة ورجعنا بخير وسلام .. ولم ينسى رياض هذا الموقف وكان يردده ويحكيه باستمرار .
- وبعد التخرج طلب من رياض لوحة عن جيفارا فذهبنا إلى مرسم الفنان كمال خليفة بشارع منصور بالقرب من باب اللوق حيث كان يعانى من شدة المرض فكنا نذهب نجلس معه لتخفيف الآلام عنه وكان يحضر عنده أيضاً الشاعر نجم وطلب منه رياض إلقاء قصيدة ` جيفارا مات ` وكنت فى منتهى السعادة ومنذ هذا اليوم كنا نذهب أحيانا أنا ورياض إلى نجم فى حوش آدم بالغورية وكان معه الشيخ إمام لسماع بعض القصائد الشعرية والمواقف كثيرة لا يسعنا ذكرها الآن سوى سماع الذكرى الطيبة لصديق العمر محمد رياض سعيد صوان .
بقلم : د. مصطفى الفقى
مجلة الخيال : العدد (29) أغسطس 2012
`حلم فى ساحة القدس`
- لوحة سريالية ترصد الغضب والصمود
- استحوذت القضية الفلسطينية على نصيب كبير من اعمال الفنانيين التشكيليين التى رصدت جرائم الاحتلال الاسرائيلى ومعاناة الشعب الفلسطينى فى مواجهة استبداد المحتل الغاشم.. ومن اللوحات الرائعة المعبرة عن الأثر النفسى المدمر لمن سرقت أرضهم، لوحة الفنان المصرى السيريالى.. محمد رياض سعيد (1937-2008) ومثلما تعبر اللوحة عن حالة الغضب كرد فعل على جرائم المغتصب الاسرائيلى.. فأنها تؤكد أيضا على صمود الأقصى.
- اللوحة التى تحمل عنوان `حلم في ساحة القدس` غير مؤرخة.. أى لم يسجل الفنان تاريخ رسمها في اسفل اللوحة.. كأنه أراد تأكيد أن أثر الحدث المرسوم مستمر.. فى ظل الكابوس الموجود على الأرض دوماً، وآخرها منذ أكثر من أسبوعين بالاعتداء السافر على مسجدنا الأقصى أولى القبلتين ومسرى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم).. الذى اسفر عن استشهاد عشرات الشباب والنساء والأطفال وحرق الأرض بمن عليها..
- فى اللوحة يقدم الفنان رؤية سيريالية تتناسب والمأساة العبثية التى تحدث فوق الأرض الفلسطينية بأسلوبه السيريالى الرمزى لمشهد مُحمل بالنقد والغضب.. مقدماً صورة بصرية كلاسيكية فى عناصرها كلاً على حدة وقد اجتمعوا معاً فوق مساحة واحدة داخل المشهد بتركيبة خيالية تماماً كمنطق اللوحة السيريالية.. ومن تجمع هذه العناصر معاً ومن لا منطقيتها تأتى دلالتها..
- فى أعلى يمين اللوحة نرئ مسجد `قبة الصخرة` بقبته الشهيرة وأعمدته وعقوده فى صورة واقعية رصينة وأمامه عروس ترتدى ثوب زفافها وطرحة الزفاف تمتد ملتوية حتى مدخل اللوحة الى اليمين وهى تقف تشهد جثمان عريسها أو بطلها المُخلص وهو راقداً أرضاً داخل كفن يلف جثمانه تشتعل فيه النيران وبجواره سيجاره محترق عن آخرها..
- وفى يسار اللوحة يتصدر المشهد فى المقدمة `مانيكان` ضخم نصفى خشبى أسود اللون مبتور الرأس خال من الحياة أو إرادة الفعل وقد عُقد حول عنقه وشاح شفاف يناظر طرحة العروس أمامه.. ليقف كالشاهد أو المتفرج.. فيما يعتلى مكان الرأس فى المانيكان `غُراب` وبجواره بيضة يراقب المشهد بأكمله وقد بدا عاجزاً عن النعاق.
- وفى عمق المشهد يساراً هناك يقف رجل عار - ربما أحد سارقى الأرض - يتبول بجوار المسجد أمام جدار وهمى وأمامه جبل وإلى يمينه المسجد وإلى خلفه العروس والكفن المحترق والمانيكان..
- هكذا يصبح العمل الفنى رمزياً - وهو مزدحم بالتأويلات - وبعد وثيقة على عصر يُحرق فيه السلام وتُنتهك المُقدسات دون أى حركة من أحد سوى الرجل المتبول ونيران الجثمان المتصاعدة برائحة اللحم الحى أمام المسجد وسحب كثيفه أخرى رمادية متصاعدة تمتد لأعلى فى السماء خلف المسجد فقط كأنها تتشارك وسحب نيران شهيد الأرض الحمراء.. بينما السماء وحتى الى العمق نراها صافيه زرقاء..
- وتعد هذه اللوحة من أهم الأعمال الفنية التى صورت قبة الصخرة بطريقة واقعية ورمزية وسيريالية فى آن واحد وبتعبير قوى التأثير يعكس رسوخ المسجد الصامد الغاضب الواثق من النهاية بتلك الإضاءات التى تنعكس فوق قبته وأعمدته..
- لقد ألبس الفنان الكبير الوهم بصرياً ثياب الحقيقة الماثلة من من مواد مختلفة.. من الأقمشة المحترقة.. والبناء المعمارى الحجرى.. والمانيكان الخشبى.. والغراب.. والسيجارة المحترقة.. وعروس الأرض.. جاعلاً المشهد بكامله بشهيده ونيرانه والتبول بجوار المسجد غاضباً من خلال السحب السوداء المندفعة لأعلى خلف قبة المسجد.. وبنيران الجسد أمام المسجد.. وبتلك المواجهة السلبية بين العروس والمانيكان والغراب متواجهين وبينهما رمزياً جسد الأرض يحترق..
بقلم : فاطمة على
مجلة آخر ساعة : 19-5-2021
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث