`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمد طه حسين

- الفنان محمد طه حسين هو واحد من أولئك المبدعين الذين يتسمون بالصفة الريادية والشمولية والمؤسسية، حيث عرفته الحركة الفنية المصرية منذ أوائل الستينيات من هذا القرن مفجراً لطاقاته الإبداعية فى فروع الفن المختلفة مشاركاًً ومؤسساً لدور ريادى فى فتح آفاق الفكر التشكيلى على عوالم الحركة الفنية وتوجيه مساراتها فانطلقت رؤيته الفنية منذ البداية من إيمان بجدوى الرسالة.. وعن اقتناع بضرورة الفن.. استشعر ( طه حسين ) مسئولية أن يضع مع زملائه المهمومين مثله، الحركة الفنية فى مكانها من المنظومة الحضارية المصرية، متجاوزة محدودية الأحداث والمواقف وجوامد الموروثات إلى رحابة القضايا الإنسانية الشاملة مستعيناً بأبلغ ما حققته أنماط الحضارات القديمة من فرعونية وإسلامية لكشف عوالم إبداعاته ..
- ففى العام 1959 قدم الفنان طه حسين أولى المحاولات والتجارب الابداعية للكتابات العربية فى الفن مع زميله الفنان ماهر رائف بأكاديمية دوسلدورف، كما قدم فى عام 1964 أولى تجارب الجرافيك الملون فى مصر .
- وخلال الاربعين عاماً الماضية، استطاع طه حسين أن يعزز باقتدار أهم ابداعاته الحياتية دون أن تتوزع طاقاته أو تتبعثر متأثرة باتجاهات سوق الفن المحلية أوالعالمية حيث التزم منذ شبابه المبكر بالإخلاص لمنهج التفكير بالفن ..
- وعلى الرغم من أن مهامه فى تدريس الفن كأستاذ بكلية الفنون التطبيقية ثم عميداً لها قد استغرقت جانباً من وقته، إلا أنها لم تبعد به عن مجالاته فى خدمة الفن والثقافة كما أنها لم تبعد به عن همه الأساسى فى مجال الإبداع .
- إن من يتتبع العطاء الفنى للفنان محمد طه حسين عبر مشواره الإبداعى الطويل، إنما يستمتع ببحثه الدائم فى عالمه الداخلى المفتوح بلا حدود حيث جاوز بتأملاته إغراء محاكاة الطبيعة والواقع، باحثاً عن عالم لايعرف القيود، مواصلاً الإمساك بعناصر تجربته الفنية التى نال من خلالها التقدير على المستويين القومى والدولى.. فالفنان عليه أن يبحث فى مختبره الفنى عن تعميق خطوات النجاح والبحث عن اتساع التجربة التى حصلت على تقدير، كى تكون هذه التجربة مرفاً متميزاً للحركة التشكيلية المصرية.. وخطوة فخطوة أدى به هذا الترحال فى باطن نفسه، كما أدت به غيرته على هويته الى انصهار المشاهد فى الشىء الذى يتأمله .
- إن الفنان المثقف محمد طه حسين ينطلق فى مشروعه (التفكير بالفن ) باحثاً فى عناصر البيئة والتراث عن أشكال بصرية عديدة تشيع بسمفونياتها الموسيقية متعة فى الروح.. وهو ماض فى مشروع هذا البحث منذ سنوات عديدة عن اقتناع بأن رؤية العالم من الممكن لها ان تنعكس وتتبلور من خلال صنع صور وأشكال وبناء أشياء .. وأن انعكاس مثل تلك الصور لاينبغى أن يتم بطبيعة الحال بتفسيرها بطريقة وصفية، بل بنوع من العقلانية والحساسية ترتكز على التأمل والتدبر والتركيز الضرورى .
- هكذا تعتمد العملية الإبداعية عند طه حسين فى الأساس على الإدراك والتأمل والحدس معاً ، انطلاقاً من مخزون معرفى اجتهد كثيراً فى بنائه بصمت .واعتماداً على رصيد فكرى وعلمى وتجريبى يؤهله لتجاوز الجوامد والموروثات وفك رموزها وتحليلها، وابتكار لغة عصرية جديدة تصير هى بفعل الفن - خلاصة التفاعل للتعبير عن جوهر العمل الإبداعى.
- إن الارتباط الدائم للفنان محمد طه حسين بالقضايا الحياتية الأساسية، ومن ثم إدراكه لقدرة الإنسان المبدع على صنع عالمه، وعلى بث الحياة فيه .. وعلى تفعيل دوره فى الحياة أدى الى اهتمامه بما هو جوهرى فى الاشياء وهو ما يشكل بالفعل القاعدة الأساسية التى ترتكز عليها كل أعماله .
- يدهشنا طه حسين ببراعة استخدامه للخامات المختلفة والتقنيات وبارتياده للعديد من مجالات الفنون البصرية على تنوعها - حيث يقدم الآنية والمنحوتة والتجويفات الفراغية والعمل الطباعى والتركيبات والملامس والنسجيات المرسمة.
- وحينما تتأمل هيئة أشكال (طه حسين) فى فنون التصوير والرسم والحفر والعمل الطباعى إنما نتبينها واقعة فى برزخ متوسط بين هذه العناصر الطبيعية أو التراثية ومنحى جرافيكى - إشاراتى تجريدى أو سحرى. ويدعم الفنان هذا الاختيار الجرافيكى المتميز باختيار أشكال دائمة التحول، معبراً بذلك عن رفضه لأى تنميط أو أسلوب مسبق التصور أو سابق التجهيز فهو فن فى مجمله تركيبى استدلالى يتجنب العقائدية والنشيد الميثولوجى لذاته لكأنه فى النهاية صانع لقيم بصرية تمتص حياة تراث حياة المنطقة المصرية والعربية والإسلامية برمتها .. من ثم يعمل على تقويمها بتحولات وابتكارات أصيلة.
- إن عالم (طه حسين) هو فضاء اتصال مفتوح ، لابداية له ولانهاية،عالم لامتناه من الإشارات عالم من الإشارات متوهج وخارج عن المألوف، فالتخطيطات العنيفة المنطلقة فى بعض لوحاته تذكرنا بفاعلية وحيوية فن الخط العربى. لذلك نرى أن كل الحدود بين الرسم واللون تنمحى فى أعماله حتى لكأنها تذوب فى نسق واحد .
- إن تلك الاشارات التى تملأ فضاء اللوحة، إنما تردنا الىألغاز عهود بعيدة كانت عقول البشر فيها تتماهى بين الزمن والثقافة، وبين اللحظة الراهنة واللحظة المختزنة فى الذاكرة هذه الاشارات المشحونة بالشاعرية تنشط مخيلتنا، وتكشف لنا عن توليفة سحرية تجمع بين الذكاء والتقنية المحكمة.
- ناهيك عن التشكيلات الخزفية والفخارية، التى تبدو وكأنها مقتلعة بعنف من الطبيعة، وحاملة ملامح تعب جيولوجى مزمن .
- ثمة حميمية توحى بها (الملامس) التى تهيمن بنموذجيتها الايكولوجية على الشكل بحد ذاته.. هكذا فى هذه التشكيلات الخزفية الخارجة من النار مخلوقات جديدة، تتحدى عزلتها ، وكأنها احترقت لتتطهر فى قلب الفرن المتوهج تتحول المادة، وتتشكل فى أشياء تمنحك صلابتها الداخلية، وتدعوك للاتحاد معها .
- يرتعش السؤال .. وارتعاش السؤال هو التكملة.. فلنوقف البحث عن القوالب .فهذه الأشياء ليست أشكالاً، هى ليست إلا معابر انتقال..
- حفر فى الذاكرة.. تقتلعنا خارج وجودنا الذى نعرفه، تلقى بنا فى عبق الأزمنة القديمة .. تمس أصول الأشياء وطاقاتها البدائية : الحيوية والخصوبة والرغبة الطاغية فى الهبوط فى العمق.. كأن لأشيائه بشرة لا تكاد أن تقاربها من خارج حتى تجد نفسك مشدوداً الى الداخل وما وراءه.
- لهذا لا تكفيك الرؤية بالعين، إنما تلزمك ايضاً الرؤية بالقلب. ويفاجىء الفنان القدير محمد طه حسين جمهوره معرضه الشامل بمركز الجزيرة للفنون بلوحته البانورامية (6أمتار طولاً ) والتى أنتجها فى أول عام 2000 والتى إسمها ( قرن من الإبداع ) .. بطرح أسئلة القرن العشرين التى لاتحصى، والتى بلورت حالات من الفكر الإنسانى المتفاعل : فناً ورؤية وفلسفة وتشكيلاً .
- هكذا كمنت الريادة .أول غيث الريادة، هو فى قلقنا الفكرى، فلكل مرحلة زمنية أنماطها المتفاوتة فى الأساليب الظاهرية.. لكن الجامع الأساسى هو همها المرحلى .
- وعند التقاء الريادة والمعاصرة مصهورين يكون وهج الارتقاء مشعاً نافذاً .
محمد رزق - مدير مركز الجزيرة للفنون


- يقول دامكه : `أن أعرف، أن أتصادق معه، أن أتذوق أعماله وأتتبع تطورها على مدى أكثر من عشرة أعوام ، كان هذا مغامرة بالنسبة لى ، لأن طه حسين، كرسام ، كفنان جرافيك وسيراميك شامل طرق مجالات فنية أخرى ، إنما هو يجد لذة فى أن يفاجئ الأصدقاء وأبناء عصره دائماً بصياغة جديدة لفنه وغير متوقعة. إنه يتوقع من عشاق فنه أن يتعايشوا معه، وأن يتكلموا معه ، بل وكلما ازدادوا قرباً منه كلما كان هذا يعنى أن يتأملوا معه، وأن نشاركه آلامه .
- فما تراه لأول وهلة من ارتداد بلا دافع وراءه، أو قفزة إلى مجال عمل أخر، إنما هو درب من استجواب النفس، يأتى بنتائج كثيرة مثيرة، تنصب فى الخبرات ذات مغزى وأحياناً ما ننسى أن كل مرحلة من مراحل إبداع طه حسين، إنما تتفاعل مع تطور الفن المصرى المعاصر، وهى بذلك تقدم حلولاً تحتل مكانتها على الصعيد العالمى .


بيرنت دامكه - ألمانيا

الشرق والغرب يلتقيان مع الفنان طه حسين
- محمد طه حسين.. فنان تجمع أعماله بين التعبيرية والتجربية.. وهى أعمال تتعدد فيها الفنون البصرية من التصوير والجرافك والرسم إلى الخزف والسجاد .. تمتد بتجليات وآفاق صوفية يلتقى فيها الشرق والغرب.. تمثل فى النهاية صيغة شاغرية لمعنى الأصال والحداثة وحوار الحضارات .. هذا الحوار الذى ينطلق من الفن المصري القديم والفنون الإسلامية مع الفن الأوروبي وتقنيات ومفاهيم العمل الفنى فى الحداثة الغربية.. ويمكن مفهوم الحداثة هنا فى اتساع أساليب استلهام صيغ التشكيل الترثية من خلال لغة عفوية صورية مجازية.. نابضة مسكونة بمشاعر الذات المحملة برهافة الوعى والثقافة .
- وربما كانت شهادة ( دار حجار ليسنج ) وهو أحد نقاد الغرب أكيدا على تلك الصيغة التى جعلت فن طه حسين يلتقى فيه الشرق والغرب بعيدا عن الهيمنة والتبعية وعلى نفس المستوى من الانفتاح هكذا يحلق محمد طه حسين بواسطة فنه من خلال منظور مستقبلى .. يشير فى عصر العولمة لطريقة التكافؤ الثقافى والاحترام المتبادل.. وهو يوفق أعماله بين المجتمعات الشرقية والغربية الموسومة بعلاقات مشحونة بالنزاع.. وبالفعل تحقق فى أعماله تعبير (الشرق والغرب يلتقيان) فى وقت تلتبس فيه المفاهيم وتضع الخصوصية.. فهو يجسد فضاءات للانتماء ويمهد جسورا للثقافات .
- ومن هنا توجت رحلته مع الإبداع بجائزة مبارك أكبر جائزة فى الفنون تأكيدا واعترافا بعمق فنه .
* سحر المشربية :
- فى قلب القاهرة التاريخية ولد الفنان طه حسين عام 1929 وسط تلك الدروب والأبهاء والكوى والمنافذ والدرج الشاعري وفوانيس الإضاءة العربية والقناديل والمشكاوات كل هذا مع سحر المشربية التى تعكس ملاحم من الأضواء والظلام .
- كان احساسه فى الطفولة يهتز من ألحان السماء التى تنبعث من الأقمر والأزهر ودنيا الأرابيسك التى تفيض بها الأصرحة والأسبلة.. ولوحات الخط العربى تتألق بالتوريق والتذهيب تهتف باسم الله وتسبح بحمده بين البارز والغائر ورشاقة واستقامة الكوفى وطلاقة الثلث وبهاء الزخارف والنقوش .. وكان هذا المخزون بين الثقافة البصرية دافعا كبيرا له من أجل الالتحاق بكلية الفنون التطبيقية حتى يتمكن من تأكيد هذا التراث والانطلاق به إلي آفاق جديدة .
- وقد تحقق له ما أراد ودرس فن الخزف والتصوير الحائطى وبعد تخرجه عام 1951 .. اتجه إلى ألمانيا حاملا بداخله ثقافة بلاده .. محصنا بالوعى والتاريخ من الحضارة الأسلامية.. وهناك حصل على دبلوم الجرافيك من المدرسة العليا بكريفلند فى عام 1959 واستمر فى دراسته إلى أن نال الدكتوراة من جامعة كولونيا عام 1964 عن (تاريخ الفن المقارن والآثار).. عاكفا على تراث الأجداد .. ودارسا ومتأملا لفلسفة الجمال فن الفن الإسلامى بعين البصر والبصيرة.. وقلب مفعم بهذا الإيقاع الفريد الذى استلهمه من قبل مايتس وموندريان.. خاصة والفن الإسلامى نسق خاص ينصرف عن تصوير الأشياء بذاتها.. ويعمد إلى التجربة وإلى فن منظور روحى يختلف عن المفهوم الرياضى الغربى كما فى فن المنمنمات.. بمعنى آخر تصور رمز الأشياء هذا الرمز الذى يتجه نحو القيم الكبرى المطلقة .
- ولقد شكل طه حسين صيغة جديدة جمع فيها بين الأصالة والحداثة.. وهى وإن كانت ترتكز على آفاقه وتصوراته التعبيرية .. إلا أنها أيضا ومع جماليات التراث ..تمتزج بإيقاع الخداع البصرى.. الذى يعتمد على إحكام التنظيم الهندسى من خلال المنظور الحسى حيثما يتم تصغير بعض الأشكال الهندسية فى تدرج بينما ما يقابلها ينتظم يالعكس ويتولد نتيجة هذا التنظيم مع الألوان الداكنة والمضيئة .. إحساس عام بالحركة نتيجة تذبذب العلاقة بين الشكل والأرضية وتبادل الوظائف فيما بينهما .
* الصحوة :
- وربما كانت لوحته (الصحوة) 1964 بمثابة أبلغ تعبير لتلك الصيغة.. فهى تمتد بهذا التشكيل البديع من الأرابيسك الذى يذكرنا بتكرارية الزخارف الإسلامية لما تحفل من أشكال دائرية وبيضاوية ومثلثة .. وفى نفس الوقت تجمع بين الأوب آرت.. وفيها أيضا روح الفن الإسلامى والشعبي بأداء معاصر.. ومع الترديدات اللحنية الهندسية الصغيرة.. تتكرر العين من مساحة إلى أخرى بمثابة شاهد على الصحوة، كما تطل عين أخرى فى إطار دائرى وعلى خلفية من الذهبى فى بؤرة التشكيل أشبه بقدس الأقداس .
- وقد استوعب الفنان طه حسين بقدرة فائقة ورؤية حديثة قوانين الفنون البصرية عن طريق تجاربه المتعددة بروح المغامرة والبحث والاستكشاف وتأصيل ابعاد إنتاجه واستلهام تراثه الحضارى العريق .
- ثم انتقل إلى الأعداد والأرقام العربية يبنى منها تشكيلاته وإيقاعاته البسيطة العميقة معبرا عن حركات ديناميكية تحدها تقسيمات .. تبدو متلازمة مع قدرته الزخرفية وتكرراه للعنصر الواحد بأشكال متماثلة يتخللها تكبير وتصغير لنفس العنصر، كما فعل فى لوحته (تكوين العدد 2) التى عرضها ببيتالى فينسيا عام 1972.. وهى تشتمل على ثلاث درجات لونية أو ثلاث إيقاعات لحنية شديدة الرصانة والاقتصاد من الأبيض والأسود والرمادى.. وهذا الإيقاع يعتمد على الإبهام والإيحاء.. وهو يستمر فى خوض تجربته مع الحروف العربية مثل الأرقام .
- وقد أضاف أبعاداً وأعماقا روحية جديدة فى هذا الاتجاه .. كما فى مجموعة لوحاته (البسملة) 1984.. والتى تتميز بتلك الحيوية والطلاقة الشديدة والحس الصوفى.. وقد جمع فيها بين الإيقاع الهندسى والغنائية التعبيرية فى إحدى اللوحات نطل على مساحة جريئة ومتسعة بهيئة حرف T وعلى الجانبين مساحتين بدنيا من النقوش.. وتنساب الحروف فى الجزء العلوى بطاقة روحية لا تنتهى حيث يستدير الحرف ويتصاعد ويهبط فى رشاقة بين الحركة والسكون وبين الاستقامة الرأسية والانحناءات الأفقية.. ومع أناقة التشكيل يعتمد الفنان على ثنائية لونية من الأبيض والأسود فى حوار ينتشى بالسحر الصوفى .
* النيل العظيم :
- ومن بين ملاحم طه حسين البصرية جاءت لوحته الصرحية (النيل العظم) 1985 مساحة شديدة العذوبة والخصوبة جمع فيها بين تعبيرية اللون والعناصر التشخيصية فى وقت واحد من المياه والنباتات والحيوان والإنسان.. وبين التجديد والتلخيص .. يمتد فيها النيل بشكل رأسى فى زرقة من البهجة والنقاء.. يتحاور مع ما حوله بزمن عميق لا ينتهى وألحان وأنغام لونية .. وفى لوحه ( النخلة ) ينفرج المسطح التصويرى من أسفل إلى أعلى عن هذا التاج المسكون بالزرقة والذى يملأ الأفق فى حركة قوسية لا تهدأ ومن أسفل تنتشر الثمار الخضراء من العناقيج تكاد تتساقط مشددة للجاذبية الأرضية.. وبين الأزرق والأخضر يتخلل التكوين بقع ومسطحات صغيرة من الاحمر النارى تساهم فى إثراء الحوار التشكيلى وتمثل لوحة الأراجوز إيقاعا آخر مسكونا بالنقوش والخطوط الرأسية والكريات وهو إيقاع تجريدى معاصر بروح الفن الشعبى يتألق بالأحمر والرماديات .
- وهناك أعمال أخرى للفنان طه حسين فيها روح التمائم والتعاويذ والأحجبة الشعبية وايضا المخطوطات العربية مع لمسة تقترب من دعابات بول نجلى .. وهى حافلة بالكتابات والنقوش والخطوط ذات الموجات القوسية .. وهناك أيضا أعمال تجربدية خالصة أشبه بكائنات صغيرة تسبح فى الأفق رحكة دءوب لا تعرف السكون .. وهى أعمال انتقل بها إلى مساحة جديدة من البلاغة التشكيلية فى فنه.. اعتمد فيها على عناصر عديدة من النقاط التى تنتشر على المسطح التصويري .. نقاط بيضاء تتجاذب مع أخرى داكنه وأشكال هلامية غير منتظمة يغلب عليها الطابع التلقائي العشوائى وبقايا حروف عربية وعلامات لغوية من الساكن والمتحرك يحل هذا فى انفجارات وانشطارات فضائية وهى تمثل خلاصة إبداعاته التى تمتزج فيها أعمق تجاربه التشكيلية مع ثقافته الحداثية وتأملاته لحركة الزيرو التى ظهرت فى ألمانيا فى منتصف الخمسينات من القرن الماضي وهدير التصوير الانفعالى عند بولوك والفن المصرى .
- من أجل كل هذا.. جاء جائزة مبارك تقديراً للقيمة والمعنى واحتفاء بالتجاوز والخصوصية بامتداد هذا الجسر الطويل من الإبداع والمتناغم فى جمل لحنية وشفرات بصرية بحوار الحضارات .
صلاح بيصار
القاهرة - 21 /7/ 2009
الجديد فى عالم د.طه حسين .. فى عيد ميلاده الـ 80
- مشوار طويل من العطاء والفن والجمال توجه الفنان القدير الكتور طه حسين العميد السابق لكلية الفنون التطبيقية بمعرض جديد يقيمة احتفالا بميلاده الثمانين يستعرض فيه مقتطفات من مشوراه الفني عبر 57عاما من الإبداع والانجازات المحلية والعالمية.. اثري فيها الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة بروائع اعماله وساهم في تخريج أجيال من الفنانين.. وأحسن تمثيل بالده في المحافل الدولية والجماعية.. وجمع عشرات - الجوائز المحلية والعالمية.. فاستحق تكريم بلادة ومنحه أرفع أوسمة الدولة وجوائزها التقديرية .
- وفي هذه المناسبة التف حوله الجميع ليشاركوه فرحته بميلاده ومعرضه الجديد ويستعرضوا معه متقطفات من مرحلة الفنية منذ تخرجة وحصوله على دبلوم الكلية الملكية للفنون التطبيقية في عام 1951 وحتى 2007 بل والتعرف على أحدث مجموعة من لوحاته التي انتجها بين 2008 و 2009 .
- وقد أحسن اختيار (مشاعر تجريدية) عنوانا لهذا اللقاء فهو انعكاس صادق لمضمون وفلسفة ابداعاته الاخيرة التي تتاكد في 30 لوحة عبقرية بأحجام كبيرة تعتمد على البناء التجريدي والعزف على مفردات وأبجديات تشكيلية تمثل خلاصة رحلة طويلة تجاه خبرات بدأها الفنان كغيرة من الفنانين باعتناق الكلاسيكية ومحاكاة الواقع ثم اتجاهه للتجريدية الحروفية فالتنقيطية وبلغ قمة نضجه بالجمع بينها برؤية ذاتية بالغة الجمال .
- وقد اتجه مؤخرا للتجريد الموسيقي الطلق دون أن يتخلي عن رموزه وعناصر مفرداته وترفع عن التفاصيل وتمسك بالعزف بلغة المشاعر والأحاسيس والتلاعب بالألوان والخطوط المستقيمة والمتحركة والتشكيلات والدوائر والتنقيطات والحروف التي تتدفق فوق سطوح اعماله في تلقائية ورشاقة وحيوية بالغة .
- وكعادته أجاد د.طه حسين توظيف عناصره وإعادة تركيبها وغزلها في نسيج حريري مبتكر مولدا حولا وحوارات فنية مبتكرة استعان في تعميقها ببالية ثرية بدرجاتها وتنعيماتها تجمع بين دفء الشرق وجماليات وحداثة الغرب واتجاهاته .
- رغم مساحات اعماله الواسعة ودقة مفراداته إلا أنه أحسن السيطرة عليها بخبرة الاستاذ وحرفية الفنان القدير وشاعرية وروح وقلب شاب في العشرين قادر دوما على تحدى السنين وإمتاعنا بالجديد والحديث فكل عام وهو بصحة وسعادة وقدرة على مزيد من اعطاء .
الناقد : ث . د
الأخبار 12 /2/ 2009
محمد طه حسين .. ( شقاوة ) التجريب فى الثمانين
* لو قدر لك الاطلاع على أعمال شيخ التشكيليين محمد طه حسين فى جاليرى المسار فى الزمالك سوف تتأكد أننا نفرط فى رموزنا بسهولة، هذا الفنان الذى لا يقل من وجهة نظرى عن أى فنان عالمى، وقد يتفوق على بعضهم، ولكننا شطار جدا فى إهدار كنوزنا من غير أن نعبأ بشيء، لأن هذا الفنان لو قدر له الولادة فى بلد يقدر معنى ما يبدعه لأقيم له متحف باسمه، ولوضع على برامج الدعاية لهذا البلد بوصفه البلد الذى أنجب أمثاله، ومازالت نصف دعاية إسبانيا تقوم على أنها البلد الذى أنجب بيكاسو وسلفادور دالى!
- كان لى شرف حضور افتتاح المعرض الذى يضم عددا من اللوحات التى تنتمى إلى أفكار حداثية ولكن بسخونة وحميمية بليغة، سوف تجد نفسك منتميا إلى خطوط وألوان وبلاغة تعبيرية خصوصا المشكاوات المملوكية وتكراره لرسم زهرة الباليت .التى اقتبسها الغرب من زخارفه فى عصر النهضة، سوف تجد نفسك شغوفاً بها وأنه سبق إحساسك بقراءة خطوطها التجريدية !
-هناك لوحة صغيرة عبر فيها عن رؤيته لموقعة الجمل، أى عبقرية فى الأداء التعبيرى، هناك لوحات استعمل فيها الخط العربى والإسلامى بطريقة مبتكرة وحيوية للغاية .
- المهم أنك ستجد نفسك فى معرض `شرق .. غرب` الذى يستمر إلى 29 من الشهر الحالى أمام أعمال ذات مذاق عالمى ، وهذه النظرة الواسعة انطلقت من ثقافة الفنان الواسعة فهو يستلهم أعماله من الشاعر الألمانى جوته لريادته فى علاقته بالشرق وما قدمه من خلال مؤلفه `الديوان الشرقى للمؤلف الغربى` خلال التحولات السياسية فى القرن التاسع عشر الميلادى كذلك حواره واستلهامه الفنانين الأوروبيين والشرقيين فى حوار مع شخصيته وذاتية الفنان وأعمال ممثلة فى مايكل أنجلو، ماتيس، ليوناردو دافنشى، فان جوخ وبرونزينو ..
- فهذا الفنان الثمانينى مازال لديه القدرة على إدهاشنا، واستطاع بروح شابة أن يخرجنا من `التيمات` المملة، والحلول الجاهزة فى التعبير عن قضايانا اليومية، فهو صاحب شخصية متفردة فى أعماله سواء كان نحاتاً أو خزافاً أو مصورا، هذه الشخصية تشير إلى أنه استوعب مفردات الحضارة المصرية والإسلامية مضيفاً إليها استيعابه، للمخزون العالمى وثقافته ورؤيته الخاصة للكون، هو من طراز نادر من الفنانين الذين يبدعون من ثقافة وخبرة واسعة جاءت من ثراء الحياة التى عاشها حيث نشأ فى حى الأزهر ذى الطبيعة الجمالية والتشكيلية الخاصة، وعايش أشخاصا مهمين فى الأزهر والجمالية منهم نجيب محفوظ الذى كان يركب معه الترام، ولكن هناك نقلة لها معناها المهم فى حياته أن أول جائزة حصل عليها وهى جائزة مختار للنحت وكانت تعد أهم الجوائز التشكيلية فى مصر علما بأن عمله الفنى كان عن إلغاء معاهدة 1936 واللوحة كانت عبارة عن مصر مستندة على سلم وامامها سلة صغيرة وتمزق المعاهدة .
- النقلة الأخرى فى حياته هى بعثته إلى ألمانيا لدراسة الفن المعاصر حيث حال العدوان الثلاثى عام 56 دون الذهاب إلى أمريكا حيث التحق هناك بأكاديمية الفنون لدراسة الحفر وبعد ذلك حصل على الدكتوراه وكانت بعنوان تأثير الفنون الإسلامية على الفنون الغربية فى الفترة ما بين القرنين 13، 15 واهتم به الألمان حيث اعتبروا أعماله نموذجاً للتواصل فى مجال الفنون التشكيلية بين الشرق والغرب، وأقام بعد ذلك العديد من المعارض التشكيلية التى تضمنت الجرافيك والطبع على الحجارة الملونة. وشارك فى إرساء مبادئ المدرسة البنائية أو الواقعية فى مجال الفنون والتى تعد المدرسة التى صنعت تاريخ الفن المصرى المعاصر .
- ويقول طه حسين إن سفره إلى ألمانيا وإقامته لعدة سنوات هناك مكناه من كشف أسرار وعبقرية الفنون الإسلامية وعظمتها، بل إن الغرب الأوروبى استفاد كثيرا من هذه الفنون، ونجد ذلك واضحا فى أعمال الكثير من المستشرقين وأعمال فنانين كبار مثل ماتيس، حيث عرفوا أن هناك فنوناً عربية مهمة وأخذوا منها فى أعمالهم الفنية ، فى حين أننا تأخرنا كثيرا فى اكتشاف أهمية هذه الفنون ،وكان للمدرسة التأثيرية الغربية حضور قوى فى عالمنا العربى ، حيث ظل لهذه المدرسة الفنية تأثير كبير على فنانينا فترة طويلة على حساب الفنون المستوحاة من الحضارة العربية والإسلامية..
- ويضيف أن الكتابات العربية وبخاصة `البسملة ` من التجارب التى يعتز بها، حيث نجح فى أن يجمع بين تلقائية وعفوية الكتابات وتنوع اتجاهاتها وصرامة البناء الفنى واستقرار الكتابات داخل أو خارج مساحات هندسية أفادت التجربة، مستعيناً فى ذلك بملامس محددة فى `المثلث والنقطة ` مما أعطى العمل الفنى استقرارا وجمالا وجلالا، وتمكن من اتخاذ `بسم الله الرحمن الرحيم ` فاتحه القرآن الكريم أساسا للتشكيل، وقدم هذه التجربة بأشكال مختلفة أبرزها بألوان الأكريليك التى استقر عليها فى تجاربه الأخيرة، وهكذا خرجت التجربة غنية بالألوان والمساحات والخطوط والعلامات والرموز الهندسية والكتابات المتكررة .
- المعنى الذى يمكن أن تخرج به من معرض الدكتور/ طه حسين فى المسار أن هذا الفنان المبدع مازالت لديه الحيوية والجرأة البالغة وشقاوة صبى فى العشرين على التجريب وولوج أفكار جديدة وطازجة.
محمد مرسى
نصف الدنيا - 16/ 3/ 2012
( شرق .. غرب - معرض طه حسين عن الديوان الشرقى ( لجوتة
- مقام حالياً بجاليرى المسار بالزمالك معرض الفنان الكبير طه حسين بعنوان ` شرق..غرب `..اللوحات كبيرة الحجم والقيمة يقدمها الفنان منطلقاً من فكر وفلسفة الشاعر الألمانى: `فولفجانج جوته` ( 1748 - 1832) والذى تواصل عن طريق علاقته مع الشرق من خلال مؤلفه ` لديوان الشرقى للمؤلف الغربى` 1819. - والفنان طه حسين لا يرتبط فى لوحاته بالمعنى الجغرافى للعمل بل بالمغنى الإبداعى المتواصل والإبداعات الإنسانية الأخرى .
- من أعمال المعرض أعمال قائمة على الكتابات.. وضم لوحة بعنوان السماء والأرض من وحى لوحة مايكل أنجلو.. ومعالجة لعنف الحركة والخط عن لوحة الرقص للفرنسى ماتيس... ورؤية أخرى من وحى لوحة العشاء الأخير لليوناردو دافنشى.. ولوحة ( مانيرزم ) لانجلو دى كوسيمو.. ولوحة من وحى الخشخاش للهولندى فان جوخ.. وعدد من اللوحات بعنوان ( الطغاة )عن التوقيع العقلاني .. ومن وحى الشهامة.. ومشكوات مملوكية.. ومن الأعمال من وحى الثورة المصرية : ` أعلام الحرية `..`أنشودة الحرية `.. ` ربيع الثورة.. `صراع أخضر أزرق` .. ` وإطلالة على ميدان التحرير ` .

فاطمة على
آخر ساعة - 13 /3 /2012
` طه حسين يقدم مدوناته التشكيلية فى ` لوحات على ورق
- إذا كان التاريخ يقول إن الثورات لا يتم تسجيلها أو التعبير عنها فنيا سوى بعد فترة طويلة،فإن ذلك لا يمنع المبدع من تسجيل انفعالاته على الورق، فيما يشبه المدونات أو الخواطر، الفنان التشكيلى طه حسين، الذى تجاوز الثمانين من عمره، ومازال قادرا على العطاء والإبداع على مستوى المنتج الفنى من لوحات ومجسمات وأعمال خزفية وسجاد يدوى والطباعة `باتيك` إلى المحاضرات الفنية بالكليات الفنية، ليقدم الجديد من أعماله التى أنتجها ما بين عامى 2011 ،2013 فى معرض `لوحات على ورق` بجاليرى المسار بالزمالك، التى يعبر فيها عن رؤيته لمصر فى هذا التوقيت الحساس لكن بأسلوبه المميز الذى يعتمد بشكل أساسى على الخط العربى ولكن بأسلوب حديث ابتكره بعد رحلة فنية طويلة تشبع بها فى صغره حيث نشأ بمنطقة الحسين بين العمارة الإسلامية والنقوش والكتابات العربية وتمركز الخطاب الدينى الشعبى الذى يحمل أغراضا سياسية بين طياته، ثم التحاقه بكلية الفنون التطبيقية فيما بعد أثقل لديه موهبته المستمدة من هذه الحالة الشعبية المرتبطة بالفكر والعقيدة الإسلامية.
-فى أعماله `لوحات على ورق` يقدم حسين مساحات لونية وشخوصًا تجريدية يبتعد فيها تماما عن توضيح الملامح، فليس الهدف لديه هو الشخص، إنما يتجاوز حسين فى أعماله التفاصيل الدقيقة ويلعب على الكتل الأساسية فى تشكيلاته اللونية، التى يتخذ منها أرضية متعددة المساحات تنطلق عليها كتاباته غير المعبرة عن جمل بعينها إنما تبرز جماليات إيحاءات الحرف العربى وقوته التى يؤكد عليها حسين باستخدام اللون الأسود، فالكتابة هى أحد أهم مكونات الثقافة عموما ومكونات الثقافة المصرية تحديدا،فمصر هى أول حضارة جمعت ما بين الكتابة والفن على جدران معابدها، كان هذا هو المحفز الأساسى لطه حسين فى اهتمامه بالخط والكتابة.
-فى لوحة أخرى اتجه حسين لرسم ما يشبه الطبيعة الصامتة وهى فازه تحمل بعضا من الزهور الذابلة لكنها محاطة بدوامة خطية وكأن الهواء يدور بقوة حول الزهور محاولا منحها بعضا من الحياة التى غابت عنها.. مدونات حسين حملت رؤيته الفنية الخاصة التى ربما يبحث خلالها عن عمق الثقافة المصرية وأصالتها.. وربما أيضا أنه يسعى لمنحها الاستمرارية والحضور رغم غيابها عن أرض الواقع
تغريد الصبان
روزاليوسف - 28/ 4/ 2013
العمل الفنى ينبع من موقع إنسانى
*عبر أكثر من ستين عاماً هى عمر رحلة الفنان التشكيلى الدكتور محمد طه حسين شيخ التشكيليين والتى قدم خلالها العديد من المعارض التشكيلية، اهتم خلالها بعلاقة الشرق بالغرب وحوار الثقافات فلم يستند حواره إلى الإقصاء الثقافى والتسييس الفنى بل إلى التكامل ، كما اهتم بالنموذج البنيوى والذى يرتكز على الاهتمام بالتفاصيل والمنمنمات المكونة للموضوع ، لم يقتصر على تخصيص واحد وإنما سعى لامتلاك جميع الأدوات الفنية والخامات الحرفية وإن كانت ميوله تتجه أكثر للتصوير والتعبير عن الموضوع بشكل سريع ` فكان معه هذا الحوار :
* بعد أكثر من 60 عاما مع الفن التشكيلى ما الذى وصلت إلية تجربتك الإبداعية؟
- وصلت الى ما رأيته فى المعرض الأخير، حيث يعد نتيجة تراكم وخبرات اعتبر نفسى صاحب فكرة التفكير فى الفن، لا أرسم أو أجود فقط فى الفن فكل عمل فنى لدى له مدلول عندى وتنظير قبل بدايته، حيث أحاول تحيق فكرة من النظير الى الجانب المرئى وهذا ما كان يشغلنى من البداية وحتى الآن ولكنى كنت مشغولا بأن أصبح رساما ومصورا بحيث أطوع كل الحرفية فى الفن، وقد ظهر هذا فى معرضى الأول عام 1954فقد كان عبارة عن أعمال فنية تظهر تفوق الحرفى أكثر من العمل الفنى كفكرة عندما بدأت قبل سفرى للبعثة بألمانيا .
* بعثتك لألمانيا بعد محطة مهمة فى مشوارك الفنى، فكيف كانت ؟
- سافرت للبعثة فى ألمانيا الغربية عام 1957 كانت أول بعثة فنية صنعت نوعا من الحوار بينى وبين العالم الغربى والفن الحديث والأعمال الفنية التى كنا نشاهدها فى مصر باستثناء بعض المعارض التى أحضرها لنا أعمالا لهنرى ريمون وبيكاسو ، كل هذا صنع لى نوعا من الثقافة المرئية .
* أول معارضك كانت عام 1954والمعرض الحالى فى 2013 فما الفرق بينهما ؟
- الفرق واضح، كان لابد من التفوق فى امتلاك أدوات خاصة بى سواء فى الرسم أو التشكيل والتمثال ولكن الفرق اليوم هو ما أصنعه فى فكرة المعرض الأخير من حيث الحرص على تقديم الفكر أكثر من التقنية،فالتقنية تلعب الدور بشكل طبيعى لأنى حرصت على استيعابها منذ البداية وهذا يساعدنى عندما أدخل لموضوع للتعبير والدخول فى حوار معه ومع الأدوات ووضع فلسفة معينة، دائماً أقول أنى `أفكر فن` وعندما ` أفكر فن ` يكون لدى تنظير له كما أن موضوعى الذى أعمل به لن يتكرر .
* سبق وجسدت أعمالك علاقة الشرق بالغرب فهل تتعمد ذلك أم يأتى الموضوع من قبيل الصدفة ؟
- عندما أتحدث عن الشرق بالغرب أذكر جانب الدراسة فى أكاديمية دوسلدورف إلى جانب عملى فى الفن والدراسات فى تكنولوجيا الجرافيك والظل والنور على الحجر، وقد تشعب الموضوع بألمانيا لدراسات نظرية تمكنت من توثيق بعض الجوانب الخاصة بالفن الغربى وعلاقته بالفن الإسلامى وكيف أثر الفن الغربى فى المرحلة الوسطى خاصة فى القرون المملوكية فى مصر وهذا عمل نوعا من التثبيت لفكرة أنه لا يوجد فن يخرج من لا شئ فأى عمل فنى لابد أن يكون له مرادفات، كما أن هناك حوارا إنسانيا فى جميع المجالات حتى ولو كان على بعد أميال وهذا الحوار مستمر طالما يحيا الإنسان، فكرة الشرق والغرب مستمرة لدى منذ 1962 وحتى اليوم، حيث أكتب وأقرأ ومعرضى الأخير يؤكد هذا .
* إذن ما الرسالة التى أردت إيصالها من خلال معرضك الأخير ؟
- أردت توصيل رسالة تجيب عن عدة أسئلة،فهناك من يقول إن الشرق شرق والغرب غرب ولا يمكن أن يلتقيا ولكنى أقول انهما التقيا بالفعل وربما قبل التاريخ نفسه، لقد التقى الإنسان بالإنسان سواء بأفكاره أو بيئته التى يتحاور فيها،فالأفكار متقاربة وكذلك الحياة والموت ولا مجال للفصل بين الشرق والغرب، وإنما نحن الذين نسعى لذلك لأنه يوجد تزاوج دائم بين الأفكار والإنتاج والعلاقات الإنسانية فالتفاعل مع الثقافة الأجنبية يؤدى إلى تنشيط القطب الذاتى نحو طرق وعملية معايشته فى الطريقة الذاتية كما قال جوته، والمعرض لا يرتبط فى مضمونه ومعناه بالمعنى الجغرافى بل بالمعنى الإبداعى فى مجالات الفنون وغيرها من الفنون الإبداعات الإنسانية التى عايشتها الحضارات والثقافات بين الشرق والغرب بما أحداث ثراء وتنوعاً، وتجديداً هائلاً فى فكر وثقافة الشعوب منذ القدم وحتى الآن .
* تتسم أعمالك باحتوائها على النموذج البنيوى الذى يركز على الأجزاء الصغيرة فلماذا كان اتجاهك لهذا النموذج ؟
- أنا منمنم فى حياتى الشخصية أفضل معرفة التفاصيل الدقيقة جداً لأن تجميع هذه التفاصيل يكون الموضوع فى النهاية، وطوال مشوارى سواء فى النحت أو الخزف وغيرة أجمع النقطة مع المثلث والمساحة فى فكرة واحدة واعتبر أن هناك ملمسا اجتماعيا يتجمع فى النهاية يعطينى تعويضا على عمل ظل ونور وأصل لحقيقة الشكل والموضوع من خالا المنمنمة الصغيرة من جهة أخرى هذه المنمنمة الصغيرة غير مكررة بشكل واحد لأنى إذا قدمت 30 منمنما فسيكون لكل منمنم شخصية مختلفة عن الآخر من خلال هذا أصنع نوعا من الحوار على الصفحة وأتحدث مع الصورة، أضع لها نقطة كما أن النقطة التى بجوارها تصنع موضوعا وطوال الموضوع أنسج بالنقط فيتم نسج اللوحة لدى وليس مجرد لاطشات سريعة وتنتهى فأى مساحة يتم وضعها على أساس .
* هل تعتقد أن فنون الحداثة وما بعدها يمكن لها أن تلغى الفنون التقليدية أو تؤثر عليها ؟
- لن يلغى فن آخر، أو ينهى تراث تراثا آخر لان أي عمل فنى خرج من موقع إنساني ، ما أقدمه اليوم سيكون غداً تراثا والفنون جميعها تبنى بعضها مثلما نبنى حضارة وثقافة، فالتكنولوجيا لم تلغ القديم والعمارة القديمة قامت على فكرة القديم وقد زودتها التكنولوجيا بالإمكانيات الحديثة، لذا فلن يلغى وسيط آخر .
* ترأست قسم الخزف وفى نفس الوقت كنت حفاراً , ومصوراً وفنانا شاملا فهل كانت هذه موجه سائدة ؟
- لم تكن موجة سائدة ولكنه حب فى التجريب فى المواد والأدوات ، وهذه إحدى سمات المجتمع الذى عشنا فيه وحتى اليوم ، عندما أريد أن أقدم فكرتى بطريقة مجسمة بأى نوع من الخامات وهذه قدرات تضاف لقدرات الإنسان نفسه، ولا يمنع هذا أن أقول أنى فنان شامل ولكن دراسة الأدوات والخامات والأشياء الحرفية كل تخصص على حدة، وفى النهاية ميولى تتجه أكثر للتصوير والتعبير بشكل سريع عن الموضوع .
* يمثل اللاشعور والموروث ماضى العمل الفنى الذى تبدعه ؟
- هذا يوجد لدى كل فنان سواء كان موسيقياً أو مسرحياً أو تشكيليا فالموروث موجود ولابد أن يخرج بشكل أو بآخر ، ومن يرفض القديم يكذب على نفسه، لأنه بداخله وسوف يخرج بأى شكل .
* يقال إن العمل الفنى يعكس وجهة نظر صاحبه فإلى أي مدى عكست أعمالك رؤيتك ؟
- بالفعل عكست رؤيتى ليس اليوم لكن منذ كنت طالباً بالجامعة ، حيث عكست وجهة نظرى الاجتماعية والمرئية لكل ما حولى لأنة لا يوجد فنان يخرج من فراغ لكن فنه ينعكس داخله وهو نفسه يقيم ما بداخله قبل أن يخرج من فراغ ، أرى أن أعمالى تعبير صادق عما أفكر فيه خاصة أننى لا أكرر نفسى فى أعمالى الفنية.
* كيف ترى المشهد التشكيلى والنقدى خاصة أن البعض يرى أنه لا يتوازى مع الحركة الإبداعية ؟
- أرى مجموعة من الفنانين الشباب والأقل من خمسين عاماً وقد تفوقوا واستطاعوا صنع تواصل بينهم وبين الأجيال القديمة، وكذلك مع العالم الغربى بشكل ممتاز، كما أننى لا أجدهم يقلدون أحدا بل يحاولون صنع صيغة خاصة بهم.
- بالنسبة للنقد فى المرحلة الوسطى كان هناك عدد كبير من النقاد والصحف فكانت الحركة النقدية مزدهرة تضم أشخاص أصحاب رؤية خاصة فى الفن التشكيلى، أما الحركة النقدية اليوم فلا أستطيع تقييمها رغم احتوائها على مجموعة من النقاد البارزين إلا أنهم يستطيعون التواصل مع الفنان أو الجمهور، كما أن خريجى النقد الفنى ليسوا على مستوى جيل الخمسينات لكنهم فقط قدموا لنا مجموعة من الهواة أكثر من المحترفين والبعض يكتب نقدا بمثابة تقارير صحفية .
سماح عبد السلام
القاهرة - 23/ 4/ 2013
أيقونات فى مدونات
- الفنان الكبير محمد طه حسين من حين لآخر يطالعنا بأفكار جديدة وبأداء قد يكون تقليديا من أول وهلة ولكن الرؤية الفنية والناتج عكس ذلك يتسم بالعمق والبساطة فى نفس الوقت معرض الفنان المقام حاليا بمركز الجزيرة للفنون تحت عنوان أيقونات فى مدونات أرى أعمالا على مسطحات ورقية صغيرة متنوعة المحتوى بدءا من بعض الرسوم التشخيصية التى تعبر عن ملامح أفكار لموضوعات كامنة فى ذاكرة الفنان وصولا إلى خرابيش طه حسين والمقصود بالخرابيش هى الخطوط المتراكمة السوداء والمتشابكة والمتلاحمة والمتفرقة الخ.. - كلها تهدف إلى خلق فضاء متناغم ومتجانس تنبثق منه أحيانا ملامح لأجسام بشرية وأحيانا أخرى جينات خطية هندسية أو تلقائية تسبح فى فضاء مفعم بالمشاعر المتدفقة يعتمد الفنان الكبير على مرجعية ثقافية وتاريخية عميقة ودراسة متأنية للحضارات المصرية المتعاقبة ويحظى الفنان محمد طه حسين بسجل حافل على جميع المستويات الأكاديمية والفنية والثقافية وهو أستاذ مرموق له من التلاميذ والمريدين الكثير الذين يساهمون بإبداعهم الفنى فى المجالات الفنية التطبيقية وغيرها وقد ساهم بطاقة خلابة فى التدريس بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا ويعتبر من المدعمين علميا وفنيا وثقافيا لتأسيسها منذ عام 1983 وفى مقدمة كتالوج المعرض كتب الفنان صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية .
- استطاع الفنان محمد طه حسين برؤيته الفنية المتفردة احداث هذا التناغم والتكامل بين الموروث الحضارى والثقافى وبين الإتجاه الحداثى صاغ من استيعابه للحضارة المصرية القديمة والفنون الإسلامية نسيجا معاصرا وانعكست نشأته بحى الأزهر العريق فى شغفه بالفن الإسلامى لاسيما الحروفية الذى يعد أحد أهم روادها فى الفن المصرى المعاصر وكان استلهامه للموروث الحضارى سبيلا إلى مفاهيم ونظريات الحداثة وما بعدها .....
- الأعمال الفنية الورقية للفنان لها تاريخ ممتد عبر حياته فى العمل وفى المنزل وفى الإجتماعات فنجده دائم الرسم فى الهوامش أو على المتاح من الورق ونجد هذا المنهج عند القليل من الفنانين فهو إشارة حركية بصرية مباشرة من عمق المشاعر إلى الفضاء الخارجى وتنفس دائم لكم الطاقة الشعورية داخل الفنان فمن خلال الشبكيات الخطية التى تتراكم بشكل تتابعى لإظهار درجات الظل فى روعة السلم الموسيقى وهذه معادل يتقنها الفنان فى مجمل أعماله الفنية وفى بعض الأعمال تصل كثافة الخطوط المتقاطعة لحد الدرجات السوداء وكأنه ينحت فى سطح الورق فى اتجاه العمق عمق المعنى والتعبير عن قيم انسانية بدون حدود فالرسوم العفوية التى نراها لم تأت من فراغ ولكن من مخزون فكرى وكمون إنسانى وتراثى نراها فى بدائيات صاعدة ودوائر متصلة فى حالة توحد اشارات متراكمة أفقية فى حالة تصاعد وتماسك وأحيانا على شكل نباتات متشابكة وكأن الفنان يرسل رسالة انسانية تحمل هذه المعانى الدالة على عمق الإحساس والفكرة وفى تقديم تحليلى لابنه الفنان الدكتور حازم طه حسين يقول ` نحن نقف اليوم أمام معرض غير مألوف يتكون من مجموعة من المدونات البصرية التى تحتاج إلى رؤيتها اليوم واكثر من أى وقت مضى كتجربة إبداعية طازجة `
لم يكن يخطط مبدعها لعرضها أو نسخها فكل ما كان يرده فقط هو تسجيل لما كان يشعر به ولربما يكون هذا المعرض فرصة لمعايشة رموز بصرية والاستفادة منها ليس فقط فى كيفية قدرة المبدع على التواصل مع أصعب الأحداث بل فى كيفية استيعابه لها والتعبير عنها ولا سيما بأبسط الوسائط لكى تظهر تلك المدونات كحصيلة طبيعية لما حدث بثورة يناير 2011 فى نسيج مصرى مفعم بالحيوية وعاكسا لانفعالات صادقة ولشحنات مختزنة عكس طه حسين ما كان يدور بداخله من شعور متناقض ما بين رافض ومؤازر لمواقف بعينها ومن مقارانات لأحداث تاريخية مماثلة مثل ثورة 23 يوليو 1952 وحريق القاهرة 1954 .
ويعد الفنان محمد طه حسين من القلائل الذين يستخدمون الوسائط المختلفة فى تنفيذ وابداع الأعمال الفنية فهو يمتلك مقومات الفنان الشامل كنحات ورسام ومصور وخزاف وجرافيكى وبدون افتعال يتقن بعلم واحساس رفيع المستوى التقنيات التى تفرضها هذه الوسائط المختلفة وبأداء تتوافر فيه القيم الجمالية لكل مجال فنى وفى مجمل أعمال الفنان تتشكل شخصيته ورؤيته الفنية المحددة المعالم ويعد فنانا الكبير من المؤسسين للفن الحديث فى مصر ومن الؤثرين فى بناء الحركة الفنية المصرية والعربية المعاصرة ومن المؤمنين بتواصل الإبداع الفنى عبر مرجعيات حضارية وثقافية وتؤكد على رسم شكل الهوية الفنية المصرية كما يعد من القيادة القليلة والنادرة لكلية الفنون التطبيقية التى عملت على تطوير التصميم الفنى الصناعى وربطه بالمنتج المصرى .
د.أحمد نوار
الأخبار - 2014
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث