`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
كمال أحمد عطية الفقى
النحات كمال الفقى وعالمه الجميل ... ماكروفوبيا
- هناك بعض المعارض الفنية التي تدخلها وتخرج منها كما خرجت اللهم إلا من أثر ما هنا وهناك لايلبث أن تبدده أصوات المارة و أبواق السيارات، وهناك من تدخل معرضه الفني فكأنك قد دخلت عالما آخر أو ركبت مركبا فعبرت بك الشط إلي جزيرة غناء وارفة الظلال، وتظل في هذه الحالة من التحليق والتطواف مع أخيلتك لعدة أيام، تعيد مارأيته علي عينيك المرة تلو الأخري وتصر في نفسك الأ تفوت مارأيته بل وتعاود النظر إلي لقطات الهاتف الجوال حتي لايفوتك ذلك الإحساس بالجمال الذي انتابك ولاتريد الفكاك منه، إنه الفن الجميل .
هذه الأحاسيس تنتابنا إذا مازرنا معرض الفنان و النحات المبدع كمال الفقي تحت عنوان `الخوف من الانتظار` أو ` رهاب الإنتظار` بالانجليزية Macrophobiaو المقام بقاعة الزمالك للفن حتي 23 أبريل 2018 الحالي . تنظر إلي منحوتات هذا المعرض فتجد نفسك عزيزي القاريء أمام طوفان من المعاني التي تحاصرك - أجل تحاصرك- رغم عدم كثرة المنحوتات . وفيما يلي سأعبر عن انطباعاتي عن هذا المعرض الضافي بكل جوانبه و لقطاته المبدعة و التي تعكسه لنا أنامل فنان ملهم يصر علي تقديم عالم ذي خصوصية و تفرد و لغة و موسيقي خاصة.
حينما نتأمل منحوتات الفنان كمال الفقي نتوقف أمام معني التوتر و القلق ، لنجد أنفسنا مع العمل الفني بل نجد أنفسنا نحن العمل الفني حيث نجد من يجلس علي أطراف الكرسي سأما من الانتظار و سنجد الشخص نفسه أو قريب الشبه منه و قد طوح بالكرسي في وجوهنا كراهية لما أصابه و لاندري حقا هل الانتظار هو السبب أم شيء أخر ، إننا هنا نجد أنفسنا في هذ الشخص الذي تبرم من الحياة والأحياء في غضبة طوحت بالمقعد في الهواء. و هناك منحوتة أخري نجد فيها شخصا ما و قد نبت له جناحان و نحار في فهم معني هذين الجناحين و لعل المعني يكمن في الطيران بعيدا عن الواقع و التحليق في عالم سماوي أثيري يجعلنا نتحمل واقعنا الذي يكتم علي أنفاسنا.
تتضافر إلي جانب هذه المنحوتات الثلاثة ، منحوتات أخري لأشخاص ضخام الجسم ، تلمح في وجهوهم التوتر وتري في حركات أيديهم الضخمة القلق الذي يعانيه كل منا علي المستوي اليومي و المستوي المحلي و الأقليمي و العالمي . بل نراه في الطعام الذي نتناوله و نأكله و نخاف منه . إن الفنان القدير كمال الفقي جعلنا نقف بين التمثالين و أحدهما يرقب ساعته بل جعلنا نكون الشخص الثالث الذي يشاركهما حديثهما و توترهما .و نجد هناك من يتكيء علي عصاه و هناك من يرقب فراشة حطت علي بنطاله و هناك من تحط علي يده فراشة صغيرة. .إلخ في تفاعلات هي الحياة برمتها وجمالها و توترها و حلوها و مرها .و لعل تواجد الفراشة و هي رمز الخفة و النشاط يتوازي مع الشخص الذي نبت له جناحان و يذكرنا بعباس ابن فرناس رمز التحدي و السعي نحو الطيران في السماء.
ملمح أخر نراه في ألوان التماثيل ، تلك الألوان المبهجة و المصقولة اللامعة ، حيث نري اللون الأزرق و الألوان الأخري المبهجة كالأرجواني و القرمزي ،إن لم تخني الذاكرة ،و لعل الفنان يريد أن يخفف من ثقل الانتظار و ثقل جرم عناصر اللوحة من أشخاص فيضيف هذه الألوان المبهجة حتي تجعلنا نقبل علي المنحوتات و نجد أنفسنا نعانقها و كأننا في حفل مبهج و جذاب .
ملمح ثاننراه في منحوتات المبدع كمال الفقي يتمثل في الحركة التي تمور داخل المنحوتات و تنطق بها سماتها الظاهرة للرائي ، و لعل هذا هو الذي يدفعنا إلي الغضب مع من يرفع كرسيه أمام واقعه ، أو نحلق في السماء مع من نبت له جناحان أو نجلس علي طرف الكرسي مع من يجلس جلسة المتوتر المنتظر أو ننحشر بين اللذين يتكلمان وأحدهما يحملق في ساعته أو نهش الفراشة مع من يهشها عن قدميه . كل المنحوتات موارة بالحركة المؤثرة و التي تجعلنا لانريد أن نتركها بل نريد أن نركن معها و نشاطرها ماتشعر به.
هناك ملمح أخير أراه في خامة التماثيل و هوخامة البرونز ، و لعل الملمح هنا يتناول قدرة الفنان الضخمة علي التعامل مع مادة عصية و قاسية من أجل أن يجعلها تنطق بكل المعاني التي يريدها و هنا نري فيه خطوط الفراعين العظام الذين كانوا يجعلون الحجارة الصلدة تنطق و تعبر . إن المعاني التي أخرجتها المنحوتات لنا وراءها جهد وأنامل مبدعة آثرت معانقة المادة القاسية و تطويعها لتخرج لنا كل هذه الأعمال الفنية عالية المستوي.
تنتهي جولتي السريعة في أعمال النحات المبدع كمال الفقي في معرضه ` الخوف من الانتظار` و الذي وجدتني أكتب عنه هذه الكلمات و كلي أمل أن أفرد مقالة متعمقة لدراسات تأثيرات اللون للمنحوتات لديه علي إحداث الأثر علي المتلقي . ألف تحية لفناننا المبدع علي معرضه الضافي.
محسن صالح
مصريات : 20-4-2018
حلم الفراشة` حلم وجودى يطوف فوق رؤوس شخوص `كمال الفقى``
- حلم الفيلسوف الصينى `جوانج زو` فى منامه إنه فراشة وفى استيقاظه قال : ` حلمت أنى فراشة ترفرف بجناحيها .. أما ذاتى الإنسانية فلم أدركها أبدا .. وحين استيقظت وجدت نفسى ها أنا ذا رجلاً كما كنت .. ولا أعرف الآن هل أنا رجل فى ذلك الوقت حلم بأنه فراشة .. أم أننى الآن فراشة تحلم فى منامها بأنها رجل ..؟ `
- تذكرت حلم `جوانج زو` وحيرته إن كان `فراشه` أم `رجل` وأيهما الواقع وأيهما الحلم بمجرد مشاهدتى منحوتات هذا العرض المُلهم للغاية للفنان المثال `كمال الفقى` والمقام حالياً فى جاليرى الزمالك بعنوان `اللانهائية` .. خاصة حين رؤيتى منحوتته المباشرة لذلك المعنى الرجل الأزرق اللامع المتطلع بحيرة وتساؤل إلى `فراشة` تقف فوق كف يده .. ربما هو أيضا يستغرقه عدم يقين فيمن يكون أيهما ..؟ .. والذى تبدى بوضوح من هيئة حركتى ساقى الرجل بإحداهما الثابتة ربما لتمثل اليقين بالواقع والأخرى المتجهة للخلف ربما لتمثل اللايقين به.. ومع منحوتات عرض `اللانهائى` يزداد تلاقينا وفكرة اللايقين الوجودى الغالبة عليه ووجدت أن `الرجل والفراشة` جزء من رؤيه فلسفيه يختبرها الفنان بمنحوتاته .. وأن `حلم الفراشة` يطوف فوق رؤوس شخوص العرض .. فأحد منحوتات `الفقى` رجل له رأس حصان .. وآخر له رأس فيل .. وآخر يراوحه نسر فوق كتفيه .. وفيل يمتلك جناحى طائر ..

- وربما `الرجل الفيل` و`الرجل الحصان` قد يراود أحدهما تساؤل إن كان رجل يحلم بأنه فيل أم أنه فيل يحلم بأنه رجل ..؟ ويراود الآخر نفس عدم اليقين بان كان رجلاً يحلم بأنه حصان أم حصان يحلم بأنه رجل .. ؟ هذا التشوش فى الوجهة وماهيته الوجودية أدى اليه ذلك التدخل الفيزيقى فكرياً وجمالياً من الفنان فى التدخل بالإضافة للجسد البشرى .. وبدا الرجلين `الفيل` و`الحصان` كأنها معلقان على حافة بين الوعى واللاوعى والفعل واللافعل بما تكشفه جلساتهما من مراوحة فوق حافة مقعديهما كأنهما لم يدركا بعد بذلك التحول الحادث لهما .. وبما بدا أيضاً من تواتر حركتى الذراعين وكأنهما فوجئا بشئ لا يُدركان ماهيته تماماً وبما أصبحا عليه .. وأيهما يكونان وجودياً ؟.. وبدت طاقة جسديهما الشبه محبطة فى تناقض مع طاقة رأسى الخيل والفيل بجموحهما البرى الواثق .. وقدم الفنان أيضاً اثنين من الفيلة لهما جناحا طائر .. أحدهما ثابت مكانه لا يدرك ما حدث له .. والآخر أكثر جرأة ورفع ساقيه الأماميتن للتحليق اختباراً وتفعيلاً لوجود الجناحين ..
- هذه الحيرة الممتعة للعقل وللإدراك الجمالى تجاه كائنات `الفقى` المختلطة قد تفقد سيطرتها لو نظرنا الى منحوتات العرض كأعمال فانتازيا أو مستمدة من الأساطير كالرجل `القنطور` فى الأسطورة اليونانية لمخلوق له جسد حصان وجذع ورأس إنسان .. لكن إن شاهدناها بعيدا عن الفانتازيا والحس الأسطورى سنجد قضية وجودية هامة للغاية يطرحها `الفقى` .. في من أكون ؟.. وإلى أى وجهة أسير ؟ .. خاصه فى عصرنا الذى أصبح فيه الكثير المتوقع أو المحتمل من تدخل فيزيقى فى ظل طموحات الهندسة الوراثية والتلاعب الجينى .. وأعتقد أن معرض الفقى يثير تساؤلات ويفتح منافذ للتفكير حول الفن المعاصر وعلاقته بالعلم والتلاعب الجينى ..
- وهناك فى العرض قضية فكرية أخرى رأيتها ربما كاشفة عن تصارع عقلنا الواعي مع عقلنا غير الواعى .. ففى منحوتة لأحد خيول العرض يمتطيه فارسان لكل منهما وجهة ضد وجهة وإتجاه الآخر ويريد كلا منهما أخذ الحصان اليها فى مخالفة رمزية بين الوعى واللاوعى .. فالوعى يتمثل فى الفارس الممتطى فى اتجاه سير الحصان واللاوعى فى الاتجاه الآخر المناقض .. وقد أحببت رؤية العمل وكأن الفنان قدم لنا رؤية مجسدة نراها للأوعى يمثله الفارس المتجه بجسده عكس إتجاه سير الحصان .. فالفارس كعقل واع يتوجه لطريق .. ولا وعيه يدفعه لطريق آخر .. وأعتقد أن `الفقى` يختبر بمنحوتته هذه العمل على حواس مُعاكسة ويختبر قدرة معايشة المشاهد لإدراك كيف أننا أنفسنا نتعامل فى كثير من مواقف الحياة بهذا التشتت الداخلى للوجهة .. ومن أعمال المعرض الهامه أيضاً منحوتة `الفارس والحصان` وفيها يطرح الفنان مفارقه التزامن فى اتخاذ القرار .. فالفارس بدا ككتلة غير متوازنة فوق كتلة الحصان المتوازن الراسخ فبدى من هيئته كفارس وقد مد ساقيه وانحنى بظهره كمظهر للانطلاق الفعلى .. بينما يواجه بسكونيه الحصان اللا متحرك بل المتجذر فى الأرض .. وكأن علاقتهما لها طبيعة هشة غير متسقة الفعل بسبب اختلاف التزامن بينهما .. وأيضاً يبدو الحصان بضخامته لا يهتم بذلك الارتباط غير المتكافئ بكائن آخر..
- .. وخيول `الفقى` مع ثقل كتلتها وحضورها الجسدى بصرياً وروحياً إلا أنها خيول ميتافيزيقية كأنها عالقة فى الزمن أو كأنها من خارجه بسمات الخيل `الأوترسكى`.. تعيش عزلة قيدتها بالمكان ومما زاد من قوة حضورها استغراقها التحديق تركيزاً فيما لا نراه .. فبدت غامضة وأليفة وساحرة بسبب المعالجة الفنية لـ`الفقى` وحضورها الجسدى الضخم الواثق .. وهذه الضخامة الآسرة المميزة للأجساد والأطراف هى وسيلة الفنان التعبيرية لتجسيد رؤيته كمثال .. وفى نفس الوقت لجأ الفنان للمادة اللامعة كالمرايا ليغلف بها منحوتاته ليخفف من الثقل وربما ليُوحى بالحركية والخفة .. بينما عمل السطح اللامع على التقاط حركة أجساد ووجوه المشاهدين فى مرورهم داخل القاعة لجعلهم شركاء فى العرض .. ولدفعهم لتأمل صورهم المنعكسة متضخمة على سطح المنحوتات ليتأملوا إن كانوا هم بالفعل ما يرونه .. أم هم مجرد صور تتأمل نفسها ؟..
- ربما شدة لمعان وبريق مرايا منحوتات `الفقى` قلل من دراميتها وحرمنا متعة مشاهدة العلاقات بين الظل والضوء المنعكس بفعل الكتلة وتضاريس السطح .. وربما قصد الفنان التعامل بين جذبين .. جذب الأرض للكتل النحتية وجذب السطح اللامع للضوء ليجعله عنصر فاعل لمنحوتاته..
- أرى الأشكال والخطوط والكتل دائماً فى أعمال `الفقى` على قدر نعومتها تبدو إستحضاراً للبدائية والسحر والهيمنة فى كتل معمارية ضخمة إسطوانية الحجم وكروية لتوحى بطاقه المنحوتة والحركية لكثرة منحنياتها واستدارتها .. مثلما توحى أيضاً بأناقة ميتافيزيقية ذات حنين مفضل للناظر اليها .. ومثلما تتميز منحوتات `الفقى` من عرض لآخر بطرح رؤى فلسفية .. أراها أيضاً تتميز بالشاعرية السريالية والميتافيزيقية لتعكس حالة وجوديه لعالم مألوفة مفرداته لكن أجواءه التركيبية غير مألوفة وأنه عالم مُحمل بنور الفكرة .. فالجماليات وحدها لا تكفى ولكن ما يُمتع الذهن هو إدراك وتأمل ما وراء المعالجة الفنية .. ومن متابعتى لأعمال `الفقى` أجده يطرح بجرأة فكرة `الشك الميتافيزيقى` .. وكيف يترجم فلسفته بجمالية وبسهولة عبقرية فى مجسمات ..
بقلم / فاطمة على
جريدة القاهرة 9 / 11 / 2021
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث