حول رؤية الفنان - السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية

- نستطيع أن نؤكد أن هناك علاقة قوية بين الفن والسياسة فالحس السياسى والفهم التاريخى يرتقى بأفق الفنان ويثير فكره وإبداعه وتعبيره وهى قضية تم بحثها من النصف الأول للقرن الماضى واستمرت حتى بداية الربع الأخير من القرن العشرين وترجع بدايات طرح هذه العلاقة إلى الفكر الماركسى ومنظريه وقد تأسست الرؤية وقتئذ على وجود وجهة نظر الفنان أو فلسفته فى مواجهة الواقع الذى يعيشه- يتعاطف الفنان تعاطفا طبقيا أو إنسانيا فعندما يكون التعاطف طبقيا فهو يعنى الانتماء لطبقة معينة والدفاع عن كيانها وارد فى أعمال كثير من الفنانين ونستطيع أن نجد ذلك فى كثير من أعمال الفنانين الروس وغيرهم مع مطلع القرن العشرين، انظر أعمال الفنان الروسى القدير ريبلين وسوريكوف ثم نزفستينى - أو أعمال زور بران الأسبانى قبل ذلك أو أعمال ميليه وفان جوخ أو كوربيه رائد الواقعية ولسنا هنا فى مقام الحصر ولكن المناسبة المزدوجة هى الرسالة التى تقدم بها الباحث نبيل مدحت الغمرى منذ أيام كان هذا عنوانها `العلاقة بين الفن والسياسة فى إثراء موضوعات التصوير لطلاب الصف الرابع بكلية التربية النوعية` والتى تكونت لها لجنة المناقشة من الدكتور على المليجى مشرفا` والدكتور أحمد نوار والدكتور أحمد مرسى مناقشين وقد كشف نبيل عن العلاقة الممتدة منذ أقدم العصور فى الفن البدائى والفرعونى واليونانى والرومانى والقبطى والإسلامى، وحتى عصرنا هذا وهى العلاقة المتبادلة بين الفن والسياسة التى لم تتوقف.
كان هدف الرسالة الأساسى هو ربط القيم التشكيلية بالقيم التعبيرية والاستفادة من القضايا الراهن كمعين فى طرح أعمال مرتبطة بالعالم المحيط وكمثير لرد فعل فنى.
قال الدكتور نوار : إن البحث هو موضوع الساعة وهو أهم قضايا الفن الذى طرح على مدى نصف قرن، وهو يواكب ما قدمنا من معارض وهى قائمة حتى الآن عن ثورة يوليو تأكيدا لدور الفنان سياسيا.
وتساءل نوار، كيف يكون للفن سبقا فى تناول الموضوعات السياسية تأكيدا للبعد القومى، وإنى من المؤيدين لالتزام الفنان بالقضايا الاجتماعية وان هناك أكذوبة من بعض الفنانين ترفض الارتباطات بالسياسة وبالحياة وهناك دليل قوى على هذا الارتباط التاريخى فى العصر الفرعونى هى معركة قادش على معبد أبو سمبل وهى موسوعة جدارية بصرية .
أعطى د. نوار أمثلة متعددة من المعرض الحالى لثورة يوليو مثل أعمال الفنان محمد صبرى عن مؤتمر باندونج ولوحة العدوان الثلاثى سنة 1956 وأضاف أنه يجب إعادة النظر فى اندماج الفنان مع الفكر السياسى وتساءل عن مدى تجاوب الفنانين مع توشكى كمثال. علق الدكتور على المليجى بقوله أن الفنانين مغيبون تماما عن المشاركة فى الأحداث ولقد كشف البحث عن محدودية الثقافة فى البلاد البعيدة عن القاهرة مركز الأحداث والأنشطة.
وقال الدكتور أحمد مرسى أن هذه الرسالة موضوعها حساس للغاية وأسجل للباحث قدرته وجسارته ومجهوده الرائع، وفى الحقيقة أن العلاقة بين الفن والسياسة علاقة تبادلية تكاملية والفنان بدون فكر وبدون ترسم خطى سياسية يعتبر فنانا ناقصا وأضاف د.أحمد مرسى `أنه قد تنتهى الحالة لسياسية ولكن الفن يبقى فى عرضه التاريخى وأن الباحث قد أقحم السياسة فى الأنشطة الفنية وعندما أدخل السياسة فى العمل الفنى مما يكون له مردود التقى المناقشون حول أهمية هذه الرسالة وقيمتها المؤثرة، وقد دعا الدكتور على المليجى إلى تغيير مناهج تدريس الفنون فى كليات التربية الفنية والنوعية بحيث يتم تطبيق هذا البحث عند وضع مناهج التعليم الفنى ونال الباحث درجة الماجستير بامتياز مع طبعها على نفقة الجامعة .
تطرح هذه الرسالة خطورة الجهل السياسى والاجتماعى الذى استشرى بين دارسى الفنون ليس فقط فى كليات التربية الفنية والنوعية ولكن أيضا فى كليات الفنون المختلفة الذين لا يطرحون أى موضوع سياسى على الإطلاق كما أن مشاريع التخرج تظهر لنا فى كليات الفنون مغيبة عن الواقع تماما وكأن الواقع فى جانب والفنون فى واقع آخر ونضيف إلى ذلك المسابقات الخاصة بالشباب وبالمعارض العامة القومية وغير القومية .
وقد كشفت مسابقات وزارة الدفاع فى مناسبات أكتوبر المجيد عن فقر شديد فى الإبداع المستوحى من النصر المبهر لأكتوبر وفى مناهج الدراسة فى المراحل الإعدادية والثانوية قصور مزر وتفاهات واضحة فى جميع الموضوعات التى تدرس للتلاميذ والمسئول هو المناهج والمدرسون الذين يفتقرون إلى التمكن الأدائى وخاصة خريجى التربية الفنية والنوعية بحكم دراساتهم المتواضعة للفن وللتعبير الفنى .
رسالة نبيل مدحت الغمرى هى دعوة قوية لإعادة النظر فى مناهج دراسة الفن التشكيلى بشكل عام وفى التدريس فى المراحل الدراسية لما قبل المرحلة الثانوية.