`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
أحمد حسن محمد الأبحر
لوحة وفنان .. البسملة
- يدرك الكتاب والأدباء والشعراء مدى ثراء اللغة العربية وتفردها وخصوصيتها وبراحها فى جماليات الصياغة والتعبير وما لها من سحر خاص ، لكن للغة سحراً أخر وهو سحر الخط والحرف المملوء بقوة تشكيلية وروحية معبرة.. لذا فقد أصبح `الخط العربى` فنا قائماً بذاته له جمالياته بل طرائقه ومدارسه، وأساتذته الذين قدموا قصائد موشاة بالحروف العربية وروائع الأعمال .
- لوحة البسملة ` بسم الله الرحمن الرحيم ` للفنان وهى لوحة تشكيلية تحتفى بجماليات الخط العربى وبأسلوب منطلق ومعبر يخرج عن التقليدية فى الأداء والتنفيذ بحيث تتعدى كونها لوحة خطية فقط إلى براح التشكيل والتجريد ، ذلك التجريد الذى يتبدى فى الأرضية كتجريد لونى شديد التفاعل ما بين الألوان الساخنة كالأحمر والباردة كالأزرق والتجريد الآخر فى شكل الحروف المتناثرة اللينة الموسيقية التى تملأ فراغ المساحات التى تبدو كالكورس أو الأصوات المصاحبة فى خلفية اللحن الأساسى الذى يتصدى اللوحة والمتمثل فى `البسملة ` التى فضل الفنان أداءها باللون الأبيض الناصع وتتوسط المساحة المستطيلة تماماً - فى مركز اللوحة ومركز النظر - وهو ما أكد ظهور الجملة الأساسية بهذا التركيز اللافت .. وهذا اللون الأبيض - أشبه بالتفريغ - قد منح للأرضية عمقاً مضاعفاً فى حين طفا هو على السطح كحروف مضيئة .. كما أن اللون الأبيض نفسياً مرتبط بلفظ الجلالة معبراً عن الصفاء والنقاء والنور ` نور السماوات والأرض ` .
- أما عن الأداء الخطى فى اللوحة فهو أداء متميز ومتحرر رغم كونه تراثيا روحا وشكلاً لكنه منفذ بشاعرية ورهافة بها الكثير من الموسيقى والتنويع والتلوين الجمالى للحروف التى تبدو طيعة مملوءة بالحركة والطاقة .
فن الخط
-فن الخط العربى بصفة عامة ومنذ القدم ، فن يحتاج إلى الكثير من المهارة والصبر والتقنية والمعرفة ، بجانب الإبداع والابتكار لخلق أنماط جديدة ذات نسق خاص له قدرة التعبير البصرى والتشكيلى عن المنطوق الصوتى ، والمعنى الدلالى، فلوحات الخط العربى تتعدى حدود التعبير اللغوى إلى حدود التعبير الجمالى والفنى والبصرى، لذا فتلك اللوحات تحظى بتقدير محبى الفن فى العالم أجمع حتى دون معرفة معنى الحروف ، لكن بالطبع تلك اللوحات الخطية لها منزلة خاصة فى نفوس المسلمين والعرب لأنها لغة القرآن الكريم ، التى وحدت بينهم، فقد حض الله تعالى على القراءة والكتابة فى قوله العزيز `اقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم ،علم الإنسان مالم يعلم ` .
- وأصبح حسن الخط والكتابة من الفضائل لدى المسلمين فقال الإمام على ` إنه من أهم الأمور وأعظم السرور ` لذا فقد صار الخطاطون من الداعين للخير ، وتبارى الحكام والولاة على رعاية هذا الفن، حتى أن عبد الله بن العباس الملقب. بحبر الأمة قد قال يوماً .. إن رجلاً كتب بسم الله الرحمن الرحيم فأحسن تمطيطه فغفر الله له ` دليلاً على استحسان الخط الجميل، والعكس صحيح فقد كره الخط السىء غير المجمل ، فيحكى عن الوالى عبد الله بن الطاهر أنه رد مظلمة لأحدهم لأنها لم تكتب بخط جميل .. إذ قال `أردنا قبول عذرك فأقطعنا دونه ما قابلنا من قبح خطك ، ولو كنت صادقاً فى اعتذارك لساعدتك حركة يدك،أو علمت آن حسن الخط يناضل عن صاحبه، ويوضح الحجة، ويمكنه من درك الغاية ` .
- وأدرك الخطاطون قيمة وضرورة الموائمة بين الكلمة المسموعة والكلمة المكتوبة كقول ياقوت المستعصمى `إن الخط هندسة روحانية، بآلة جسمانية ` وبذلك يكون للعين ما للأذن من طرب واستحسان .
- وعن قيمة المخطوطات نفسها يحدثنا التاريخ بالكثير عنها ، فيحكى أن سيف الدولة الحمدانى كان يحتفظ فى خزائنه ضمن ما يعتز به من نفائس بخمسة آلاف ورقة مكتوبة بخط عبد الله بن مقلة، ويعتبرها أثمن كنوزه على الإطلاق والخطاط ابن مقلة أحد رموز الخطاطين العظام - ولد عام 272 هـ - قد استوززه ثلاثة من الخلفاء - المقتدر بالله والقاهر بالله، والراضى بالله - حتى توفى فى عام 328 هـ ويرجع له الفضل الأكبر فى تطوير الخط الكوفى ، كما يذكر له أنه أول من وضع الأسس والموازين للخط وصناعته وما يتعلق به وعلينا أن نعرف أن لوحات الخط العربى منها ما هو تسجيلى مثل بعض المخطوطات المحسنة ومنها ما أدخل عليه الزخارف المختلفة للتزيين لكن فى القرن العشرين تعدى الخط تلك الفواصل وأصبح هناك العديد من الفنانين التشكيليين تستوحون الحرف العربى فى أعمالهم وأطلق عليهم بعض النقاد اسم `الحروفيون ` وغالباً هم لا يهتمون بدلالة الخط والمعنى بأى حال، بل بقدرة الحرف وطاقته وهويته كتشكيل مجرد .. وما بين هذا وذاك مساحات شاسعة من الإبداع والطرائق التى تحتفى بالحرف العربى والخط العربى .
الخطوط العربية
- وأخيراً ..علينا أن نعرف أن الخطوط العربية الأساسية هى ستة أنواع- أو ستة أقلام -هى الكوفى والثلث والنسخ والفارسى والرقعة والديوانى .. والكوفى هو أصل الخطوط وأهمها وله أيضا أربعة أنواع أو طرازات أساسية هى المثلث والمسدس والمثمن والمستدير ، وهناك أيضا الكوفى المورق ( مزخرف بأوراق نباتية )، والكوفى المضفر ( تتداخل فيه الحروف على هيئة ضفائر ) ومن هذا الخط خرجت الأنواع الأخرى واتسعت الأنماط للابتكار والتلوين والتعديل والإضافات وخاصة من بلد لبلد ومن إقليم لإقليم مع انتشار الإسلام فإذا وصل بلاد الفرس وجد الخط الفارسى، وفى الهند وجد الخط الكوفى الهندى وفى الأندلس والمغرب ولد الخط الأندلسى ونسبت أنواعه إلى المدن فسمى الخط المكى والمدنى والبصرى .. وغيرها .
- ويبقى فن الخط العربى عالماً خاصاً يجمع ما بين عوالم مختلفة كالمهارة والصنعة بجانب الابتكار والتجويد وبين المنطوق والمرئى وبين الروح والجسد .
أمين الصيرفى
المحيط الثقافى أبريل 2005
الحرف الجميل يناضل مع صاحبه الأبحر صاحب أول رسالة علمية بخط اليد
دخل الحرف العربى من بوابة صراع الهوية فى زمن الحداثة رقما صعبا عصيا على الترويض بعد أن وقع العديد من الفنانين فى غرام الحرف العربى سواء من الذين حافظوا على قواعده ونسبه وشكله الكلاسيكى أو الذين ذهبوا به إلى فضاء جديد غير مسبوق فى اتجاه اتخاذه شكلاً بصرياً، تشكيلياً، كونه العنصر البصرى الوحيد الذى ابتكرته الامة وتمتلكه بصكوك تاريخية وعقائدية ودينية.
قيم جمالية وتعبيرية
فقد تمسك أصحاب اللوحة الخطية بالتقليدى والثابت من شكل الخط ووظيفته ايضا باعتباره مقدسا أما الفنانون التشكيليون من المحيط إلى الخليج فقد أفاقوا مع منتصف القرن العشرين على ان الحرف العربى يتمتع بقيم جمالية وتعبيرية أيضا عنصر بصرى اصيل اما الفنان احمد الابحر ( 1953 ) فقد وقف فى المنطقة الفاصلة بين الاتجاهين فعلى الرغم من انه يجيد وبمهارة انجاز لوحة خطية بعد أن تدرب وتعلم اصول كتابة الخط العربى فى مدرسة خليل اغا بباب الشعرية القاهرة وحصل على دبلوم الخطوط العربية عام 1976 إلا أن الأبحر بعد اقل من عام غادر أسوار كلية الفنون الجميلة حاصلا على بكالوريوس من قسم التصوير ليجمع بين القيم الخالدة للخط العربى باعتباره هندسة روحية بآلة جسمانية كما قال عنه الوزير الفنان ياقوت المستعصمى وجنون ورغبة أبناء قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة تجاوز السائد والمألوف .
وعن أسباب اتجاه الفنانين التشكيليين العرب إلى الإستفادة من الحرف كعنصر بصرى يقول الأبحر : لقد ظل انتاج الفنان التشكيلى العربى أسيرا للصالونات داخل مجتمعات النخبة ولم يتحول إلى فن جماهيرى عريض وظل الفنان يشعر بحائط العزلة بينه وبين جماهير المتلقين من جانب ومن زاوية أخرى يرصد حالة اغترابه عن واقعه وانغماسه الكامل فى السير على هدى تراث وأنماط الفن التشكيلى الغربى .
دبلوم التخصص
فى البداية لم يقفز الأبحر فى الفضاء بل حصل على دبلوم التخصص فى الخط العربى والتذهيب 1978 ورسم الأحياء الشعبية وأبطالها فى الوقت الذى وظف فيه ما تعلمه من مدرسة خليل اغا من خلال عمله بمجالات الصحافة المختلفة سواءا رساما وتارة أخرى خطاطا أو محررا فى كل من شركة الإعلانات المصرية ومجلتى أخر ساعة وصباح الخير وإعلانات الأهرام رساما وخرجا وخطاطا ومحررا .
لكنه قدم لاول مرة فى تاريخ جامعة حلوان والجامعات المصرية رسالة علمية مكتوبة بخط اليد فقد جاءت رسالة الماجستير للفنان أحمد الابحر والتى حملت عنوان الخط العربى كعنصر تشكيلى فى الفن العربى المعاصر فى عام 1994 لتفاجئ الجميع طبعا ليس بسبب تفردها لكى لكون فنان تشكيلى يطرح الخط العربى على بساط البحث .
تخلى الأبحر شيئا فشيئا عن الإختبارات المطروحة على الساحة لعناصر اللوحة التشكيلية سواء تشخيصية أو تجريدية لصالح ارتباطه بالحرف العربى دراسة وبحث وحب فبعد أن كانت الكتابات والنقوش غير المقرؤة ( كعناصر جرافيكية ) تنتشر على مسطح لوحاته لتغطى كل أجزاء اللوحة بما فيها الأشخاص مع الإحتفاظ بالقيم الضوئية فى البناء التصميمى للوحة اختفى التشخيص تماما ليظهر مكانه الخط العربى المقروء ويحتل دور البطولة فيما يشغل الخلفية بحروف متشابكة ومتداخلة على نحو ارابيسكى بالإضافة إلى توزيع إضاءات من مصادر مختلفة على أطراف الحروف بهدف التجسيم وإحداث بعد ثالث وهو التوجه الذى يخالف اتجاه أغلب الحرفيين العرب فى تناولهم للحرف من خلال رسمه مسطحا من غير تجسيم ببعد واحد بل إن الفنان العراقى شاكر حسن آل سعيد فلسفته فى تأسيس جماعته الفنية البعد الواحد تعاطفت مع ما يخطه الناس على جدران البيوت على نحو فطرى وتلقائى .
الحرف البطولة المطلقة
شغف الأبحر بالخط العربى دفعه إلى أن يصبح الحرف صاحب البطولة المطلقى فى أعماله متخذا من الحروف المقطعة فى القرآن الكريم مثلا ( كهيعص ، ألم ، طسم .. وغيرها ) موضوعا للتناول يعكس رؤى رمزية وإن لم يتوقف الأبحر عند الرمزية بل كشف فى رسالة الدكتوراه التى تقدم بها إلى جامعة حلوان 2005 عن الحركة الهندسية فى الخط العربى وأثرها فى التصوير المعاصر وفى هذا السياق يقول الأبحر : اتجهت باللوحة إلى أن تتعدد فيها نقاط الإرتكاز لتصبح عين المشاهد قادرة على الإنتقال والربط بين الجوانب المختلفة للأبعاد والعناصر فى التكوين وخاصية انتشار وتعدد نقاط الإرتكاز فى التكوين هو إيقاع شرقى جمالى فإدراك الفنان الشرقى للطبيعة هو إدراك كلى وشمولى تتكاتف فيه الأجزاء وتتلائم معا لتشكل تواجدا ونسقا هندسيا متكاملا ومن هنا يصبح المشاهد قادرا على تتبع الأحداث زمانيا ومكانيا ويؤلها تأويلات عديدة مختلفة فتتحقق المشاهدة الذاتية والروحية ويضيف الأبحر أن أقوال محى الدين بن عربى المتصوف الكبير أثرت فى توجيهاتى خاصة حين قال : إن عالم الحروف أمة من الأمم ( مثل البشر ) مخاطبون ومكلفون وفيهم رسل من جنسهم ولهم أسماء من حيث هم ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف ( المتصوفة ) .
اعتمد الابحر على قوة اللون والضوء وثقافته الموسوعية فى إحداث رؤى درامية لإبداعاته خاصة فى المرحلة الاخيرة وإن كان التقى مع النظرية الغربية فى الصياغة وبناء اللوحة التى تعتمد على البعد الثالث المنظورى ( التجسيم) رغم رفضه لها فكرياً.
يبقى أن الإنتباه إلى الحرف العربى فتح بابا من الحوار مازال محتدما حتى الآن ومازال الفنانون التشكيليون يتخذوا من الحروف سبيلا إلى رؤى جديدة لعنصر قديم قدم التاريخ ومازال الخط يدرس فى مدارس الخطوط فهناك 12 ألف خريج من مدارس الخطوط على مستوى الجمهورية يتخرجون سنويا من معاهد الخط العربى ويجب الإستفادة من طاقتهم وإن كان للكمبيوتر قول آخر !!.
سيد هويدى
جريدة القاهرة 2009
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث