`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
عطيات عوض الأحول
نحاس مضغوط
- كانت الجدران الصماء فى مصر القديمة تنافس صفحات الورق البردى فى سرد أحداث التاريخ ووصف ألوان الحياة اليومية بمختلف صورها وأشكالها فى تلك الأيام ..ولم يكتف الفنان المصرى القديم برسم الصور فوق الجدران وتكوينها فحسب ، بل لجا إلى حفرها فوق السطح الحجرى فاكتسب بارزا وبعدا جديدا قربها إلى الواقع الطبيعى .
- ولقد اكتظت حوائط المعابد والمقابر المصرية بشتى الصور المنحوتة نحتا بارزاً ، وبقيت إلى يومنا هذا شاهدا على عبقرية الفنان المصرى القديم الذى انطق الحجر ، وبث أرق الأشكال وأدقها وأرشقها فوق الجدران الجامدة والأسطح الهامدة.
- من أجل هذا يعتبر النحت البارز والغائر من أعظم الإنجازات التى خلفها وراءه الفنان المصرى القديم .. واليوم يجد النحاتون فى رقائق النحاس خامة ممتازة وطيعة التشكيل لأنها تجمع بين الصلابة والمرونة ، ولأنها تمنح الفنان نفس خصائص النحت البارز لو طرقت من احد جانبيها .. وظهر عندنا فنانون استخدموا هذه الخامة والطريقة بمهارة وحذق ، أمثال المرحوم الفنان ` جمال السجينى` والمرحوم ` زكريا اسحق ` والفنان ` محمد رزق ` والفنانة ` عطيات الأحول ` ... وهكذا وجد النحت البارز لسانا جديدا يعبر من خلاله بعد أن انفصل عن الجدران الثابتة وأصبح قابلا للتداول والاتصال اتصال أكبر وألصق بالجماهير.
- ولقد أقامت الفنانة ` عطيات الأحول ` كبيرة موجهات التربية الفنية السابقة بوزارة التربية والتعليم معرضا لإنتاجها فى فن التجسيد البارز على النحاس بالمركز الثقافى للدبلوماسيين الأجانب ظهرت فيه قدرتها على تشكيل هذه الخامة البالغة الحساسية وجعلتها تحكى بلسان بليغ عن حياتنا الشعبية ، ومشاهد من الحياة فى الأحياء التى ما زالت تحمل بصمات تقاليدنا العريقة مثل: ( جهاز العروسة ، مراجيح العيد، كعك العيد ، فانوس رمضان ، كنافة وقطايف ، عروس المولد، القهوة البلدى..).
- وتجد الفنانة موضوعاتها الشعبية والريفية عن طريق ( التقعير والتحديب ) فوق سطح النحاس الأحمر بواسطة الضغط لا الطرق كما هو متبع فى النحاس المطروق، لأنها تستخدم شرائط بالغة الرقة يبلغ سمكها 4, من المليمتر . وهى شرائح قابلة للضغط بواسطة الأزاميل الضاغطة على كل من الوجهين وبهذه الطريقة تستطيع الفنانة أن تتحكم فى الأشكال التى تبرزها فوق السطح بروزا طفيفا ، ثم تلجأ إلى أكسدة السطح اللامع وإخماد بريقه المعدنى فيكتسب لونا وملمسا هادئين مع تلميع بعض الأجزاء ذات السيادة فى التكوين بواسطة تعريضها للحرارة فتبدو أكثر إشراقاً وكأنما سلط عليها الضوء من مصدر غير مرئى.
- وتقول الفنانة إنها بدأت رحلتها الفنية بتجسيم أسطح الجلد السميك بنفس الطريقة . وعندما التقت بالمرحوم الفنان ` زكريا إسحق` تعلمت منه لغة النحاس المضغوط . ومنذ ذلك اليوم يعرضان إنتاجهما معا مكونين ثنائيا منفردا.
- ويذكرنا أسلوب الفنانة ( عطيات الأحول) بالأسلوب المصرى القديم فى بساطة الخطوط . واختزال الأشكال ، ورقة الأحداث ، ورشاقة الحركات ، إلى جانب ذوقها المرتفع فى حبك نسيج تكويناتها ، وقدرتها على إخضاع أشكالها لنسق رقيق وشاعرى جذاب، والإحياء بالعمق عن طريق تعدد البروزات ، فيتنوع السطح ويتنعم باختلاف درجات الأضواء التى يمتصها ، والظلال التى تتجمع على حواف الاشكال.. وبعد أن اكتملت خبرة الفنانة وتمكنت من إخضاع النحاس لخيالها الخصب ، لجأت إلى الاستعانة بعنصر جديد من معطيات النحاس أيضا، وهو ( الصدأ ) أو ( الجنزرة) .. وذلك بتغطية بعض أجزاء التكوين بالأحماض ، فيصيبها صدأ جنزارى اللون. يتناغم ويتجاوب تجاوبا طبيعيا مع لون النحاس الأحمر .. وهى إضافة رائعة استطاعت أن تستخدمها بذكاء وأن تحسن استغلالها فى إثراء تكويناتها الرقيقة.
- ولقد كان نقص خامة النحاس فى الأسواق سببا فى اختصار الفنانة لمساحات لوحتها حتى بلغ حجم بعضها مثل حجم الكارت بوستال .. وبهذا فتحت مجالا جديدا للمنمنمات ، وجعلت هذا الفن متاحا لعدد أكبر من الناس بعد أن تعددت الحجوم وتعددت تبعا لذلك الأسعار.
بقلم : حسين بيكار
من كتاب أفاق الفن التشكيلى
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث