`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
على محمد على المليجى
الفنان على المليجى والتشكيل على .. المسطحات الجلدية
- كان الإنسان القديم ، وقبل أن يخترع ( جوتنبرج ) أساليب الطباعة الحديثة يحاول الكتابة على أى مادة ممكنة أو متاحة ، كانت الوسيلة فى الكتابة آنذاك تتعدد ، فمنهم من كان يكتب على الأحجار العريضة، ومنهم من كان يكتب على جريد النخل أو ورق البردى، وارتقت الإمكانات فبدأوا فى استخدام جلود الحيوانات بعد دبغها فى الكتابة والمراسلات .
- وتنتابنا الحيرة .. كيف كان يتم ذلك ، خاصة ونحن أبناء العصر الحديث نستخدم الورق بأنواعه المختلفة فى كل من الكتابة والرسم ؟ كيف كانت الكتابة على الجلد؟
- هذا ما استطاعه الفنان على المليجى أن يعبر عنه بفرشاته - فى صورة العديد من أدوات التعبير - باعثا التراث بكل ما يحويه من أصالة ليخوض فى أعماقه ، متحملا أخطار الرحلة المحفوفة بالمخاطر ألا تنجح ولكن بمثابرته ودأبه تمكن بمهارة من إستيعاب هذا التراث ، وترجم ذلك فى العديد من الأعمال الفنية التى كان ` التوال ` فيها هو مسطحات الجلد الطبيعى المدبوغ ، وقد إستخدم الفرشاة والمعاجين اللونية ، المستخلصة من النباتات والأكاسيد المعدنية ، فى تعبيراته اللونية ، كذلك إستخدم أسلوب الضغط على الجلد ، والحرق عليه بأدواته التى قام بتصنيعها خصيصا من أجل تلك المهمة متطرقا للعديد من الموضوعات .
- الشباب والحب :
- فى البداية تناول الفنان موضوعات تعبر عن حياة الشباب فى العمل وفى الحب .
- فهذه عذراء تتحدث عن نفسها فى خيلاء :` ست العرايس أنا صاحبة غناوى الهنا والدندشة والمنى ، أم العيون السود ويا الشعور الدهب والسنان عنقود ` يعبر عن العلاقة الأثيرية بين محبوب وحبيبته الواقفة فى الشباك فيناجيها :` ياواقفة فى الشباك ورامية على ` سهام وشباك .. `
- وفى الأخرى نرى خليلين متعانقين تحيط بهما الكتابات .
- وفى كل الأعمال نلاحظ العلاقة الإبداعية فى الحوار المتتابع بين الكلمة المكتوبة ، وبين التصوير الجمالى للأشياء ، فى صورة أشخاص ، أو نباتات ، وزهور ، أو جمادات ، تتوائم جميعها فى صياغات تشكيلية ، داخل إطار غير تقليدى ، وهو قطعة الجلد المدبوغة، كما هى فى صورة هيكل الحيوان ، وكأن الفنان يقول لنا أن بداخل كل حيوان إبداعات جمالية لابد لنا وأن نلحظها ، وهكذا استمر التعبير التشكيلى عن الغنائيات ، فى لوحات تعبر عن الأصالة الفنية التى استطاع الفنان أن يمتلك ناصيتها بإقتدار ( أشكال 4، 5، 7 ) .
- الإسلامية والروحية
- وخطا خطوة أخرى نحو عمق التراث ، نحو المعنى فأحيا الماضى السحيق بخطوط ذكية فى استرجاع أحداثه ، فهذه استفادة من الدراسة الإسلامية ، وما يحمله الفنان فى ذاته من إيمان بما أنزله الله ، كسائر أبناء الطبقات الشعبية فى التمسك العقائدى الروحى ، فانبثق ذلك عن رؤية فنية ، واستيعاب متقن لقصص القرآن ، مستفيداً بمظاهر هذا الشعور من خلال بيئته التى نشأ بها ، والتى استفاد منها كثيرا .وقد انعكس ذلك على معظم لوحاته سواء أكانت فى تعبيراته الشعبية أو الإسلامية أو القومية .قال تعالى :` نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ` صدق الله العظيم.
- ومن هذا النبع الروحانى الخالد نهل الفنان وعبر عن ميلاد الإنسان وموته ( شكل 8 ، 9) ، وكيف كان خلق الإنسان من نطفة ، وكيف حملته أمه وهنا على وهن ، وكيف كان ألم الميلاد ، الألم اللذيذ المبهر لعطاء الأمومة .
-ثم تأتى رحلة الموت .وقد إحتوات لوحة الفنان على شخوص واقفة تحمل الكفن ، وهم فى صمت مطبق ، وجوه بغير أفواه ، بل عيون شاخصه من هول الفجيعة ، فكلهم إلى نفس المال ، والعمل باعتباره عملا دراميا انفعاليا مبهراً ، تناسقت فيه العلاقات الفنية ، مع كلمات القرآن الكريم ، التى استلهمها الفنان .
- وفى تعبيره عن ` الخلق` نجد كيف شكل لوحته وكيف أن هذا البناء الكونى الكلى الذى يحتوى الروح وهى تعتمد على الماء كقولة تعالى : ` وجعلنا من الماء كل شىء حى ` ، فقد صور الفنان الرجل والمرأة وهما يستظلان تحت شجرة ، بل هى مجموعة أشجار متنوعة ، مليئة بالثمار المختلفة الأنواع أيضا ، والتى تحصل على مصدر حياتها من الماء من باطن الأرض ، فى صورة رمزية مبهرة ، حيث أن هذا النماء الكلى لا يتأتى إلا من منهج الله فى الأرض ، وهو القرآن ، فقد جعل الفنان كلمات الله هى المصدر الذى تحصل منه جذور تلك الشجرة على عصارة الحياة ، لتنشرها خيراً على آدم وذريته ، وغيره من المخلوقات والتى عبر عنها الفنان فى تعبيرات رمزية .
- ومع الأنبياء نسير فى رحلة إسلامية عظيمة فهذا نبى الله نوح الذى يحمل معه فى سفينته من كل زوجين اثنين ، والسفينة إطارها القرآن الكريم الذى يسجل الحدث فى قوله تعالى :` ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملاءً من قومه سخروا منه .. ` إلى قوله تعالى : ` وما آمن معه إلا قليل ` صدق الله العظيم .
- كذلك نعيش مع نبى الله عيسى وهو فى المهد ، وأمه العذراء البتول تحمله تحت شجرة تدلت منها الثمار ، وحولها قومها ( شكل 16) .
- ومن القصص القرآنية التى عبر عنها الفنان بذكاء قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع بلقيس ملكة سبأ وقد توسطت اللوحة آيات من القرآن الكريم من قوله تعالى :` قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ` إلى قولة تعالى ` ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غنى كريم ` صدق الله العظيم ( شكل 18)
- وأضفت الأيات خطوطها التى تتواءم مع خطوط التشكيل العام للوحة والتى يبرز منها عرش بلقيس كما تخيله الفنان فى أبهته وزينته .
- ومن قصص الأنبياء أيضا قصة سيدنا يوسف عليه السلام ، فاستعان الفنان أيضا بالآيات القرآنية التى بثها بذكاء داخل اللوحة ، لتكتمل تعبيرية الصورة ، التى تتفق مع أحداث القصة داخلها ، كتآمر أخوته عليه ، وإلقائه فى الجب ، وهو الحدث الهام الذى ارتكز عليه الفنان فى لوحته .وقد فصل به الصورة فى خداع بصرى يوهمنا بهذا الفصل ، الذى يدلى فيه رجل بدلو ، لينقذ الصبى من غياهب الحب .
- وفى نفس هذا الجانب من الصورة مجموعة من النخيل دلالة على سنوات الخير والرخاء ، تحسبا لسنوات المجاعة التى حلم بها المللك بالبقرات العجاف وضمن الفنان الآبيات القرآنية والتى تخدم رؤية هذا الجانب من اللوحة ، أما الجانب الآخر منها فقد قسمه إلى مربعات صغيرة حول آيات أخرى من القرأن الكريم ، وتتفق مع صور سنوات القحط ، وإخوة يوسف ، وحال أبيه يعقوب عليه السلام والمكلوم لفقده .. وفى أعلى ، اللوحة صورة الشمس وهى ترسل أشعتها ، دلالة على الانتشار ، وإظهار الحق .
- القومية والمصرية :
- وكما لم ينس إسلامه وعربيته فى لوحاته خاصة ، فى مشاركته فى المعارض المقامة فى كل من العراق ، وسوريا ، والسودان ، والجزائر ، والكويت ، لم ينس أيضا مصريته مشاركا فى أحداثها الوطنية ، وأعيادها القومية ، فى أغنيات انتصار ، تبرز بوضوح فى المشاركة القومية فى معارض ومسابقات مصر .وقد حصل فيها على الجائزة الأولى فى ثلاث مسابقات ، وشهادات تقدير متعددة فى مسابقات أخرى ، ومن أعماله لمصر: ( فى الوطنية . نيل بلدنا . بيوت مصر، القسم ) ( أشكال 22،23)
- لقد أقام الفنان معرضين لتشكيلاته الجلدية هذه فى عام 1977 أحدهما فى القاهرة والآخر فى مدينة دسوق ، وقد أشادت بأعماله العديد من الصحف آنذاك ، ومنها على سبيل المثال ما قاله الفنان والناقد الكبير ( بيكار ) فى جريدة الأخبار بتاريخ 10 يونيو 1977: ` ... إن هذا الانبهار بالصورة ، وبفنتازية الحدث ، يصاحب الفنان فى كل لمسة ، دون أن يفتر .. يطلقه بصدق وبغير إفتعال فترتاح النفس إلى ما يشع منها من أصالة وحب وإيمان .. إن الفنان يريد أن يتيح لقارىء القرآن بعقله وقلبه وعينيه وبكل كيانه .. عملا فنيا متكاملا .. ` .
- ومنذ ذلك الحين ، إستطاع الفنان أن يتطور إلى الأحسن ، وأن يحاضر تلاميذه عن روعة الفن التشكيلى فى مصر ، ودوره فى إرتقاء الحس والذوق لدى الناس .مشاركا فى لجان التربية والتعليم للإرتقاء بفنون الرسم بين صفوف التلاميذ ولإخلاصه لم يتوان فى بذل الجهود لإنجاح أفكاره ، التى كثيرا ما تقابل بالتسويف والمماطلة فى التنفيذ ، والتى سنرى ثمارها فى المستقبل إن شاء الله .
- هذا هو على المليجى إبن حى الشرابية الفنان
بقلم : عبد الرحيم يوسف الجمل
مجلة : إبداع ( العدد 3 ) مارس 1984
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث