`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
سعيد سيد على الوتيرى
تقديم لأعمال الفنان سعيد الوتيرى
- شاهدنا أعمالاً كثيرة ذات مستوى ممتاز للفنان سعيد الوتيرى فى فن الكليم تأكد خلالها القيم الجمالية للعلاقات الخطية الهندسية . متأثراً بالبيئة المصرية فى أشكالها المختلفة. ولقد تطلبت منه مقتضيات الكليم إلى الكثير من التبسيط فى الأشكال مع الاحتفاظ بالجوهر الكامن فى مشاهداته وتجده فى التعبير من خلال أعماله المختلفة التى نهج فيها الأسلوب التجريدى والفنون الإسلامية. ولقد كانت التجريدية الهندسية بالأخص على صلات عميقة بالفن الإسلامى الذى اهتم بالجوهر وهو فى نظره الروح وليس الماديات اللامتناهيه فى أشكالها الظاهرية. ونجد الفنان فى مصادرة التى يستقى منها أراه الفنية يصوغها صياغة ذاتية إذا أنها تنصهر بداخله قبل أن تخرج إلى حيز التنفيذ الفعلى. وقد يكون من هذه الرؤى ما هو مختزن بداخله منذ فترات طويلة قد تصل إلى سنوات الطفولة أو الصبا. وتكتس الرؤية هنا للفنان عندما تخرج إلى حيز التنفيذ بأسلوب معاصر مصطبغ بما مر به من خبرات دراسية وثقافية تتنامى يوما بعد يوم بمداومة الإصلاح والملامسة والانفتاح على التجارب الجديدة فى مصر والخارج .



د. نعيم عطية نائب وزير مجلس الدولة الناقد والكاتب التشكيلى وعضو اتحاد الكتاب
إبداع فى فن الكليم والزجاج !
- أن أدوات الفن التشكيلى وخاماته هى بطبيعتها محايدة بمعنى أنها قد تكون عنصراً فاشلاً فى يد إنسان غير موهوب وقد تصبح شيئاً فى يد نصف موهوب ولكنها تنطلق بالتعبير إذا كانت فى يد موهبة مصقولة فخطأ تصور أن أى من هذه الخامات يضيف شيئاً إلى الفنان المبدع فالواقع والحقيقة هى أن الفنان نفسه هو الذى يضيف وهو الذى يكشف إمكانيات هذه الخامات وبحكم أننا نمضى للأسبوع الرابع مع فنانين كبار فأننا نجد الخامة تنطق وتتحرك وتضئ بين أصابع هؤلاء الموهوبين الكبار .
- وكان الموضوع الذى يشغل جوهر النشاط هو `السمبوزيوم الدولى للنحت بأسوان `بعد أن وصل إلى نهايته فقدم كل فنان من الثمانية عشر عمل لحقيقة الرؤية الذاتية للظاهرة ونظراً لاستحالة تجاهل أى فنان من المشاركين من دول العالم ، فإنني سوف أقدم واحداً منهم على أن نتابع المشوار فى الجولات القادمة.
- ويأتى معرض د . سعيد الوتيرى فيقدم الجديد فى فن الكليم وفن الزجاج وأن كان الكليم بتلك الأعمال الذاتية قد استطاع أن يجذب العين والعقل وأكثر دون نقصان من جمال تجربته الزجاجية سواء كان فى الكليم أو الزجاج فهو يؤكد أصالته سواء فى الإبداع والتشكيل .
نجوى العشرى
جريدة الأهرام
سعيد الوتيرى ولوحة الكليمْ
- استطاع ` الكليم ` كصناعة أن يثبت وجوده فى مصر عبر مراحلها الفنية المختلفة منذ العصر الفرعونى ، حتى أنه نسب إلى مصر ذاتها فى فترة من فترات ازدهاره ، فسمى ` قبط ` لما امتازه به من جودة كمنتج مصرى صميم .
- والكليم كصناعه تتوافر خاماته فى مصر ، مما يمكن أن يحقق لها الاكتفاء الذاتى المتطلب لنهوضها وتواصلها .
- فالصوف والقطن والكتان خامات موجودة فى مصر . والصوف يستخدم فى اللحمات المستمرة أو غير المستمرة حسب التصميم . اما ` السداء ` فتستخدم فى الخيوط القطنية أو الكتانية حسب الرغبة . ومن ثم يؤكد توافر هذه الخامات نجاح الكليم كصناعة مصرية . على ان الذى تحتاج ليه هذه الصناعة هو الأسلوب المتطور الذى يعتمد على فكر يغير من رؤية المقتنى أو المشترى للكليم كمتنج تتوافر فيه مواصفات جمالية تجعله سائعا ومرغوبا . وهنا تلعب الناحية التصميمية المستفيدة من الزخارف والوحدات التشكيلية المرتبطة بالحضارات التى مرت بها مصر من فرعونية وقبطية واسلامية وحديثة ، دورا مثمرا يساعدنا على استخراج تصميمات نابعة من البيئة ومرتبطة بأصول الحياة المصرية ذاتها بتقاليدها وعاداتها التى لا يمكن البعد عنها ، وبهذا يتحقق الارتباط الوثيق للكليم بتراثنا القومى ، الذى من خلاله يمكن الوصول الى العالمية ، وهذه معوقات أى فن أصيل يفرض نفسه من خلال المحلية المطورة بالتعمق فى دراسة أصول وتراث المجتمع ذاته ، والانتقال به الى المعاصرة من خلا أشخاص يتوافر لهم حب وطنهم ، فينتقل العمل إلى العالمية بالتالى .
- لماذا اخترنا الكليم كموضوع ؟
- وقد بدأ الكليم كصناعة يدخل حقل المنافسة الضارية وغير المتكافئة مع بعض المنتجات المستوردة والتى لا تتناسب مع تراثنا ، كما أنه لا يتناسب مع الإمكانيات المادية للانسان المصرى البسيط بينما يمكن من خلاله قلة تكلفة الكليم أن توفر المنتج الجيد الذى يناسب دخل الانسان المصرى متى تأتى لصناعة الكليم الأسلوب المميز للتصميمات التى تعطيه الفرصة أن ينافس مثيله من المفروشات المستوردة ، وقد ظلت الحضارات الفنية المتعاقبة على مصر غنية بالعناصر الزخرفية التى تتيح لفنان الكليم أن يبتكر الوحدات التشكيلية التى تجمع بين معاصرة التجريد وأصالة عادات وتقاليد مجتمعنا القومى . وبذلك تطور جماليات الكليم مرتقيه به إلى مستوى اللوحة التشكيلية ، ذلك ان اللوحة ليست تلك التى توضع فى إطار وتعلق على الحائط فحسب ، بل أن ثمة لوحات مرتبطة بأرضيات البيوت التى تأوينا ، وتتمثل فى أعمال الكليم المتطورة ، اذا لا شك أن الابداع فى اللون والشكل فى صناعة الكليم يفى بحاجة جمالية مؤكدة فى حياتنا القومية .
- فالكليم غمط حقه لوجود بدائل مستوردة فيها ذوق مرتفع ، فلماذا لا نضع هذا الذوق فى الكليم بالاضافة إلى ما لدينا من تراث عريق ثم يسهل بعد ذلك لقلة تكاليفه أن يقتنية الغنى والفقير على حد سواء ؟ ولن تستطيع البدائل المستوردة الأجنبية بعد ذلك منافسة الكليم ، لأن الكليم معبر لوجود تعاشقات نسجيه بين الطولية والعرضية . كما أنه يتميز بسهولة تحريكه وتنظيفه ، على عكس الموكيت الذى تمتلئ وبرته بالأتربه التى يتصف بها جونا ، كما أن تنظيف الموكيت باستمرار يقلل من كمية الوبر الموجود على سطحه ، وهو مالا يحدث للكليم عند تنظيفه هذا فضلا عن أن الكليم اذا دخله اللون والشكل ارتفع سعره وصار أغلى من الموكيت .
- الينابيع:
- الفنون الاسلامية:
- استعار الدكتور سعيد الوتيرى للوحات الكليم من ` الفنون الاسلامية ` الوحدات الهندسية والتكوينات الناتجة عنها فى أشكال مثل ` المشربية ` وفى إحدى لوحاته قرب الفنان بين الخطوط الرأسية فى أشكال النخيل وبين بعض الحروف العربية مكونا من هذه الخطوط تشديلا مقروءا على مساحة تتبادل فيها ` الأرضية ` و ` الشكل الناتج ` وظيفة اعطاء مساحات هندسية مختلفة من مستطيل ومربع بأحجام مختلفة . وقد سمى الفنان لوحة الكليم المعلق هذه ` باسم الله الرحمن الرحيم ` وقد عرضت بمعرضه الأول بالمركز الثقافى المصرى بروما فى سبتمبر 1979 .
- وقد طور الدكتور سعيد الوتيري تصميماته للكليم فانتقل من ` التصميم الكلاسيكى ` المنتج على مر العصور والمرتبط بايجاد ` كنار ` و ` صرة ` و ` تماثل ` بمقدار الربع داخل المساحة المراد تنفيذها ، واستخدام الوحدات الزخرفية الاسلامية من معين ومسدس وخلافهما فى تحقيق تصميم مرتبط بأصول تنفيذ الكليم ، ولكن بتركيبة جديدة يعتمد فيها التصميم على التوزيع اللونى فى المساحة برؤية ذاتية تؤكد من حيث المضمون مقومات الفن الاسلامى من استمرارية الشكل في طول المساحة وعرضها ، ولكن مع البعد عن اعطاء ` كنار ` للشكل الناتج ، وكذلك البعد أيضا عن الصرة والتماثل داخل المساحة .
- وقد سبق للدكتور سعيد الوتيري ان قام بعمل تصميمات مرتبطة بالاسلوب التقليدى للكليم بصفة عامة ، ولكنه حتى فى هذا المجال أيضا اضفى ألوانا غير مسبوقة في عمل الأكلمة على القطع أو اللوحات التى صممها ، مستهدفا بهذا التجديد تحقيق متعة واثارة للعين ، وكان ذلك على الأخص بوضع اللون الأزرق السماوى إلى جانب اللون الاسود واللون البيج على تفاصيل المساحة التى انصب عليها التصميم ، وهذه الألوان لم تكن مألوفة ، ولا فى الكليم الاسلامى بصفة خاصة ، ولا فى الكليم بصفة عامة ، إذ أن الألوان التى كانت سائدة من قبل هى الألوان الطبيعية للصوف ، وهى البنى والأسود والأبيض .
- وقد ساعدت هذه ` الاستمرارية ` التى أدخلها سعيد الوتيرى على تصميماته ، بعد الاستغناء عن ` الكنار ` و ` الصرة ` على اضفاء التغيرات اللونية على الوحدة ذاتها بطول المساحة كله وعرضها ، ومن ثم يتيح ذلك للمقتنى أن يوظف لوحة الكليم فى الديكور الداخلى للمساحة المراد وضع الكليم فيها ، مادام أن استمرارية الوحدة المستخدمة ، والتنوع اللونى المتاح لها يعطى الفرصة للحصول على مساحات متغيرة شكلا ولونا حسب الرغبة فى توظيفها .
- البيئة
- وقد استقى الدكتور سعيد الوتيرى فنان الكليم كثيرا من تيماته التشكيلية من ` البيئة ` أيضا ، وقد استهوته على الأخص منطقة الوادى الجديد ، فأخذ من واحتى شندى والقصر بعض أشكال عمائرهما ، وصاغها فى تصميمات للكليم برؤية ذاتية ، ليس فيها تمييز بين أرضية وشكل ناتج ، مؤكدا القيم الجمالية للعلاقات الخطية الهندسية.
- كما استقى الدكتور سعيد الوتيرى من البيئة لوحته الكليمية ` تنغيم لونى ` (عام 1979 ) وفيها تأثر بأشكال الزلع والقلل المتراصة فى الخلاء ، موحية بعلاقات خطية ، واستنبطها الفنان من ذلك التراص بايقاعات لونية وكثافات للخط بأشكاله وحركاته المختلفة ، محققا من خلال ذلك تكوينا مؤديا للانسجام والتنويع فى الشكل الناتج ، ومرتبطا أشد الارتباط بالخلفية ، وعن طريق التباين اللونى المؤدى بالأزرق والأسود والأحمر والأبيض امتلأ السطح بالايقاعات.
- وقد تأثر الدكتور سعيد الوتيرى بأشكال الصخور الموجودة فى نوعيات كثيرة من بيئتنا ، منها ما هو موجود داخل الماء كما فى صخور جزيرة فيلة بأسوان ، أو فى سلسلة الجبال التى تربط بين سفاجا وقنا ، فهذه الصخور أوحت للفنان بأشكال تجريدية حقق من خلالها تصميمات تعتمد على حركة الخط بتنويعه داخل المساحة وتوزيعه لونيا ، ما يحقق مرة أخرى تقاربا وثيقا بين الأرضية والشكل .
- الشعبيات :
- ومن ` الشعبيات ` استهوت الدكتور سعيد الوتيرى صورة كل من ` بائع العرقسوس ` و ` رجل النقر زان ` و ` فرسان التحطيب ` وقد نفذ هذه الرؤى فى ثلاث لوحات كليمية ، وكان مما استهواه فى هذه الرؤى الشعبية حركيتها وغنائيتها ، وقد تطلبت منه مقتضيات الكليم - أى مقتضيات الاداه التى نفذ بها لوحاته - أن يعمد إلى كثير من التبسيط فى الاشكال والاحتفاظ بالجوهر الشعبى الكامن فى هذه المشاهد اليومية ، ففى لوحة ` بائع العرقسوس ` استوقفه جرية الدائم سعيا وراء رزقه ، فعبر عن هذه الحركة فى خطوط معادلة لها ، وهى خطوط دائرية بصفة عامة ، يبين من خلالها موضوع اللوحة فى شكل بائع العرقسوس وطفل بجانبه يشترى منه ، وقد أفرغ الفنان بهجة الموضوع والمذاق الحلو لعصير العرقسوس فى ألوان زاهية يغلب عليها الأحمر والأزرق والأخضر ، ولم يهمل الدكتور سعيد الوتيرى جانبا يهتم به الفنان الشعبى عند الاعتناء بحاجياته المستخدمة فى حياته اليومية وتجميله لها برؤيته الذاتية ، مستخدما فى ذلك الوحدات الزخرفية المرتبطة بعقائده وتقاليده ، ويتضح ذلك فى اللوحة من خلال الحزام الحامل لزلعة العرقسوس ، حيث استخدم الفنان الشعبى المثلث فى تجميل شكله ، واذا دققنا التأمل فى مضمون تلك الوحدة الزخرفية وما تعنيه لدى الفنان الشعبى ، فسوف نتبين أنها استخدمت كحجاب لابعاد الحسد وجلب الرزق ، فهو اذن ليس تجميلا فحسب بل هو تجميل موظف توظيفا عقائديا ، وقد عمد الدكتور سعيد الوتيرى فى هذا المنطلق أيضا الى لضفاء اللون الأخضر على هذه الوحدات الزخرفية الشعبية مجتهدا بذلك التعبير عما يرمز اليه هذا اللون من محصول وفير ورخاء يتمناه بائع العرقسوس بعد يوم من العمل الشاق.
- واذا انتقلنا الى لوحة ` النقرزان ` فسيتأكد كثير من الأفكار التى سبق أت تعرفنا عليها فى لوحة بائع العرقسوس بالنسبة للجوهر الشعبى ، وتعمد التركيز تحاشيا للتفاصيل ، اعتدادا بإمكانات الأداة المستخدمة ، وهى ` الكليم ` ، على أن الفنان فى لوحته هذه يعنى من خلال بعض جزئياتها - مثل الاعلام الخضراء ذوات الأهلة - أن يعبر عن الحقبة التاريخية الى ذاعت فيها لعبة النقرزان التى اندثرت أو كادت تندثر اليوم ، وظلت ذكرى قديمة من ذكريات طفولة الفنان وما سمعه ممن حوله الذين مضوا يحكون عن هذه اللعبة وأبطالها جوابى الشوارع والاسواق والشوادر ، وعلى الأخص فى الأعياد والمواسم .
- وفى لوحة ` النقرزان ` نلاحظ اهتمام الدكتور سعيد الوتيرى بتحقيق التوازن الذى هو عصب اللعبة ، اذ يحاول اللاعب أن يبقى العصا واقفة على جبينه أطول وقت ممكن ، وقد استوجب تحقيق هذا التوازن أن يفتح اللاعب ذراعيه مما يضفى على هيئته الانسانية مزيدا من الجمال التشكيلى ، كما وضع الفنان فى العصا الواقفة على جبين ` رجل النقرزان ` الالوان ذاتها الشائعة فى سرواله المنبسط مع انفراج ساقيه ، مما يزيد من تأكيد التوازن المستهدف من لعبة النقرزان .
- ولنلاحظ المعالجة الشعبية الحميمة فى زخرفة العصا والصديرى والسروال فهذا اللاعب أو الفنان الشعبى يعتنى فى المقام الأول بتجميل أداته التى يستخدمها وهى العصا ، كما يهتم بأناقته المتمثلة فى السروال المزركش والصديرى ذى اللونين .
- وقد شغل الدكتور سعيد الوتيرى فى لوحته هذه - على خلاف لوحة بائع العرقسوس ولوحة ` التحطيب ` التى سيرد ذكرها - بخلفية اللوحة التى أودع فيها مشهد الحى الشعبى ببيوته ومآذنه ، وقد اهتم الفنان بالروابط التشكيلية بين الوحدات المستخدمة فى اللوحة ، سواء فى الخلفية أو المقدمة ، وعلى الأخص فى الحوار المتناغم بين المئذنة والعصا ، وكان استخدامه للون أداته فى التمييز بين مساحة وأخرى سواء كانت بيوتا أو أرضية أو انفراجه سماء ، والتأكيد على الشكل المطلوب ايضاحه للمشاهد .
- ومن المعالم التى تشيع فى الأحياء الشعبية الزينات المعلقة ، وعلى الأخص الأعلام الصغيرة الملونة الخفافة التى تتدلى من حبال تمتد بعرض الأزقة والدروب . فإذا تماوجت من نسمة هواء أشاعت فى الأرجاء البهجة ، ولم يفت الفنان سعيد الوتيرى أن يستفيد من هذه الزينات فى تكوينه الشعبى ، فأضاف إلى لوحته الكليمية حبلين مدليين بعرض اللوحة تتماوج عليها سبع رايات صغيرة خضراء ، وهذان الحبلان بما عليهما من أعلام فى امتداد عرضى يحققان للوحة أثرين يمكن ايجازهما فى الآتى : أولا : تصبح اللوحة ذات ثلاثة أبعاد بدلا من بعدين ، وهذا ليس بالأمر السهل تحقيقه فى لوحة الكليم بصفة عامة ، البعد الأول يتمثل فى اللاعب الراقص ، والثانى يتمثل فى الحبلين والأعلام الصغيرة ، والثالث يتمثل فى بيوت الخلفية ، وثانيا : أن الاعلام الخفافة تثير فى قلب المتفرج الاحساس بالتمايل والتأرجح الذى يؤديه جسم الراقص حتى يتوصل إلى أن يحقق للعصا اتزانها فوق جبينه .
- واذا انتقلنا بعد ذلك الى لوحة ` التحطيب ` سنجد أن سعيد الوتيرى ` قد عمد إلى التبسيط الشديد فى شكل كل من اللاعبين ، فالجلباب مثلث ، وكمه مثلث يتلاقى بأعلى الجلباب ، ومن هذه المثلثات الأربعة يتكون تشكيل متماسك يقترب فى النهاية من المربع ، ولكنه ليس مربعا أصم ، بل هو مربع ديناميكى ، مشحون بحركة تطرد السهام الذى قد تحدثه فى الرأى كتلة المربع المصمتة ، وقد اختار الفنان للوحته الكليمية لحظة مؤثرة فى لعبة التحطيب ، وهى اللحظة التى يحقق أحد اللاعبين انتصارا أو تفوقا على اللاعب الآخر الذى وقع على الآرض . ومع ذلك فقد مضى هذا الأخير لا يعترف بهزيمته ويذود بعصاه ضربات عصا الآخر المنكب عليه . أن المبارزة مستمرة رغم لحظة الانكسار المؤقتة . فهذا الشكل يتحول رغم تبسيطه الشديد - والبليغ فى الوقت ذاته - من مجرد تصوير لمبارزة إلى تصوير صمود يتحلى به الرجل الصعيدى ، أى الانسان المصرى الأصيل .
- وقد حقق سعيد الوتيرى التناغم فى الشكل أيضا من خلال تقابل اللون الاحمر الذى اصطبغ به جلباب أحد المتبارزين واللون الأزرق الذى اصطبغ به جلباب المتبارز الآخر ، أما الوحدة فتتحقق فى العمامة الخضراء التى يرتديها كل من اللاعبين .
المعاصر :
- التسطيح :
- وجدير بالذكر أن ` لوحة الكليم ` لا تحتمل البعد الثالث بصفة عامة ، ولذا فقد وجب لها ` التسطيح ` مع مراعاة تحقيق التوازن فى المساحة ككل ، وهو التوازن الذى حققه النساج التقليدى عن طريق الاتيان بالوحدات المتماثلة داخل الاطار ، وقد استفاد الفن الحديث بصفة عامة من معطيات فن الكليم على مدى العصور ، فقد عزز الفن الحديث أفكاره عن التسطيح الذى استغنى به عن البعد الثالث بعطاءات فن الكليم على الأخص .
- التجريد :
- يضحى ` التجريد ` الذى أصبح من سمات الفن المعاصر ضرورة وحلا لجماليات الكليم ، الذى يحتاج صانعه الى تصميمات تتسم بالتبسيط والتخلص من التفاصيل التى تتناسب مع امكانيات التنفيذ على النول
- وقد كانت ` التجريدية ` فى مقدمة الأساليب المعاصرة التى استفاد الدكتور سعيد الوتيري من عطاءاتها فى لوحاته للكليم ، ذلك أن التجريدية فى نظره تضع يدها على ` جوهر الأشكال ` ، وهى اذ تستبعد التفاصيل تصل الى خطوط بسيطة لأشكال بذواتها ، وذلك سواء بالنسبة ` للتجريدية الهندسية ` أو ` التجريدية التعبيرية أو الحرة ` وقد كانت التجريدية الهندسية على الأخص على صلات عميقة كما نعرف بالفن الاسلامى الذى اهتم ` بالجوهر ` وهو فى نظره ` الروح ` وليس الماديات اللامتناهية فى أشكالها الظاهرية .
- وقد انجذب سعيد الوتيرى إلى المصور التجريدى الهولندى بيت موندريان (1872 - 1944) وتابع تحركه من ( الواقعية البصرية ) متمثلة فى شكل شجرة إلى تبسيط شكل هذه الشجرة ، ثم الايغال فى حذف تفاصيلها حتى وصل تصميمها فى النهاية إلى مجموعة خطوط رأسية وعرضية متقاطعة استطاع من خلالها وبإضافة أقل القليل من اللون ، أن يحصل على الشكل المجرد المعبر فى الوقت ذاته عن ساق الشجرة وأغصانها وأوراقها بأسلوب متميز .
- وقد كانت بعض موضوعات سعيد الوتيرى المنفذة بالاسلوب التجريدى فى أصلها الواقعى شكلا من أشكال العمارة المصرية القديمة تمثل فى أعمدة معبد الأقصر أو شكلا من أشكال العمارة القديمة فى الواحات ( راجع لوحاته ` ذكريات ` و ` تكوين بنائى ` و ` الواحات ` وقد عرضت بالمركز الثقافى الفرنسى بمصر الجديدة فى فبراير 1982) ومن أعماله المنفذة بالأسلوب التجريدى الحر نشير إلى لوحته ` تنغيم لونى ` المستمدة من منظر طبيعى لمجموعة من القلال والزلع المتراصة بجوار بعضها فى مكان بواحة ` القصر ` بالوادى الجديد ، وقد سبق الإشارة إلى هذه اللوحة عند الحديث عن مؤثرات ` البيئة ` فى الرؤية التشكيلية لسعيد الوتيرى.
- ولوحات الفنان هذه تقوم على تحوير لمناظر فى الطبيعة والبيئة المصرية ، وتصعيدها إلى أشكال تجريدية بعدت الصلة بينها وبين أصلها الواقعى ، بل أن بعضها ، مثل تلك المستمدة من الصخور يمكن أن تصل إلى أن تصبح ` أشكالا خرافية ` وقد تأكد ذلك فى لوحة ` حيوان مائى ` ( المعروضة فى قاعة أخناتون فى يناير 1981) ، وتمضى بذلك أعمال سعيد الوتيرى هذه مبتعدة عن تجريدية موندريان ورفاقه وتلامذته الهندسية لتقترب من تجريديات أخرى ` فانتازيا ` نجدها عند بول كلى (1879 - 1940) وجوان ميرو (1893 - ؟) وفرانسيس بيكابيا ( 1879 - 1893) فنانى الدادية والسريالية والتجريدية ، ومن أعمال سعيد الوتيرى التى ينطبق عليها هذا الوصف لوحته ` أكروبات ` ( التى عرضت بقاعة المركز الثقافى الفرنسى بمصر الجديدة فى فبراير 1982) وكان أصلها مستمدا من الدوامات الهوائية وتأثيرها على رمال الصحراء ، فبدت لوحته فى شكل خطوط دائرية لولبية ملتصقة ببعضها ، وقد ملئت بعض الفراغات بالألوان الأحمر والأسود والأزرق .
- وفى لوحة سعيد الوتيرى ` تشكيل سمكة ` نجد مزيجا من الأسلوبين ` التجريدى الهندسى ` و` التجريد الحر` وتمثل الأول فى التدرج اللونى للخطوط الأفقية المعبرة عن المياة وأعماقها مبتدئا بالأزرق الغامق فى الأعماق ومنتهيا بالأزرق الفاتح عند السطح المعرض لضياء الشمس ، كما نجد التجريد الهندسى يتمثل فيما هو داخل السمكة ، حيث صورت المعدة والأمعاء بما يومئ إلى حركتها الميكانيكية ، أما بالنسبة للتجريد الحر فيتضح فى الخطوط الرئيسية المعبرة عن شكل السمكة مقسمة إلى رأس وبطن وذيل ، فقد رسم هذا الشكل بخطوط حرة تؤكد استقلال الشكل عن أصله الواقعى فى الطبيعة ، كما أن هارمونية الالوان المنفذة تنبع عن الخيال البحت والاحساس الذاتى للأحياء المائية ، ولهذا جاءت تسمية اللوحة (تشكيل سمكة ) أصدق فى التعبير عن حقيقتها مما لو كانت قد سميت ` سمكة ` .
- وفى ` تجريدياته ` يتحاشى سعيد الوتيرى ` الزخرفيات ` التى ينفر منها ` التجريد ` بمفهومه المعاصر ، ولكن الفنان يعمد فى كثير من الأحيان إلى التوفيق فى اللوحة الواحدة بين أكثر من أسلوب ، كان يوفق بين ` التجريدية الهندسية `و`التجريدية الحرة ` وهو لا يجد غضاضه فى ذلك ، إذ أن الأمر يتحمل التزاوج بينهما .
- الرؤية الذاتية :
- وأيا كانت المصادر التى يستقى منها الدكتور سعيد الوتيرى رؤاه الفنية ، فإنه يصوغ هذه الرؤى صياغة ذاتية ، إذ انها تنصهر بداخله قبل أن تخرج إلى حيز التنفيذ الفعلى ، وقد يكون هذه الرؤى ما هو مختزن بداخله منذ فترات طويلة ، قد تصل إلى سنوات الطفولة أو الصبا ، مثل الرؤى الشعبية الراجعة إلى أيام اللعب فى الحارة ، وتكتسى رؤى الفنان عندما تخرج إلى حيز التنفيذ بأسلوب معاصر مصطبغ بما مر به من خبرات دراسية أو ثقافية تتنامى يوما بعد يوم بمداومة الاطلاع والملامسة والانفتاح على الخبرات الجديدة فى مصر والخارج . وكلما تقادم العهد على الرؤية فى وجدان الفنان صارت أكثر أصالة ، إذ أنها بالحب والمعايشة فى الأعماق صارت أكثر نضجا ، وقد أثرت دراسة الدكتور سعيد الوتيرى الاكاديمية على رؤاه ، فقد ضبط مسارها وصوبت من اتجاهها ، مخلصة اياها من كثير من التخبط الذى كان يرافقها فى البداية ، ويقول الفنان فى هذا المقام ( حديث شخصى جرى يوم الجمعة 5 من أغسطس 1983) `ان اهتمامات الناس الذين درست بينهم ، وزياراتى المتعددة لمراكز الإشعاع الثقافى فى ايطاليا مثل فلورنسا والفاتيكان ، بجانب مراكز اشعاع فى بلاد أخرى منها هولندا وفرنسا واليونان أيقظت بداخلى حاسة البصر ، فأصبحت شئت أم أبيت شاهدا جيدا للأعمال الفنية ، وبمثل هذه المعيشة تتضح للانسان جوانب لم يلتفت اليها من قبل ، حتى وان كان دارسا لها دون احساس . ` ويمضى الفنان سعيد الوتيرى فيقول ` وانى أريد أن أحقق فى لوحة الكليم أصالة ذلك المنتج المصرى العريق ، بما يتناسب والامكانات المادية للسواد الأعظم من أبناء شعبى ، وبخاصة أن خامات صنع الكليم متوافرة فى بيئتنا وبشىء من الاجادة فى التصميم يمكن أن نقدم للجمهور منتجا جيد التشكيل رخيص الثمن ، يمكن اقتناؤه فى المنازل والمكاتب ودور العمل، والاستغناء عن البدائل المستوردة غير المصرية الأصل ` .
بقلم : د. نعيم عطية
مجلة : إبداع (العدد 12) ديسمبر 1983
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث