`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمد عبد المنعم رخا
رخـا ناظر مرسة المشاغبين
- كان الفنان الكبير رخا عملاقا فى فن الكاريكاتير .. وهو ينتمى إلى جيل العمالقة الذى أرسى أسس مصر الحديثة بعد أن انتزعها من الاستعمار والتخلف والجمود .. وهو جيل المفكرين والزعماء والعظماء الذين أنضجتهم ثورة 1919م وهم يتميزون بالوطنية والليبرالية والشجاعة والطموح .. وهؤلاء هم الخميرة التى نعيش على حسها حتى الآن .. ولم تستطع كل معاول الهدم والتخريب أن تنال منها .. وقد كان رخا واحدا من هؤلاء .. والذى فعله فى مجال الكاريكاتير هو نفس مافعله طلعت حرب فى مجال الاقتصاد ، وعباس العقاد فى الأدب ، وسيد درويش فى الموسيقى ، وأم كلثوم فى الغناء ، ويوسف وهبى فى التمثيل ، ومحمد رفعت فى التجويد .
- هؤلاء ومئات غيرهم هم المنارات التى نهتدى بها إلى الآن ، ولن تغيب نجومهم عن سماء مصر إلى الأبد .
- وأهم ما كان يميز الفنان رخا عشقه للحرية ، وحبه للناس ، وكرمه الشديد ، وإخلاصه لأصدقائه ، وحبه لأسرته ، وانتصاره للضعفاء ، وضيقه بثقلاء الظل والمتكبرين .
- وقد ظل إلى آخر يوم فى حياته يكسب الأصدقاء بفضل بساطته وكرمه وروحه المرحة الطيبة .
- موهبة الإنسان تولد معه .. وتتكفل الظروف والبيئة بعد ذلك بتنميتها أو دفنها .
- هذا الكلام ينطبق تماما على الفنان الكبير ` رخا ` ناظر مدرسة المشاغبين أو ` مدرسة الكاريكاتير المصرية ` وأستاذها ومؤسسها وفارسها بلا منازع .
- رخا .. هو أول رسام كاريكاتير مصرى .. وقد صعد إلى القمة حتى صار اسمه يتصدر واحدا من أهم المراجع الدولية فى ذلك الفن ، وعنوانه ` سادة الكاريكاتير ` .
- وقد سجل رخا من خلال رسومه وشخصياته - على مدى ستين عاما - الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر .
- وقد اشترك مع مصطفى أمين وعلى أمين وأربعة آخرين فى تأسيس أخبار اليوم عام 1944 .. فقد عمل رخا مع مصطفى أمين عندما كان يرأس تحرير مجلة ` الاثنين ` عام 1941 ، وكانت تصدر عن دار الهلال .. ولكن مصطفى أمين اختلف مع أصحاب دار الهلال ، فاستقال من رئاسه تحرير مجلة الاثنين وتضامن معه خمسة .. هم الذين يحررون مجلة الاثنين ، وكتبوا استقالة جماعية .. كان هؤلاء الخمسة هم : محمد عبد المنعم رخا .. محمد على غريب .. عبد الصبور قابيل .. محمد على ناصف .. وتوفيق بحرى .. وهؤلاء الخمسة هم المؤسسون الحقيقيون مع مصطفى أمين وعلى أمين لأخبار اليوم .
- وقد ارتبطت شخصيات كاريكاتيرية عديدة باسم الفنان رخا .. منها : ` ابن البلد ` و ` بنت البلد ` .. و ` رفيعة هانم ` .. و ` السبع أفندى ` و ` غنى الحرب ` .. و ` شيوعى باشا ` و ` حمار أفندى ` و ` ميمى بك ` و ` سكران باشا طينة ` و ` قرفان أفندى ` وغيرهم كثير .
- وقد ظهرت شخصية ` بنت البلد ` الجميلة بالملاية اللف لأول مرة على غلاف آخر ساعة وسيحكى الفنان رخا قصتها بالتفصيل .
- إن رخا لم يكن مجرد رسام .. بل أقبل على الحياة الصحفية بكل كيانه ، وأصبح مشاركا عاما ، فانتخب عضوا بمجلس نقابة الصحفيين ووكيلا لها أكثر من مرة ، وشارك مع الفنان زهدى فى تأسيس أول جمعية للكاريكاتير المصرى ، وانتخب رئيسا لها بالإجماع وظل مهموما بهذه الجمعية حتى يوم رحيله .
- ولنبوغه وريادته توالت على الفنان رخا شهادات التكريم حيا وميتا .. ففى عام 1976 منحه الرئيس السادات جائزة الجدارة .. كما حصل على وسام العلوم من الطبقة الأولى عام 1981 ، وجائزة ` مصطفى وعلى أمين ` عام 1986 .. وفاجأته أزمة قلبية انتقل على إثرها إلى رحمة الله يوم 8 أبريل 1989 .. وتكريما له بعد وفاته منحه الرئيس مبارك نوط الامتياز عام 1991 .
* ويقول الفنان الكبير رخـا عن سـاحة الكاريكاتير وفرسانها فى مصر قبل أن يدخلها ويسطـع
نجمه : كان فرسان الساحة ثلاثة هم : الإسبانى ` سانتس ` فى مجلة ` الكشكول ` .. والتركى ` رفقى ` فى ` دار الهلال ` والأرمنى ` صاروخان ` فى ` روزاليوسف ` .. وكانوا عمالقة .. سانتس كانت خطوطه راسخة ، وقد تأثرت به فى البداية وحاولت تقليده ، ووجدت صعوبة شديدة ، كان أستاذا كبيرا .. أما رفقى الذى كان ضابطا فى الجيش التركى وجاء هاربا إلى مصر بعد انقلاب أتاتورك .. فهو صاحب الخطوط البسيطة والمعبرة جدا ، وقد بهرنى جدا .. وهو الذى غير مفهومى عن رسام الكاريكاتير .. فقد كنت أتصور أن رسام الكاريكاتير المتمكن هو الذى يرسم خطوطا أنيقة وتكوينات تشكيلية ،، لكن الأستاذ رفقى جعلنى أغير مفهومى ، وأعرف أن الصورة الكاريكاتيرية هى تعبير أولا وأخيرا .
- ويأتى صاروخان ، ذلك الاستاذ الكبير الأرمنى الذى وفد إلى مصر عام 1924 هاربا من البطش فى بلاده .. وقد جمع بين أسلوبى سانتس ورفقى .. وقد تأثرت به أيضا فى البداية .. ثم أصبحت لى شخصيتى وأسلوبى المستقل .
* فن لا يتقنه المصريون !
- كان كل رسامى مصر الكاريكاتيريين فى مجلات ` اللطائف المصورة ` .. و ` خيال الظـل ` .. و
` الكشكول ` أجانب .. لك يكن بينهم مصرى واحد .. كانت الرسوم تحمل توقيع سانتس ، واستراكا ، وجرمانوس ، ورفقى التركى .. وتساءل الطفل محمد عبد المنعم ندا ، الذى عرف باسم رخا ، بينه وبين نفسه : هل الكاريكاتير لغز مستعص إلى هذا الحد ؟ .. والمصيبة أنه فى المدرسة وجد طفلا إيرانيا يجيد هذا اللون من الرسم ، فأحب أن يطلعه على جانب من محاولاته .. فإذا بالطفل الإيرانى يقول له : لا تتعب نفسك فهذا الفن لا يمكن أن يتقنه المصريون .
- وفيما بعد أصبح الطفل الإيرانى رساما هو الآخر .. وإسمه فريدون ، وشاءت تصاريف القدر أن يلتقى فريدون ورخا بعد أربعين عاما من هذا الحديث فى ` أخبار اليوم ` وكان مرتب رخا أربعة أضعاف مرتب فريدون .. والفارق يمثل القيمة الفنية بين الرسامين .
- وفى عام 1927 تخرج رخا فى مدرسة الفنون الإيطالية .. وحاول أن يجد لنفسه مكانا فى الصحف والمجلات .. ولكن كل صحيفة أو مجلة كانت لاتستطيع أن تدفع إلا لرسام واحد .. ومن هنا وضع رخا يده على خده وراح ينتظر حتى طرق القدر بابه .
- ذات يوم قرأ إعلانا عن قرب إصدار مجلة يصدرها أديب يدعى يونس القاضى باسم ` الفنان ` فعرض نفسه عليه ، وكانت أول صورة تنشر لرخا فى تلك المجلة ، ولم يتقاض رخا عليها أجرا بطبيعة الحال .. ولكنها كانت الوسيلة لتقديمه إلى معظم أصحاب المجلات الصغيرة فى مصر ، لأنهم كانوا يلتقون فى المطبعة اليتيمة التى تطبع كل مجلاتهم على اختلاف مشاربها وآرائها .
- وكان رخا ابن الستة عشر عاما - كنزا بالنسبة لهم ، لأن أجره الوحيد ظل ظهور اسمه على النكت التى يرسمها .
- لقد ظل رخا حتى أيامه الأخيرة يذكر بكل الخير الشيخ يونس القاضى مؤلف أشهر الأغانى فى بداية القرن العشرين وصاحب الأغنية الشهيرة ` إرخى الستارة اللى فى ريحنا ` .. ويقال إنه مؤلف نشيد بلادى بلادى .. على يد هذا الشيخ دخل رخا عالم الصحافة فى مجلة ` الفنان ` التى كان يصدرها الشيخ القاضى والتى أغلقت أبوابها بعد بضعة أعداد .. ولكن رخا لم يستسلم وخلال سنوات قليلة كان رخا يرسم فى 6 مجلات أسبوعية فى وقت واحد .. وكان قبل أن يبلغ الثامنة عشر من عمره قد أصبح أشهر رسامى الكاريكاتير فى مصر .
- ولم يكن دخول رخا الى عالم الكاريكاتير مجرد إضافة رسام جديد ، بل كان تأسيسا لفن الكاريكاتير المصرى الحقيقى .. فقبل رخا كان كل الرسامين من غير المصريين ، وجاء رخا ومعه كل هموم الشارع المصرى وكل قضاياه الاجتماعية والسياسية .
- وقبل رخا كان الكاريكاتير وقفا على الصحف الكبيرة التى تستطيع أن تدفع المرتبات الكبيرة التى يطلبها الرسامون الأجانب .. وجاء رخا عاشقا حقيقيا لهذا الفن الجديد ، يريد أن يرسم وان ينتشر وان يصل بفنه الى كل الناس.. كان يرسم بأى مقابل ، وبلا مقابل ، بل وكان أحيانا يدفع ثمن الكليشيهات من جيبه ، ليتحول فن الكاريكاتير خلال سنوات قليلة من ترف لا تحلم به إلا المجلات الكبيرة إلى أحد الأسس الثابتة التى تعتمد عليها كل صحف ومجلات مصر .

آخر ساعة - 2009

- صديقنا ( رخا ) فهو صاحب الريشة التى هزت وجدان الملايين من قراء الصحافة العربية طوال خمسين عاماً وأكثر .. فلقد استطاع أن ينفرد بطابعه الشخصى الرشيق الخفيف الظل ، الجذاب رغم قوته وصرامته ، وأن يطل علينا من خلال خطوطه الواثقة الفصيحة التى تعرف طريقها دون تردد أو تلعثم أو لجلجة ، وأن يشدنا إليه بأسلوبه المصرى المذاق البلدى النكهة الذى هو صنو خشونة صوت ` الريحانى ` وعمق أنغام ` سيد درويش ` وصدق نبرات ` بيرم التونسى ` . فقد عاصر هؤلاء الأقطاب جميعاً وعايشهم وواكبت خطوطه خطوات إبداعهم .. وكان يمثل فى موقعه أحد أركان التعبير الجماهيرى الخطير فى ذلك الوقت . يترجم خواطر الناس ويعبر عن آرائهم بواقعية جريئة مباشرة وصريحة .. وكم أوقعته هذه الصراحة فى متاعب لا حصر لها ، فقد شاء القدر لفن الكاريكاتير أن يكون لسان حال الشعوب مثل النكتة اللاذعة .. وأن يكون صمام الأمان الذى تنفس من خلاله عن خواطرها المكبوتة .. ولذلك لا ينجو مبدعه دائما من بطش الحاكم إذا ما أصابه رذاذ إشاراته . فصاحب الريشة ذات الرأى مثل الجندى على خط المواجهة هو الذى يستقبل بصدره الرصاصة الأولى .. ورغم ذلك ظل ` رخا ` صامدا فى موقعه يقول كلمته من خلال شخصياته الشعبية التى ابتدعها من صميم البيئة . فالسبع أفندى ورفيعة هانم وبنت البلد وحمار أفندى أصبحوا بالنسبة للجمهور شخصيات حقيقية حية شديدة الحساسية وأقوى حواسها جميعا . حاسة الشم السياسية والاجتماعية .
- والذين يعرفون ` رخا ` محدثاً يلمسون فى نبراته ذلك السحر الأخاذ فهو لا يتحدث بلسانه وحده .. بل بكيانه كله ، يسلط عليك جميع أسلحته فلا تجد مفراً من الاستسلام .. تحبه حتى فى أشد حالات غضبه وعنفه ، ذلك لأنه عنيف طيب شفاف نقى ناصع البياض مثل الحق . جاد وقاطع مثل العدالة .. إن اعتراف الدولة بفن ` رخا ` اعتراف ببطولته فى ميدان الرأى الحر ، واعتراف برياديته الفنية كأستاذ لجيله ولكل الأجيال من بعده .
بقلم : حسين بيكار
من كتاب أفاق الفن التشكيلى
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث