`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمد عبد اللطيف الزاهد
محمد الزاهد: الخط العربي أساس التشكيل الإسلامي
اهتم الفنان التشكيلي محمد عبد اللطيف الزاهد بإحياء التراث الإسلامي، وإظهار القيم التشكيلية للخط العربي كأحد فروع ذلك التراث، وأيضاً قابليته للتشكيل كمادة في الأعمال الفنية المعاصرة، من خلال التعرف على القيم الكامنة فيه في ضوء أنماطه وتنويعاته، وإظهار الصلة بتداخله مع العناصر الزخرفية الأخرى، وفي سبيل ذلك أمد المكتبة العربية ببحثه عن «الوظيفة التشكيلية للخط العربي في العمارة الداخلية في العصر المملوكي»، حيث قال: يعتبر الخط العربي في العقيدة الإسلامية فناً وليداً لا يدين بالكثير للفنون التي سبقت الإسلام، فقد تطور في ظله وساد في الدولة الإسلامية الناشئة حتى تبوأ مكاناً سامياً، فاتخذه الفنان لغة تشكيلية يعبر بها عن ذوقه وإحساسه الفني الراقي حتى وصل به إلى حد الكمال بما له من خصائص جعلت منه عنصراً زخرفياً طيعاً يحقق الأهداف الفنية المطلوبة.
يقول الفنان التشكيلي محمد عبداللطيف الزاهد: إن الخط العربي استخدم في زخرفة العمارة الدينية والدنيوية كأشرطة على المباني والآثار المختلفة المصنوعة من الخشب والمنسوجات والمعادن والخزف والزجاج، حيث كان الخط العربي هو المتنفس الوحيد للفنان لإظهار قدراته الابتكارية فاستغله لإعطاء التوازن النفسي الذي فقده نتيجة كراهية الإسلام لأعمال النحت والتصوير، وكان من الطبيعي أن تظهر الآيات القرآنية على جدران المساجد، وخاصة في المراحل الأولى من الإسلام لتزدهر الكتابة كفن، وعنصر من العناصر الزخرفية وتختلط بسائر الزخارف لتدعو المؤمن وتبلغه الرسالة العظمى، وبذلك لعب الوازع الديني دوراً أساسياً في عمل الفنان المزخرف، وأصبح للكتابة دور فعال في مجال العمارة الداخلية والخارجية والمنتجات الفنية التطبيقية، واكتسبت الحضارة الإسلامية بذلك حظاً مرموقاً لا تشاركه فيها أي حضارة أخرى.
وأضاف أن نظرة صادقة على الماضي العريق تكشف لنا عن هذا الإحساس الجمالي المتواجد بقوة في جميع الفترات التاريخية الإسلامية، والتي تكمن في نقوش الكتابة العربية كعنصر من العناصر التشكيلية البديعة خاصة في مجال ارتباطه بالأسطح المعمارية، وتكاد المصادر العلمية العربية القديمة تجمع على أن الخط الذي كتب به العرب «توقيف من الله عز وجل علمه آدم عليه السلام»، فكتب به الكتب المختلفة، فلما أظل الأرض الغرق ثم انجاب عنها الماء، أصاب كل قوم كتابهم، وكانت العربية من نصيب سيدنا إسماعيل عليه السلام، وعن ابن عباس رضي الله عنه «أن أول من كتب بالعربية هو سيدنا إسماعيل بن إبراهيم» لأنه يقال إن الله أنطقه بالعربية المبينة، وهو في الرابعة والعشرين من عمره، ثم سيدنا سليمان بن داود كتب الكتاب المقدس لبلقيس ملكة سبأ، وحمله الهدهد، كما كان النبي محمد يختم على الرسائل بخاتمه الذي كان مكتوباً فيه «محمد رسول الله»، والذي كتب له هذا الخاتم هو «يعلى بن أمية» وفي تاريخ بن كثير، أن الكتابة على الخاتم كانت مستقيمة، وكانت هذه معجزة له صلى الله عليه وسلم، لأن العادة أن يكتب الخاتم بكتابة مقلوبة حتى إذا طبعت الكتابة تكون مستقيمة.
التطوير والتجويد
وأشار إلى أن الخط العربي لعب في حياة مصر وحضارتها دوراً فنياً لا يقل أهمية وفاعلية عن دوره كوسيلة للكتابة والتفاهم، ولم تبخل عليه مصر برعايتها فأعطته من مظاهر العناية والتقدير، ومن دفعات التطوير والتجويد ما وصل إليه من مكانة ممتازة جدير بها، حتى أن الخط العربي في بعض المراحل التاريخية عد علامة القاهرة المميزة لعمائرها ومنتجاتها الصناعية والفنية المختلفة التي تزدان به، ذلك أن مرونة حروفه وسهولة حركته وقابليته للتشكيل والزخرفة أدت كلها إلى إطلاق العنان أمام الخطاط القاهري الذي أخذ يشكل حروفه حسب المساحات المخصصة للكتابة ويزخرف كتاباته بشتى الأساليب الزخرفية المتنوعة.
وقال: إن إجادة الفنان المسلم لفن الخط كانت بوحي من الإسلام ولم تتجل عبقريته الفنية في ناحية من نواحي الفن الجميل بقدر ما تجلت في هذه الناحية، حيث خلق من تلك الحروف ذات الأشكال المتباينة والأوضاع المختلفة طرازاً زخرفياً تبدو فيه صور من الجمال شتى، تفيض بالقوة وبالرقة والأناقة معاً، وما كاد يرسمها حتى بعثت فيه تلك اللذة البريئة التي يحس بها الفنان عندما يشاهد أثراً جميلاً، فاندفع في هذا التيار يبتكر الزخارف والنقوش غير مهتم بما تفرضه عليه أصول الخط من المستلزمات ولا بما يسببه للقارئ في بعض الأحيان من الإرهاق، بل كان همه أن يرضي الفن فحسب.
الشكل الدائري
وأوضح الزاهد أن الكتابة العربية كانت تختلف في تصميماتها باختلاف أشكال المنتجات ومادة صنعها ولهذا كانت الكتابة أحياناً تتخذ شكلاً من الشرائط الأفقية العريضة أو الضيقة، وتمتد إلى مسافات طويلة كما في كتابات العمائر، وفي أحيان أخرى كانت تتخذ الكتابات شكلاً دائرياً تدور فيه حروفها حول مركز الدائرة التي تملؤها الكتابة في حركة دائرية تدل على ما وصل إليه الخطاط المصري من مقدرة كتابية بارعة مكنته من تنفيذ كتاباته داخل مناطق دائرية دون إخلال بقواعد الكتابة وأصولها وقد شاع هذا النوع من الكتابات في العصر المملوكي، وكانت مساحة الكتابة تضيق أحياناً ومع هذا لم يعجز الخطاط عن تنفيذها بكل دقة وإتقان وخاصة تلك الكتابات التي على قطع العملة، والتي كانت تفرض على الخطاط بحكم صغر حجمها أن تكون كتاباته عليها بحروف صغيرة ودقيقة.
الحروف العربية
وأكد أن الفنان المسلم برع في زخرفة الحروف العربية، فبينما زودت هذه الحروف برسوم نباتية وهندسية نجده يزودها برسوم حيوانية تتصل بها وتتداخل فيما بينها كما كانوا يشكلون بعض الحروف بهيئات زخرفية محورة، ومن ذلك ما شاع في صناعة بعض التحف المعدنية القاهرية في العصر المملوكي من تشكيل الحروف الكتابية على هيئة رسوم آدمية أو حيوانية أو رسوم طيور مختلفة الأشكال ومتعددة الحركات، كما أدى التعلق بالخط العربي واستخدامه كعنصر زخرفي بصفة رئيسية إلى استغلال الحروف العربية المجردة كوسيلة للزخرفة من دون أن تكون هذه الحروف نصوصاً كتابية، وكانت هذه الوسيلة الخطية الزخرفية تستخدم غالباً في زخرفة إطارات التحف المختلفة والشرائط الزخرفية الضيقة.
وأوضح أن الخط العربي بلغ من الصلاح للزينة ما جعل رجال الفن من المسيحيين في القرون الوسطى، وفي عصر النهضة يكثرون من استنساخ ما كان يقع تحت أيديهم من قطع الكتابات العربية على المباني المسيحية كأشكال زخرفية، وتوجد كتابة عربية على رأس المسيح فوق أبواب كنيسة القديس بطرس التي أمر بإنشائها البابا أوجين الرابع.
القوة الخفية في الكتابة
أشار الفنان التشكيلي محمد عبداللطيف الزاهد إلى ما جاء في دراسة للباحثة «هيلدا زا لوثر» نُشرت في مجلة الكاتب المصري عام 1948 عن فن الكتابة حيث قالت: «إن الفن الإسلامي أدرك أكثر من غيره القوة الخفية والناحية الشعرية في الكتابة، وأن رموز الكتابة شأنها شأن الرموز في الفن الإسلامي، فهي رموز ملهمة، وكان للفنان نفس المكانة التي يتمتع بها الفنان الرسام، والأثر الخطي لا يقل في شيء عن التصوير، والحروف التي تتكون منها الكلمات وتعبر عن الأفكار مرسومة بالريشة نفسها والمادة نفسها، مثلها مثل صور الأشياء وظلالها، وهناك ظاهرة أخرى تقرب بين هذين العالمين - عالم الأفكار المجردة وعالم المظاهر الملموسة - وهي قوة التأثير التي تصدر عن كل منها.
مجدي عثمان
جريدة الاتحاد - السبت 27 أغسطس 2011
ماذا يحدث فوق الساحة البيضاء؟
- نحن نظلم الموسيقى البحتة عندما نطلق عليها أسماء ونعوتاً بغية تعريفها أو تمييزها . فالموسيقى قمة التجريد. وقيدها فى أغلال الأسماء يقيد انطلاق أنغامها فى وجداننا ، ويعطل سريان موجاتها كل خلجة من مشاعرنا، ولذلك لجأ كبار المؤلفين إلى ترقيم أعمالهم وتحديد مقاماتها فقط دون تسميتها بأى اسم ..
- وفى الفنون التشكيلية أعمال موسيقية الطابع، نسمعها بأعيننا ونتذوقها بوجداننا ، لأنها تشترك مع الموسيقى فى تجردها وتحررها من المعانى الوصفية ، وهذه ينطبق عليها ما ينطبق على الموسيقى الخالصة غير المكبلة بالموضوعات الأدبية أو الوصفية ..
- ولهذا السبب لا أتفق مع الفنان الشاب ` محمد عبد اللطيف الزاهد` فى الأسماء الشاعرية الرنانة التى أطلقها على معزوفاته التى يعرضها لأول مرة فى أتيلية القاهرة .. ` لقاء العشاق ` .. ` العالم الآخر ` ` الميلاد ` - ` بقايا حرب` - ` الصراع ` .. ` البؤساء` - ` التصدع .. ` .
- أقول إننى لست متفقا معه لأن هذه الأسماء وقفت حائلا بينى وبين الاندماج فى لوحاته . وتدخلت لكى تبطل نشوة اللقاء العذرى البكر المجرد من أى إيحاءات خارجية مسبقة..
- إن المتلقى عادة يبحث عن مقابل لهذه الأسماء والمعانى داخل العمل .. ويكون فى غاية القسوة فى محاسبة الفنان على مدى مطابقة المسميات للأسماء .. فإذا لم يجد لها صدى فى العمل حكم عليه بالسقوط مهما حوى من قيم رفيعة.
ولقد كان الأحرى بالفنان أن يطلق عنوانا واحدا على جميع أعماله ، أولاً يطلق عليها أى اسم على الإطلاق لأنها ليست فى حاجة إلى ذلك وترك المشاهد يستشف منها ما يشاء لأنها فى مجموعها تمثل لحنا واحدا متعدد الحركات والمقاطع .. وكأنما وقف الفنان فوق قمة يطل منها على عالم غفير أرضى ليغتسل بألوان الطيف ، ويترك الرياح الأربعة تداعب ثنايا ردائه وأطراف ثوبه، فيبدو مع كل لفحة هواء ، ومع كل لمسة ضوء مختلفا فى مظهره ولو أن الرداء وصاحبه واحد..
- إن الوقوف الصامت فى محراب ` الزهد من شأنه ` أن يدبر الرأس الذى تتزاحم فيه أسئلة بغير جواب وهذه متعة التأمل الحائر ولعل أعجب ما يثير الدهشة فى هذا الفضاء الأبيض الذى يحيط بكل شىء ، هو كيفية عثور الفنان على مطية يحلق بها فى آفاق اللامنظور ويدور بها الفلك الذى اختاره لنفسه .. وكيف التقط طرف الخيط الذى يقوده فى ` لا براتيه ` اللامحدود حتى لا يضل طريقة .. وكيف يتشبث بهذا الخيط ويجعله منطلقا لحوار لا ينتهى ..؟؟
- لقد وقف الفنان فوق قمة ذاته وأطلق أهداب الاستشعار فى الفضاء جاعلا منها ` هوائيا` يلتقط به الموجات فوق الصوتية العابرة .يمررها من أجهزته الجوانية وسراديبه اللاشعورية لكى يترجمها إلى محسوسات بصرية تنطلق من ريشته لتخدرنا بصدمة المفاجأة ونشوة الانبهار..
- ولهذا المصنع الجوانى قدرة فائقة على تحويل الموجات الواردة إلى شرائط وألياف ولفائف وقراطيس وشرائح لا شيئية لا زجاجية .. إنها فقط رقائق ذات قابلية للتشكل والتحرك والتلوى والامتداد والانقباض والتقلص والتلون أيضا .وكل ما فى النفس البشرية من تحركات نحو الداخل والخارج.
- إن معمل اللاشعور فى أعماق ` الزاهد` وجد لغته التى ينقل بها مشاعرة إلى الخارج دون إفصاح يبسطها فوق الصحيفة البيضاء حاملة بين طياتها انفعالات الانبساط والانقباض والحب والكراهية ، تطلقها بلغة خرساء مهذبة ، بليغة فى صمتها ، حكيمة فى تجردها .. فيها معنى المقاومة والتمرد ، وفيها معنى الانكماش والتقوقع، وفيها معنى الرفض والقبول .. وفيها كل ما فى الأضداد من سلبيات وإيجابيات..
- ولعل الفنان ( الزاهد ) قد استعار من اسمه مضمونه ، وجعله منطلقا لفلسفته ، ( فزهد ) كل ما فى العالم المرئى من صور ، وأغلق عليه صومعته وراح يقلب بين أنامله مسبحته التى تتكون من هذه العناصر المجردة ، يطلق من خلالها تسابيحه ذات الإيقاع الواحد فى مناخ صوفى أبيض متسامح ، وفى فضاء شفيف بلا أفق ، بلا قرب ولا بعد ، ولا فوق ولا تحت ،.. فراغ بلا شواطىء ولا حدود، هو الإطلاق فى أنقى صوره.
- وهو يودع محدودياته الشعورية فى المطلق اللامحدود ، ليحدث هذا التقابل الدرامى البالغ العنف، يحوله إلى باقة من ألوان تتداخل فى انسياب ناعم متدرجة من الدافىء إلى البارد ، والصارخ والخافت ، والثائر والهادىء .. ويبلغ الانقباض ذروته داخل الفجوات الحالكة الظلام ، التى لا تلبث أن تنفرج أكمامها لكى تعانق النور المنتشر خارجا مغلفا الكون كله بصفاء رحيم فيتواجد الرجاء مع اليأس واليسر مع العسر فى تتابع ( موجى ) لا ينقطع .. أحيانا يبدو فى لفائف من أثير صوفى أزرق ، وأحياناً فى طيات من خضرة زرعية شبابية يانعة ، أو من بنيات محترقة متأزمة ، أو من صفرة ذابلة ذبول اليأـس، أو حمرة دامية كألسنة اللهب وصرخات التمرد.
- ويصاحب هذا كله إيقاع ثابت فى تتابعه وإلحاحه وتكراره ، إيقاع حركى ينحصر بين البسط والقبض كنبض القلب وتتابع الشهيق والزفير فتبدو الشرائح فى مواقعها كأنها صفحات غير مكتوبة فى أرشيف اللاشعور.. وتقف كرة حمراء فى أسفل اللوحة دائما.. تنظر من بعيد إلى ما يحدث فى هذا الفراغ الأبيض بينما تطل من فوق دائما دائرة ذهبية صفراء كبؤرة الضوء ، تراقب هذا الصراع السفلى ، وتظل المسافة بيعدة بين الأحمر الأرضى والأصفر النورانى ممثلين فى قطبى السلب والإيجاب فى كل لوحة.
- هذه هى ( التيمة ) الروتينية التى صنع منها ` الزاهد ` ماله الخاص ..إنها خيوط نسيج ثوبه الذى يطالعنا به فى مهرجانه الأبيض ومفردات لغته التى يتحدث بها بطلاقة وتجويد حرفى وبراعة تقنية فتستجيب لها وجدانيا وبصريا دون محاولة لفهمها عقليا ، فكثيرا ما يفسد العقل ما يتذوقه الحس ويستطيبه القلب.
بقلم : حسين بيكار
من كتاب أفاق الفن التشكيلى
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث