`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
جيهان على سليمان أحمد
أسرار المدينة وسحر الكائنات وصمت الأشياء فى معرض جيهان سليمان بجاليرى المسار
- تدعوك أعمال الفنانة جيهان سليمان بجاليرى المسار ، لأن ترهف السمع وتتفقد همس اللغة التشكيلية بأعمالها التصويرية الأربعين، وأن تتمتع بغنائية لونية بارعة، تترنم فيها بأغوار المدينة وأسرارها وسحر الكائنات وصمت الأشياء. وحينما تنظر للأعمال يتهادى إلى مسامعك أصوات ميتافيزيقية صوفية، ترنو ثم تتباعد لتأخذك إلى عالم الغربة، ولكنك تشعر شعورا قويا بإتجاهك فى رحلة نحو المستقبل .
- وفى أعمالها تتوافد الأشياء إليك بقوة وتصيبك بمفاجأة لكى تفصح عن داخلها الذى ينطق بكيفية التجربة الفنية حينما يستحوذ الفن على الاقتدار .وحينما يمتلك الإنسان مقدراته بيده، ويمسك بعصا السحر الإبداعى، ليجلب السعادة إلى الآخرين .
- تملك الفن جيهان سليمان، كتملكها للقيمة، ولكل ما يثرى النفس ويفيض بالوجدان، فدفعت بحياتها دفعا للقاء الفن من أوسع أبوابه ، وبحثت فيه عن حريتها التى ناضلت لتحقيقها فالحرية هى معادل للإنطلاق الفنى الذى حققته الفنانة فى أعمالها .
- وبتجوالك فى الأعمال ، تلمس رقة وعذوبة لونية وتشكيلية تفيض بها الأعمال برقتها، وتفيض بنورانية تنم عن تفقه فى الرؤية وخبرة فى البحث وتلخيص وبساطة التناول وننزع بساطة التناول إلى سرعة الإلتقاط للأشكال وتسكينها فى موسيقية لونية هائلة تعزف الألحان، وتعزف الألوان، كقضية لعلو الذات والبعد عن الإلتفات خارجها بالدخول الفورى إليها بصدق النوايا .
- عزفت الفنانة منذ البداية عن اللغو العضوى والجرى نحو الأضواء ، أو مزاولة ما يبدو بعيدا عن التجربة الفنية إيمانا منها بأن من ليس له تجربة قوية الهامة، لن تقوم له قائمة .
- وقد تملك الفنانة الوعى بما يلزم الاستمرار فى التجربة، وعرفت أن الثقافة المطلوبة هى ثقافة الرؤية وحصافة المعرفة التشكيلية وليست أحمال الكتب والتشدق بالكلمة المكتوبة، وذهبت فى تجربتها إلى تخطى قبليات الرؤية وتقسيمات الشرق والغرب، فالتجربة الواعية تقف فى قلب العصر متملكة لكل أبعاده وكل ماوصل إليه، بعد الرؤية وسلامة الأفق، فبحث الفنانة بحثاً تشكيليا صرفاً قد أتـى بنتائجه المرجوه وقد أفسحت الفنانة جيهان بجهدها الصادق المتعمق مكاناً رحباً لتجربتها فى قلب الحركة الفنية المصرية المعاصرة، وبضرب الأمثال كرمز للشباب فى كيفية أن يكون البجث الفنى البعيد عن بريق المجتمع والمناصب وبريق التجمل .
د. فاروق وهبه
الاهرام الدولى - 2009
` جيهان سليمان ..ولغة جديدة فى التصوير بين ` المدينة الفاضلة ` وكرسى الحكم
- أعادت فنانة الإسكندرية المصورة جيهان سليمان الصلة بين المرئى واللامرئى وبين الفكرة والواقع والحضور، الغياب والوجود واللاوجود، كما أعادت الصلة بين النفس والجسم، ويمكننا الحديث عنها كفنانة ذات وعى فردى فى سياق متعدد. فلقد بدأت تلك الصلة مع موهبتها الفنية منذ سن مبكر فأظهرت شغفها ومهارتها الفنية، ومع تشجيع الآخرين لها بشكل مستمر شعرت بأنها تمتلك شئ ثمين له صفة الاختلاف استخدمته كطريقة أخرى لكتابة مذكراتها عن فترة وجودها فى الكويت حيث ولدت هناك عام 1966. وهى الفترة التى استمدت منها الكثير من العلاقات اللونية والخطية ثم ظهرت فيما بعد داخل التجربة الفنية، فنجد خط الأفق الحاد وحيوية اللون الأصفر للصحراء مع أشعة الشمس الحارقة والنجوم التى تظهر ليلا بوضوح، والمبانى التى لا يتعدى ارتفاعها الثلاثة أدوار حيث صبغها أهل البدو بالطابع البدوى، الذى لم يتطور إلا فى نهاية السبعينيات وأول الثمانينيات، كما ينحدر السطح انحداراً تدريجياً تجاه سواحل البحر .- وتتكون فى غالبيتها من سهول رملية مستوية تتخللها بعض التلال قليلة الارتفاع وبعض الأدوية الجافة، والتى اختزنت فى ذاكرة الفنانة منذ الصغر حتى الصبا فاستثمرتها بوعى الفنان فى أعمال وتجارب عديدة أظهرت اختلافها الفنى وتميزها . ولقد تركت الفنانة الكويت متجهة إلى وطنها مصر للإلتحاق بالجامعة عام 1983. وبالفعل التحقت بكلية الفنون الجميلة بمدينة الإسكندرية لتتعلم الفن بشكل أكاديمى، واجتازت سنوات الدراسة بالكلية بتميز ملحوظ و كان عام التخرج من الكلية 1988 م يعتبر بالنسبة لها بمثابة نقطة الانطلاق الحقيقية إلى عالم الحركة التشكيلية فى مصر .
- وفى تلك الفترة بدأت تبادل للأدوار بين الحقيقة البصرية والحقيقة الفكرية، حيث ارتبطت الأولى بالإدراك البصرى الأكاديمى والثانية بالوجدان العقلى، فجاءت الأولى مقيدة منقولة عن الطبيعة ملتزمة بالأصل، أما الثانية فكانت محررة مؤلفة وتحمل حالة من الإبداع تذوقتها واستمتعت بها . ومن خلال التقاطها لمفهوم الإبداع جاء مشروع التخرج بعنوان `حلقة السمك` فقدمت انصهار للموضوعية فى ترجمة الواقع مع الذاتية فى الإيحاء التعبيرى عن وجدانها وأفكارها، ذلك من خلال الصور التى اختزنتها فى الذاكرة عن حلقة السمك ومنطقة بحرى بالإسكندرية .فركنت إلى تصوير المشاعر التى تثيرها الأشياء والأحداث فى نفسها كفنانة واقتربت من التأثيرية حيث سجلت تأثير ضوء الشمس على الأجسام والأشكال، كما ظهرت لوحاتها متألقة بالألوان . ولقد عنيت جيهان سليمان بتسجيل الانطباع الكلى عن الأشياء مبتعدة عن التفاصيل . حيث اعتمدت على الشدة اللونية بطبقات سميكة من اللون على غرار الوحشية . واستفادت من التعبيرية فى إعادة بناء العناصر بطريقة تثير المشاعر حيث عملت على التنظيم والبناء من جديد للصورة الرومانسية، ولكن فى أسلوب تراجيدى يتسم بما تعانيه الأجيال فى العصر الحديث من قلق وأزمات، كما جمعت بين البساطة والجرأة فى وضع اللون واستخلاص الموضوع. ولقد اهتمت بمتابعة أعمال الفنانين المصريين على سبيل المثال لا الحصر الفنانة جاذبية سرى بتصويرها المشحون بانفعالات داخلية الغير مرتبط بالبحث عن الجمال فقط بل على العكس فهى متأهبة دائما لقلب القوانين والقواعد فى حل فراغ الصورة .كذلك الفنان حامد ندا الذى توصف أعماله بالسريالية الشعبية المصرية ، لما تجمع من ذكريات وسحر وأساطير مرتبطة بالعالم الشعبى المصرى.. أما الفنانة عفت ناجى التى رسمت فى حياتها المبكرة لوحات تعبر عن الأمومة، إلا أن أسلوبها فى الرسم تغير إلى الفن الشعبى والأساطير والأبراج الفلكية ، كما أنها أيضا رسمت لوحات من وحى النوبة القديمة بشاعرية مميزة.. وكذلك الفنان عبد الهادى الجزار الذى قدم مرحلة الأساطير الشعبية ، ومرحلة الإنسان والتكنولوجيا وبينهما مرحلة قصيرة كان أميل فيها إلى التجريد فأصبح هو فنان الخيال والأساطير والفن الشعبى . من كل ما سبق قامت جيهان سليمان بدمج كل تلك الخبرات فى بوتقة أعمالها، مما أظهر قدراتها كفنانة على تحقيق المعادلة المتوازنة وامتلاكها لأدواتها، الأمر الذى حاز إعجاب لجنة التحكيم فمنحتها تقدير امتياز، وكان من بين الأساتذة بلجنة التحكيم حامدا ندا، وحامد عويس، و عباس شهدى ، وفاروق وهبة، وعبد السلام عيد، وفاطمة العرارجى، وملك أبو النصر، محمد فؤاد تاج الدين، محمد سالم، نعيمة الشيشينى .كما عينت بالكلية عام 1989 م ثم تدرجت فى الترقى حتى حصلت على الأستاذية عام 2012 . وصنعت تاريخا فنيا مشرفا شهد له الجميع من فنانين وأساتذة زملاء، وطلاب وجامعى أعمال محليا وإقليميا .
- وبين عام التخرج وعام الحصول على الأستاذية استطاعت مواصلة تحركها تجاه تطلعها الإبداعى الذى كانت قد بدأته من سنوات بإصرار وطموح وعزيمة غير متناهية وكان لنجاحاتها المتتالية الدافع الكبير لمواصلة المشوار الفنى بثقة متجددة . حيث شاركت فى صالون الشباب الأول عام 1989وحصلت على جائزة تشجيعية، ثم صالون الشباب الثانى عام 1990 والذي حصلت به على الجائزة الأولى فى التصوير، وشاركت بالمعرض العام الدورة رقم 21 من نفس العام ..وفى عام 1993شاركت بصالون الشباب الخامس وحصلت على الجائزة الثانية فى التصوير، أما عام 1994 فحصلت على درجة الماجستير كما حصلت على جائزة شرفية ببينالى القاهرة الدولى الخامس .
- وفى عام 1997شاركت بالمعرض القومى أما عام 1999فلقد شاركت بينالى الإسكندرية الدورة العشرين لدول البحر الأبيض المتوسط حيث قدمت رؤية جديدة درامية عن `الحياة والموت ` و أكدت أعمال هذه التجربة أن الفنان المبدع الحقيقى يتأثر كثيراً بما يدور حوله من ظروف اجتماعية أو سياسية ، ويكون ذلك هو المثير لفنه وإبداعه ونظرا لوفاة والدها فلقد قدمت ترجمة لمشاعرها عن ` الحياة والموت ` فجاءت مزج بين درامية ألجريكو وحداثة المرحلة الزرقاء عند بيكاسو ، كما قدمت رسوم خطية بالحبر الأسود عن ذكرياتها بمرحلة الطفولة و علاقتها بالأطفال من حولها وسيارة والدها وكيف كانت تمثل عالم بالنسبة لها ..وفى عام 2000 حصلت جيهان سليمان على درجة الدكتوراه ومرت الفنانة بعدة مراحل فنية تطورية كانت هذه المراحل من خلال عدد من المعارض الهامة التى وثقت بها تجربتها الإبداعية .. بدأتها بمعرض عن ` الهيولى .. وما بعد الهيولى` بمعنى المادة وما بعد المادة بمجمع الفنون بالزمالك قاعة إخناتون بالقاهرة عام 2001 ، ولما كانت المادة بداية للصورة وهما لا ينفصلان، بدأت جيهان سليمان التقصي العميق لصورة الإنسان فى هذا المعرض، فاختصرت المسافات لتوحى بالمادة حتى أنها جسدت ما هو أرقى من الشكل..وأظهرت قوة فى الإيحاء وامتلاء العمل بالتعبير وإن جاء خاطفا، وهو كون الإنسان لم يصبح هو البطل كما هو متعارف عليه على مسطح العمل التصويرى، لكنه أصبح شئ من ضمن الأشياء .
- وجاء المعرض الثانى لها عام 2004 بمتحف محمود سعيد بالإسكندرية بعنوان ` قيم معاصرة ` حيث عبرت بلغة تشكيلية مستحدثة .
- أضافت لها الطابع العالمى فبدت المفردات تحمل طابعاً يمتزج فيه الخيال مع الواقع عبر لغة تشكيلية جريئة تسهم الألوان الكثيفة والدافئة فى إغنائها وتوهجها، وتطل الشخوص من خلال الظلال لتعلن حضورها، وتروى المواقف التى اختزلتها الفنانة فى كيانات تشكيلية أبسط مما سبق، حيث خرجت من مفهوم الفسيفساء والتفتيت إلى تلخيص للمساحات .كما أظهرت تحكم فى الفراغات التشكيلية داخل مسطح العمل .ولا سيما أن الألوان جاءت بعجائن كثيفة عبر طبقات لونية يطل أدناها على أعلاها عبر ثغرات وأخاديد تمنح العمل عمقا تشكيليا وبعد زمنياً وتكسبه ملامح من الغنى اللونى .. ولم تنسى الفنانة العربية جيهان سليمان أن تعبر عن قضية ` حرب العراق ` التى اندلعت منذ عام 2003 ، بل قدمت ضمن أعمال معرضها ` قيم معاصرة ` عدد من اللوحات المعبرة عن منهج التفتيت والخرائط المصورة بالقمر الصناعى وتحديد الهدف وتحركات الجنود
ثم تلاه فى نفس العام معرض ` الأسكندرية .
- مثير إبداعى ` بقاعة المؤتمرات الشرقية بمكتبة الإسكندرية، وهو من المعارض المفاجئة بل الصادمة، فالجميع كان يتوقع أن يرى مناظر طبيعية عن الإسكندرية ولكن جيهان سليمان ذهبت فى زاوية رؤية مختلفة أحدثت بها عنصر المفاجئة فإذا بالفطرى لديها يقدم ما هو حضارى، وإذا بالتاريخى يمثل كشفاً عن رؤى المستقبل .فقدمت تراكمات للأيقونات اليونانية الرومانية لتشكل كلاً واحداً ..مما استمر مشعاً فى لوحاتها، كما أكد على فرحتها بالحياة، فتحولت اللوحات إلى مهرجان عن حضارة الإسكندرية ..
- وبعد فترة من الدراسات والبحث الفنى أقامت معرضها ` جماليات التكوين ` بنقابة التشكيليين عام 2009 ، حيث غدا إنتاجها التشكيلى فى هذه المرحلة أكثر تحررا من القيود، وباتت لوحاتها لا تقف عند حدود التشخيص أو التجريد، بل قدمت حالة إبداعية مشتركة تسودها روح الابتكار والبحث فى صور تشكيلية معاصرة تجاوزت بها معظم الصيغ المستهلكة وركزت جيهان سليمان فى تلك الفترة على التكوين البسيط والاقتصاد فى استخدام الخط والشكل والكتلة إقتداءاً بالتصغيرية، كما أصبح المقياس الصحيح لاختبار التكوين الجيد بالنسبة لها هو استحالة رفع أى عنصر من الصورة دون التأثير على الإخلال بتكوينها، فكل عنصر له من الأهمية بحيث يؤدى دوره فى التكوين بدقة وعناية مهما كان صغيرا.
- وافتتح معرضها الذى أقيم فى جاليرى المسار بالزمالك القاهرة ` بعنوان ` المدينة الفاضلة ` عام 2010 والذى يعد بالنسبة لها نقطة تحول ارتكازية فى تجربتها الفنية تجاه التجريدية الهندسية، مدركة أن المدينة الفاضلة تتحقق حينما تتكامل القوى العقلية فى الإنسان خاصة حينما يعمل على الإرتقاء الروحى ، مما يحدث حضارة تكنولوجية متقدمة قياسية من هنا كان بحثها الجديد حول إستلهام قيم الماضى العريق المثالية، وقيم الحاضر المتطور فى محاولة لإقتباس النظرة العلمية ، وإدراك كل ما يمكن إدراكه من حولها فى المدينة عن طريق مجموعة من المعادلات الرياضية الهندسية التى عبر عنها من خلال مضمون ذو صيغة عددية وقانون رياضى هندسى، كان هو الأساس فى جميع الأشكال المطروحة أيا كانت عضوية أو غير ذلك، فالأشكال جميعها يحكمها قانون رياضى يبدو هو المتحكم فى عملية نموها وتطورها .مما أدى فى بعض الأحيان إلى ظهور مدن لها الطابع التعبيرى القياسى .. وبحكم معيشتها فى مدينة ساحلية جاءت المحاولة ليس فقط لإستلهام الطابع المعمارى بل محاولة للوصول إلى حالة النقاء اللونى .ولما كانت الهندسة هى رمز الكمال المطلق الذى لا يمكن تحقيقه إلا عمليا .والهندسة المجردة على حد قول أميدى أوزانفان : هى المثل الأعلى للذهن الإنسانى وهى فى نفس الوقت لا تتصل بالواقع .
- ثم جاء معرضها ` التشخيص رؤية معاصرة ` والذى قدمته عام 2011 بقاعة كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، وهى تجربة شخصية قدمت جيهان سليمان رؤيتها عن شخوص وعناصر كأنها فى وضع تسجيل صورة فوتوغرافية للذكرى .. معبرة من خلالها عن الضغوط الكاسحة التى أحبطت السمات الإيجابية فى الشخصية المصرية وعلى رأسها التسامح والرفق و الصبر والطيبة وخفة الظل التى تركت الشخصية المصرية مرتبكة مكتبئة ضعيفة الإنتماء فاقدة للأمان والطمأنينة .كما عبرت عن انتشار حالة عامة من الكآبة والقلق والإحباط واليأس أعلنت عن نفسها بعنف فى الفترة الأخيرة حيث أصبح هذا هو المشهد العام للشارع المصرى، أيضا لم تخلو التجربة من المفهوم الهندسى الذى ظهر بوضوح من خلال الخطوط الهندسية التى أخذت تحاصر الشكل الإنسانى سواء فى خلفية العمل أو مقدمته .
- فظهرت الشخصيات بها حالة من الإنطوائية، ساكنة لا تحبذ الحركة أو المغامرة بل تفضل البقاء فى مكانها وإن كان هذا المكان ( الوطن ) لا يلائمها من حيث الراحة وقد انعكس هذا الملمح على طموحات الشخوص فجمدها وقضى عليها وأحيانا ما نستشعر تداخل الموت مع الحياة .كما أن هناك سوء فهم لمعنى التقدم والتخلف حين يتم حصرهما فى الوسائل التكنولوجية والموضة، وأن التقدم فى مجتمعنا أصبح يقاس بقوة التبعية الفكرية كنوع من الأسر الخفى .
- وأعتمد العمل فى بنائه على الخط الهندسى لكل شكل، وتنوعت المساحات الهندسية فى الأشكال تبعا لتنوع الخطوط والأشكال واتجاهاتها المختلفة .كما نجد تألف بين العناصر دون استخدام الظل والنور واعتمدت الفنانة بشكل أساسي على أسلوب التبسيط فى الأشكال فتحولت من صور الواقع إلى أشكال أكثر بساطة تجلى فيها الإحساس باللون والحركة والخيال . وجاءت الخلفية عبارة عن مشهد للمدينة .فكان الهدف هو تقديم شكلا ذو دلالات فعلية عن المدينة التى تبتعد عن ابسط ملامح الإنسانية .فالجميع يعيش حالة من الصراع مؤرقة، ولا وجود لرقة المشاعر أو الأحاسيس . وربما هذه الصورة منذ زمن وليست من الزمن الحالى .تلك هى المصورة جيهان سليمان فى ما انتهت إليه بعد تجارب عميقة وصادقة .حيث تقدمت بعمل هام للمعرض العام للدورة 34 لعام 2012 والذى عبرت فيه عن ثورة 25 يناير، نجدها قد وصلت به إلى قمة من قمم البلاغة والوضوح فى تبسيط التفاصيل مما يزيد من العمق فى الإيحاء، حيث المعنى الأساسى المركز فى فلسفة حضور كرسى الحاكم بالعمل الفنى، والصورة تعكس المشهد بصدق .ويعد هذا العمل من أهم الأعمال التى وثقت الثورة ، ولم يكن ذلك هو الحضور الوحيد لعنصر الكرسى فمنذ معرض الهيولى وحتى معرض المدينة الفاضلة وهى تتناول معنى الكرسى اجتماعيا وسياسيا ، إلى أن وصلت به إلى تلك الجملة البليغة فأثرت المعرض العام حيث وقف الجميع فنانين ونقاد أمام هذا العمل تحية وإعجابا .ومن هنا نجد أن مسيرة جيهان سليمان قد حفلت فى ميدان التشكيل بخصائص فنية متميزة جعلتها واحدة من أبرز الفنانين المصريين الذين أضافوا إلى الحركة التشكيلية صبغة مبتكرة استمدت قيمتها الفنية لتصل بها إلى المعاصرة ..
- لقد أصبحت تجربة الفنانة المصورة جيهان سليمان `مدرسة فنية `، حتى أن العديد من الفنانيين قد أستلهموا تجربتها فى أعمالهم .
- ولكنها كان لها السبق فى التناول والسبق فى الطرح .. وهذا ليس بغريب على التجارب الفنية القوية الصادقة حيث تعلق فى الذاكرة ولا يمكن أن تنسى بسهولة ..
د.هويدا السباعى
مجلة الخيال - العدد الثامن والعشرون - يوليو 2012
التشخيص بلغة التجريد.. وسحر المدينة الفاضلة
- نسمة سخية وعفية هبت علينا من الإسكندرية نسمة دافئة مسكونة بسحر التشكيل وأناقة التعبير وجمال النظم اللوني الذي تألق في آفاق وتجليات تشع ببهجة الخيال الفنتازي. في قاعة ` المسار` بالزمالك.. افترشت أعمال الفنانة جيهان سليمان بمعرضها الذي ضم أحدث أعمالها.. وهو يعد بحق من أجمل معارض الموسم التشكيلي الحالي وأكثرها حضورا. بعد تخرجها في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1988 بدأت جيهان رحلتها مع الدأب والبحث .. مضيفة إليها قوة موهبتها وكان أن كشفت عن شخصياتها الفنية التي شكلت لها مساحة خاصة ومتميزة في التصوير المصري المعاصر.
- وأعمال جيهان سليمان التي سبقت معرضها الحالي .. تمثل مساحة تنتمي للتجريدية التعبيرية وترتكز علي لغة خاصة ومتفردة في التشكيل والتلوين وإذا كان الفنان كاند نسكي قد أعلن عن ظهور واحد من أكبر أساليب الفن الحديث وهو الأسلوب التجريدي بتجلياته المختلفة.. وقد استحدث اللوحة عمق وجودها لديه من مصدر ظاهر هو الموسيقي بنظامها الإيقاعي المجرد.. كما كان اللون مثل الوسيط المسموع هو الوسيط المرئي لعالم الروح.. فقد قدمت جيهان إضافة جديدة في هذا الاتجاه بثقافتها البصرية التي قادتها إلي تأمل كل ما حولها من عناصر ومفردات وإعادة تركيبها في إيقاعات فريدة جمعت بين العفوية الشديدة والانفعال اللحظي.. وفي نفس الوقت لا تفتقد إلي المنطق الرياضي وصرامة العقل بما يجعلها لا تنتمي إلي التجريدية التعبيرية أو التصوير اللاشكلي فقط بل تلتقي مع أساليب التصوير العديدة فيما يتعلق بالاتجاه التجريدي مثل التجريدية الغنائية وحتي التبقيعية والتجريد الهندسي الذي يعمد إلي توالد الأشكال الهندسية والمساحات الصريحة .
- يقول هريرت ريد ` استطاع الفن التجريدي بالتناغم والاتزان والقياسات النفسية خلق عوالم صغيرة تعكس للعالم الكبير.. بمعني أن الفنان يسطتيع أن يقف علي نظام العالم.. وإن لم يكن في ذرة أوحبة رمال فسيكون ذلك ضمن كتلة من الحجارة أو ضمن نمط من الألوان` وفي الحقيقة يمكن أن نجد كل هذا في عالم جيهان سليمان بالإضافة إلي الحيوية والحضور الشديد الذي يوقظ الحواس وينعش الوجدان.. فألوانها تمثل منظومة جديدة تضاف إلي ثقافة الصورة في الفن المصري المعاصر.. خاصة واللون عندها يعد انطلاقة تعبيرية لا تحدها حدود أو قيود فهي تقدم حدائق لونية يتجاور فيها الأحمر الناري والفوشيا والرمادي والأسود والأخضر الزرعي والزيتوني والأبيض والبرتقالي والبنفسجي الناعس والأصفر المشرق والأزرق البحري البهي.. وتشكل من كل هذا قواما تشكيليا ينساب بالمتعة البصرية وعالمها هنا توليفات رصينة تمتد بتداعيات تلقائية من كريات وخطوط متقاطعة ومستقيمة ومائلة ومتقطعة ونقوش ومسطحات وأرقام وكلما تكشف عن ملامح تشخيصية مثلما نري في لوحتها التي تصور فيها ما يوحي بمانيكان تتوسط السطح التصويري ولكن تعمد إلي الإيهام حين تقطع عنه الرأس بمساحة صريحة تعرض اللوحة وأيضا في تشكيلها الثلاثي الذي يتوسط إيقاع من الأخضر الزيتوني مسكون بالنقوش يشكل في النهاية بورترية إنساني تعكس من خلاله حالة تجريدية أكثر منها تشخيصية بتلك الرموز والإشارات ولكن في إحدي اللوحات باحت جيهان ببعض الملامح التشخيصية حين صورت ست نساء متشحات بالأسود مع همسات من النقوش اللونية في فضاء تجريدي.
وفي النهاية تبدو أعمال جيهان بمثابة مطرزات تشكيلية وتصاوير من البهجة تنساب في إيقاع خيالي من الحلم والنور والبهاء والإشراق .
* مدينة الفضيلة :
- في معرضها الحالى بالمسار تقدم جيهان انطلاقة جديدة في التصوير حولت أعمالها إلي فنتازيا من نوع آخر.. جمعت بين الإيقاع الهندسي والمنطق الرياضي الصارم المحسوب والمدروس بدقة شديدة وبين الغنائيات التجريدية.. بمعني آخر جمعت بين التجريد الهندسي التصميمى عند ماليفيتش وإحكام التنظيم ونقاء الشكل وصفاء السطوح عن موند ريان.. كل هذا مع غنائيات التجريدية التعبيرية عند كاندنسكى وفى نسق خاص وإيقاع جديد يبوح بعناصر تشخيصية بلغة التجريد.
- وجيهان سليمان توحي أعمالها بتلك البنايات الضخمة من ناطحات السحاب وعلاقة الكتلة بالفراغ فى المدينة المعاصرة والتي يسودها نزعة تصميمية شديدة.. معتمدة علي المسطحات من الأشكال والظلال والتوافقات اللونية.. وهي هنا تصور عناصر من العمارة الداخلية مثل: كرسي - منضدة - كنبة داخل حجرة معيشة كما تصور تصميمات وهياكل وبنايات خارجية تجمع بين الهندسي والعضوي.. الواقعي والمتخيل فى وسط مثالي افتراضي تطلق عليه `مدينة الفضيلة` .. وسط يخرج بنا من زحام المدن وصور النكوث والصراع والتطاحن البشري إلي دنيا من النقاء والصفاء تنساب بدرجات من السلم الموسيقي اللوني.. دنيا يسودها السلام النفسي والطمأنينة تتعانق فيها الحركة والسكون والصمت الشاعري والتناغم اللوني وحيوية اللمسة .
- وإذا كان منهج سيزان في الإبداع قد أثار الاهتمام بإحياء الأنماط الهندسية وتجلياتها ضمن تنظيم الشكل واللون في إيقاع جذاب من السطوح.. كما جعل للعناصر ثقلاً وكثافة مثل تفاحاته الشهيرة ولا شك أن جيهان قد أكدت ذلك من خلال تلك النفاحات التي تتكرر في معظم لوحاتها نطالعها فوق منضدة أو كرسي، خضراء وحمراء وبرتقالية كل تفاحة تشكل ظلها.. ورغم ضآلتها في فضاء اللوحات إلا أنها تبدو عنصرا حيويا يبعث الدفء والحياة داخل هذا المحيط الهندسي الصارم والمسكون بروعة المقابلات اللونية التي تتألق في سطوح العناصر وظلالها علي حد سواء.
- تقول جيهان: ` الفكر المعاصر في أي مجتمع ليس أكثر من شكل يمثل هوية لنمط فريد يتعانق فيه القديم والمعاصر وتتحاور النزعات التي تؤكد رغبة طليقة تنزع نحو رؤية بصرية علمية تقود إلي الأصالة والابتكار.. وعلي الإنسان أن يكون علي وعي بأن الكون الذي نعيشه تنتظمه النظريات الهندسية والرياضية.. وأن الأشكال عموما محكومة بقوانين رياضية وهذا المفهوم يقود إلي إبداع المدينة المثالية.. مدينة الفضيلة` .
- داخل المعرض وفى الافتتاح كانت جيهان سليمان مطوقة بمشاعر الإعجاب من جمهور الحضور من محبي فنها.. وجاء تصريح أستاذها الفنان فاروق وهبة: من هنا أمنحك الأستاذية وكان أن دمعت عيناها من فرط التأثر.
- تحية إلي فنانة من الإسكندرية بعمق النقاء وحيوية اللمسة وفصاحة التشكيلي والتعبير.
صلاح بيصار
جريدة القاهرة 26 - 1 -2010
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث