`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمد كمال محمد حسين
سيرة 15 فنانا يتناولها الناقد محمد كمال - الطيور ترسم .. وتأبى الرحيل
فى إطار سلسلة ` الكتاب الأول ` التى يصدرها المجلس الأعلى للثقافة ، صدر كتاب ` طيور تأبى الرحيل ` للناقد والفنان التشكيلى محمد كمال . يتناول فيه دراسات تشكيلية عن 15 كوكبا من فنانين تشكيليين من أرض مصر .
وقد يتبادر إلى الذهن سؤال عن سر اختيار المؤلف هذا العنوان ` طيور تأبى الرحيل ` والإجابة يذكرها محمد كمال فى تمهيده قائلاً : ` المدهش هنا أن بعض هذه النماذج من الفنانين ظلت تقطن فى قرى مصرية منذ مولدها حتى وفاتها مرورا بمشوار فنى ممتد لم ينل حظه من التناول للأسباب التى شرحناها من مركزية مصر القاسية عبر الأزمان المختلفة `.
والكواكب الخمسة عشر الذين يناولهم الكتاب هم النحات السيد عبده سليم وبخيت فراج وبدوى سعفان وبكرى محمد بكرى ورباب نمر وسعد زغلول وشاكر المعداوى وعبد المنعم مطاوع وعصمت داوستاشى وعلى دسوقى ومصطفى بط ومصطفى عبد الوهاب ومصطفى نور وممدوح الكوك ووفيق المنذر ، وهؤلاء الكواكب يعيشون ويبدعون فى 7 أقاليم متنوعة البيئة الثقافية وهى القاهرة والاسكندرية والدقهلية والغربية والمنوفية وكفر الشيخ وأسيوط وعندما ننتقل إلى الكواكب ، الذين تناولهم المؤلف بدراسته النقدية ، سنجده بدأ بالفنان السيد عبده سليم الذى وصف إبداعاته النحتية بأنها ` الجسد التراثى تحت الثوب الشعبى ` فالسيد عبده سليم ( من مواليد 1952 بقرية إبشان بكفر الشيخ ) منهجه الإبداعى فى استلهام الموروث الشعبى انطلاقا من موطن طفولته وصباه بكفر الشيخ التى تأوى مسكنه ومرسمه ومسبكه حتى الآن .
وعن بخيت فراج ، يشير المؤلف إلى أنه واحد من أمهر الفنانين الذين تعاملوا مع خامة الألوان المائية . وبعد ذلك يتناول بالدراسة الفنان ` بدوى سعفان ` مشيرا إلى أنه ظل قابضا على أهم الأدوات التى ميزته بين أقرانه وهى نقاوة فطرته وولعه بسياقه البيئى فى بلدته (سنبخت ) إحدى قرى محافظ الدقهلية .
وتحت عنوان ( تسابيح الكروان فى أعمال بكرى محمد بكرى 1948 ـــ 2006 .. انشودة الروح على بساط الميلاد ) يشير المؤلف الى ارتباط اسم بكرى بالإسكندرية رغم أنه بقى محتشدا برصيده البصرى الكبير فى مسقط رأسه بقرية ` ميت علوان ` بكفر الشيخ متأثرا بتراثها وفنانيها . وينتقل المؤلف إلى دراسة أخرى ، عن رباب نمر على الجدار الشعبى ) متناولا مراحلها الفنية مع استعراض بعض إبداعاتها التى تمثل تجربتها الفنية . ويتحدث المؤلف عن الفنان سعد زغلول (1941 ) والموروث الشعبى فى تصاويره تحت عنوان ( بين العادات الطقسية والملاحم الطفولية ) واصفاً تصاويرالفنان الأسيوطى بأنها تبدو وكأنها ( سجادة شعبية نسجت من خيوط تجمع بين العادات الطقسية والملاحم الطفولية ) .
ويشير المؤلف إلى أن شاكر المعداوى قدم للحركة التشكيلية المصرية مشروعاً تصويرياً ثرياً بين مائى وزيتى وأفريسكى ، أما عبد المنعم مطاوع فينحت .
تصاويره على جواد الموت ــ من حضن الوطن إلى نداهة السماء .
ويتحدث المؤلف بعد ذلك عن الفنان السكندرى عصمت داوستاشى (1943) ليصفه بأنه أحد أبرز التشكيليين المصريين الذين جسدوا فى إبداعاتهم تلك التأثيرات البيئية متعددة الروافد لمصلحة رؤى بصرية فنية تتمسك بجذورها ولا تخاصم منجز الآخر . ثم يقول المؤلف : أعتقد أن الفنان الكبير على دسوقى هو أحد ألمع التشكيليين المصريين الذين تعاملوا مع الخزان التراثى بكل أبعاده الشكلية والضمنية منذ تخرجه فى القسم الحر بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة حتى آخر معارضه .
ثم يوضح المؤلف أن المشوار الابداعى لمصطفى بط يجسد المنحنى الصاعد الذى يستوى عند مساحة زمنية ممتدة ثم يبدأ بالهبوط صوب البئر الطفولى مرة أخرى بعيداً عن الحسابات الذهنية لبناء المشهد . ويصف المؤلف الفنان السكندرى مصطفى عبد الوهاب بأنه أحد أبرز الفنانين الذين باشروا الاشتباك مع معطيات الطبيعة كحاضنة محرضة على ميلاد الشكل الإيحائى ثم يشير إلى مصطفى مشعل أحد أبرز التشكيليين الذين شغفوا وجداً بالجسد الإنسانى وطاقتة التعبيرية الهائلة .

نجوى العشرى
الأهرام : 1-10-2014

- أهم ما يميز أعمال الفنان محمد كمال هو التمكن من التقنية العالية ، ولكن ليست التقنية هى الهدف ، بل بمقدرة استطاع أن يخضع هذه التقنية لتحقيق رؤية جمالية خاصة .. وهنا يلعب الدور النفسى دوراً مهماً فى أعمال الفنان ، حيث يستدرج المشاهد إلى بعد آخر أبعد من الشكل المرئى .. إنها مقدرة خاصة بالفنان الشرقى وعيها محمد كمال، وعلى هذا نرى أن منطق ` النور` وليس ` الضوء ` هو الذى يسيطر على عالم الصورة عنده ، حيث يحتويك ويسرى بالنفس إلى ما وراء الطبيعة لإدراك هذا العالم المجهول الذى اكتنف الإنسان منذ أن كان وإلى الأبد .
- شكراً للفنان محمد كمال على هذه الاستنارة التى يلقى بها فى بحيرة الإبداع التشكيلى المصرى ، مضيفاً إليها فارساً نحن فى أشد الحاجة إليه .

بقلم : أ.د / مصطفى عبد المعطى
من مطوية معرض الفنان ( ينابيع النور ) مارس 2020
محمد كمال بين غواية الفلسفة والتشكيل فى ينابيع النور
- قطرات من الجمال تنسل طيعة فى لوحاته:
- لا تمنحك لوحاته نفسها باليسر، لأنها لا ترضى بالعيون الكسالى، وتحاور الأعين والقلوب التواقة للبهجة والنور ، تناديك لتعانق بنورها روحك ، توقعك فى غواية التأويل ، وتقبض على عينيك مغروسة فى عناصرها ، وما عناصرها إلا بنيات صغرى فى بناء كبير أو قطرات من الجمال تنسل طيعة مكونة ينابيع النور .. إذاً نحن أمام ينابيع وليس ينبوع واحداً ، والينبوع لغة هو عين الماء ، لكنه هنا هو عين النور ، العين التى تريك والعين التى ترى بها ، والينبوع سهل ينبثق من خط واحد عبر المياة المنسربة من الجبال التى تحيط بالسهل ، ويقولون عودة إلى الينابيع أى عودة إلى الأصل ، كما يقولون فجر الله ينابيع الحكمه على لسانه ، أى أفاد الناس بحكمته ، فهل يحتاج معرض الفنان التشكيلى محمد كمال هذه الإرجاعات اللغوية والتراثية لنقرأ رموزه وعناصرها الجمالية ، وهل يوقعنا فى غواية الثقافى والمعرفى ونحن نغرق فى ينابيعه التشكيلية .. ظنى أن تجربة ` ينابيع النور` تطرح علينا أسئلة متعددة بعضها يتعلق بالخامة والأدوات ( باستيل زيتى على ورق محضر بالألوان المائية ، وحفر بالسكين ) ، وبعضها يتعلق بالتراث التشكيلى المتعالق بعناصره المتواترة ، وبعضها يتعلق بالدلالات المتعددة التى تحتاج إلى متلق حر له طاقات معرفية وتشكيلية تدخله لينهل من ينابيع النور وما يتعالق بها من رموز ، ولا يعنى ذلك أننا أمام معرض نخبوى لا يتلقى رموزه إلا العارفون والمتخصصون ، بل يعنى أن كل عين عطشى للنور ستجد مسعاها فى الينابيع التشكيلية التى تجاوزت كونها مجموعة من الألوان والتشكيلات لتصبح معنى فلسفياً وصوفياً ، فماهيه النور تتمثل فى كونه ` الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ` ، أليست لوحات ينابيع النور تتجلى بنفسها لتعلن عن ظلالها الجمالية والمعرفية لتقدمها للمتلقى وتجعله يقع فى غواية المعرفى ، كما يشير النور عند المتصوفة إلى الانكشاف الذاتى والانكشاف العرضى ، وبسببه يرى الإنسان من جمال وجلال وكمال .. وتطرح التجربة التشكيلية لمحمد كمال سؤالاً مهماً .. لماذا لم يسمها ينابيع الضوء ؟ ، وهل هناك فرق بين الضوء والنور ، خاصة أن معظم المعاجم تتعامل مع المفردتين بوصفهما مترادفتين ؟، وإذا تأملنا معنى كل مفرده سنجد أن الضوء حسى ، والنور تجريدى وباطنى ، فالضوء للشمس والنور للقمر ، وبين الحدين مراتب أفقية وعمودية .. طولية وعرضية .. فكان النور بهذا المعنى من الكلى ، والضوء من الجزئى ، فالنور إذاً يتعلق بالمجرد والمعنوى الذى تنكشف به الأشياء المجردة والمجهولة ، فما كان من المجهولات عند الإنسان ، فإنه يكشفها بالعلم ، فتكون بعدئذ من المعلومات ، هذا فى العلم العقلى ، أما العلم القلبى فبه تكشف البواطن من خلال الظواهر، فالعلم كاشف نورى للمجهولات البشرية ، ومن هذا المنطلق يتجلى النور الإلهى الكاشف والمبرز للحقائق الكونية ، ويجعله ابن عربى فى رؤيته مبدأ الخلق أو ظهور التعينات ، ومبدأ الإدراك أو العقل السارى فى الوجود .. وتطرح المفردة مع قريناتها أسئلة متعددة لو وقعنا فى غوايتها لأفضنا كثيراً وربما ابتعدنا عن جماليات لوحات محمد كمال ، لكن ما يعنينا هنا القول إن فناننا القدير حين أطلق عنوانه على المعرض لم يكن مجانياً ، لكنه كان يمنحنا إشارات للدخول والبحث ولا يقدم تصويره لينعم به البلداء ، فأهم ما يميزه كما يقول الفنان الكبير د/ مصطفى عبد المعطى هو التمكن من التقنية العالية وهى ليست هدفه الجوهرى ، لكنه استطاع أن يخضعها لتحقيق رؤية جمالية خاصة حيث يلعب المعنى الباطنى والنفسى دوراً مهماً فى أعماله ، فاللوحات تستدرج المشاهد إلى بعد آخر أبعد من الشكل المرئى وتعكس هذه الميزة مقدرة خاصة للفنان الشرقى أدركها محمد كمال بوعى متقد ، وعلى هذا نرى أن منطق ` النور` وليس` الضوء` ` هو الذى يسيطر على عالم الصورة عنده ، حيث يحتويك ويسرى بالنفس إلى ما وراء الطبيعة لإدراك هذا العالم المجهول الذى اكتنف الإنسان منذ أن كان وإلى الأبد.
إن ينابيع النور تلقى بك محباً فى خيالات الحقول ومفرداتها والسماوات وتكوينها ، والبحار وتشكيلها ، ففى أفق اللوحات سنجد شموعاً وظلالاً لها ، شموعاً تنير ولا مصدر لها إلا الروح المنسابة فى فضاء اللوحة ، وذا قيعان زرقاء تمارس ألعابها اللونية ، وما الفن إلا لعبة مع الأسماء تضفى عليها تشكيلاً مصدره النور الذى يخترق دكنه الماء وطبقاته ليحولها إلى حدائق من الألوان فالرائى للوحات متتابعة سيجد محمد كمال وهو يفارق الواقعى ليدخلنا إلى اللون بوصفه علامه ، فيفتح أفقاً لتعدد الدلالات وهذه واحدة من أهم أدوار الفن فى عموم أنواعه وفى التشكيل على وجه خاص ، فنحن أمام بحر متماوج الألوان وحدائق تتعانق فيها عناصر الطبيعة وسماوات تبث دفقات من البهجة والإشراق ، والمتأمل للوحات كمال سيجد تكراراً لبعض الموتيفات التى تقيم حواراً مع بعضها ، فالمعرض ليس تجميعاً لعدد من اللوحات لكنه يمثل مشروعاً واحداً ترد فيه الموتيفه على قريناتها محدثة حواراً بل جدلاً باللون فى فضاءات اللوحة .. من هنا لنا أن نتساءل كيف التقت كل هذه الألوان وتصالحت ، هل صالحها النور ، هل تناغمها نابع من سعيها لاقتناص البهجة والتعرف على المطلق فى جماله ونورانيته ، ومنح المتلقى مساحات من الدهشة حين يربط بين أجزائها كى يحقق متعة الاتصال بالينابيع ، إن كل رمز متكرر عند محمد كمال يلقى بنا فى جب المعرفى كالسمكة والسنبلة والفراشة والعصفور والزهرة والأرنب والديك ، فضلاًعن رموز أخرى مثل القدم والسلم والمفتاح ، إضافة إلى الكتابات الخطية التى تتعاشق مع الألوان مخترقة الكتل لتعلن عن نفسها محاطة بدوائر النور ، ولو تأملنا بعض الرموز سنجد أن عمقاً ثقافياً يحيط بها مثل رمزية السنبلة التى تعنى الخير والحياة ، وهى ترمز إلى فصل البذر عند المصريين القدماء كعيد مصرى يرجع إلى الدولة القديمة فى أواخر عصر بناة الأهرام ، وكان من بين أعياد منف الدينية ، وكانوا يطلقون عليه عيد ` طرح بذور القمح المقدس ` ، كما ترمز السنبلة إلى السيد المسيح فهو خبز الحياة النازل من السماء ، وترمز أيضا إلى موته ، حيث قال ` إن لم تمت حبة الحنطة لا تأتى بثمر كثير`، وفى أحد الشعانين يحتفل المصريون بتضفير الورود أو سنابل القمح ، أو سعف النخيل كدلالة على المحبة وجمعهم فى صورة نسيج واحد ، وسنجد سنابل القمح هنا عند محمد كمال متعالقة بكل هذه المعانى وتضيف إلينا المعنى التشكيلى ، حيث يقيم بين هذا الرمز والرموز الأخرى علاقات لونية ورؤية تعيد لنا فهم التراث والطبيعة من جديد ، فضلا عن ارتباط تناوله بأسباب عقائدية تنطوى على أن الحياة خلقت من محيط مائى أزلى لا حدود له ، خرجت منه جميع الكائنات ، وأعقبه بعث للحياة ووضع قوانين الكون ، كذلك يستدعى رمزياً سمكة المسيح التى تعد شعاراً للديانة المسيحية ، والسمكة عند أبناء الجماعة الشعبية تعد رمزاً للخصوبة وجلب الرزق وأحياناً تعلق مجففة على بعض البيوت لدرأ الحسد ، ولو تتبعنا كل رمز فى لوحات محمد كمال وتعلقه بالثقافة وتراثه الذى يدركه بوعى فإننا نكون قد وقعنا فعلا فى غواية المعرفى ، وما المعرفة إلا إشعاعات فنه الذى لا يمنحك نفسه مستسلماً ، لذا سنجد كائناته تلتقى صغاراً وكباراً من جنس واحد أو من أجناس مختلفة يحملها النور أو يسيجها ، ومن هنا فالنور يؤكد على معناه الروحى ودلالاته التى لا تكف عن فتح أفق جديد للرؤية ، وحين نرى بعض لوحاته سنتساءل كيف تتعاشق الحروف كأنها طلسمات الكهان أو مواقف المتصفوفة ومعارجهم محاطة بالنور ، ومن يفكها سوى العين الواعية لكنها كى تربط تفاصيلها التى تموج عبر شلالات اللون لتراوغنا مرات وتسألنا مرات هل هى قاع بحر يهدر أم رسالة معلقة بين السماء والأرض ، أم أعشاب تعانق فى جاذبية إطلالة النور التى لا تكف عن الانبعاث ، أم فراشات تعوم فى النور فتنقلنا برقة أجنحتها وألوانها إلى الطفولة حين كنا نطير خلفها ؟ .. وها هو محمد كمال يشاغب حوائط الذاكرة لينبهنا إلى أزمنة المحو والبلادة فى مواجهه البراءة والجمال .. لوحاته تطرح الأسئلة لكنها لا تحرمنا من عصير الإجابات فى بعضها ، وهكذا تتواتر عناصره متناغمة مع منهجيته التى رسخت لمشروعه واسع الدلالة فى هذا العرض التشكيلى البديع الذى أغرقنا فى ` ينابيع النور ` .
بقلم : مسعود شومان
مجلة الثقافة الجديدة ( نوفمبر 2019)
محمد كمال فى معرضه ` ينابيع النور`
- لوحات تفتش عن ` الإثارة الصغيرة ` فى دفاتر الطفولة
- يستعيد محمد كمال ملامح من طفولته وصباه ، مشكلاً من مناخاها وبيئتها الخاصة محور الإيقاع والتكوين فى لوحات معرضه ` ينابيع النور ` .. وتبرز هذه الملامح فى المنظر على شكل طيور وزهور ونباتات وأسماك وفراشات وحيوانات وحزم من أعواد القش ، تتقافز على السطح وفى العمق ، وكأنها تفتش عن النور الكامن فى العناصر والأشياء ، وفى الأحلام والذكريات المنداحة فى براح الطفولة ، عالم شجى يتوزع بعلاماته ورموزه فوق أسطح ساكنة مسكونة بأصداء حانية من ذاكرة الماضى ، وكائنات لطيفة يحافظ الفنان على هياكلها الحسية ، بينما تقبع طاقة التجريد فى تراسلات الألوان وتدفقاتها العفوية الساطعة المشمسه الموزعة فى مساحات صريحة باللوحات ، تتقاطع فى أشكال مثلثه ومربعه ومستطيله وبيضاوية تحتوى هذه الكائنات ، وتبتكر لها فضاءً لحياة أخرى داخل اللوحة ، يحرص الفنان محمد كمال على أن تبقى صورة هذه الحياة واضحة وغير مشوشة فى زوايا نظرنا ، فهو لا يسعى إلى تجريد الصورة وتخليصها من طبيعتها وإطارها الخارجى الواقعى ، وإنما يبقيها دوماً رهن حالة من التجريد ، أو على عتبته ، فالسمكة هى السمكة والعصفور هو العصفور ، والأرنب أيضاً ، يعزز ذلك استخدامه لخامة الباستيل الزيتى بقوامها الرجراج المرح الصعب فى الرسم ، مستعيناً بصبغات من ألوان الماء كعنصر مساعد لتهيئة المسطح الورقى ، حتى تصبح الخامة طيعة وأكثر تماسكاً ، ومن ثم نحن أمام بناء فنى ينهض فيه التكوين على فكرة التناظر بين الأشكال ، فالكائنات رغم تنوعها لا تختلط ببعضها بعضاً ، ولا تتداخل فيما بينها ، وإنما فى حالة من الترقب الهادىء ، وكأنها على حافة وجود جديد تتأمله بروية وورع أحيانا، سواء فى إيقاع التكوين ، أو فى حرارة الألوان البراقة الساطعة ، وتراوحاتها البصرية الصريحة ، ما بين الأحمر الناصع والبرتقالى والأخضر والأزرق والأصفر والأبيض المشرب بمسحة رمادية خفيفة أحياناً، يفضى الاعتماد على التناظر إلى توفير مساحات مستقلة تنطوى على خصوصية ما للأشكال ، ففى إحدى اللوحات نرى ` الديك ` قابعاً على حزمة من القش فى الأسفل متأهباً للصياح ، وفى المقابل يقبع `الأرنب ` على حزمة أخرى من القش فى أعلى اللوحة ، وكأنه فى حالة ترقب .. يتكرر الأمر نفسه فى لوحة أخرى ، حيث نجد أرنبين يقبعان فى قاع اللوحة داخل دائرة من الخضرة بيضاوية الشكل ، بينما تقبع سمكتان فى الأعلى داخل مثلث من الزرقة مقلوب الرأس ، أو فى نظرة عصفورين ، أحدهما ينقر السنابل فى الأسفل ، والآخر بالأعلى فى حالة تأهب للفعل نفسه .. ما يعنى أن ثمة معالجة رصينة لفضاء الصورة ، فلا تنفصل عن الخلفية ، بل تصبح جزءاً من نسيجها ، وبينما يبدو التعاقب هو الحاكم لحركة الأشكال فى اللوحات ، يتسم تدفق النور بالمباغتة ، فيشع بتلقائية من كتل الألوان وتدرجاتها المكملة ، ومن ثنايا الرموز والعلامات فى شكل غلالات وحزم ضوئية خاطفة أحياناً ، تنبع من داخل اللوحة ، وليس من ردة فعل لمؤثرات ضوئية تنعكس عليها من الخارج ، بهذه الروح يفتح الفنان محمد كمال دفاتر الطفولة فى لوحات تعزف على إيقاع ` الإثارة الصغيرة ` المطمئنة ، فعلاوة على الاهتمام بالوسيط اللونى لخامة الباستيل وجعله شفافاً كأنه رقائق نور كاشفة ومضيئة ، تلعب الخطوط دوراً لافتاً فى تكوين المشهد ، فيمكن أن ننظر إليه من خلال ميلها إلى الاستقامة ، أو من منظور الوصل والقطع بين الألوان ، وتكثيف الانفعال والإحساس بوهجها وحيويتها ، لكن هذه الاستقامة تنكسر وتتبدد فى اللعب بحزم القش ، أو الحفر والكتابة والخربشة بسن السكين على شرائح لونية معينة ، تتناثر فى فضاء اللوحات كجسور رهيفة تلطف من صلابة التكوين وخطوطه المستقيمة ، صانعة نوعاً من التوازى بين عناصره المرئية واللامرئية معاً ، مثلما يبرز فى حزم السنابل المتراصة المشرئبة للأعلى ، ورمزية السلم المعلق فى الفراغ ، كما تحيلنا هذه الشرائح بحروفها المتتالية المندغمة والمنقوشة بعفوية فنية إلى جماليات البردية الفرعونية ، وأيضا جماليات فكرة الأثر ، حيث بصمات أصابع القدم والأيدى المغمورة فى خضرة الطبيعة ودفقات النور ، وكأنها دليل على بشر كانوا هنا عاشوا هذه الطفولة بمحبة للجمال والفن.
بقلم الناقد : جمال القصاص
جريدة الشرق الأوسط ( 2-10-2019 )

- فى معرض ينابيع النور للفنان محمد كمال نجده يقدم تجربته الإبداعية كمصور منفصلاً تماماً عن زخم الثقافة الفنية بحكم أنه ناقد ، وهو يرسخ لرؤيته وذاته بتجربة فنية يؤكدها ليس بلوحة أو عمل ، بل بمجموعة لوحات تكشف عن قيمة رؤيته التشكيلية قبل الكثافة العددية للأعمال .. والفنان هنا يتعامل مع خامة الباستيل الزيتى كوسيط من واقع الممارسة والتجريب ، فيتكشف له ثراؤها الفنى والتقنى ، سيما أنها زاهية الألوان وذات سمك على السطح يطمس ويخفى ما تحته ، ولكنه أعطى من خلالها السطح والعمق والنور والشفافية معاً ، عبر كتل وعناصر داخل مساحات لونية تحمل خصائصها البصرية .. وتتميز أعمال محمد كمال بالتكوين المفتوح لعناصر تسبح وتسكن مكانها على السطح ، متعايشة مع مجالها ، متجاذبة داخل الفراغ الذى ليس له عمق أو منظور مساحات تحتوى كيانات مستقلة وغير منفصلة عن الحالة التعبيرية والتكوينية للوحة من خلال مصفوفات تترابط تشكيلياً وتعبيرياً عن طريق الحلول المتصلة بغير تعمد عبر الإيماءات البديهية للعناصر.. تراكم ثقافى لمخزون بصرى غير مباشر للتراث الفنى المصرى جاء من اللاوعى إلى الوعى فى أعمال الفنان محمد كمال الذى يقدم تجربة خاصة تستحق الرؤية والتقييم.
بقلم الفنان أ.د/ محمد إسحق ( 21-9-2019 )
من مطوية معرض الفنان ( ينابيع النور ) مارس 2020
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث