معارض .. معارض

بقاعة المركز الروسى للثقافة والعلوم بالدقى افترشت أعمال فنان المنيا خالد عبد الراضى نوبى والتى امتدت فى أكثر من 40 لوحة تنوعت فى مساحاتها بين التصوير الزيتى وألوان الجواش .. فى معرضه الشخصى الخامس عشر والذى حمل عنوان (( سحر الريف )) وهو يعد بحق أغنية بصرية طويلة تشدو بعناصر الريف من البيوت ذات اللمسة التلقائية والتى تحتضن بعضها والخضرة التى تمتد فى الزروع والاشجار والنخيل .. ومساحات المياه التى تنساب من شرايين النيل .. هذا مع صور الحياة هناك .. من الفلاحات حاملات الجرار والسلال وباعة الخضر والبطيخ .. فى أعمال تعبيرية مسكونة بالصدق والشاعرية جمعت بين الوعى والتلقائية ..وبين غنائية الألوان وأناقة التكوين وبلاغة الايقاع وإذا كان الفنان راضى قد تعامل مع الألوان الزيتية فى بعض الأعمال وجاءت أعماله الأخرى بألوان الجواش .. فقد نقلنا من إيقاع إلى ايقاع .. لكل منهما قيمته التشكيلية وتعبيريته الخاصة مما يؤكد على وعيه الشديد بالخامة وتطويعه لها وتوظيفه لإمكاناتها .
فى أعماله التى صورها بألوان الزيت .. تقف العمارة الريفية مسكونة بالكوى والمنافذ والدروب غارقة فى الأضواء والظلال بين الصمت والسكون بألوان رصينة يغلب عليها الأسود والكحلى والبيج والزيتونى مع لمسات من الاحمر الهادىء .. وقد لخص الفنان تشكيلات البيوت فى مسطحات صريحة رأسية وأفقية .. حيث ينساب الضوء من بؤرة فى اللوحة ممتدا على جوانبها فى حوار شاعرى مع الظلمة .
أما فى لوحاته التى شكلها بألوان الجواش .. فهو ينقلنا خلالها إلى عالم شديد الغنائية .. يموج بألوان صداحة .. فى تكوينات وتركيبات يتداخل فيها الأحمر النارىء مع البرتقالى والوردى والازرق الليلى والكحلى .. صاغ بها مساحات من الريف انسابت بالسحر والتألق والخيال الفتنازى توحدت فيها زرقة الأفق مع زرقة المياه .. وتداخلت فيها العناصر من المنافذ والشراعات والشرفات الخشبية .
ولا شك أن أصرار الفنان خالد نوبى على الاقامة ببلدته (( المنيا )) بعيدا عن القاهرة وصخبها .. حيث يجوب القرى والنجوع .. يتوحد مع صور الطبيعة وحركة الحياة هناك .. ثم ينقل كل هذا فى لوحاته بتعبيريته الخاصة .. قد أكد على انتماء الأعمال إلى البيئة المصرية من سحر الريف وفى نفس الوقت جعل لها مذاقا شديد الخصوصية ومساحة يسعد بها جمهور الفن فى القاهرة .
من هنا يعد خالد عبد الراضى نوبى من بين قله قليلة من فنانينا ممن ينتمون إلى اقاليم مصر مع 300 موهبتهم وقدراتهم .. فضلوا الاقامة بموطنهم الأصلى .. ينعمون مع الهدوء بلمسة الصدق وفصاحة التعبير .. من بينهم فنان أسيوط الراحل بخيت فراج .. وهو واحد من كبار فنانينا فى الألوان المائية .. وفنان طنطا مصطفى مشعل والذى تتألق أعماله بين التجريد وبلاغة التعبير .. وفنان القرية مصطفى بط والذى نقل ريف المنوفية فى لوحاته .. جعل منه فيثارة من الألحان اللونية الخضراء , والفنان خالد نوبى درس بالقسم الحر بكلية الفنون الجميلة بالمنيا وافترشت أعمالة فى معارض عديدة بقاعات اتيلية القاهرة وشموع والمعهد الثقافى الايطالى بالزمالك وقصور الثقافة بالمنيا وأسيوط وبنى سويف وشبين الكوم وله مقتنيات لدى الجمعيات والؤسسات الحكومية وبلدان كثيرة خارج مصر .
تحية إلى الريف .. ريف عروس الصعيد الذى تألق فى لوحات فنان من المنيا .

صلاح بيصار

حواء : 24-7-2004