`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
عبد الصبور شاهين الفولى شاهين
شاهين رسم كلمة سر المرأة ... في لوحات
- تظل المرأة دائماً المحرض الأول لإبداع الفنانين بمختلف أنواعهم وتخصصاتهم ربما لأنها مصدر الجمال ومثال الاهتمام باعتبارها محوراً مهماً يدور حوله الكون سواء كانت أما أو زوجة أو إبنة أو حبيبة فهي في كل تلك الأحوال تثير التأمل والإبحار في الأعماق البشرية ما يستفز المبدعين ويلهب خيالهم فنجدها محورا لكثير من الأعمال الشهيرة. ولا يعد الفن التشكيلي استثناء من هذا الأمر بل إن اللوحات الفنية والأعمال النحتية كثيرا ما اعتادت العين على تصوير المرأة والتركيز على علمها المثير .
- من هذا المنطلق يأتي اهتمام الفنان التشكيلي عبد الرحيم شاهين في احدث معارضة بقاعة بيكاسو حيث يغوص في عالم المرأة ويعبر عن رؤيتة بأسلوب خاص جداً يجمع بين الخيال والتجريد والتأثيرية والانطباعية حيث يقدم مجموعة من اللوحات التي تكشف حوانب في حياة المرأة وان كانت تميل إلى عدم المباشرة في أسلوب تصويرها وهي تثير لدي المتفرج حالة من التأمل وتدفعه إلي ضرورة التوقف أمام كل لوحة لترجمة ما يريد الفنان أن يقوله , ويبدو أن الفنان شاهين قصد ان يثير حيرتنا ويشغل تفكيرنا طويلا ونحن نتابع تلك اللوحات التي بنتقل فيها بنا من تصوير المرأة بأوضاع مختلفة بشكل صريح ومباشر إلي اللعب على مكامن الغموض في ذلك المخلوق الجميل الرقيق وكشف لمحات منه للمتلقي ليراهها بعيني فنان تشكيلي له رؤية الخاصة فب معالجة الموضوع .
منظور شامل
- يقول إبراهيم عبد الرحمن مدير قاعة العرض : يقدم الفنان رؤية خاصة تضاف إلي كثير من الرؤي التي سبق وتم تقديمها في أعمال فنية تشكيلية كثيرة سابقة .وفي هذا المعرض يقدم لنا مجموعة من اللوحات المتنوعة التي تلعب فيها طرافة الفكرة وغرابتها دورا اساسيا في شد المتلقي واثارة اهمامة بفك شفرتها ومعرفة كلمة السر التي يود الفنان أن يقولها عبر تلك اللوحات . ونجده يبتعد عن تصوير تفاصيل الملامح ويقدم اللقطة من منظور شامل مرتبط بالموقف ككل من خلال تصوير المرأة في مواضع مختلفة بمفردها أو مع شريكها في الدنيا في لقطات موحية بمعان كثيرة يستنبطها التلقي وهو يتابع بشغف تفاصيل خطوطه التي لا تخلو من التجديد وألوانه التي لاتخلو من الجمال الذي يضفي مزيدا من الجاذبية على اللوحة وان كان أسلوبه يميل للطابع الحالم المستوحي من عالم الاساطير من خلال استعانته ببعض الرمز الشبيهة بالكائنات الكونية الفاضئية أو ابطال حكايات الخيال العلمي كما استعان ببعض الرموز الأخري كالاسماك تعبيرا عن الخصوبة التي ترتبط بالمرأة كرمز للنماء والخصوبة والحقيقة ان العرض يتيح الفرصة للتأمل والتبحر في عالم المرأة الساحر الذي اجاد الفنان عبد الرحيم شاهين في تقديمه بأسلوب شيق وجذاب .
إبراهيم عبد الرحمن مدير قاعة بيكاسو
السياسة - 17 /10/ 2008
عبد الرحيم شاهين .. فنان التساؤلات الغامضة
- يهتم عبد الرحيم شاهين بتأكيد الكتلة فى بناءاته الغامضة وإن كانت لأشياء معلومة لديك فالتراكيب المسرحية التى يحققها تدخلك فى سؤال واحد له إجابات عديدة وهو : ماذا يريد أن يقول الفنان بهذه العلاقات المتداخلة ؟ مما لا شك فيه هو مشغول بقضية عامة يترجمها ومهموم بحكايات خاصة يبوح بها رمزيا فتكون المرأة ساحرة الفن والفنانين .
- ويختار الفنان درجات البنيان فى بناء المفردات التى تبدو كمنحوتات على أسطح اللوحات تشق الفراغ الذى يبدو محايدا فى علاقته بالمفردات التى يظهر فيها فالفنان مشغول بالفكرة وتأكيدها من خلال الدرجة اللونية فى الأشكال وبدرجات الظل والنور وتأثيره فى استدراج العين للدخول بالعمق والدوران حول المفردات ومحاولة فك طلاسمها التى تعمد الفنان تأكيدها حتى يخفى شيئا فى نفسه .
- فى لوحة ` رجل وامرأة وتفاحة ` التى يظهر فيها الرجل حائلا أمام تطلعات المرأة للأفق الفسيح فاردا ذراعيه التى يحمل فى إحداها تفاحة وهى فى وضع استسلام أو ترجى وقد برع الفنان فى تدرج الألوان ومساحات الظل والنور التى جسدت الشخصيتين فى مشهد جمالى حالم وقد ركز الضوء على التفاحة رمز الغواية ليوقعك فى حيرة التساؤلات هل يقصد بها الغواية حقا فى هذا المشهد أم أنه يمدها للمحبة والألفة خاصة تقاسيم الوجه توحى بالسلام هل ترمز للخطيئة وأن تطلع المرأة للحرية والجمال مرهون بانسحاب الرجل من طريقها هل التفاحة هنا رمز للخصوبة ومدخل للمغازلة والاسترضاء بعيدا عن العنف إنها فى كل الأحوال غواية ترضى بها المرأة أو ترفضها لكنه صراع بين الحرية والعبودية بين القهر والتحدى بين الاستسلام والرفض وتقف المرأة فى حالة من التفكير إما للخلاص أو الاستسلام وقد صور الفنان السماء فى حالة تشبه هى الأخرى الاستعداد إما للزوابع والصواعق الموحية بوقوع الحدث وإما لإنقشاء الغيوم والصفاء والإضاءة التى تؤكد انتصار الحرية .
- إنها تساؤلات يدخلنا فيها الفنان بمعظم لوحاته آتيا بمفردة لها مغزى تاريخى من الموروث مثل السمكة وما تحمله من خير فى الواقع أو حتى الحلم وعلاقة هذا الخير ( السمكة ) بالمرأة .
-عبد الرحيم شاهين من مواليد قنا 1953 تخرج فى كلية الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون ببغداد عام 1972 وحصل على الدكتوراه فى علم الجمال عام 1996 أقام العديد من المعارض المختصة والجماعية بمصر والخارج وحصل على عدد من الجوائز منها جائزة الإبداع فى صالون الأعمال الفنية الصغيرة الثالث 1999والجائزة الأولى تصوير القوات المسلحة المصرية فى أعياد تحرير سيناء 1999جائزة الإبداع لفنون الشرق الأوسط بوسطن أمريكا وشهادة تقدير جائزة الشراع الذهبى للمشاركة فى فعاليات مهرجان المحرس تونس 2003 وله مقتنيات بمتحفى الفن المصرى الحديث بالعراق ومصر ومتحف الشارقة للفنون ( الإمارات العربية المتحدة ) ومتحف بلدين فى هولندا ومتحف بوسطن لفنون الشرق الأوسط ( بوسطن ) أمريكا .
د./ سامى البلشى
الإذاعة والتليفزيون - 4/ 5/ 2013
شاهين .. بين الميتافيزيقا والشاعرية
لوحة من المعرض يخوض الفنان عبد الرحيم شاهين.. علي امتداد رحلته الفنية منذ الثمانينيات- مخاطرة الغوص في عالم الأسطورة والميتافيزيقا ومحاولة شق ظلام المجهول ، بحثاً عن إجابات لأسئلة الوجود المستحيلة أو الملتبسة ، ويوظف كل قدراته التخييلية مستعيناً بالحُلم والشعر والمجاز والاستبطان للعقل الباطن ، ويكرس مهاراته التصويرية الخاصة بالبناء الكلاسيكي والتجسيم الأسطواني والتكوين المركب والتلوين المكثف.. لشحن لوحاته بشحنات تعبيرية قوية يلعب فيها الضوء دور التفجير الدرامي - من خلال الكشف بلمسات مباغتة وسط العتمة المخيمة هنا وهناك - عن مناطق التوتر المكتوم الكامن في العلاقات بين الكائنات الحية .. من إنسان وحيوان وسمك وطير، والكائنات الجامدة .. من صخور ومبان وأوان وكتل صماء .. هذا التوتر الذي قد ينتهي إما إلي الصراع فيما بينها ، أو إلي حلول بعضها في البعض الآخر إلي حد التوحد الصوفي .. وفي كل الأحوال فإنه يأخذنا إلي شواطئ السريالية دون الوصول بنا إلي المناطق العميقة في بحر المجهول.
* أيقونة المرأة:
وفي معرضه الأخير بقاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا يبدو وكأنه توصل إلي نوع من المصالحة مع الذات والوجود في ساحة الصراع الكوني ، أو - علي الأقل - عقد هدنة قد تكون مؤقتة بين أطراف الصراع ، ليلتقط فيها أنفاسه ، معطياً الفرصة لمظاهر الطبيعة حتي تفصح عن جمالها بعد انقشاع الظلام عنها ، وحتي يكشف الضوء الداخلي في اللوحة عن حناياها الغافية ، وعن كوامن الفتنة.. خاصة جسد المرأة.. حيث تمارس - عبر اللوحات الجديدة - غوايتها الأزلية ، التي أجاد رائد الفن المصري محمود سعيد إبرازها ، وها نحن نراها من جديد عند شاهين.. وهي تستحم في ضوء غسقي وسط نهر تتلألأ علي صفحته شطفات ضوء مجهول المصدر، ومن تحتها صورة امرأة أخري تبدو كنسخة مكررة منها ، لكنها غارقة تحت الماء ، ومن خلفهما سمكة بيضاء هائلة معلقة في الفضاء ، أو نراها تطفو من قاع بئر عميقة تاركة في أسفلها ملامح عالم تسكنه الحيوانات الأليفة ، والمرأة معلقة بحافة البئر الحجرية ووجهها إلي السماء ، أو نراها تسري بخطوات ناعمة في فضاء برتقالي اللون كجو عاصف برياح نارية ، ساحبة خلفها رداءها الذي خلعته ، حتي إنك تكاد تسمع الحفيف الغامض لقدميها.. أو نراها في لوحة أخري تستلقي في وضع أقرب إلي الولادة داخل مبني قديم يطل منه رأس حيوان كقط نائم .
وقد تتبدّي لنا المرأة في لوحة تالية وهي تطفو وسط دوامة أو عاصفة بشعر هائج محتضنة كائنا غامض المعالم ، وقد نري في لوحة أخري امرأتين عاريتين تهشم جسداهما الحجريان وغرقا تحت الماء في مواجهة حيوان بحري خرافي لا اسم له.. ويطل علينا من إحدي اللوحات رأس امرأة خارجاً من جوف قدر هائلة الحجم ، يعلو رأسها ويلتف حوله مايشبه خوذة صخرية.. وهذه - في لوحة أخري- امرأة تولينا ظهرها وهي محاطة بأطلال حجرية.. وتلك - في لوحة مجاورة - امرأة في مواجهة كرسي مقلوب كبير الحجم .. وفي أخري نري امرأتين تائهتين وسط أطلال وأنقاض.. وفي غيرها نراها تخلع رداءها الفخاري امام تفاحة ضخمة.. وتلك لوحة لامرأة مقيدة بالأصفاد ، تغطي صدرها العاري ورقة شجر هائلة وبين أصابعها (ورقة كوتشينه) بعلامة (الكومي) وعليها رسم لحشرة كالخنفساء.
وفي مقابل هذه الصور الكابوسية للمرأة، ثمة لوحات تظهرها بصورة رومانسية.. فها هي جالسة في إحداها تغطي جسدها برداء وعقْد كبير علي الصدر، ومن ورائها طريق يتلوي تحت ضوء الشمس، وهذه أخري نراها من ظهرها برداء وردي يبرز مفاتنها أكثر مما يخفيها ، وهي تقف امام طبيعة مكفهرة بالسُحُب... وعدا ذلك الكثير من اللوحات تحتل المرأة دور البطولة فيها، تحتار من بينها عدة لوحات.. منها لوحة لمجموعة نسوة تتطلعن نحو مشهد مجهول لا نراه ، وراء الصخور والأطلال .. وأخري لامرأة ورجل متقابلان بحميمية إلي حد التوحد ، وفوق ذراع الرجل تفاحة كبيرة ، وثالثة لا مرأتين تتداخلان حتي الاندماج وحلول إحداهما في جسد الأخري.
*أيقونات السمكة والكبش والبومة الملكة:
تتقاسم المعرض - إلي جانب المرأة - لوحات بمثابة أيقونات أخري، مثل أيقونة السمكة.. بكل ما نرمز إليه في المفهوم السائد من معاني الخصوبة والتكاثر.. فنراها عملاقة تهيمن علي أغلب مساحة اللوحة وتثير الرهبة بعينها الزجاجية الميتة فوق تابوت ينحشر فيه رأس امرأة ، ومن تحتة كائن أسطوري علي رأسه منجل ملك الموت ومن تحته ضفدع ضخمة ، وفي خلفية اللوحة امرأة تغادر المشهد وهي تجر رداءها خلفها .. ويتكرر ظهور السمكة في كثير من اللوحات دون أن تعني الخصوبة والتكاثر، بل تقترن بالموت والنهش والتحلل ، مثلما نري في لوحة بها رأس خرافي لسمكة في مواجهة زهرة قرمزية توحي بكأس أسطورية محطمة.. وفي لوحات أخري تبدو الأسماك ممزقة متآكلة ومتكلسة كأحجار بركانية.. لكن الفنان يفاجئنا بلوحة لسمكة كبيرة علي خلفية نخلة سامقة، فيوحي لنا بأن السمكة صاعدة نحو نهايتها المحتومة.. بسقوطها من فوق النخلة ، أو ربما كانت الفكرة هي استعادة أسطورية من الفنان للأغنية الفلكلورية التي تخاطب طالع الشجرة ، بما يسمح للمخيلة أن تحول النص إلي : ياطالع النخلة هات لي معاك سمكة!
وإلي جانب لوحات السمكة المنهوشة.. ثمة لوحات قليلة تتسرب إلي المعرض من معارض سابقة للفنان، تحتوي علي أيقونتين مختلفتين وهما الكبش والبومة ، حيث نري كلا منهما يبسط سيطرته الكلية علي الكون ، ومن تحتهما أطلال حضارة دارسة.. فرأس الكبش المقدس في الحضارة المصرية القديمة (خنوم) بجُرمة الأشهب لم يعد حاضراً بجبروته الأسطوري برغم مظهره المهيمن، بل صار وديعاً بلا حول ولا قوة، وربما صار نعجة فوق أطلال مدينة بائدة..
أما البومة.. بعينيها الكاشفتين لما تخفيه طبقات الظلام، فتنظر نحونا من عليائها فوق الأطلال بتحد سافر وتهكم ساخر مما بلغه الإنسان من مدنية مدمرة، فلم يبق شيء غير الخراب الذي توجت ملكة لعالمه ، ينطبق عليها المثل العربي : `خلا لك الجو فبيضي وصفري`!
* رؤيتان في المعرض :
إن عالم الأسطورة يبدو استمراراً - إذن- لعالم الفنان القديم ، ويعكس درجة عالية من التشاؤم الفلسفي حول الحياة والوجود ، اما المجموعة الأكبر من لوحات المعرض - التي تمثل المرأة البطولة المطلقة فيها - فتحمل قدراً من الحلم والشاعرية ومن تجليات الأنوثة والخصوبة، ومن معالم الطبيعة البكر، التي تنبئ -كما سبق القول- بنوع من المصالحة والتفاؤل الحذر.. حتي ولو كان ذلك مجرد وقفة أو هدأة مؤقتة مع الذات لالتقاط الأنفاس.. والفنان- سواء في المراحل السابقة أو المرحلة الحالية - يصدر عن رؤي فلسفية لا تصل إلي حد اليقين.. تتراوح بين الوجودية والسريالية والميتافيزيقية والأسطورية.. وتغلفها الشاعرية في مجملها.
لكن ماينبغي التركيز عليه قبل ذلك كله هو أسلوب الفنان في معالجة هذه الرؤي.. فقد اختار دائما أسلوبا كلاسيكياً ، وقد يبدو من النظرة الأولي منهجا تاريخيا تخطاه الزمن.. لكننا لدي تأمله عن قرب نراه يتخطي هذا المنهج بابتعاده عن فكرة المحاكاة والتمثيل للطبيعة وعن المثالية المطلقة في عناصرها الواقعية ، وإن بدا جسدانيا مغرقاً في الحسية.. وقد نري الفنان يأخذ بالنظرة `الجشطلتية` للكائنات كوحدة متكاملة لا تتجزأ ، بعيداً عن التفاصيل الوصفية لعناصر الواقع ، ليحقق بناءً قوياً راسخاً ذا أساس مكين ، كما يلجأ إلي فكرة الإدماج والإحلال والتلبس والتوحد بين الكائنات ، مع احتفاظه ببعض السمات الكلاسيكية من ثبات وتجسيم ومنظور هندسي وعدم اهتمام بالحركة الديناميكية للعناصر، مخففا من ذلك باختفاء الغموض السحري علي الكائنات ، وبتأثير بقع الضوء في نقل الحركة عبر مراكز إضاءة متناثرة أو متبادلة فوق سطح اللوحة ، متأثرا في ذلك برؤية رامبرانت في توظيف الضوء بين المساحات المظلمة.. إلا أن الأعمال الأخيرة للفنان قد شهدت ثراءً واضحاً في التأثيرات الملمسية الخشنة والمتقطعة ، ما أدي إلي توتر درامي.. كما تجاوزت ` البالته ` اللونية للفنان درجات اللون البني التي سادت أعماله السابقة فجعلتها أقرب إلي المونوكروم أو إلي الزمن القديم. حيث احتشدت اللوحات الجديدة بألوان قوية علي سلم لوني متعدد الطبقات.. كما تألقت بعض هذه اللوحات بإضاءة نهارية تنتشر مفسحة المجال لصرحية العناصر وجماليات الطبيعة ، مع الحرص علي النأي بعيداً عن الصورة الوصفية المباشرة ، لتظهر في خلفية اللوحات ملامح غامضة لقلاع وحصون ومبان أركيولوجية مندثرة.
وإن كانت رؤيته الجديدة أكثر إنسانية وشاعرية وأقل سريالية من أعماله السابقة ، فإنها قد تفتقر للكثير من دراميتها وديناميكيتها ومخاطرتها البصرية والتعبيرية معاً.. فضلا عما تشي به من رؤية انسحابية من الواقع والعصر، وهو ما يصب في فن بلا هوية.. لكن الكلمة الأخيرة سوف تكون للأيام والتجارب المقبلة بعد هذه الهدنة أو الهدأة التي ربما استدعتها ظروف الفنان.
عز الدين نجيب
اخبار الأدب : 3-4-2016
ذاكرة الجسد بين الميلاد والبعث
تعد الذاكرة البشرية بمثابة السيرة الذاتية للإنسان ، والتى تدون فى مراحل عمرية متتابعة عبر القنوات الحسية الخمس ، إضافة إلى الرافد الروحى الذى يساهم أيضا فى نحت ملامحها بتداعبات زمنية فائتة ، وربما بأحداث غيبية لم تزل بعد فى ذمة المجهول .
ولا شك أن المبدع يرتكن فى أحيان كثيرة إلى ذاكرته التى تحتشد تدريجيا بالتراكمات السمعية والبصرية والشمية من طفولته وحتى نضجه ، وفى هذا الإطار تتصارع بداخله رغبات الجسد ونزقه الأرضى مع جموح الروح وطهرها السماوى ، وقد يميل نحو أحدهما ، ويظل ممسكا بعصا التوازن بين الاثنين عند التقاطه للخاطر الإبداعى ، فالفكرة ثم الولوج إلى حيز التنفيذ ، وقد نجد هذه الجدلية فى أعمال الفنان عبد الرحيم شاهين من خلال معرضه الذى اقامه مؤخرا بأتيلية القاهرة تحت عنوان (( ذاكرة الجسد 2 )) فضمن منهج تصويرى يلح عليه منذ فترة وقد اسطرد فى عرض اطروحته عبر ما يقارب الثلاثين عملاً بالألوان الزيتية على التوالى ، اعتمد فيها على الجسد البشرى ، لاسيما الأنثوى كركيزة فى تشييد معمار الصورة ، إضافة إلى بعض العناصر المتغيرة بين تكوين وآخر ، مثل الطائر والسمكة والتفاحة ، بما يتيح له صنع تباديل وتوافيق تكسب المشهد حيوية وحركة تعادل ثبات الخطاب البصرى عند الفنان ، ورغم هذا نجده يجمع بين ملامح أكثر من مدرسة فى الأداء كالسريالية والكلاسيكية والواقعية ، حيث يصرها فى بوتقة واحدة مصنعة من لحم الجسد الذى يدفع به شاهين إلى بؤرة العمل كمحور تعبيرى جاذب لعين المتلقى ، ثم يبدأ فى تجريئة إلى وحدات بنائية متمايزة الحجوم ، حتى أنه يصل أحيانا إلى حالة من التشظى توازى طاقة البوح التى ينفثها الفنان فى أحشاء المشهد عند البقعة الحدية فى ذاكرة الجسد .
وهذا الجانب الحسى هو مايستند إلى مساحة الوعى لديه ، والمحفوفة بسياج من اليقظة العقلية ، لذا نجد صياغته للجسد تتسم بقدرة على المحاكاة وغزل التفاصيل التشريحية عبر إضاءة متدرجة البزوغ من العتمة حتى قمة الوهج ، وأحيانا يطلق الجسد عاريا داخل المشهد بتركيز على مناطق الغواية والاصطياد ، خاصة عند الاأنثى ، وهو مايرسخ للذاكرة الغريزية فى الصورة ، بينما فى أحيان أخرى يدثر الجسد بأردية كاسية أو لفافات نسجية تشبه الأكفان ، والتى يبدو بعضها ممزقا ليكشف عن بقايا أجساد تشرع فى الألتئام .
وهو يتعامل مع مجموعة لونية محدودة تنأى به عن الإبهار الخاطف ، وربما يكون هذا الزهد اللونى مضافا إليه مساحات من اللون هو مايساعد على تسريب الشعور للملتقى باشتعال رغبات الجسد عبر ذاكرة أرضية ساخنة ، وعند هذه النقطة الفارقة فى الاشتباك مع الواقع ينزع شاهين إلى تفجير المشهد وإعادة بنائه سعيا وراء إماطة اللثام عن كنائن النفس المسجونة خلف قضبان الجسد ، وهو مايدفع الفنان فى تكويناته للتطعيم الرمزى بالسمكة والتفاحة والطائر ككائنات تساعد الفنان بحضورها الغرائبى على مغادرة الواقع جزئيا إلى كواليسه ، حيث الفضاء السريالى الرحيب الذى يومىء إلى ولع بالمستور ، لذا سيظل عبد الرحيم شاهين يوظف ذاكرة الجسد العابرة كمنصة إطلاق إلى مستقرات الروح التى تنعم بالخلود السرمدى من الميلاد إلى البعث .
محمد كمال
القاهرة : 21-8-2007
فى معرض عبد الرحيم شاهين بقاعة ` الباب ` لوحات بين الواقع والأسطورة مزدحمة بالماء وجنيات البحر
- أقام الفنان الكبير عبد الرحيم شاهين عرضا مؤخرا لمرحلة أخيرة من لوحاته فى قاعة ( الباب )بمتحف الفن المصرى الحديث .. العرض أقيم بلا عنوان كمفتاح دلالة للعرض ربما لأنها لوحات تحتمل أكثر من تأويل كحكايا الأساطير بمفردات ومشاهد واقعية لعواصف بحرية مدمرة لسفن ومراكب وصخور .. وفى ثورته الهائجة يلفظ البحر مابداخله من أسماك وحينها تصعد ((جينات البحر )) إلى سطح الماء يتأملن ثورة الطبيعة فى صمت ..
- أجواء لوحات الفنان الأسطورية تذكرنى بأجواء لوحات الفنان الراحل الكبير (( يوسف فرنسيس )) المفرطة الشاعرية خاصة بوجوه نسائه الجميلات المتطلعات إلى المشاهد مباشره يأسرنه بجمالهن .. أما نساء الفنان عبد الرحيم فلم نر لهن وجوها ولا ندرك قدر جمالهن فقد توجهن بوجوههن إلى داخل اللوحة حيث الخطر .. ليأسرن المشاهد بغموض ظهورهن المحبب وببزوغهن الجسدى طافيا آتين من عالم حكايا البحر .
- لوحات العرض هى حالة وصفية أو كقصة ملحمية لمكان تسوده المرأة التى نراها فى رمزية ((جينات بحر )) فى مكان ممتلئ بمشاهد المياة البحرية العاصفة وأحيانا إلى الجانب يبدو بناء كقلاع له وجود غامض على حافة الماء .. ولأننا جميعا لدينا انجذاب تجاه الماء لأن معظم أجسادنا مكونة منه لذلك نشعر بالحنين إلى مشهدة والشوق للغمر داخل النعومة والانسياب .. وربما هذا هو سبب قوة جاذبية اللوحات وسيطرتها على المشاهد حتى أنها تأسره رغم الخطر داخلها مثلما يجذبنا الماء ويشدنا لداخلة بتأثير قوة جاذبية القمر عندما يكون بدرا فى حالة الجذر .. لكن هنا لا الضوء القمرى ولا السماء متواجدين فى تلك اللوحات .. فالسماء نادرة الظهور تختفى خلف قلاع المراكب والأمواج الهائجة فى لوحاته العاصفة .. ويصبح قلقنا أمام هو رؤية البحر دون سماء ..
- وهناك فى لوحات عبد الرحيم شاهين حالة غريبة نستشعر فيها بإحساس حالات السفر تقابلها حالات الفقد .. فنسمع للفقد صمتا يُقابلة للسفر صراخ .. ونساؤه أو ((جينات بحره)) صامتات كذلك أسماكه .. بينما الرياح والأمواج تصرخ داخل اللوحة بصوت هادر يتقابل وأصوات تهشم أخشاب المراكب وأصوات ارتطام الماء بالصخور .. وقد ساعد المشاهد ادراك الأصوات بحدة ألوان اللوحات القوية رغم أن الألوان صريحة ومبهجة عكس الحالة العاصفة بالداخل .. وقد بدا اللون كثيفا وثقيلا ليتناسب مع ثقل وطأة الأجواء العاصفة ..
- داخل اللوحات العاصفة يصبح قانون نسائه أو ((جيناته)) هو قانون يُعادل العاصفة .. ففى هدوء وصبر كصبر وتؤده ((بينيلوبى )) فى الأسطورة تنتظر (( جينات )) لوحاته مالا نعلمه .. ولأن المرأة والذاكرة أو ذاكرة الأرض شئ واحد فيما أعتقد لذلك احتفظن فى ذاكرتهن بأشكال وتجارب من عواصف الكون والحياة واجهنها بصبر كنوع من الفعل ضد الهزيمة أمام النفس والكون .. فازدحمت لوحات الفنان بالرموز والدلالات ((فجنية البحر )) رمز للمرأة الكونية واستمرار الحياة .. والماء يثور على الماء ويحطم كل شئ كثورة الانسان ليُدمرا معا الحياة .. ومراكبه المحطمة كرمزية لتحطم منجز الانسان .. حتى الأسماك التى هى رمز الخير تفر هاربة وقد قذفت بها المياة ثائرة .. ليبدو داخل اللوحات عالم يتصارع بلا رحمة .. وفى منتهى الواقعية يغضب البحر العميق الذى أراه مُعادلا للكون والذى يجعل الفنان لغضبته غموضا وسحرا ورمزية عالية ..
- وهناك دلالة رمزية أخرى بين البحر ونساء لوحاته .. فمثلما المرأة والبحر متلازمان كما فى أدب الروائى ` حنا مينا ` كذلك فى لوحات الفنان عبد الرحيم شاهين .. فهما المفردتان المتكررتان كثيرا داخل أجواء عاصفة تكشف ربما عن عاطفة مندفعة يثور بها الماء وتتحطم المراكب ففى اللوحات المرأة بحر والبحر امرأة .. وكلاهما لهما من نفس الصفات من الصخب والقسوة .. مثلما ما بهما من حس ودود وجميل وقبيح .. وأيضا فيهما وفاء وغدر وسعة وضيق .. وفى اللوحات نستشعر هذا بتضاد اللون وعنف حركة العاصفة والمراكب المتحطمة وفى الوقت نفسه بنعومة وانسيابية جسد المرأة المغمور فى الماء .. فاللوحات ميدان صراع الطبيعة والمرأة كبطلين أسطوريين .. يتنافسان فى لوحات شاهين لتحقيق البطولة والاثنان وجهان لتحد واحد ..
- وايضا هذان المتصارعان لهما وجودهما المتلازم .. فهى عروسة وحلم بينهما يتقاسمه معهما الزمان .. خاصة والبحر هو المكان والفضاء وحرية التأمل .. وممكن أن تكون المرأة جزءا من كل هذا مثلما `جنياته` هن جزء من حياته المائية الغامضة لذلك `جنيات` لوحات شاهين يبدون كجزء من مناجاته وجزء من قصة كونية السرد فى كل الازمان حتى ولو كانت أسطورة فهى علامة لحقيقة ..
- لاحظت ان نساء لوحاته ربما أرادهن الفنان بالفعل `جنيات بحر` أو ` حوريات ` .. فنحن نرى فى كل اللوحات الجزء الأعلى فقط من أجسادهن والجزء الأسفل السمكى مغمور فى الماء .. وأيضا لأننا لم نر نصفهن السمكى بذيلهن وزعانفهن فربما لسن بحوريات بحر .. ولكنهن حوريات أرض من خيال الفنان مثلما ذكرت `الحوريات ` كابنة بحر فى خيال مؤلفى ألف ليلة وليلة الأسطورية .. ومثلما `النيرييدات ` حوريات بحر صرن شهيرات بفضل الكاتب اللاتينى `أوفيد `.. فخيال الحكواتى والفنان يثرى خيال المستمع والمشاهد ويدفعة لتكون له أسطورته الخاصة .. وهذا من أحد أسباب روعة الفنون .. حتى أنه قد يبدو خيال الفنانين كخيال البحارة وهو ما جعل `حوريات البحر` و`جنياته` يعشن إلى يومنا هذا لنسمع بشغف قصصهن الغامضة ونراهن فى لوحات كلوحات عرضنا هذا .
فاطمة على
القاهرة : 2018/4/10
لوحات ولدت من رحم الحزن!
- حول معرض الفنان عبد الرحيم شاهين
- `دهاليز الصمت تعج بالأصوات الصارخة... معادلة غير منطقية! ولكنها تتضح من هذا المعرض الرائع الرائع....!` هكذا قال فناننا الكبير` حسين بيكار` عن هذا المعرض الصادق فهو منظومة تبث لواعج النفس البشرية ` المعذبة` غالباً و` الحائرة` والمتألمة` دوماً... شخوص حائرة معذبة متألمة تثير فينا كوامن الشجون والرغبة في التأمل والتلذد بالألم وتداعى الذكريات والحنين إلى الماضى .. أعمال شاهين جرعات منسكبة من الألم والأمل و` الحلم` الذى لم نره ولن نراه...! الأشكال والتكوينات دائما حزينة تتكرر وتتكوم وتحاول النهوض، يلفها الحزن والدعة والهدوء والوقار... ألوان بالغة الاحتشام ذات هيبة خاصة تضفى المزيد من السكون والرهبة والصمت... ولدت ` الأشكال` دفعة واحدة شديدة التماسك، ولدت من رحم الحزن وفى عتمة الليل البهيم فى سكون دون جلبة أو ضجيج... فالأمكنة كلها موحشة صامتة متوجسة.. خائفة... مرتجفة...! ليل طويل وأمكنة لم تتعرض يوماً لأشعة الشمس فهى لا تعرف النهار وهيهات هيهات أن تعرف معنى ` الإشراق`.. حلم طويل لليل أبدى وصمت موحش يملؤه عنفوان وسخونة وكأنه على وشك الانفجار فيجعلنا فى حالة ترقب مستمر كأنه الهدوء الحذر الذى يسبق العاصفة... الأسلوب سيريالى والطابع مأساوى والدماء نقية لم تسمع عن أمراض التلوث...` الفكرة` تأتى أولاً والمضمون يطرح نفسه بقوة فمادته هى أساس التعبير الفنى ، نحن هنا لسنا أمام لوحات تأتى من باب التجريب والخوض فى العبث. كما يفعل فنانون أخرون بل نحن أمام` فكر` يفرض نفسه ويصل إلينا عبر رؤية سيريالية الملامح مقطعة الأوصال، تحاول أن تضمد جراح نفسها فالعيون باكية والوجوه شاردة، وحتى السمكة وحيدة تتشنج من فرط البكاء والنحيب!
- يتضح من هذا المعرض قدرة الفنان على تناول موضوعات محيرة فنقف أمامها نحاول كشف حالات الغموض غير المنطقية والتى تجاوزت مساحة الزمن وقفزت إلى أمكنة متغيرة فى عوالم ميتافيزيقية تارة وعوالم واقعية تارة أخرى فى اشتباكية لا تخضع إلى ` الحدث` الدرامى المنظم وإنما تتجاوزه إلى عوالم غيبية غامضة طارحة سؤالاً كبيراً ولتأتى الأجوية متعددة، فالإحالات لدى الفنان ما هى إلا إيماءات إشارية وليست دلالات تخضع لقوانين أدبية، إنما تخضع إلى قيم شكلية كان مصدرها الحس ` النحتى` الذى هو بمثابة البوابة الرئيسية التى دخل منها الفنان ليوصلنا إلى عالم ` حسَى` ذي قيمة عالية من حيث التجسيد وتبيان الفكرة وتناول الفنان تكنيًكا معقداً صعباً يقوم على التحضير بخامة الإكلير يلك منهياً عمله بخامة الزيت صانعًا ملمساً ذا كثافة عالية المستوى على السطح مما اكسب الأعمال هذه الخاصيًة ` النحتية ` وضوحًا وتضافرًا مع الفكرة التى تناولها الفنان...` الإضاءات` لديه غريبة المصادر؛ فلم تكن فى أغلب الأحيان تأتى من خارج العمل وإنما جاءت من داخله لتضمن فكرة الفلسفى الذى ينشد بأن الكون معتم مستفيداً فى هذه الحالة من إضاءات ` رمبرانت`، ولكن الفرق أن الضوء لدى `رمبرانت` حركى، لكن الضوء عند ` شاهين` ساكن.... نجح الفنان فى استعمال بالتَة اللون الواحد والتى جاءت من البنيات المحروقة، تشبه الفخاريات المصرية وأسطح منازل الريف المصرى والتربة المصرية!.. فاللون لديه ` كنسى` النزعة، مصرى قديم، كأن التاريخ إحالة.. حاضرة فى أعماله، مؤكداً ارتباط القديم بالحديث وأسلوب شاهين عبارة عن قطعة حجر ألقيت على ماء أسن، أسلوب جمع بين` التجريد` و`التشخيص`، وأحداث حالة جديدة بينهما ملقيًا بغلالات تعبيرية وغلالات أخرى ميتافيزيقية، ومسحة سيريالية وتلك هى مصادره، لقد أخذ من عصر النهضة وأخذ من الحداثة وأخذ من طفولته التى هيمنت بحالتها النفسية من خلال تلك الكوابيس التى جسدتها أعماله.
بقلم : أيمن حامد
مجلة : إبداع (العدد 4 ) إبريل 1999
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث