`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
حسن محمد عثمان

- إن السواد الداكن الذى يكسو الوجوه والأجسام يزيدها صمتاً على صمت كما أن الاكاسيد التى تتسلل إلى سطوحها تجسد الإحساس بتلاشى الزمن وتجعل العدم مرئيا .. وتدنينا من حالة اللاتواجد التى لاتتوافر فى التماثيل الرخامية التى يتراقص الضوء فوق نتؤاتها البيضاء فتلصقنا بالواقع الحسى والانفعال الوقتى ..
- والسواد فى تماثيل `حسن عثمان` ليس سواداً زنجياً ولا جنائزياً كما أنه ليس سواداً قشريا عالقاً بالسطح وإنما سواد عضوىً يتخلل الطين المحروق تحت درجة 900 الى 110 وهو كذلك زمنى معنوى يصحب المشاهد الكامل فى الوجود المطلق .

حسين بيكار

` نافذة على الخزف المصرى المعاصر `
- اليوم تقدم الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة إبنا جديداً وسط أبنائها النابهين من الخزافين وهو حسن عثمان ، والفنان حسن عثمان فى هذه المرة ليس هو صاحب الكلمة النقدية التى عودنا على قراءتها على مدى خمسة وعشرين عاماً فى مجال الصحافة ، اليوم قد تغيرت الكلمة إلى أصولها الحقيقية ودخلت فى إطار لغة الشكل هى اللغة أو المصطلح الثابت والأبقى من صوت الكلمة ذات الرنين العالى
المنطلق الذى يؤكده (حسن عثمان ) هو نموذج حى للباحث عن المعرفة التى تخصص فى فن الخزف والجميع يعلم أن فن الخزف هو فن يجمع بين ملتقيات عديدة ولابد ان تكون التجربة حية لما يحتوى من فروع اخرى مثل الرسم والتصوير و النحت وعلم الكيمياء حيث يجمع فن الخزف كافة القيم الكامنة فى الفنون الأخرى . لقد أدرك حسن عثمان هنا الاستدارة والتجويف على سطح الطبق وذلك فى أعماله فالأوانى عنده بؤرة تتجمع فيها الرؤى ، والانفعالات محسوبة من المشاهد الذى يرى أن الوحدة أو التصميم المعروض عليه هو جزء لا يتجزا من الإناء نفسه وليس هو الرسم المضاف - وهنا يحقق حسن عثمان الوحدة العضوية بين مرئيات التصور والمجسم فالتصميم أو ( الرسم ) ليس بناءً عن احتياج مسطح الآنية أو الطبق فهو جزء وبناء عضوى معه والوحدة او الموقف مستلهم من معرفة مسبقة لطبيعة العمل الفنى نفسه ولذا تغيرت الأشكال وتعددت طبقا لهذا الإلهام فى أعماله ولن اغالى إذا قلت ان الفنان الخزاف حسن عثمان اقتحم فن الخزف من أحد ابوابه الكبيرة ..
بقلم الدكتور/ صالح رضا


- وهكذا تتواصل خيوط الزمن من سهول `البجوات` بالوادى الجديد الى العصر `الجريكورومانى` ثم الى ماقبل عصر الأسرات فى نسيج واحد ويتفوق الحس الفطرى النقى على الذكاء الاكتسابى و المهارة التقنية معلناً وجوده فوق السطوح الخشنة والمعمرة ، ومعلنا عن مولد ` مثال ` جاد وأصيل تفخر به الحركة النحتية المعاصرة الأصالة والمعاصرة كلمتان لجوهر واحد يتمثل فى هذه الأعمال النحتية .
- الأعمال كلها من الطين المصرى (الفخار) والألوان من الأكاسيد المصرية والتعبير الحى هو الإضافة التى يهتم بها الفنان فى كل أعماله المصرية الصحيحة من بين هذه الوجوه ووجه الإنسان الذى يراقب التاريخ والبنت الريفية والسيدة التى تحيا كالزهور ، والوجه الأفريقى الذى يحمل هموم القاره السوداء ... وواجهات البيوت النوبية التى تجمع بين التلقائية فى البناء وأحدث نظريات العمارة الحديثة .



نجوى العشرى
جريدة الاهرام 11/ 1997

- لاشك أن نشاط الفنان حسن عثمان وانغماسه فى الإبداع قد حقق له موقعاً متميزاً بين الفنانين الذين سيعيش فنهم من بعدهم ` الفن المستقبلى ` إلى جانب عظماء العصر الحاضر من الرسامين صبرى راغب - وحسين بيكار - وحسن سليمان وأمثالهم .



د. صبحى الشارونى
جريدة المساء

- نادرون فى تاريخ حركة الفنون التشكيلية المصرية هم الذين جمعوا بين الإبداع الفنى والنقدى وأجادوا فى كلا المجالين ، ويعد حسن عثمان واحدا منهم ومثلما نجح فى استدعاء عناصر متباينة والتوحيد بينها فى العمل الفنى الواحد نجح بنفس القدر فى أن يعقد صلحا بين حسن عثمان الناقد وحسن عثمان الفنان .
- اختار الفنان حسن عثمان الخامة التى تعلق بها خلال العقدين الأخيرين وهى خامة الخزف التى استطاع بها أن يصبح من ألمع خزافى مصر الآن واختار الاسلوب الذى ينحاز إليه وهو الأسلوب الذى يصفه نقاد مصريون بتعبير ` العمل التجميعى ` وهو ترجمة لكلمة ` ASSEMBLAGE` بمعنى التعشيق والتجميع وهو نهج يتيح للفنان أن يجمع فى إطار واحد بين خامات وعدة مجالات مختلفة يجمع بين فن النحت والتصوير والعمارة الخ .. وصولاً إلى مشهد رمزى معبر فى فضاء أشبه بفضاء المسرح ، نازعاً عنه حاجزه الرابع ليتيح للمشاهدين أن يكونوا فاعلين قدم حسن عثمان - مستقلة وجامعة - بين اللوحة و المجسم والعمل المركب .


محمود بقشيش


- أستطيع أن اقرر بكل الصدق أن معرض الفنان الموهوب `حسن عثمان` واحد من أهم المعارض الفنية التى شاهدتها فهو يعرض قطعا عديدة من الخزف تدل على فنان موهوب ومبدع مثقف وممارس يعانى الكثير من أجل الوصول إلى مستوى رفيع يرضى عنه الفن الحالى ..
- إنه صاحب اسلوب متميز يجمع بين الأصالة والمعاصرة ولايفتقد الشخصية.. فشخصية الفنان حسن عثمان واضحة كل الوضوح فى أعماله ومعرفته بتكنولوجيا فن الخزف جلية بكل دقة .. ومن هنا لايملك المشاهد الواعى إلا أن يعجب كل الإعجاب بالمعرض وصاحبه وأن يحى الكاتب والناقد الفنان التشكيلى المقتدر الأستاذ حسن عثمان ( عاشت مصر أم الفن وصانعة الفنانين الموهوبين المشرفين ) .



أحمد هيكل - وزير الثقافة الأسبق

الناقد حسن عثمان.. تحولات العاشق.. من فن الزخرفة إلى فن الخزف
- حسن عثمان ناقد ومبدع كبير.. حقق فى أعماله الخزفية المعنى الحقيقى للفن من حيث هو لغة موصولة بأعماق الأصالة وفى نفس الوقت مفتوحة فى رحابه وبقوة على الحداثة والعجيب انه انتقل من حالة تعبيرية إلى أخرى.. من المسطح إلى المجسم.. بمعنى أخر من التصميم فى فن الزخرفة الذى تمرس به مع العمارة الداخلية.. إلى فن الخزف الذى استوعب آفاقه وتجلياته من أبناء الفاخورة..وأهل المهنة من الصبية والمعلمين الكبار هذا مع ثقافته التشكيلية المتسعة حتى أصبح من ألمع خزافى مصر حاليا..على الرغم انه من النادر فى تاريخ حركة الفنون التشكيلية المصرية أن نجد من جمعوا بين الإبداع الفنى والنقدى وأجادوا فى كلا المجالين معا.. ويعد حسن عثمان واحدا منهم ..ومثلما نجح فى استدعاء عناصر متباينة والتوحيد بينها فى العمل الفنى الواحد نجح بنفس القدر وبتعبير الناقد محمود بقشيش فى أن يعقد صلحاً بين حسن عثمان الناقد وحسن عثمان الفنان.
*هندسة الديكور :
- التحق الفنان حسن عثمان بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة واختار من البداية قسم ` الزخرفة ` أو `هندسة الديكور.. وعندما وصل إلى البكالوريوس كان فى نيته آن يقدم مشروع التخرج حول موضوع من الموضوعات التقليدية التى يتناولها الطلبة فى كل عام مثل : تصميم كازينو - محطة إذاعة - قاعة موسيقى - اتيليه فنان - دار سينما - واجهة بنك مع التصميم الداخلى .
- واختار فناننا لمشروعه `قاعة الموسيقى` وبدأ فى التنفيذ الفعلى له بعد موافقة أستاذه مفيد جيد على كل الرسوم والتخطيطات.. لكن غيرت الرحلة السنوية التى كانت تقيمها الكلية إلى الأقصر وأسوان كل خطط الفنان عثمان وعصفت بأفكاره وخططه ورسومه..فقد رأى فى الأقصر مشروعا مصريا لحما ودما حين شاهد وسط دهشته وانبهاره بل صدمته الفنية قرية الجرنة التى صممها المعمارى حسن فتحى والتى رأى فيها القرية المصرية النموذجية..فمهندس القرية استخدم الطين والطوب اللبن أى المواد الموجودة فى كل قرية مصرية لينشئ قرية صحية جميلة بنيت على أحدث أصول الذوق العلمى الحديث للبناء.. وعند عودته ذهب إلى أستاذه مفيد جيد ليعرض عليه ما انتوى وكان مصرا عليه فى وقت ضيق حرج .
- وجاء مشروعه `تأثيث قرية الجرنة` مراعيا أن يكون الأثاث من نفس المواد الأولية من بيئة القرية نفسها.. ومن هنا صمم الدولاب والمقاعد والسرير مستعملا الخوص والخيزران بطريقة حديثة ومريحة فى الوقت نفسه وذهب فى بحثه الفنى إلى تغيير كل ما يراه فى منازل القرية مع الحفاظ على الشكل التقليدى للعناصر لكن بشيء من التعديل فى التصميم والألوان..فالجريد الذى يستعمل فى صنع أقفاص الدجاج يمكن تلوينه وإعداده فى شكل تسريحة جميلة تبهر المشاهد وتؤكد معنى الأصالة كما استعمل الأشرطة والحصر والمنسوجات الشعبية فى تأثيث هذا البيت الريفى الذى يليق بطراز حسن فتحى.. وكانت النتيجة حصوله فى النهاية على درجة امتياز مع مرتبة الشرف فى مشروع التخرج عام 1952 وبعد تخرجه التحق عثمان بمراسم الأقصر لاستكمال دراساته الفنية تحت إشراف المهندس العالمى حسن فتحى 1954 .
* هو وفن الخزف :
- ولما كانت ابنته الحاصلة على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية قد هوت فن الخزف فقد جهز لها كل الأدوات والخامات مع دولاب خزفى والعجلة الدوارة وبدأ يدرس هذا الفن وأبجدياته وكان متمثلا لمسة الطين التى تنفست ببديع التشكيل والتعبير على مر العصور ببر مصر ..كما اشترى قلل الخبرة من الفسطاط `والزنكالون` شرقية اشهر قرية فى الفخار الأسود مثلما اشترى مجلات الخزف الإنجليزي مثل مجلة `سيراميك` يعنى` الخبرة من الفاخورة والعلم من المجلة`.. ولكن المشكلة آن ضاقت الابنة لفرط توجيهاته وإرشاداته وهو الناقد الكبير فتحولت إلى فن التصوير وانتقل هو من فن الديكور والزخرفة إلى فن الخزف فن الأجداد..هذا الفن الذى ازدهر فيه التشكيل وارتبط بالحياة اليومية من تلك الأواني الخزفية التى تفيض بالسحر والجمال والأناقة ..والتى تألقت بمختلف العصور بدءا من حضارة `البدارى` التى تنتمى لعصر `ما قبل الأسرات ما بين 4500 ، 3800 قبل الميلاد وتنتسب لقرية بأسيوط بالبر الشرقى ..وعرف فيها الفخار الأحمر والأحمر المطفأ وذو العنق الأسود وامتد الفن التشكيلي الذى يتمثل فى مجموعة من التماثيل لعرائس مصنوعة من الطين والفخار.. كل هذا مع الحلى الخزفية.
ومن هنا انجذب حسن عثمان لفن الخزف باعتباره أحد فنون الأجداد كما عكس لمسة الإنسان البدائي.. وكانت البداية تلك الأطباق الخزفية التقليدية مع مجموعة من الأصص والمزهريات التى أبدعها بحس تعبيرى ينتمى لشخصيته الفنية لكن جاءت تحولات العاشق عثمان فى قفزات ومراحل فنية بدءا من فن البورتريه من تلك الوجوه والمجسمات النصفية التى جسدها غارقة فى الزمن مسكونة بالسحر والصمت موغلة فى لحظة سرمدية بهيئة أسطورية تأكدت فى حتحور سيدة الفيروز إله الموسيقى والحب والعطاء والنماء والأمومة اندمجت مع إيزيس وعبدت فى أماكن عديدة فى مصر ظهرت بصور وخصائص مختلفة منها بقرة كاملة بين قرنيها قرص الشمس وأنثى كاملة على رأسها قرص الشمس بين قرني بقرة وبشكل آدمي ورأس بقرة قورنت فى بلاد اليونان بالآلهة افروديت.. واكتملت ملحمة الوجوه عند عثمان بوجوه الفيوم التى استحضرها من الفن والتاريخ وجعل منها أيقونة جديدة غارقة فى حالات وأفاق تتجاوز الواقع إلى أحاسيس ميتافيزيقية.. وإلى وجوه أخرى خارجة من الزمن فى لفائف تتعانق وروح الحداثة.
* مشاريع خزفية..
- لكن ينتقل حسن عثمان إلى ذروة أعماله من خلال تشكيلاته المجسمة والتى تعد بمثابة مشاريع خزفية أو تجهيزات فى الفراغ تحمل مع التنوع والثراء ما يعكس للفن المفاهيمى أراد لها أن يجمع فى إطار واحد بين خامات ومجالات مختلفة يجمع بين فن النحت والتصوير والعمارة.. وصولاً إلى مشهد رمزى معبر فى فضاء أشبه بفضاء المسرح - بين اللوحة والمجسم والعمل المركب واجمل ما فيها ما تحمله من عناق التراثى والمعاصر والبيئى الأصيل واللمسة الآنية الحديثة.. مثلما نرى فى بوابات النوبة المعمارية الصرحية وفى مشروعه ` حوار الحضارات ` والذى اشتمل على 400 قطعة خزفية لنساء فى حالات تعبيرية بين الجلوس والوقوف حول تشكيل دائرى بمثابة صينية للمودة والتواصل ..ويظل تشكيله المجسم `حمامات على قفص جريد ` من أجمل أعماله وأكثرها قربا والتصاقا بالبيئة المصرية ..مع تشكيل لشجرة وارفة على خلفية فرن بلدى وتلك الوجوه والأقنعة التى تتدلى فى معلقات.
- وما زال حسن عثمان يشكل من طمى النيل ملاحمه الخزفية التى تشرق وتحلق فى سماء مصر بما تحمل من مكنونات الحاضر والتاريخ.. وما زلنا نتأمل فى أعماله الطليعية .
- تحية إلى الفنان الكبير بعمق لمسة تنفست بالسحر والجمال.
صلاح بيصار
جريدة القاهرة - أكتوبر 2012
رحيل الناقد والمبدع الكبير حسن عثمان
بعد رحلة معاناة مع المرض رحل فى الاسبوع الماضى الناقد والمبدع الكبير حسن عثمان عن عمر يناهز 85 عاما .. وكانت خسارة النقد التشكيلى كبيرة هذا العام . حين ودعنا من قبل الناقد والمؤرخ صبحى الشارونى فى شهر مارس 2014 والذى قال عن عزيزنا الراحل :` لاشك ان نشاط الفنان حسن عثمان وانغماسة فى الابداع قد حقق له موقعا متميزا بين الفنانين الذين سيعيش فنهم من بعدهم ` الفن المستقبلى ` الى جانب عظماء العصر الحاضر من الرسامين امثال صبرى راغب وحسين بيكار وحسن سليمان وغيرهم .
التحقق الفنان الراحل عثمان بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1948 واختار من البداية قسم الزخرفة او هندسة الديكور .. وكان فى نيته تقديم مشروع التخرج حول ` قاعة للموسيقى ` وبدا فى التنفيذ الفعلى له بعد موافقة استاذه مفيد جيد على كل الرسوم والتخطيطات .. لكن غيرت الرحلة السنوية التى كانت تقيمها الكلية الى الأقصر واسوان كل خططة وعصفت بافكاره فقد راى فى الاقصر مشروعا مصريا لحما ودما حين شاهد وسط دهشته وانبهارة قرية الجرنة التى صممها المهندس حسن فتحى والتى راى فيها القرية المصرية النموذجية . وعند عودته ذهب الى استاذه مفيد جيد ليعرض عليه ما انتوى وكان مصرا علية فى وقت ضيق حرج . وجاء مشروعة ` تاثيث قرية الجرنة ` مراعيا ان يكون الاثاث من نفس المواد الاولية من بيئة القرية نفسها .. ومن هنا صمم الدولاب والمقاعد والسرير مستعملا الخوص والخيرزان بطريقة حديثة ومريحة فى الوقت نفسة .. كما استعمل الاشرطة والحصير والمنسوجات الشعبية فى تأثيث هذا البيت الريفى الذى يليق بطراز حسن فتحى رائد عمارة الفقراء .
وكانت النتيجة حصول عثمان على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف فى مشروع التخرج عام 1952 وبعد تخرجة التحق بمراسم الاقصر لاستكمال دراسته الفنية تحت اشراف حسن قتحى الذى بهرة من قبل وقدم مشروعة من وحى الهاماته بالجرنة .
وعمل حسن عثمان بالصحافة ناقدا فنيا ونائبا لرئيس تحرير صحيفة الجمهورية واسس صفحة الفن التشكيلى بجريدة الجمهورية عام 1984 .
ولقد كان لتحول فناننا من التصميم فى فن الزخرفة الذى تمرس به مع العمارة الداخلية الى فن الخزف الذى استوعب افاق وتجلياته ..من ابناء الفاخوة واهل المهنة من الصبية والمعلمين الكبار مع ثقافتة التشكيلية المتسعة حتى اصبح من المعخزافى مصر .. وقد انجذب لفن الخزف باعتبارة احد فنون الاجداد وكانت البداية تلك الاطباق الخزفية التقليدية مع مجموعة الاصص والمزهريات التى ابدعها بحس تعبيرى ينتمى لشخصيته الفنية .. لكن جاءت تحولاته فى قفزات ومراحل فنية بدئا من فن البورترية من تلك الوجوه والمجسمات النصفية التى جسدها .. غارقة فى الزمن مسكونه بالسحر والصمت موغلة فى لحظة سرمدية بهيئة اسطورية تأكدت فى حتحور سيدة الفيروز اله الموسيقى والحب والعطاء والامومة والتى اندمجت مع ايزيس .. واكتملت ملحمة الوجوه لدية بوجوه الفيوم التى استحضرها من الفن والتاريخ .. وجعل منها ايقونته الجديدة التى تتجاوز الواقع الى افاق واحاسيس ميتافيزيقية .. والى وجوه اخرى خارجة من الزمان فى لفائف تتعانق وروح الحداثة .
لكن ينتقل حسن عثمان الى ذروة اعماله من خلال تشكيلاته المجسمة والتى تعد بمثابة مشاريع خزفية أو تجهيزات فى الفراغ تحمل مع التنوع والثراء ما يعكس للفن المفاهيمى اراد لها ان تجتمع فى اطار واحد بين خامات ومجالات مختلفة ..
يجمع فيها بين فن النحت والتصوير والعمارة واجمل مافيها ماتحمله من عناق للتراث والمعاصر والبيئى الاصيل واللمسة الحديثة .. مثلما نرى فى بوابات النوبة المعمارية الصرحية وفى مشروعة حوار الحضارات الذى اشتمل على 400 قطعة خزفية لنساء فى حالات تعبيرية بين الجلوس والوقوف حول تشكيل دائرى .. ويظل تشكيله المجسم ` حمامات على قفص جريد ` من اجمل اعماله واكثرها قربا والتصاقا بالبيئة المصرية .. مع تشكيل لشجرة وارفة على خلفية فرن بلدى .. وتلك الوجوه والاقنعة التى تتدلى فى معلقات .
ومثلما ظل فناننا يشكل من طمى النيل ملامحة الخزفية التى تشرق وتحلق فى سماء مصر بما تحمل من مكنونات الحاضر والتاريخ .. ظل قلمة يتوهج بسحر الكلمة وكان يكتب بانتظام فى مجلة ` الخيال ` مضيئا على الابداع التشكيلى المصرى المعاصر حتى توقف بفعل ظروفه الصحية .
سلام على حسن عثمان الناقد والفنان الذى اثرى حياتنا بابداعاته المتنوعة ذات الطابع الخاص .
صلاح بيصار
القاهرة 2014
الخزاف حسن عثمان (1929 - 2014) .. وهديل الحمام
- قد تبدو عملية الإبداع الفنى أكثر تعقيداً بالنسبة للفنان الذى يمارس النقد، فما أصعب أن تطل الضوابط والكوابح من داخله بمجرد أن يشرع فى لوحته أو تمثاله أو آنيته، لتدس أنوفها الحادة فى عمله، وتنبهه إلى مايجب ومالايجب وتخرجه من تلك الحالة الإندماجية لحظة الإبداع، التى تشبه تجليات الصوفية، بما يكتنفها من غموض ولامنطق، ممتزجة بالحلم ومجنحة بالشعر، ونافذة إلى الجوهر اللامرئى.
- إلا أن ناقدنا الفنان حسن عثمان استطاع أن يكسر هذه القاعدة إلى حد كبير، من خلال معرضه الذى أقامه بالقاهرة مؤخرا فى فن الخزف .. فقد ترك الفنان نفسه ولنزواته الإبداعية لتأخذ طريقها كيفما تهوى، مبتعدا بتصنيفاته وقواعده الفنية قدر استطاعته، ابتداء من إلغاء الحدود بين الخزف والنحت وبين المسطح والمجسم وإنتهاء بوحدة الخامة المستخدمة فى العمل الفنى الواحد، الأمر الذى قد يضع المشاهد فى حيرة أمام أعماله ويجد نفسه أمام مداخل متعددة إليها ويخرج بانطباعات متناقضة .
- وقد أقول إن ذلك كان لصالح المعرض أكثر مما يحسب ضده، ذلك أن الفن اقتحام جرىء للمسلمات الراسخة، وإغارة دائمة على الحدود والأسلاك الشائكة وماالتجديد فى الفن إلا ثمرة تجارب ومخاطرات إبداعية لفنانين يتسمون بروح الشباب والمغامرة لايقيسون الفن بمقاييس الأكاديميات وحسابات النقاد، بل يطلقون الطفل الكامن فى أعماقهم أو مخزون الفطرة البدائية فيهم - وهذا مافعله حسن عثمان بدرجة أو بأخرى .
- لقد استعاد حسن من أعماقه طفل القرية الصغير الذى يعبث بالطين على شاطىء الترعة، يشكل منه أشكالا مستوحاة من مدركات البيئة الريفية، بخشونتها وعفويتها الساذجة دون أن يحسب ماذا سيصنع بها بعد إنتهائها - بمعنى : هل لها وظيفة نفعية محددة أم لا؟ .. إن الخزف كما نعلم هو أقرب الفنون إلى الوظيفة النفعية ، خاصة فى مجال الآنية الفخارية أو بلاطات السيراميك، وحتى بالنسبة للأشكال التى تقف (بين بين ) وسط هذين النمطين فإن وظيفتها محددة بالزينة حيث تعد جزءاً مكملاً للمكان وعنصراً جماليا داخل الحيز ووسط الأثاث .. وقد تخطى حسن عثمان هذا الجانب الوظيفى لأعماله، فهى لاتصلح كأوان للاستعمال ، أو كأشكال تقليدية للزينة ولا يمكن النظر إليها فى نفس الوقت كأعمال نحتية صرفة ننظر إليها باعتبارها تماثيل بالمفهوم المستقر عليه . لكننا نستطيع القول أن كلا منها `رؤية ` خاصة نابعة من حدس باطنى ومن رغبة عارمة فى التجريب والاكتشاف.
- فى بعض أعماله نجد الفخار قد اكتسب اللون الرمادى المتآكل والمتداخل فى درجات اللون الطينى المحروق بشكل يحيلك مباشرة إلى حس الآثار القديمة، وتتأكد لديك هذه الاحالة عندما تكون الكتلة أشبه بمبنى بدائى ذى بوابة وعقود منحنية تعلوها صومعة للغلال .. إنه إسقاط من القرية القديمة ، لكنه يتجاوزها إلى الذوبان فى نهر التاريخ والحضارات الدارسة .. ولن تستطيع وأنت تشاهد العمل أو غيره أن تقاوم الرغبة فى لمسه بأصابعك بل بكل يدك، فثمة حس إنسانى يتدفق من داخله، وكأنه معجون بأنفاس البشر الذين كانوا هناك يوما .
- وفى أعمال أخرى تجده يكون جسد ` الأوانى النحتية ` من طبقات وشرائح طينية متتالية، تبدو مثل قطاع رأسى لمنطقة جيولوجية ترجع إلى ملايين السنين، وبالرغم من أنها أساسا كتلة اسطوانية، فقد تحولت فى النهاية إلى كتلة مبططة منبعجة متعرجة تتعدد فيها الفتحات والثغرات فتبدو مثل بيت قديم أو قلعة مهجورة مازالت به مزاغل الرماة .
- وقد استطاع حسن عثمان أن يتوصل إلى تقنية مميزة للحصول على ملامس متباينة لسطوحه الخزفية بين الخشونة والنعومة، بين اللون العميق الداكن المحفوف بالأسرار واللون الناصع الشفاف المتعرج بعروق الرخام، بين السطح اللامع والسطح المنطفىء .. وكثيرا ما يستخدم أكثر من شكل من هذه الأشكال فى عمل فنى واحد ومع ذلك يبدو منسجما متعايشا .
- وفى هذا المعرض يشد انتباهنا بشكل خاص عنصر الحمامة الذى شكل منه مجموعة لا تحصى بتنويعات مختلفة، وكون منها ` متتالية موسيقية شعبية ` فى نغمات فردية وكورالية تصنع هديلاً بغير صوت وتوحى إليك بالمحبة والسكينة والسلام. وتتخيلها فى المعرض سارحة بألفة فوق الأرض حتى تكاد تتعثر فيها أو معتلية عارضة خشبية عالية، أو فوق قواعد رخامية متباعدة تتحاور أو تتغازل أو تتذاكر أو تتبادل العزف والهديل .. وإذا ساقك الفضول لمعرفة مدى ثقلها، سوف تفاجأ بأنها فى وزن الريشة، ذلك أنها صنعت من رقائق طينية وقام الفنان بلفها لفة واحدة أو اثنتين وضغطها ضغطة صغيرة عند العنق وأخرى عند الذيل، وأضفى على كل منها لفتة خاصة توحى بالحركة أو بالإيماءة الرشيقة الناعمة .
- وقد بلغ حسن عثمان ذروة تحديه للشكل التقليدى فى الخزف وإغارته على الحدود الفاصلة بينه وبين النحت بل وبين الأعمال التركيبية المجهزة فى الفراغ ، وذلك من خلال عمله المعمارى الضخم، المكون من عمودين أسطوانيين يصل ارتفاعهما قرابة مترين، فوقها عارضة خشبية يعتليها سرب من الحمام. والتحدى هنا ليس فى الشكل العام فحسب، بل كذلك فى تقنية صنع الأعمدة، حيث قام الفنان بتجزئتها أنابيب الماء الواسعة ( البرابخ) إلى ثلاثة أجزاء لكل عمود وأحرقها منفصلة، ثم قام بتركيبها، ومع ذلك لاتشعر بالفواصل بين هذه القطع ، بل يدهشك تماسكها وإتزانها وكأنها بوابة أثرية لمبنى تاريخى، واستطاع أن ينقل بصر المشاهد بين القمة والقاعدة بوضع عدد من الحمامات وقطع السيراميك الملونة على الأرض بين العمودين ..
- إن هذا التنوع التقنى والاستكشاف الجرىء لأسرار الخامة وتأثيرات درجات الحريق المختلفة فى أفران الخزف مع روح الفطرة البدائية والهواية العفوية، تمثل إثراء لهذا الفن وخروجا به من دوائر ` المحترفين المهرة` الذين حولوه إما إلى عالم كهنوتى يصعب النفاذ إليه ، وإما إلى مجال مفتوح للتجارة عارٍ من الإبداع والدهشة .
بقلم : عز الدين نجيب
من كتاب ( الفن المصرى وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية )
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث