Page 18 - Ahmed Fouad Selim
P. 18
يقـع الفنـان الراحـل أحمـد فـؤاد سـليم في مـكان متمـز فى تاريـخ الحركـة الفنيـ�ة المعاصـرة في مصـر‪ .‬فقـد كان‬
‫مبـدع متجـدد‪ ،‬متمـرد‪ ،‬أعمالـه محفـورة بقـوة في بانورامـا الحركـة الفنيـ�ة‪ .‬بموقعـه الريـادي في دفـع الحركـة‬
‫الفكريـة المناهضـة للرجعيـة‪ ،‬والواثقـة لتيـ�ارات التجديـد والاسـتن�ارة بمشـاركته بالكتابـة‪ ،‬بالحـوار وبـإدارة‬
‫المؤتمـرات والنـدوات رفيعـة المسـتوى‪ .‬بخبرتـه النـادرة في تخطيـط وإعـداد المعـارض المتمـزة‪ .‬إن المكونـات‬
‫المدهشـة الـي تمـز بهـا الفنـان الكبـر أحمـد فـؤاد سـليم مـن ثقافـة‪ ،‬ووعـى وفكـر وإبـداع جعلـت اسـمه مـن‬

‫بـن الصفـوة الـي سـينتخبها تاريـخ مصـر في زمانـه لتعـر عـن أفضـل مـا فيـه مـن عطـاء فـي‪.‬‬

‫وفي الصفحات التالية لمحات من حياة وفن أحمد فؤاد سليم‪.‬‬

‫علامات على الطريق‪:‬‬

‫يحفــل مشــوار الســنوات المبكــرة مــن حيــاة معظــم النــاس بالتجــارب والأحــداث وهــي ســنوات التحضيــر‬
‫لسمــللايمـم وحقالدرشتـــخه عصلـيـةىومتوواججههاــتهةـاموعـإـنارحيكازطهـواي‪.‬لـفــةيوتتلـحقكيـاـلق إسنـنجوــاازات تتكوماـسنــبـعذةوفرــالي مشـيــخداصنياةلإابلــمدتابلعـوخرلةقـلـأًاحوتمأـدسيفـؤسـاـ ًاد‬
‫ومشــاركة‪ .‬فــي مشــاريع تركــت علامــات مهمــة فــي الثقافــة المصريــة فــي مجــالات التشــكيل والمســرح‬
‫والموســيقي والكتابــة‪ ،‬وفــي مجــال التخطيــط وطــرح المبــادرات والســهر علــى تحقيقهــا بــا كلــل‪ ،‬والســفر‬
‫إلــى عواصــم ومتاحــف الفــن الكبــرى فــي العالــم وإدارة النــدوات النابضــة بالحيويــة والعــروض الموســيقية‬
‫والأوبراليـة ‪ ،‬والمواسـم السـينمائي�ة والمسـرحية ‪ ،‬سـواء فـي المركـز الثقافـي التشـيكي إبـان إدارتـه النشـطة لـه‬
‫فـي السـتين�ات‪ ،‬أو فيمـا يزيـد علـى ربـع قـرن مـن مسـيرة مجمـع الفنـون بالزمالـك منـذ أن أسسـه‪ ،‬أو بمتحـف‬
‫الفـن المصـري الحديـث فـي صيغتـه الجديـدة الراقيـة والمتطـورة‪ ،‬فقـد أصبـح بخبراتـه تلـك ركيـزة محوريـة فـي‬
‫التخطيـط للبين�اليـات الدوليـة التـي تعقـد فـي مصـر ‪ ،‬وإسـهامه فـي لجنـة الفنـون التشـكيلية بالمجلـس الأعلـى‬

‫للثقافــة وفــي إدارة المناســبات الاســتثن�ائي�ة التــي يعــرض فيهــا الإبــداع المصــري خــارج الحــدود‪.‬‬

‫مــرت طفولــة ســليم وصبــاه المبكــر بيــن عامــي ‪ 1947‬و‪ 1949‬بتحــولات وأقــدار مؤثــرة فــي شــخصيت�ه‬
‫المسـتقبلية حيـث تربـى فـي مدينـ�ة عريقـة علمتـه الشـعر واكتسـب مـن مناخهـا الخصوصـي صفـات الحلـم‬

‫وشــوق المغامــرة‪.‬‬

‫مدينـ�ة دميـاط حيـث يلتقـى النهـر والبحـر عنـد رأس البـر‪ -‬هنـاك ولـد وعـاش سـنوات التكويـن الأولـى‪ ،‬ووجـد‬
‫فيهـا الوطـن حيـث يلتقـى العـذب بالمالـح فاستشـعر معهـا معجـزة الطبيعـة العجيبـ�ة‪ ،‬والمعادلـة الثن�ائيـ�ة عـن‬
‫"البـدن والـروح "‪ ،‬فـي المدرسـة الأوليـة التـي تسـبق المرحلـة الابت�دائيـ�ة كان يخـرج مثقـ ًا بالكتـب فـي صبـاح‬
‫شـتاء قـارص تتسـاقط فيـه الثلـوج منهمـرة كالأمطـار‪ ،‬وفـي طريـق العـودة إلـى المنـزل كان يمـر بمدرسـة الراهبـات‬
‫فتسـحره الأضـواء البرتقاليـة الملونـة المشـعة مـن الزجـاج المعشـق‪ ،‬فـي صبـاح بـارد جعلـه يستشـرف رجفـات‬

‫الألـوان السـاطعة فـي لوحـات رائـد التأثيريـة كلـود مونيـ�ه قبـل أن يتعـرف عليهـا بزمـن غيـر قصيـر‪.‬‬

‫ـ�ة موقـع مهـم مـن رعايـة المدرسـين‪ ،‬يلفتـون نظـر الأطفـال إلـى جمالياتهمـا ورشـاقتها ويولـون‬ ‫اهتلملاغمــ ًاة اخلاعرصبـ ًاي‬
‫بحسـن الخـط‪ ،‬يت�ذكـر سـليم الأسـتاذ محمـد رضـوان وهـو يمـر بيـن الصفـوف يلتهـم حبـات الفـول‬

‫السـوداني مـن القشـر كحـدث درامـي فـي قصـة إثيريـة‪.‬‬

‫‪16‬‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23