
	:استعرض الأخبار السابقة

`بينالى القاهرة الثالث عشر ومفهوم التنوع الخلاق `

`بينالى القاهرة الثالث عشر ومفهوم التنوع الخلاق ` ( الناقدة الدكتورة هبة الهوارى )
يمثل بينالي القاهرة الثالث عشر في عروضه الثلاث في قاعات قصر الفنون و متحف الفن الحديث و مجمع الفنون بقصر عائشة فهمي بالزمالك :تلك العينة البحثية و الماعون الثقافي المؤقت الذي يمكننا من رصد بعض التوجهات الفكرية و التغيرات الثقافية التي تسود أو تتكرر لدى مجموعة من الفنانين على اختلاف مشاربهم الثقافية واختلاف جنسياتهم، والتي تبدو في أشكال و خامات و وسائط و تقنيات متنوعة ،في تعبيرهم عن المفهوم الذي اتخذه البينالي كفكرة جامعة هذا العام و هو مفهوم `نحو الشرق` حيث تمحورت معظم تلك الأعمال حول فكرة الشرق الأوسط الجديد تحد وطأة العولمة ، و تنوعنا الثقافي الخلاق في مأزق المجانسة و توحيد الأنماط سعياً نحو تسويق العالم و تشييئه ، هؤلاء الفنانون الذين تميز الكثير منهم بازدواجية الجنسية أو على الأقل فقدان الوطن الأصلي و الاغتراب و الشتات ، أو تعدد مراحل الحياة في مواطن متعددة إما بسبب الحروب الاستعمارية التي تعرضت لها بلادهم أو لأسباب ثقافية تعليمية أو اقتصادية ،
بحيث يقودنا إلى الاقتناع بأن الشكل الفني ليس حكراً على جنس من الأجناس ،وأن هناك أشكال فنية مرتبطة بالفطرة الإنسانية مثل الجسد الأم والأرض وغيرها مما يجذب الذائقة البصرية في أي بقعة على وجه الأرض ،فمحتوى الشكل هنا محتوى إنساني ،دونما إغفال محاولات الإزاحة الثقافية والهيمنة الفكرية التي تسعى نحو الثقافة الموحدة والهويات الممسوخة ، الناتجة عن العولمة مما أنتج في كثير من الحالات ما عرف بالهيمنة المضادة أو النكوص تحت ضغط الهيمنة إلى تقديس وتجميد التراث ،بل وإعادة إنتاجه .ففي فترات المقاومة الثقافية يكون الفنان واقعاً تحت تهديد بفقدان الوطن وتشويه الهوية مما يفرز منتجاً فنياً يحاول صاحبه بكل السبل ربطه بالجذور والمرجعيات والثقافة الأم .
الفنون التشكيلية في عصر الصورة هي أحد تجليات الخطاب الثقافي للمجتمعات الإنسانية ،ويمكننا قراءة وتحليل الأعمال الفنية كنصوص تتراكب وتترابط لتكون الصورة العامة لذلك الخطاب السائد ،والذي تسعى الدراسات الثقافية إلى سبر غوره بتحليل بنيته ومكوناته وفحص وثائقه ،فاللوحات التصويرية والأعمال النحتية والجرافيكية والتجهيزات في الفراغ وعروض الأداء والوسائط المتعددة كلها وثائق تعطي مؤشرات ودلالات لاتجاه الخطاب الثقافي : إلى أين يتجه وإلى ماذا ينتهي في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية العالمية التي أنتجت فيها تلك الوثائق. ففي السبعينيات وأوائل الثمانينات طالبت الدول غير الغربية من خلال اليونسكو بضرورة إنشاء نظام عالمي جديد للمعلومات والاتصال ،ولم يحدث شيء ،بل إن الدول الغربية استطاعت أن تنقل الثقافة والاتصال إلى المجال الذي كانت فلسفة التجارة الحرة قد بدأت تزدهر فيه وهو اتفاقية الجات التي ستصبح فيما بعد `منظمة التجارة العالمية` باتفاقياتها المعروفة `الجات` و`الجاتس` و`التربس`وذلك في سنة 1995وهنا ستبذل الدول الغربية قصارى جهدها لضبط وتنظيم الأسواق بما يسهل للتكتلات الاحتكارية العملاقة توزيع وترويج منتجاتها الثقافية والسيطرة على الأذواق والأسواق في العالم .
`وفي منتصف التسعينيات برز مفهوم التنوع الثقافي كرد فعل لهذه السيطرة الاحتكارية ،وفرض نفسه موضوعاً للحوار في كثير من المجتمعات وليس في إطار اليونسكو فقط ؛التي أصدرت بالاشتراك مع الأمم المتحدة تقرير `تنوعنا الخلاق` ،بعد ذلك كان مؤتمر استوكهولم في أبريل 1998حيث تم تبني برنامج اليونسكو الخاص بسياسات التنمية الثقافية وفي نوفمبر 2001 تبنت اليونسكو إعلانا عالميا جديدا للتنوع الثقافي لكي يكون دليل عمل لها إلى جانب الإعلان السابق ،وفي أكتوبر 2003 طلبت الجمعية العامة لليونسكو من مديرها العام إعداد مسودة لاتفاقية عن التنوع الثقافي لمناقشتها في اجتماع الجمعية العمومية في خريف 2005`
`في ربيع 2004 اقترحت لجنة من الخبراء تغيير المسمى ليكون `اتفاقية حماية وتنمية تنوع المحتويات الثقافية والتعبيرات الفنية`.يتضح من هذه المسيرة ،أن سؤال التنوع الثقافي أصبح مطروحاً بقوة على الأجندة السياسية مع بدايات القرن الواحد والعشرين `. كقوة مضادة لتجليات الثقافة الخاضعة والهوية الشائهة التي نمت في ظل العولمة أو ما عرف بالنظام العالمي الجديد الذي أشار إليه الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في أثناء حرب الخليج :`هذا العالم الذي يسمح لأصحاب البنوك وخبراء التنمية أن يخططوا ويرسموا خريطة تدفق موارد العالم ،وفق رؤية شاملة لاقتصاد عالمي يعمل بالأسلوب نفسه في كل مكان.
نلمح في تلك الأعمال التشكيلية مما يميز فنون ما بعد الحداثة ،في إذابة الفروق بين العمل الفني والحياة، وبين المتلقي والفنان ،وتفكيك البنى الأرستقراطية التي خلعت على الفن التشكيلي وطرحت عليه هالات القداسة وحبسته في قاعات العرض ،وملكته لمن يملك الثمن .الآن أصبح العمل الفني غير قابل للعرض المقيد بالجدران، ويتطلب عرضا مفتوحا حرا ،أصبح غير قابل للشراء فمن الصعب شراء تجهيزات ضخمة في الفراغ في حديقة عامة ؛وهكذا امتلك الفن حريته من جديد،سقطت أقنعة الرهافة والهشاشة ،وأصبح من الممكن أن يلمس المتلقي ذلك الكائن ويتفاعل معه ويشترك في إنتاج القيمة الجمالية ،والمتعة الخالصة،أصبح يجد موجوداته اليومية التي ألفها ،وقد تشكلت تشكيلا جديدا ،وخرجت الموجودات من وجودها التقليدي الى آفاق أرحب ووجود أشمل ،أصبح العمل الفني مثيرا للدهشة حينا ،مثيرا للحيرة والسخرية الاجتماعية المرة حينا ،مهاجما وناقدا في أحيان كثيرة.
لقد تلمست روح ذلك التنوع الثقافي الخلاق و تلك الآليات المضادة للهيمنة الثقافية و لسلبيات العولمة في مجموعة من أعمال الفنانين المشاركين في بينالي القاهرة الثالث عشر من جنسيات مختلفة و هم الفنانة إيفا بيتريك من سلوفينيا ،إيمانويل توسور من فرنسا ، ليوبودراج أندريج من كندا ، حازم حرب من فلسطين و أدمير كامودزينيجر من زيمبابوي و الفنان يوسيب زانكي من كرواتيا و أومار بول من موريتانيا ،إميكا أوكريك من نيجيريا ، ماكس ديه استيبان من أسبانيا.
في عمل الفنانة إيفا بيتريك من سلوفينيا
-------------------------------------------
و المسمى الإنسانية الأخت جمعت الفنانة وحدات من التكوينات الشبكية المتسلسلة التي نفذتها من أعمال الإبرة اللاسيه أو الكروشيه فيما يشبه تسلسلات الحامض النووي البشري تحت الميكروسكوب و عبرت عن وحدة الخلق الأولى و الوسيط الأول للخلق و هو الماء في الخلفية التي أرستها لأعمالها المنمنمة في أنساق طبيعية تسري في الجنس البشري و تكمن في جذوره و تتراءى لنا في أعمال جداتنا و في الآثار التاريخية و لقد جمعت الفنانة تلك التكوينات من دول مختلفة .
و في عمل الفنان إيمانويل توسور
------------------------------------
من فرنسا والذي أسماه `موطن 2017` نجد الفنان و قد جمع في تلك الدراسة النحتية لقطع الصابون الحلبي تلك المجموعة التي صورها فوتوغرافياً في واحد و عشرين لقطة يبلغ قياس الواحدة 80*80 سم والتي يطرح فيها تكوينات من الصابون المنحوت و المفرغ بما يشبه شكل الأطلاال و المنازل و الآثار المعمارية بعد أن تعرضت للقصف و الدمار على يد الإنسان و تلك الإشارة للصابون كمادة مرتبطة بالتطهير و النظافة و التحضر و أول و أقدم صابون في العالم صنعته مدينة حلب ، و بين آثار الفقد و الغياب و الخسارة و التدمير للذاكرة الجمعية و تسميته للعمل بلفظ موطن ، و كأنه يقوم بتركيب تلك الوحدات من جديد سعياً لبناء الوطن الذي غاب و يدعو بذلك الفعل البنائي المجازي إلى إعادة الإعمار و رأب تلك التصدعات الجسيمة التي صنعتها العولمة و النظام العالمي الجديد في منطقة كانت مهداً للحضارات الإنسانية القديمة .
و في عمل الفنان ليوبودراج أندريج
------------------------------------
و هو من كندا نرى ثلاث صور فوتوغرافية لثلاث جدران ،و هو مطبوع بطريقة نفاثات الحبر INK JET على ورق و داخل إطار قياسه 140*180 سم و هي تقنية طباعية دقيقة جداً و تسمح بإظهار التفاصيل التشكيلية بجودة عالية و مساحات كبيرة ،و سماها بأماكن تصوير تلك الجدران التي يقدمها لنا الصين 9، و ميامي 7 ،و بينجياو 4 حيث طرق باباً من أبواب النفس المبدعة الحائرة ألا و هو باب مكنون النفس البشرية الذي ينبثق نحو ذلك السطح الثري الكثيف المفتوح المشكل في الحائط ،هو لم يسم عمله باسم الحائط و لكننا نرى أيقونته ماثلةً أمامنا
و هو بذلك التكوين التشكيلي المفتوح ثلاثي التركيب يحيلنا لكل حائط مر في تاريخ البشر و أسقطوا عليه صور الظلم و القهر و العدوان بل و الزيف و التدمير أيضاً ، فنحن سرعان ما نرى حائط المبكى و الجدار العازل و الأراضي المحتلة و حائط برلين و كل حائط افتعله الإنسان عبر تاريخه المشحون بالجرائم و العذاب .نقرأ تشكلات الأسى المسجون في تلك الإيماءات و التخبطات و اللمسات التي تجوب سطح الحائط ، و نرى فيها ما قاله `رودلف أرنهايم`: إننا نتذكر حركات الرقص الحزين ليس بسبب أننا شاهدنا أغلب الأشخاص الحزانى يتصرفون بطريقة مماثلة ، ولكن بسبب أن الملامح الدينامية للحزن تكون موجودة بدنياً أو فيزيقياً في هذه الحركات . ويمكن إدراكها كذلك ، ولذلك فإن نظرية التعبير في الفن - كما يشير أرنهايم - يجب ألا تبدأ بالضرورة من اتجاهات الجسم الإنساني ، وتفسر الإثارة المشعة في أشجار فان جوخ أو سحب ` الجريكو ` ولكنها ينبغي أن تتقدم من الخصائص التعبيرية للمنحنيات والخطوط والأشكال .
و التخطيط هنا محكم يشبه جدران السجن وينطق بالسكون والحصار في تلك المستطيلات المتتابعة التي تواجهنا على ذلك الحائط البواح :ذلك الذي حدث عنه دافنشي تلامذته حين عبر عن رؤيته عن النبع الذي يستقي منه الفنان إبداعاته و التي تتعلق في جوهرها بفكرة الإسقاط و التخيل ،حين يكتشف الفنان وسيطاً معيناً يسقط عليه أحلامه و تخيلاته و صوره الذهنية و أشباح عقله ،و يستمر ذلك الحائط في إلهام الفنانين بل يكاد المشروع الكلي للفن عامة أن يعتمد عليه ، فنحن حينما يطالعنا ذلك الجدار تتردد في أذهاننا كلمات الفنان أنتوني تابياس A.Tapies تلك التي قالها بعد دافنشي بحوالي أربعة قرون :`ما هذا الثراء الذي يمكن أن يوجد في صورة خاصة بحائط ،و في كل التباينات المحتملة الخاصة بها ،الحوائط المنفصلة ،و المتصلة ، حوائط البكاء و الشكوى و النحيب ، وحوائط السجون ، حيث التأمل و مشاهدة مرور الزمن عليها ،و الحوائط الناعمة الصافية الهادئة ذات الأسطح البيضاء ،والحوائط القديمة ، المعذبة (التي تحمل آثار العذاب) والأسطح البالية ،و العلامات المميزة الخاصة بالإنسان ،بالأشياء و العناصر الطبيعية ،و الإحساس بالصراع و المواجهة ..الجهد،والتدمير ، و العنف و الشغف الرومانتيكي الجميل الخاص بالبقايا و الحطام ،المساهمة الخاصة بالعناصر العضوية ، الأشكال التي توحي بالإيقاعات الطبيعية .. و كذلك الحركة التلقائية للمادة ،و الرفض للعالم ، و التأمل الداخلي ،سكون الانفعالات و انقضائها ،الصمت ،والموت .كل هذه التجليات المتوالية بشكل لا نهائي تنتج من تلك الصور الصامتة ذات الملامس المختلفة و النمنمات الدقيقة في التكوين.
أما الفنان إميكا أوكريك من نيجيريا
------------------------------------
فيقدم عملاً فوتوغرافياً سماه `مأزق العصر الجديد II ` و يبلغ قياسه 85*115 سم تم التقاط الصورة الفوتوغرافية في أبودجا عام 2015 حسب ما ورد في البانات المرفقة بها ،حيث يبزغ هنا سؤال الهوية و يتحتم على الإنسان تحديد موقعه و موقفه و زمانه الذي يشكل وعيه في ذلك العالم الجديد ، حيث يصور لنا إنساناً يقف على خط للسكك الحديدية و هو في مواجهة القطار الغائب عن الصورة و تبدو في خلفية الصورة منطقة مفتوحة ممتدة من الجبال و السهول حيث لا دليل و لا اتجاه محدد للصواب و لا قبلة يمتلك الإنسان التوجه إليها ،و هو ممسك في يديه ساعتان مربعتان تحمل كلٌ منهما نفس التوقيت و هو التاسعة و لكن بفارق عشر دقائق ، حتى الوسيلة الضابطة التي يمكن أن يتفق عليها البشر و هي الساعة ، عمل الفنان على خلخلة المسلمات و التشكيك بها، و قد أشار في كلمته التي قدم بها عمله في كتالوج البينالي إلى أماكن الصراع و الحدود الملتبسة و ازدواجية المعاني و الأوطان التي اختفت و الأوطان التي انقسمت و تفتتت و الشتات و أزمة النهجير القسري و كل تلك المعاني التي يمكننا أن نتلقاها من ذلك التكوين المفتوح لآلاف من الدلالات ،و خاصة لارتباط سكة القطار بالترحال و الاغتراب و الفقد و الوداع و الذكريات التي يحملها المرء للذات و الأسرة و الوطن الذي كان يعرفه ثم ضاع، ذلك الطريق و الغريب الموحش يتمثل و يتجلى أيضاً في تلك الظلال الجمالية التي تعمل على تضبيب أو تغبيش الحدود الخاصة بمحاولاتنا لتمثيل الخبرة التي يقدمها لنا إميكا ، ومن ثم يظل هذا الإحساس موجوداً هنا ساكنا في مناطق الحدود ، حدود الخبرة و الإدراك و العقل و الخيال ، ولعل حدوث عملية تصدع التمثيلات و التي أشار إليها كانط و هيجل و الذي يجعل عمليات تشكيل الخبرات ممكنة ، يكون هو نفسه إمكانية قابلة لإحداث الاضطراب و التمزق و التصدع في التمثيلات الموجزة الخاصة بالمعرفة و المتعلقة بالأعمال التشكيلية التي تحمل تلك العلامات المزدوجة الدلالة ، فنحن هنا نواجه عمليات التشظي للمعنى و هنا إحساس ما بقوة ما أو طاقة ما تعمل على تمزيق المعنى حتى عندما نحاول أن نقبض على هذه القوة أو نفهمها أو ندرك معناها .تتجسد في ذلك العمل المسمى المأزق الذي يضع فيه إميكا بطل اللوحة الفوتوغرافية دوماً تلك الحالة الوسيطة الموجودة في منطقة الما بين in between أي ما بين الواقع و الخيال ، الحضور و الغياب ، الأصل و الصورة ، الشخص و الشبح ، النورو الظل ، وهي تجسد كذلك فاعلية الخيال و تربط ما بين الشكل و المضمون ، الزمان و المكان ، الماضي و الحاضر و المستقبل و هي قادرة `دوماً على أن تكون حرة طليقة مهومة حالة طيفية أو شبحية ، غريبة في سياق مألوف و كذلك الظهور لصور ما ، صور خاصة تتحدى الافتراضات المتعلقة بالحدود و كذلك الهوية المتعلقة بالثقافة الحديثة أو المعاصرة ، هنا تتحول الحدود و تتغير و تهوم في منطقة شبه ظلية حول الأطراف و الحواف الخاصة بالتفكير و الوعي .ترتبط الغرابة بالفجوة أو الثغرة الموجودة ما بين الحضور و الغياب و المكان و الفراغ أو الخاوي أو المسافة الموجودة داخل الذات و الوعي ، هي أيضاً مكان الصور ، و ما أشار إليه بودلير عن إعطائها الامتلاء المتخيل الخاص بالحضور.و لقد استفدت هنا مما ذكره أستاذنا الدكتور شاكر عبد الحميد في كتابه الفن و الغرابة في قراءة هذا العمل الفوتوغرافي المهم في بينالي القاهرة الثالث عشر.
(شاكر عبد الحميد :`الفن و الغرابة : مقدمة في تجليات الغريب في الفن و الحياة ، سلسلة الفنون ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ،2010 )
و في عمل الفنان حازم حرب من فلسطين
-----------------------------------------
و الذي أسماه ` تحولات الشرق ` 2019 و هو تجهيز قام به الفنان مكون من مجالين فراغيين الأول مجسم لمتوازي مستطيلات مطبوع عليه صورة فوتوغرافية لمدينة القدس القديمة ، يخترقها مجسم آخر من المنتصف على شكل منشور ثلاثي به تأثيرات لبلاطات منتظمة الشكل تشبه ذلك القرميد الذي يستخدم في الغرب لحماية أسقف المنازل من الأمطار، يكتب الفنان في البيان الذي أرفقه بالعمل عن عمليات التشويه الثقافي الاستعماري التي يقوم بها الكيان الصهيوني في فلسطين نو الصورة الزائفة التي ينقلها الإعلام للغرب عن الوطن المخترق الذي تم احتلاله بواسطة تلك الأنماط التكرارية المفرغة من التراث ، كذلك يشير في بيانه إلى عمليات المغالطات التاريخية و التزييف و التغيير الديموجرافي و التشويه لملامح ذلك الوطن المسلوب، و هذا ما أشرنا إايه في بداية المقال عن سياسات العولمة الثقافية التي تتخذها الكيانات المهيمنة على العالم اقتصادياً و سياسياً ، وتقوم بمجانسة أسلوب الحياة والثقافة والقيم والأرض نفسها.
الحقيقة أن إحدى خواص تلك الثقافة الموحدة أو ثقافة المجانسة وآلياتها لطمس الهوية الثقافية للشعوب : ميلها الدائم إلى إلغاء الماضي والذاكرة الجمعية ،أن تكون لا مبالياً،ألا تعطي فرصة للتجربة الحاضرة،أن يدمر فوراً كل ما يبدأ وجوده ،أن تفكك كل أشكال المعنى ،أن تجعل كل اختيار ظاهرة عشوائية لحظية الدوام استهلاكية المغزى.`
د.هبة الهواري
القاهرة في يوليو 2019

عودة

البوم الصور :

[1] 2 >