
	:استعرض الأخبار السابقة

ملامح التأثير السياسي في بعض أعمال بينالي القاهرة الثالث عشر 2019

ملامح التأثير السياسي في بعض أعمال بينالي القاهرة الثالث عشر 2019
الناقدة الدكتورة: هبة الهواري
إن النجاح في إعادة إقامة بينالي القاهرة الدولي للفنون التشكيلية في دورته الثالثة عشر 2019 بعد توقف امتد إلى تسع سنوات كانت لها آثارها السلبية العديدة على الحركة التشكيلية المصرية لهو إنجازٌ مشرفٌ يستحق التحية و التقدير لكل من شارك في إحياء البينالي بداية من الأستاذة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية و الأستاذ الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية و فريق العمل القائم على تنظيم البينالي أ. داليا مصطفى و أ. إيهاب اللبان و اللجنة المنظمة و لجنة التحكيم و المستشارين و شباب الفنانين العاملين بالقطاع والعاملين بقصر الفنون و متحف الفن الحديث و مجمع الفنون بالزمالك ،و وصولاً إلى الفريق المنفذ لكتالوج البينالي و القائم على التوثيق الإلكتروني لهذا الحدث الثقافي الهام، الذي أدعو كل المثقفين و المهتمين بالفنون إلى زيارته في قاعات عرضه الثلاث، كما أنه من المهم الاستفادة من تلك المنصة النقدية الإلكترونية لأدعو أساتذة الفنون و النقد و التذوق الفني في الكليات و الأكاديميات المتخصصة في الفنون التشكيلية بمصر إلى تنظيم زيارات و جولات نقدية لإثراء الذائقة البصرية و تنشيط الحركة النقدية التشكيلية المصرية و التعرف بشكل جيد على رحابة الإنتاج التشكيلي لما يقرب من الثمانين فناناً يمثلون اثنتان و خمسين دولةً من أربعةِ قارات، و هي فرصة عظيمة لا تتوفر كثيراً أن نطلع على الحركة التشكيلية في جميع أنحاء العالم بهذا الشكل المعروض ببراعة في القاعات الثلاث، حيث كنا نتمكن من مشاهدة الأعمال الفنية العالمية عن طريق السفر -على صعوبته- أو عن طريق آليات التواصل الاجتماعي الإلكترونية التي جعلت العالم قرية معلوماتية صغيرة.
و لقد رصدت بعض الملامح التي تشير إلى تأثر بعض الفنانين التشكيليين بالأحداث و التغيرات السياسية التي هيمنت على منطقة الشرق الأوسط في القرن الماضي و مازال بعضها يمارس هيمنته على الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية في المنطقة ،حيث استطاع كلٌ منهم التعبير عن الثيمة الرئيسة للبينالي و هي نحو الشرق باستخدام وسائط تشكيلية متعددة اتخذت الأزمات و الحروب و الحراك السياسي منطلقاً لها و سوف أتناول بالتحليل أعمال خمسة من هؤلاء الفنانين المشاركين في بينالي القاهرة الثالث عشر، و هي عمل الفنان العراقي صادق الفراجي المسمى `ذلك النهر الذي كان في الجنوب` ،و هو فيلم منفذ بالرسوم المتحركة و هو العمل الحائز على جائزة البينالي هذا العام ،و عمل الفنان الإيطالي باولو دولزانو بعنوان `اللقاء و الميلاد من جديد` و هو عمل تصويري مكون من قطعتين منفذ باستخدام ألوان الأكريليك تيمبرا و الألوان الزيتية على قماش ،و كذلك عمل الفنان السوري محمد حافظ الذي جاء تحت عنوان `متسلسلة الأذان الدمشقي#4` و هو منفذ بوسائط متعددة مثل الجبس و التصوير و الأشياء الجاهزة 2018 وكذلك سوف أناقش عمل الفنان الفرنسي إيمانويل توسور المسمى `موطن (دراسة لصابونة)` و هو منفذ من سلسلة من 21 صورة فوتوغرافية تتناول كل منها تشكيلاً نحتياً في كتلة من الصابون الحلبي ثم أختتم الدراسة بقراءة نقدية لعمل الفنان اللبناني أيمن بعلبكي الذي أنتجه في عام 2016 بعنوان `النهاية (رسم الستار)` و هو وسائط متعددة و نيون على قماش`.
ولقد تميزت الحركة التشكيلية في الوطن العربي منذ العقدين الأخيرين من القرن الماضي بتغير مفردات اللغة التعبيرية و الذي نتج عن تغير المؤثرات الاجتماعية والسياسية التي شكلت وعي الفنان .تلك المؤثرات التي كان أهمها بداية عوامل الحراك الاجتماعي في مصر ،وكذلك دول الخليج العربي بعد اكتشاف وازدهار النفط ؛تلك العوامل التي غيرت شكل المنتج الثقافي الذي تمخض عنه المجتمع العربي فيما بعد و امتدت آثارها حتى الآن فلقد كان اجتياح إسرائيل للبنان 1982 وتفجر الانتفاضة الفلسطينية 1987 ،ثم نشوب حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية، و هي حرب نشبت بين العراق وإيران بعد عبور الوحدات البرية العراقية الحدود المشتركة مع إيران في 22 سبتمبر 1980 هذه الحدود التي أصبحت مسرح أطول حرب في القرن العشرين وواحدة من أكثرها دموية، أدت الحرب إلى مقتل ما يقارب المليون إنسان وخسائر مالية قدرت بحوالي 400 مليار دولار أمريكي، وقد أثرت الحرب على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وكان لنتائجها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حرب الخليج الثانية 1990والثالثة 2003. كما شهد العالم العربي الأزمات السياسية في الجزائر في عقد الثمانينيات من القرن العشرين .ثم تأثيرات الأزمة السورية التي اندلعت في 15 مارس 2011، وأخذت بعدًا عسكريًا متصاعدًا خلال العام 2012 مما أدى إلى تدخل الدول المتصارعة و الأنظمة المغرضة و التي تستمر تداعياتها حتى يومنا هذا.
مع اكتساح الغزو الثقافي وهيمنة آليات العولمة في ظل التقدم التقني وثورة الاتصالات: كان لهذا الحراك الاجتماعي وتلك التحولات السياسية والاقتصادية الأثر الأكبر في تغيير لغة التعبير الفني في الوطن العربي ،ليس في الفن التشكيلي وحده بل في المسرح والسينما والموسيقى، `وتبدت إشكالية الثقافة والهوية بين ضرورة ، بل حتمية ارتباطها بالثقافة الأم : الثقافة العربية ، وبين وقوفها ضد محاولات التغيير و الهيمنة.
ذلك النهر الذي غاب ... صادق فراجي-العراق
************************
يتناول الفنان العراقي صادق فراجي والذي يحملُ عنوان : `ذلك النهر الذي كان في الجنوب` ،و هو فيلم منفذ بتقنية الرسوم المتحركة و هو العمل الحائز على جائزة البينالي هذا العام ، قضية اختفاء مناطق كاملة غاية في الثراء البيئي و هي في الميثولوجيا العراقية تمثل أصل الكون و حيث بدأ الخلق مثلما نطلق في الديانة المصرية القديمة على حجر البنبن أو التل الأزلي الذي انبثق منه الخلق الأول ، حيث تعتبر الأهوار العراقية من أكبر النظم الايكولوجية للأراضي الرطبة في العالم. وعند انهيار النظام العراقي السابق عام 2003 كان قد تم تدميرها كلياً تقريباً، مع ما تحويه من تنوع بيولوجي غني وتراث ثقافي فريد. واعتبر الضرر الايكولوجي الواسع الذي لحق بهذه المنطقة، وما رافقه من نزوح لكثير من السكان الأصليين، إحدى الكوارث البيئية والإنسانية الكبرى. في العام 2001 نبه المتخصصون المجتمع الدولي إلى دمار الأهوار عندما نشر صوراً فضائية تظهر زوال ما يقرب من تسعين في المئة منها.
يحكي صادق قصة اختفاء أحد تلك الأنهار الصغيرة التي كانت تسكن الهور ثم غابت و اضطر أصحاب الأرض كذلك إلى الهجرة ،يشبه صادق فيلمه الفائز بجائزة بينالي القاهرة بقصة الخروج من الجنة ، أو كأنما تلك المنطقة هي صورة لجنتنا المفقودة بكل ما تحمل هذه العبارة من معاني الصدق و الحق و الخير و الجمال. يبدو أن هؤلاءِ الناس كانوا يسكنون موطنَ الألم ،أو أنهم شيدوا بيوتَهم على فوهةِ شجنِ لا ينقضي ،تُيَمِّم زوارقُهم الواهنةُ صوبَ الغربِ و تحكي مواويلُهم حكياً يشقُ على السامعين ،يتحلَّقون كلَّ ليلةٍ حول راوٍ مهيب ،يتلو تباريحَ الفراقِ و ذلك الذي أحبَّ و لم ينل و يرنمُ آهاتٍ مرصعات في عتابِ محبوبٍ جميل ،يمتزج دمُه برجعِ السواقي و هن يسكُبنَ الحنين.
قام صادق بعرضه باستخدام شاشتين متقابلتين للعرض الشاشة الأولى و هي على يمين المشاهد تعرض تصويراً لقارب من تلك القوارب التي يستخدمها أهالي الأهوار في الصيد و الانتقال والتي تطابق ما يمكننا مشاهدته في آثار الجنوب العراقي التي ترجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد ،و في الشاشة المقابلة للمشاهد مع مصاحبة موسيقى تصويرية تحمل طاقات و دفقات متتالية من الشجن و الفقد و الذكريات التي تكاد تنفلت من بين أيدينا و تضيع بضياع ذلك النهر(نهر رُفَيعة) صنع فيلمه بتقنية الرسوم المتحركة و ذلك باستخدام أعماله الفنية التي يعبر فيها عن تلك المأساة في لوحاته التي ينفذها بالحبر الهندي و أقلام الفحم ،فجاءت معبرةً عما يكمن في ذاكرتنا الطفولية من حواديت خيال الظل التي كنا نشاهدها في الموالد و الاحتفالات الشعبية بالأعياد، جاء الإيقاع الذي نفذ به صادق التتابع بين هذه اللوحات هيناً رهيفاً نكاد نلمس آثار اللوحات و هي تتلاشى و تتحول إلى ذرات خفيفة تتطاير في الذاكرة و تنشد ترانيم الحنين ،و أعتقد أن صادق فراجي قام بعمل ما يعرف بال story bord و هي رسم كادرات و لقطات أكثر عدداً بين كل منظر و المنظر الذي يليه ، كي تأتي القفزة البصرية و الحركة الناتجة بشكلٍ ناعمٍ يناسب الحكي الحزين و كي يصل إلى هذه النتيجة في تدفق اللوحات أمام عين المتلقي.
باستخدام لوحات صادق تتكون صورة لوجهين بدأت بهما الحضارة رجل و امرأة يرتديان غطاء الرأس المميز لأهل تلك المناطق في الأهوار العراقية،تتكون أمام أعيننا تشكيلات بالخطوط السوداء على خلفية بيضاء تشبه شكل منطقة الأهوار على الخريطة و تبدو أسماء و تنمحي أسماء و تتغير التشكيلات السوداء التي تنبع من الوجهين المرتبطين،جداول تتشكل و غدران و تفريعات لأنهار و كأنها شرايين من الطمي و الغرين ترسم الهور تنبع منها شجيرات الحياة تتفتح ثمارها ذات العيون المبصرة ثم تتحول إلى وجوه كثيرة نابتة ممتدة و متشابكة في أحراش النهر وجه امرأةٍ كقرص الشمس يتلقاها بين ذراعيه فيمتزجان و يتحولان بالتقنيات التي استخدمها صادق إلى شكل البيت فيكون الحبيبان بيتاً و يكونان زورقاً و يكونان سلام.
تنبت من مآقيهما الزهور و تترقرق الدمعات مع مجرى النهر و الزورق القديم موغلٌ في قلب الهور .المنجل الأسود يحصد تشكلات الوادي و يحوله إلى سجنٍ مخيف حيث تتحول الأحراش و النباتات و الطيور و الكائنات الأسطورية الهجينة المحلقة في فضاء الشاشة إلى قضبان سوداء و يأتي غراب البين و يبتلع النور و تأتي الأفعى لتلتهم الحياة و يحمل المحبون أمتعتهم و يسافرون قسراً نحو الغرب، تلك التشققات التي تتنامى في جدران الروح حتى يأكلنا الحنين و الندم على ما كان هنا من حياة ، الوجهان يستحيلان زورقاً وحيداً يمم صوب النجاة صوب الأمل و ذلك النهر الذي غاب.
لقاءٌ و ميلادٌ ...... باولو دولزان - إيطاليا
*********************
يقدم الفنان الإيطالي باولو دولزان عملاً بعنوان `اللقاء و الميلاد من جديد` و هو عمل تصويري مكون من قطعتين منفذ باستخدام ألوان الأكريليك تيمبرا و الألوان الزيتية على قماش، و يستخدم باولو دولزان عنصري المفارقة و التناص التشكيلي مع الأساطير المصرية القديمة حيث تطالعنا بعض العناصر التي أحالنا هو بنفسه إلى تأويلها تأويلاً تراثياً حين أشار في النص المصاحب للعمل و المنشور ف كتالوج البينالي إلى أسطورة إيزيس و أوزيريس و دور التمساح الإله سوبك في هذه الأسطورة ،و كذلك أشار إلى التعبير الهندسي لجسد أوزيريس المسجى أسفل اللوحة الأولى موازياً لسوبك فيما يشبه منطقة من المستنقعات و اللجة المائعة التي سبقت عملية الخلق ،صنع دولزانو مقابلة بين هذه اللوحة التي تحمل عنصرين من الشرق القديم ،و بين اللوحة الأخرى التي تحمل تصويراً لجسم الثور و هو محملٌ بدلالات تنتمي لعصور الحضارة الهيلينية و إشارات من الفن التشكيلي الحديث مثل لوحة الجرونيكا الشهيرة لبيكاسو ، أي أن الفنان هو من صنع هذا الموقف الدرامي و المفارقة بين العنصرين و المواجهة الحضارية بينهما و لقد سمى هذا العمل بما يوحي أيضاً بالازدواج الميلاد الجديد أو البعث و اللقاء بين العالمين ، أي أن الميلاد الحقيقي لكلا العالمين ، ذلك المنضبط المسالم المحمل بالحكمة و آيات البعث و المسجى أسفل المياه و الآخر القوي الغشوم المدمر .
الغريب أنه قام برسم شكل هندسي شديد الانتظام و الاتزان لمكعب و يمتد منه خط مستقيم حتى يخرج من إطار اللوحة فوق هذا الجسم الحيواني المفعم بالقوة و السيطرة الكتلية على المكان ، موقف الثور يوحي بالصراع و ربطه بالآخر ينتج الدراما بل والحوار ،تلك المفارقة تعبير تشكيلي بلاغي ، يرتكز أساساً على تحقيق العلاقة الذهنية بين عنصري الثور و التمساح سوبك أو القوة الغاشمة في مواجهة أوزير ، و تصدر أساساً عن ذهن متوقد ، و وعي شديد للذات بما حولها . كما أن المفارقة التشكيلية التي يصنعها دولزانو تستدعي الكثير من أشكال التعبير الفني ، فهي تعد خليطاً من فن الهجاء و فن السخرية و فن الجروتسك ` الغريب المهوش المضحك `و فن العبث و الفن الضاحك .و النقد الآجتماعي و السياسي و الشجن و إثراء المسطحين التصويريين بمستويين للمعنى ،عن طريق إدراك الحقائق و التناقض بينها ،و كأنما ألبس الشرق قناع الثبات و الحكمة و القدرة على البعث من جديد ، و ليكن قناع الثور هو ضحية المفارقة الذي يقع عليه فعل الطاقة الموجهة لتفجير الصراع.أو ربما الحوار و الميلاد الجديد كما عبر دولزان في عنوان العمل.
تلك اللحظات الأخيرة للسلام ...... محمد حافظ - سوريا
********************************
قدم الفنان السوري محمد حافظ عملاً تجميعياً تم تثبيته داخل إطار جاء تحت عنوان `متسلسلة الأذان الدمشقي#4` و هو منفذ بوسائط متعددة مثل الجبس و التصوير و الأشياء الجاهزة 2018 ،حيث تم عرض هذا العمل بحيث يكون معلقاً على الجدار الواقع على يسار المشاهد أثناء صعوده الدرج بقصر الفنون، و الحق أن هذا الأسلوب في العرض جاء موفقاً للغاية، حيث يتسق مع فكرة الفنان حين قام بحشد مجموعة من العناصر ذات الطاقات التعبيرية و الدلالية المتعددة في إطار يشبه المرايا الفيكتورية القديمة في غرفة الضيوف ،التي كان على الأسر السورية تركها لحظة الهروب و تحت القصف ، حينها كان صوت الأذان يصل إلى أهل دمشق من المسجد الأموي القديم و كأن ذكرى ذلك الصوت الآمن وتلك اللحظات المعلقة في الزمان هي آخر ما تبقى لنا من الإحساس بالسلام ،لأن بعدها مباشرةً انفجر كل شيء،يكرس الفنان محمد حافظ تلك الأشياء القديمة المرتبطة ببيوتنا و أيديولوجياتنا و عقائدنا و ذكرياتنا في حشد مكثف داخل إطار تجاوزه الزمن و أعرض عنه التاريخ ،تلك السيارة المخابراتية ذات الطابع السوفيتي الغابر، و تلك القلاع الحصينة أو كانت تبدو للناس أنها كذلك، و أزهار اللبلاب و فروع الياسمين تتدلى وادعةً على عتبات البيوت، كاميرات المراقبة ترصد كل شيء كان عزيزاً ،أتقن محمد حافظ في تركيب التكوين بأشياء سابقة التجهيز مع إضافاته المعمارية بصفته مهندساً و نحاتاً و مصوراً كذلك ، و كأننا حين نرى أنفسنا في مرآة محمد سوف نرى كل هذه الذكريات و سوف نرى عالمنا الذي آمنا به تتهدده العواصف من كل صوب و بدى معلقاً على شفا جرفٍ هارٍ يسقط بنا في الظلام أو يكاد.
و في الجزء الثاني من هذه الدراسة ألتقي بكم في الأسبوع القادم حيث أناقش عمل الفنان الفرنسي إيمانويل توسور المسمى `موطن (دراسة لصابونة)` و هو منفذ من سلسلة من 21 صورة فوتوغرافية تتناول كل منها تشكيلاً نحتياً في كتلة من الصابون الحلبي ،ثم قراءة نقدية لعمل الفنان اللبناني أيمن بعلبكي الذي أنتجه في عام 2016 بعنوان `النهاية (رسم الستار)` و هو وسائط متعددة و نيون على قماش`.
وفي الختام نخلص إلى أنه ليس في وسع الكاتب أن يكتب عن المجموع البشري بصفة عامة، أو عن الإنسان المجرد في كل العصور، وكأنما هو يكتب لقارئ ` لا زماني `، وإنما هو لا بد أن يكتب عن الإنسان المشخص - في وحدته الكلية - لعصره ومعاصريه، في زمانه وتاريخه وفوق أرضه، فالفن لابد من أن يكون أولا فن `التزام`، ثم هو ثانيا فن `مواقف`.ونقتبس هنا مقولة سارتر: `ليس من شك في أن العمل الأدبي، إنما هو واقعة اجتماعية، فلابد للكاتب - حتى قبل أن يمسك القلم - من أن يكون على اقتناع عميق برسالته، أو هو لابد من أن يكون مشبعا بروح المسئولية تجاه عمله`، والواقع أن الأديب مسئول عن كل شئ؛ عن الحروب الخاسرة أو الكاسبة؛ عن ضروب التمرد وأصناف الردع، وهو إذا لم يكن حليفا طبيعيا للمظلومين فإنه لن يكون إلا شريكا للظالمين؛ لا لأنه يكتب فحسب، بل لأنه إنسان، ولهذا يقرر سارتر أنه ليس ثمة فنٍ إلا للآخرين وبالآخرين .
د.هبة الهواري
القاهرة / يوليو 2019

عودة

البوم الصور :

[1] 2 >